لم يؤمن أبدا برصيف واحد..كان يحب أن يقيم في كل الجبهات..فجبهة واحدة لا تكفي لحراس المخاضات الأليمة
ألقى الناقد والكاتب محمد مستقيم، خلال حفل نظم لتأبين الزجال عبد الكريم ماحي بمسرح عفيفي بمدينة الجديدة، مساء السبت 5 أكتوبر 2024 ، كلمة باسم اللجنة المشرفة على تنظيم حفل التأبين، عدد فيها خصال الفقيد الذي عاش مسكونا بحب الحياة والكلمة، مشيرا الى أن كلمات التأبين لا يمكن أن تختزل حجم الخسارة والفقد لهذه القامة الزجلية الشامخة . وقد جاء في هذه الكلمة:
«باسم كافة أصدقاء الراحل المبدع والزجال عبد الكريم ماحي، نرحب بكم في ساعة التأبين التي تذكرنا بغياب هذا الصديق الذي عاش بيننا، مسكونا بحب الحياة ممزوجا بعشق الكلمة الشعرية العميقة والملتزمة بقضايا الإنسان مكرسا أوقاته للكتابة والإبداع الزجلي الخالصين والحضور الثقافي المتميز في المحافل الثقافية والفنية محليا ووطنيا، يقول كلمته ولاينصرف..ساعة الحزن هي في نفس الوقت ساعة الحب والوفاء لأنها تذكرنا بإنسان ترك كل مظاهرهذا العالم من أجل شيء واحد وهو أنه كان مؤمنا إيمانا قويا بشريعة الصداقة وأبعادها الإنسانية.
هذا الرصيد الغني بالحب والعرفان هو ما يجمعنا اليوم لنقول بأن عبد الكريم ماحي كان صديقا للجميع، وكان لايهدأ له بال إلا عندما يشفي غليله في متعة القول الإبداعي وهو وسط أصدقائه ومحبيه، ينشد نصوصه الزجلية بشغف وشغب كبيرين محدقا في السماء كأنه يسعى إلى القبض على غيمة هاربة..
يصعب على أي واحد منا أن يختزل عبد الكريم ماحي في كلمات أو عبارات تأبينية ولو امتلأت بها الصفحات، لسبب واحد وهو أنه كان يرفض أن يحصر نفسه في الخانات التي تحرمه من ممارسة قناعاته الحياتية والإبداعية. كان يرفض أن ترسو مراكبه عند رصيف واحد..لم يؤمن أبدا برصيف واحد..كان يحب أن يقيم في كل الجبهات..فجبهة واحدة لا تكفي لحراس المخاضات الأليمة.
اقتسم ماحي وعيه الشقي وقلقه الإبداعي الأصيل وطقوسه التعبدية والمشاغبة مع خلانه ورفاقه ورفض أن ينحني ليلتقط المعاني الجاهزة والمطروحة في الطريق. هذا هو عبد الكريم ماحي كما عرفه أصدقاؤه، عاشق مجنون متمرد مكابد باحث باستمرار عن ذاته وسط الأصدقاء..حقق عبد الكريم ماحي تراكما إبداعيا مكنه من الالتحاق مبكرا بكوكبة المبدعين المغاربة الذين كتبوا ديوان الوجع المغربي..لكنه ترجل كذلك مبكرا ليسلم المشعل لعشاق الكلمة الزجلية الصادقة.
عبد الكريم ماحي
أيها المبدع الجميل..
أصدقاؤك يشهدون بأنك شربت كل ما في الكأس من كبرياء..
ولم تترك وراءك سوى هذا الشغب الجميل..»
نناشد أن يستمر الاحتفاء بالإبداع الذي خلفه الراحل، ووهب حياته لأجله، وأن تنخرط الفعاليات الإبداعية والأكاديمية الحاضرة معنا اليوم في هذا الاحتفاء، بدراسة أعماله الزجلية في أنشطة أخرى ولقاءات قادمة».
وقد عرف الحفل التأبيني كذلك تقديم شهادات لعدد من أصدقاء الراحل وعرض شريط فيديو يوثق لمسيرة الراحل ولشهادات مصورة عنه.
يشار الى ان الحفل التأبيني نظم بشراكة بين جمعية ربيع الإبداع والجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة /المكتب الوطني ، وجمعية صالون مازغان للثقافة والفن والمديرية الإقليمية للشؤون الثقافية/قطاع الثقافة و مديرية مسرح عفيفي.