في الدورة التكوينية حول «أي دور للإعلام في مناهضة الحكم بالإعدام؟»

 

احتفاء باليوم العالمي لمناهضة الحكم بعقوبة الإعدام الذي يصادف 10 اكتوبر من كل سنة، نظم مركز حقوق الناس بالمغرب والفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية والمرصد الجهوي للإعلام والتواصل بدعم من مؤسسة فريديريش نيومن بأحد فنادق فاس دورة تكوينية في موضوع «أي دور للإعلام في مناهضة الحكم بالإعدام» بحضور ثلة محدودة من الإعلاميين والإعلاميات والحقوقيين والحقوقيات.
ترأس هذه الدورة السيد سيباستيان فاكت مدير المؤسسة بالمغرب الذي عبر عن شعوره وسعادته بوجوده بفاس، مؤكدا أن مؤسسة فريديريش نيومن للحرية وحقوق الإنسان دعمت ولازالت تواصل دعمها للجمعيات الحقوقية الجادة المدافعة عن كرامة وحقوق الإنسان.
الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية عضو اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالجهة، أكد أن المجلس يناضل من أجل تخلي المغرب عن هذه العقوبة على اعتبار أن الحق في الحياة من أولويات حقوق الإنسان، مشيرا إلى الزيارة التي قامت بها أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى سجن القنيطرة في السنة الماضية واتصالها بالسجناء المحكومين بالإعدام، حيث شكلت تلك الفرصة مناقشة الجوانب المتعلقة بظروفهم وما يطمحون له وتقييم أوضاعهم بهدف الترافع وتعزيز الإجراءات لمرافقة السلطات والمصادقة على قرار الأمم المتحدة القاضي بإلغاء عقوبة الحكم بالإعدام. كما أشار المتدخل إلى الجريمة النكراء التي كان ضحيتها السائحتان السويدية والنرويجية بالأطلس الصغير، حيث حوكم فيها المجرمون بالإعدام، ولكنه لم ينفذ، وكذا جريمة اغتصاب الطفل عدنان وقتله بطنجة وأيضا جريمة قتل الطفلة نعيمة، حيث اختلفت آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض لحكم الإعدام، في حين طالب كثير من الحقوقيين بعدم الحكم بالإعدام في حق المجرم على اعتبار أن الحياة حق لكل مواطن. وقد شكلت هذه الجريمة مادة هامة بالنسبة للإعلام بكل مكوناته وفي الإعلام الرسمي أيضا، ومن هنا تبرز أهمية الإعلام ودوره في مناهضة عقوبة الإعدام وذلك بعدم تأجيج عواطف المواطنين ومحاولة إقناعهم بالظروف التي أدت بالمجرم إلى ارتكاب جريمته، فقد يكون تعرض للاغتصاب في طفولته وأصيب بعقد نفسية، لذا ينبغي تناول هذا الموضوع في وسائل الإعلام بكل روية اعتمادا على دراسات نفسية، ولعل أصعب اللحظات – يضيف عضو اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان -هي التي يمر بها بالمحكوم بالإعدام عند اقتياده إلى المشنقة أو الرمي بالرصاص أو الحقن، وهي لحظات مرعبة جدا، أما السجناء الذين ينتظرون لسنوات الحكم بالإعدام ويقضون 20 ساعة في زنزاناتهم ويحرمون من الاتصال بأي شخص ماعدا ممثليهم القانونيين أحيانا، ويعطى لهم الطعام من خلال فتحة فقد يؤدي ذلك إلى موتهم قبل تنفيذ الحكم بالإعدام.
وخلص الزميل الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغرية إلى الحديث عن شبكة الصحافيين والصحافيات التي أنشئت مؤخرا للمطالبة بحذف عقوبة الإعدام، حيث انضمت إلى الإئتلاف المغربي، وقد قامت بقناعة حقوقية بنشر مواقفها وبياناتها، مشددة على الانتقال من مرحلة وقف عقوبة الإعدام إلى إلغائها من الترسانة القانونية لملاءمة التشريع المغربي مع ما يقره الدستور ولاسيما الفصل 20 منه، الذي يؤكد أن الحق في الحياة هو أول حقوق الإنسان والفصل 21 و22 اللذان يعتبران أن لكل فرد الحق في سلامة نفسه وأقاربه، كما دعت الشبكة المؤسسات الدستورية إلى تنفيذ قرار هيأة المصالحة والإنصاف والمصادقة على اتفاق روما المتعلق بالمحكمة الجنائية.
السيدة الحضري ممثلة امنيستي بالجهة، أعطت نظرة شاملة عن منظمة العفو الدولية وبرامجها المتمثلة في الدفاع عن حقوق الإنسان، مؤكدة أن المنظمة تستقي معلوماتها من مصادر موثوقة، مؤكدة أن امنستي تدافع دفاعا مستميتا من أجل حذف هذه العقوبة من القوانين المغربية، واعتبرت أن التربية والتعليم ركيزتان أساسيتان للحد من الجريمة انطلاقا من المقولة الشهيرة من فتح مدرسة أغلق سجنا. وأضافت قائلة «ليست عقوبة الإعدام أكثر فعالية لردع الجرائم»، مشيرة إلى التعامل الإنساني الذي كان سائدا في صدر الإسلام حيث كان الإعدام لا ينفذ إلا باستنفاد كل وسائل الصلح، حيث كانت بعض العائلات ترفض الإعدام وتأخذ الفدية مقابل ذلك.
