المهدي كان إنسان الاقتناع الفكري والإيديولوجي
بمبادرة طيبة من معهد صروح للثقافة والإبداع والمديرية الجهوية للثقافة بفاس واتحاد كتاب المغرب، تم تنظيم حفل تأبيني ديني تكريما لروح الأديب الراحل المهدي حاضي الحمياني بالمديرية الجهوية للثقافة بفاس يوم الخميس 3 نونبر، حيث غصت قاعة المحاضرات بجمهور غفير من الأدباء والشعراء والإعلاميين ومتتبعي الشأن الثقافي بفاس.
استهلت هذه المناسبة التأبينية بتلاوة آيات من الذكر الحكيم وحصة من السماع والمديح وقراءة الفاتحة على روح الفقيد الروائي الشاعر القاص المهدي حاضي الحمياني رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بفاس سابقا لسنوات عديدة امتازت بحركة هامة في مختلف المجالات الثقافية.فكلمة الشاعرة نبيلة حماني رئيسة معهد صروح للثقافة والإبداع ثم كلمة الشاعرة أمينة المريني باسم اتحاد كتاب المغرب ، تلتها مجموعة من الشهادات في طليعتها شهادة مؤثرة للإعلامي عبد السلام الزروالي صاحب المبادرات الرائدة ، سلط فيها الضوء على عدد من محطات حياة الراحل وإنسانيته وفعاليته الأدبية، وما تميزبه من كتابات شعرية وقصصية وروائية ، حيث انهمرت دموعه وهو يقف على تلك المحطات الأدبية الحافلة في حياة المرحوم، وأضاف قائلا: «المهدي أديب من طراز خاص. هدوء في الطبع والمزاج ونظافة في اليد والجيب واللسان والروح معا ،وقوة إيثار وقوة في نسج العلاقات الإنسانية والثقافية برحابة فكر وسعة إدراك ، وكان إنسان الاقتناع الفكري والأيديولوجي وكنت تجده ناسجا للروابط والصلات، ديدنه روحه النظيفة وإيمانه العميق بالإبداع» .
لتتلوها مجموعة من الشهادات للسادة: الشاعر عبد السلام الموساوي والاديب الكاتب محمد بودويك ومرثية الشاعر عبد الكريم الوزاني ثم شهادة ذ محمد كوزي فشهادة عبد الفتاح ابطاني، بالإضافة الى شهادة شكيب التازي وادريس كثير فمرثية الشاعرة نبيلة حماني.
وقد سلط المتدخلون الضوء على حياة الراحل، وأجمعوا على أنه كان رجل التوافقات داخل فرع اتحاد كتاب المغرب، إذ كان همه الأول هو تنشيط الحركة الثقافية بفاس العاصمة الروحية والعلمية للملكة .
وحول شهادتي في حق الراحل الذي كانت تربطني به علاقة احترام وحب متبادل، فقد عادت بي الذاكرة إلى سنة 1994 حيث قمت بزيارة الى فرنسا وخلال إقامتي بعدد من المدن الفرنسية الكبرى والصغرى، لاحظت أن الفرنسيين والفرنسيات لايقرؤن الصحف الوطنية كلوموند او الفيغارو إلا بعد قراءتهم للصحف المحلية والجهوية، فعدت الى المغرب مقتنعا بإصدار جريدة جهوية فاتصلت بصديقي الإعلامي البارز مندوب وزارة الاتصال آنذاك بفاس ذ عبد السلام الزروالي وعرضت عليه الفكرة فشجعني على المضي فيها، ثم واصلت الاتصال بعدد من الزملاء الصحافيين من بينهم الكاتب الصحافي عزيز باكوش والإعلامي ادريس العادل والقاص الإعلامي الشاعر ادريس واغيش والزجال حميد تهنية ونجيب سجاع وغيرهم وكلهم وافقوا على المشروع ، ثم واصلت الاتصال بمفكري وأدباء فاس في طليعتهم د محمد السرغيني شافاه الله والراحل د محمد الكغاط وعالم الاجتماع د احمد شراك والناقد الأدبي القاص ذ محمد السعيدي فشجعني الجميع، ثم قصدت مقهى «لاكوميدي» واتصلت بالراحل المهدي وطرحت عليه الفكرة فقبلني وشد على يدي بحرارة وأكد لي مساهمته في المشروع، وكنت أنتظر منه أن يكتب عمودا يختاره غير أنه طلب مني أن أتناول كوب قهوة وتوجه إلى منزله القريب من المقهى وعاد مسرعا وهو متأبط لمذكرة صغيرة والابتسامة تعلو محياه ، وناولني الكراسة ففوجئت لما تصفحتها إذ وجدت بها روايته «حين ينضج الصمت» مكتوبة بخط يده ، ثم سألته ماهذا يااخي المهدي؟ فقال إنها روايتي، فأجبته وهل تغامر بنشرها في جريدة لمازالت لم تر النور فابتسم مرة أخرى رحمه الله وقال لي .. انا أثق في شخص المناضل والإعلامي محمد بوهلال ، وكان أن صدرت جريدة «صدى فاس» مذيلة بأعمدة ثابتة من بينها «قبس من فكر» لعبد السلام الزروالي و»إيكولوجيا « لمحمد السرغيني و»نافذة على المسرح» لمحمد الكغاط و»لنا كلمة» لعبد ربه. وسلطنا الضوء على على كل ماتمور به فاس والجهة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفنيا ورياضيا، بالإضافة إلى رصدنا لأنشطة المجالس المنتخبة وفتح حوارات مع شخصيات وازنة والاهتمام بقضايا المرأة وحقوق الإنسان واستطعنا جميعا تأسيس إعلام جهوي جاد.
وفي ختام الحفل التأبيني قدم معهد «صروح» هدية لأسرة الراحل عبارة عن لوحة زيتية للراحل بريشة الفنان الأنيق حسن جميل ، كما قدمت المديرية الجهوية للثقافة درعا تذكاريا تسلمه شقيق الراحل.
تجدر الإشارة أن الراحل ترك ذخيرة من المؤلفات من بينها ديوان شعري تحت عنوان «النشيد السري» ورواية «حين ينضج الصمت» و»ثقوب في السماء « مجموعة قصصية .كما اشتغل أيضا بالمسرح، إذ ترأس فرقة الطليعة التي أسسها المسرحي الراحل احمد زكي العلوي وكان عضوا نشيطا في فرقة اللواء المسرحي ، وكان له أيضا نشاط بارز في الميدان الإعلامي، حيث عمل مراسلا لجريدة العلم ورئيسا لمجلة الأساس في الثمانينات وشارك في عدد من البرامج النقدية الأدبية في العديد من المنابر الوطنية والعربية كالعلم والاتحاد الاشتراكي وإذاعة فاس ومجلة «الجواهر» وجريدة»صدى فاس» وفي صحيفتي الجمهورية والثورة العراقيتين.