في الحاجة إلى كوطا لإدماج خريجي معاهد مهن السمعي البصري الصحافة وتقنيات الإعلام والتواصل

نعم، الحاجة ماسة، اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى مشهد إعلامي أكثر حيوية ودينامية للتعبير عن وحدة الوطن وصون وحدته وكرامته بالصورة والصوت بالكلمة الشجاعة والطلقة المعبرة. كما أن الحاجة ماسة اليوم إلى كوطا تلزم مرافق الدولة وكافة المؤسسات والهيئات والتنظيمات والهياكل الإعلامية الرسمية وغير الرسمية بإدماج خريجي معاهد الصحافة وتقنيات الإعلام والتواصل التي ما فتئت أعدادها في تزايد مستمر، لتتحول إلى مجرد مصنع عصري لجيل من الشباب المعطل من خريجي المعاهد و مؤسسات التكوين في مهن الصحافة والإعلام والتواصل وتقنياته. ليس بفاس وحدها، ولكن بباقي ربوع المملكة.
لقائل أن يقول :لماذا على الدولة أن تدمجهم؟ تدمجهم في ماذا؟ الدولة وفرت لك بيئة للدراسة والتكوين…تريدها أن تبحث لك عن شغل أيضا؟ يجب أن نعيد النظر في نمط تفكيرنا…الشغل لا تخلقه الدولة…الشغل يخلقه السوق هذا رأي صحيح، لكن السوق له قوانين وتشريعات مؤطرة ومسهلة وموجهة وداعمة للمشاريع ومحفزة للمبادرات، والدولة تبقى هي المسؤولة الأولى عن توفير المناخ الاقتصادي الملائم والتوجهات والاختيارات الناجعة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة لخلق مناصب الشغل في كل التخصصات التي أنشأتها على مستوى مختلف المؤسسات التعليمية والتكوينية..
إن التشريع وسن القوانين في هذا المجال أصبح ضرورة واستراتيجية للنمو الشامل. ولا بد أن يجد له موطئ قدم ضمن انشغالات المسؤولين والأوصياء الساهرين على إعداد النموذج التنموي الجديد.على الهيئة التشريعية بالمغرب أن تضع في اعتبارها شبابا وشابات أحبوا الصحافة وعشقوا متاعبها، وبذلوا من أجل التكوين والإعداد في تقنياتها وأجناسها الغالي والنفيس من عرق الجبين، من مصروف البيت ومعيش الأسرة حتى يتمكنوا من تملك آلياتها ويصبحوا فاعلين ومتفاعلين مع قضايا وانتظارات المجتمع ويؤسس لجيل تنويري إشعاعي بامتياز قادرعلى أن يساهم بجدارة في تشكيل مصير البلاد وتوجيه اقتصادها الاجتماعي ببوصلة. على الحكومة اليوم أن تفي بالتزاماتها تجاه هذه الفئة، وأن تصيخ السمع جيدا لملفها المطلبي المشحون الذي لا يقبل الجدل .
في دينامية متصاعدة، تقوم المؤسسات المتخصصة في الصحافة والإعلام والمدارس المتخصصة في مهن السمعي البصري وتقنيات الإعلام والاتصال بفاس كما على امتداد الوطن بتكوين المئات من الصحفيات والصحفيين الشباب في مختلف التخصصات والمجالات الإعلامية، ليس هذا فحسب، بل وتأهيلهم وتكوينهم جيدا في أفق تعزيز الخصاص الوطني سمعيا وبصريا وتعزيز ديناميته في هذا المجال. لكن ما يحدث على أرض الواقع مختلف تماما عن هذا الهدف. حيث نجد العشرات بل المئات من هؤلاء الشباب الممتلئ حيوية والحامل لشحنة الأكثر يفاعة وتطلع، في سوق البطالة. طاقات وكفاءات يافعة يتم اختزالها في ديبلومات تمنحها الكفاءة بشرف ، وتقام لها الاحتفاليات الكبرى رسميا، وتنقلها وسائط الاتصال الرسمية بالصورة والصوت. لكن بعد ذلك نجدها ملقاة على الهامش، مرمية على قارعة الطريق فاقدة البوصلة. فما لذي يحدث بالضبط هنا؟ وما موقف السلطات الرسمية خاصة الوزارة الوصية على القطاع من هذا الشرود؟
كل يوم نصادف العشرات من الشباب الصحفي والشابات الصحفيات وهم في حيرة من أمرهم، في وضعية استجداء على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل استثمار رصيدهم المعرفي في عمل يضمن لهم الكرامة ويشفي غليل أسرهم من سنوات التكوين الإعلامي الأكاديمي وتكلفتها المادية والمعنوية؟ قد يستفيد واحد من مائة صحفي في بداية الطريق نتيجة علاقة أو وساطة أو كفاءة مدعومة، لكن اليوم على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، إذ لم يعد مقبولا أن تشرف الدولة على قطاع حيوي يرصد كل السنة بطالة محترمة. فهي التي رخصت لمعاهد التكوين واعترفت بالكفاءات المهنية، وعليها اليوم أن تلزم المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية بضرورة إدماج الزامي لهذه الفئة قبل أن تتراكم النكسات وتتضخم الحيرات ويتعاظم السؤال . لماذا مؤسسة متخصصة؟ وما جدوى التكلفة الباهظة للتكوين إذا كانت تنتج بطالة من نوع محترم جدا؟
ملاحظة في غاية الأهمية: التدوينة صادرة من فؤاد مفعم بحب مجال الصحافة والإعلام والغيرة عليه وعلى أبنائه، هذا النداء للمسؤولين والقائمين على هذا المجال الحيوي ليلتفتوا إلى الأعداد المتزايدة من المعطلين خريجي المعاهد ومؤسسات التكوين في مهن الصحافة والإعلام والتواصل وتقنياته.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 26/11/2020