وخلصت في مداخلتها أن عقوبة الإعدام ليست أكثر فعالية في ردع الجرائم وقد ثبت بالملموس أن عددا من الدول الأوروبية التي ألغت عقوبة الإعدام خفت فيها الجرائم.
جمال الشاهدي رئيس مركز حقوق الناس بالمغرب انطلق في مداخلته متحدثا عن مبدأ الكونية والشمولية في حياة الإنسان، لينتقل بعد ذلك إلى الكلام عن عدد من الدول التي لازالت تمارس الحكم بالإعدام بطرق غير إنسانية كقطع الرؤوس أمام الملأ، متبوعة بزغاريد النساء، وانتقل للتذكير بالجريمة الشنعاء التي تعرض لها الصحافيين المعارضين بأحد بلدان الخليج، والى جرائم الإعدام التي ترتكب في حق عدد من المعارضين والمعارضاتهناك..
كما تطرق في مداخلته أيضا إلى الدورات التكوينية التي نظمها مركز حقوق الناس بالسجون المغربية والنتائج التي حصل عليها السجناء في المجال العلمي، إذ منهم من حصل على البكالوريا والماستر ومنهم من يهيئ للدكتوراة، وبتفصيل سلط الضوء على أحاسيس ومشاعر السجناء عند اقتيادهم لتنفيذ حكم الإعدام، مشيرا إلى أنه لايمكن تصحيح خطا بخطأ أفظع.
وختم مداخلته بأن مركز حقوق الناس رفع مذكرة إلى رئيس الوزراء السيد العثماني حاثا المغرب على إلغاء الحكم بالإعدام والالتزام بالاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاق روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية.
الزميل ادريس العادل رئيس المرصد الجهوي للإعلام والتواصل أكد أن وسائل الإعلام تعتبر أدوات فعالة في التوعية وبناء الفكر السليم وترسيخ التربية على حقوق الإنسان وتؤثر تأثيرا مباشرا في المتلقي، مشيرا إلى الثورة التكنولوجية والعالم الرقمي، إذ تنساب الصور والأخبار الكاذبة عبر الهواتف الذكية بسرعة مهولة مما يؤثر سلبا ويحدث بلبلة في الأوساط المجتمعية، وهذا ما يدعو إلى عدم الاعتماد على تلك الوسائل التي تكون أدوارها سلبية، إذ يجب الاعتماد على الأخبار المستقاة من المصادر الرسمية اعتمادا على أخلاقيات المهنة.
إن عقوبة الإعدام يضيف المحاضر، حظيت باهتمام المفكرين والأطباء النفسيين لذا ينبغي اعتماد طرق علمية عند ملامسة هذا الموضوع وعدم تأجيج العواطف حتى يقتنع كافة المواطنين بأهمية الحياة بالنسبة لكل فرد وأحقيته في الحياة، من أجل ذلك ينبغي تكوين الصحافيين وإعادة تكوينهم حتى يتمكنوا من القيام بواجبهم على الوجه المطلوب، لأن الصحافي المؤثر، يجب أن يكون على إلمام بالمواثيق الدولية ومتشبعا بثقافة حقوق الإنسان وهذا ما تسعى إليه النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمجلس الوطني للصحافة ومركز حقوق الناس بالمغرب.
الحقوقية أمينة مجدوب كان لها رأي في هذا الموضوع الحساس، حيث ركزت تدخلها في موضوع مناهضة الحكم بالإعدام على جريمتي اغتيال الطفل عدنان والاعتداء عليه جنسيا وكذا جريمة اغتيال الطفلة نعيمة بالجنوب المغربي، مشيرة إلى التعاليق المثيرة العاطفية والجذابة عبر الفيسبوك والصور المنشورة، لتتساءل عن دور هذه الوسائل في مناهضة عقوبة الحكم بالاعدام؟علما أن الفيسبوك حسب رأيها لعب دورا طلائعيا في التأثير على الرأي العام وتحريك السلطات المغربية، حيث تمكن الأمن من إلقاء القبض على المجرم بسرعة فائقة انطلاقا من تتبعه صحبة الطفل عبر الصور المسجلة في الكاميرات المتواجدة بالمنطقة، وخلصت في مداخلتها شارحة الفضل 20 من الدستور المغربي الذي يعطي الحق في الحياة لكل مواطن، مؤكدة أن الواجب على الحكومة والبرلمان المغربي العمل على مناهضة عقوبة الحكم بالإعدام انطلاقا من المواثيق والعهود الدولية.
المناقشة أغنت هذه الدورة بأفكار تصب في الموضوع، كما أوصت بتوصيات هامة سترفع إلى السلطات المغربية.
أدارت الندوة باقتدار ورزانة الإعلامية الدكتورة بشرى بهيجي التي ذكرت الحاضرين بالدور الهام الذي قامت به شهرزاد في الحد من إعدام زوجات شهريار من خلال حكاياتها المشوقة في كتاب الف ليلة وليلة.


الكاتب : فاس: محمد بوهلال عدسة البوعناني

  

بتاريخ : 16/10/2020