في الدرس الرمضاني الرابع: فهم السلف ليس حجة في دين الله وفهم الصحابي لا يجب على المجتهد الأخذ به

ما يسمى اليوم بـ (فهم السلف) شعار اختلطت فيه الفكرة الدينية بالغاية السياسية

فند سعد بن ثقل العجمي، أستاذ في الهيئة العامة للتعليم بالكويت، ما ظل سائدا عند جزء من دعاة الانغلاق الكثيرين حول تدقيق (فهم السلف).
وقد اعتبر المحاضر في الدرس الرمضاني الرابع أمام جلالة الملك أن »فهم السلف ليس حجة شرعية«، وقال في هذا الصدد إن «الاتجاه الراجح هو أن فهم السلف ليس حجة في دين لله»، وعليه »فلا يحق لأحد أن يميز نفسه عن جمهور الأمة وعلمائها بمنهجية أو شعار أوأفكار أو لباس تحت ذرائع وبدعاوى لا تقوم على دليل. ولا يجوز لأحد كائنا من كان أن يخرج على سواد الأمة الأعظم فيخطئ مجتهديها، ويبدع صالحيها، مستدلا عليهم بما لا يصلح للاستدلال، ولا تسنده الحجة والبرهان».
واستعرض الأدلة على أن فهم السلف ليس حجة شرعية مرتكزا على الآية موضوع الدرس حيث “أمرنا لله بالرجوع إلى الكتاب والسنة ولم يذكر الرجوع إلى فهم السلف، ولو كان فهم السلف حجة لأمر بالرجوع إليه”. أما الدليل الثاني فيجده المحاضر في قوله تعالى: “فاعتبروا يا أولي الأبصار”، حيث أوجب لله الاعتبار، وهو الاجتهاد والقياس كما فسرها بذلك جمهور العلماء القائلين بحجية القياس، واستند في دليله الثالث على حديث معاذ حين أرسله رسول لله صلى لله عليه وسلم إلى اليمن فقال له : “(بم تقضي؟ قال: بكتاب لله: قال: فإن لم تجد في كتاب لله؟ قال: بسنة رسول لله. قال : فإن لم تجد في سنة رسول لله؟ قال: أجتهد رأيي. فقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضي به رسوله”. ففي هذا الحديث دليل على وجوب العمل بالكتاب والسنة والقياس ولم يذكر فيه فهم السلف ولا قول الصحابي.
وذهب المحاضر أبعد في اجتهاده حيث اعتبر أن «فهم الصحابي ومذهبه إذا ورد في مسألة معينة لا يجب على المجتهد الأخذ به»، بل خلص إلى القول إن «الصحابة أجمعوا على تجويز مخالفة بعضهم لبعض».
وقد ترأس أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره لله، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، والأمير مولاي إسماعيل، أول أمس الخميس بالقصر الملكي بمدينة الدار البيضاء، الدرس الرابع من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.
وألقى الدرس بين يدي جلالة الملك، سعد بن ثقل العجمي، أستاذ في الهيئة العامة للتعليم بالكويت، تناول فيه بالدرس والتحليل موضوع : “مسألة الاحتجاج بفهم السلف”، انطلاقا من قول لله تعالى في سورة النساء :”فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا”.
واستهل المحاضر درسه بإشارة تمهيدية إلى أن موضوع الدرس له علاقة بقضية تشغل المسلمين في هذا العصر خاصة، وتتعلق بسلطة المرجعية التي تظهر فيها بعض الفئات وكأنها تريد أن تقيم مصدرا للاستدلال والاستشهاد إلى جانب ما اتفق عليه المسلمون، وهما الأصلان الأصيلان كتاب لله وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، مضيفا أن هذه القضية تتعلق بالاحتجاج القولي أوالفعلي، ولا تتعلق بالعمل السديد الذي قام به السلف في الاجتهاد في التفسير والتأويل والتصنيف والاستنتاج.
وفي نفس السياق اعتبر أن المتأمل لما«يسمى اليوم بـ (فهم السلف)، والذي يدعي الناس الالتزام به بعد تجاوز تراث الأمة العظيم المتمثل بمدارسها العقدية والفقهية والسلوكية، والتي فيها خلاصة ما كان عليه سلف الأمة من حق وصواب، يقول الأستاذ العجمي، يجد أنه أمام شعار اختلطت فيه الفكرة الدينية بالغاية السياسية، فبدل أن يكون الانتساب إلى السلف إطارا جامعا للأمة بمختلف مدارسها ومذاهبها، أضحى علامة فارقة تشير إلى طائفة تمثل جزءا صغيرا من الأمة تريد أن تؤطر جمهور الأمة وفق فهمها المحدود لما كان عليه أهل تلك الفترة الزمنية، حتى أضحى شعار (فهم السلف) اليوم سلاحا للتبديع والتفسيق والتفريق يشهره أصحابه في وجه مذاهب الأمة ومدارسها وطرائقها مما بناه الأئمة المجتهدون والأولياء الصالحون، وتوارثه الأئمة كابرا عن كابر، مسجلا، في هذا الإطار، أنه لم تسلم كثير من اجتهادات علماء الأمة المقبولة من سياط التحريم ومشانق التجريم».
وبعد أن بين المحاضر أن هذه الأصول الشرعية التي عليها مدار الاتفاق وإليها مسار الاحتكام عند الاختلاف والشقاق هي الأصول الأربعة المتفق عليها أصوليا: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، سجل أن الأمة أحاطت فترة السلف الصالح بهالة من القداسة حتى جعلت من فهوم أهل تلك الفترة الصالحة لزمانها والمحكومة بحدود وإمكانيات مكانها، أغلالا وآصارا تقيد بهما فهم كتاب لله وسنة رسول لله صلى لله عليه وسلم الصالحين لكل زمان ومكان.
وفي هذا الصدد، تساءل الأستاذ العجمي هل كل فهم واجتهاد نسب إلى تلك الفترة الزمنية الفاضلة يعد حجة في دين لله؟ بمعنى هل يكون العالم المجتهد الذي استكمل بناء أدواته الاجتهادية وعرف عصره ومصره وما يصلح لهما وما لا يصلح، هل يكون ملزما بذلك الفهم السلفي الذي أتى استجابة لواقع مختلف وفق معطيات مختلفة، أم يجب على هذا العالم أن يُعمل هذه الأدوات الاجتهادية ليستنبط بها من الوحيين المعصومين أحكاما صحيحة من خلال معرفته لواقعه واطلاعه على مستجداته. وفي هذا السياق، أوضح المحاضر أن الاجتهاد ينبني على ثلاثة أركان هي معرفة النص الشرعي، ومعرفة الواقع، وتنزيل هذا النص الشرعي على هذا الواقع، متسائلا أين هو الركن الثاني والثالث عند من يقيد فهم النصوص بفهم السلف.…


بتاريخ : 25/05/2019

أخبار مرتبطة

بدعم من وكالة بيت مال القدس الشريف، وصلت حملة «عونة» لقطاف الزيتون 2024 إلى قرية «أم اللحم» شمال شرق محافظة

تم، بمدينة درومونفيل في كيبيك، شرق كندا، تسليط الضوء على المبادرة الأطلسية لجلالة الملك محمد السادس. وأبرزت مديرة المركز الثقافي

نفت بعثة إيران في الأمم المتحدة أي صلة لإيران بهجوم الطائرة المسيرة الذي استهدف مقر إقامة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *