في الدورة 38 لمؤتمر صحفيي ضفتي البحر الأبيض المتوسط

يونس مجاهد: التعاون بين الصحافة والبحث الأكاديمي، يطور ثقافة الابتعاد عن إطلاق الأحكام الجاهزة، والجري وراء الإثارة الرخيص

مصطفى العباسي: الوصول إلى الدورة 38 مفخرة لكل القيمين على هذه الشراكة المغربيةالإسبانية

خافيير مارتينيز: المؤتمر يناقش التقارب بين الضفتين خاصة في هذه الظرفية التي تعيشها العلاقات المغربية الإسبانية

عبدالكبير خشيشن: نحن في لحظة تحتاج فيها الشعوب أكثر، إلى إعلام منضبط إلى قواعد وأخلاقيات المهنة

 

 

 

 

افتتحت بمقر رئاسة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، ، فعاليات المؤتمر 38 لصحفيي الضفتين، الخميس الماضي، التي تستضيفها الجمعية المغربية للصحافة بالمغرب .
الدورة 38، تنعقد تحت شعار “الدبلوماسية الموازية كدعامة للتقارب بين المغرب وإسبانيا”، يشارك فيها مجموعة من الصحفيين الإسبان من منطقة الأندلس، أليكانطي ومدريد، إضافة لصحفيين من مدن مغربية مختلفة، وبمشاركة فاعلين وباحثين في مجال الإعلام والتواصل.
ما يميز هاته الدورة، أنها تنعقد بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي، بهدف تطوير العمل العلمي التوثيقي الذي تقوم به الجمعية، وتكريس عمل أكاديمي جاد في مجال المواضيع التي يتم طرحها وتوثيقها ؛ كما يتضمن برنامجها أيضا زيارة للبرلمان المغربي.
مؤتمر صحفيي ضفتي البحر الأبيض المتوسط، مؤتمر
ابتدأ منذ العام 1999 ،وينظم تناوبا بين المغرب واسبانيا.
المداخلات التي شهدتها الجلسة الافتتاحية التي أدارها الزميل عبدالمالك الحطري، أجمع فيها المتدخلون على الأدوار الطلائعية التي يقوم بها الإعلام في نقل الحقيقة ومحاربة الإشاعة والتضليل ،وهو ماشدد عليه يونس مجاهد رئيس المجلس الوطني للصحافة ورئيس الفيدرالية الدولية للصحافة،حيث اعتبر أن أدوار الصحافيين والجامعيين، تتعالى على الظرفيات، التي تخضع لها العلاقات الديبلوماسية، لأنها من المفترص يقول يونس مجاهد، أن تتمسك بمقومات العمل المهني والعلمي، المعتمد على البحث عن الحقائق، بغض النظر عن الضغوطات السياسية.
وعاد من خلال كلمته بالذاكرة قليلا إلى الوراء، للحديث عن بدايات هذه اللقاءات الدورية بين صحافيي الضفتين، والتي لعب فيها الأستاذ المرحوم محمد العربي المساري، بصفته كاتبا عاما للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، دور المؤسس، وكانت فكرته هي أنه لا يعقل أن يكون الصحافيون المغاربة والإسبان، قريبين جغرافيا وبعيدين مهنيا وإنسانيا، لذلك تم الاتفاق على أن تنظم لقاءات سنوية، بالتناوب بين المغرب واسبانيا، لمناقشة قضايا تهم البلدين، ولتطوير علاقات إنسانية، على هامش هذه المناقشات.
ورأى مجاهد، أن هذا الرهان قد نجح ، لأن هذه اللقاءات استمرت وتواصلت، وتمكنت من الصمود، رغم أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا، عرفت في فترات معينة، توترات حادة، لكن هذا لم يمنع صحافيي الضفتين، من التواصل والحوار.
وبحكم احتضان جامعة عبد المالك السعدي بتطوان أشغال فعاليات هذا المؤتمر، يقول، إنه بالرغم من
الإختلافات في طبيعة العمل المهني الصحافي و البحث الأكاديمي، إلا أن هناك نقاط إلتقاء كثيرة، تتمثل على الخصوص، في السعي إلى الموضوعية في التحليل ونشر المعطيات الصحيحة المستندة على التحقيق الجدي، واحترام حق المواطن في تلقي معلومات وآراء تلتزم بالنزاهة، وعرض مختلف المواقف ووجهات النظر، احتراما للتعددية والإختلاف.
وتعرض رئيس المجلس الوطني للصحافة لأمرين إثنين، اعتبرهما حاسمين في مستقبل العلاقات بين البلدين، ويتعلقان بمن له الدور الهام في رسم وتعميم التمثلات والصور التي يحمل كل منا على الآخر، أي كيف يرى المواطن الإسباني، المغرب والمغاربة، وكيف ينظر المواطن المغربي ، إلى إسبانيا والإسبان.
الدور الأول، في نظر يونس مجاهد، تلعبه الصحافة، لأنها هي التي تروج يوميا، بل الآن، على مدار الساعة، عبر التواصل الرقمي، للصور والمواقف والأخبار، التي تصنع الرأي العام، وتكيف النظرة للآخر، وهذا ما يحصل في العلاقات المغربية الإسبانية، حيث أن للصحافة والإعلام، دور كبير في ما شهدته هذه العلاقات و ما ستشهده مستقبلا، مما يحمل الصحافيين، مسؤولية كبيرة، في ما يمكن أن تتطور نحوه الأوضاع، لأنه بالرغم من السياسات التي تعتمدها الحكومات، إلا أنها قد تجد مقاومة شديدة من طرف الصحافة، التي تتحكم فيها ثقافة ترسخت عبر السنين، و لا يمكن مراجعتها وتقييمها، إلا إذا توفرت الأدوات الضرورية لذلك.
و من هذه الأدوات، العودة لأصل مهنة الصحافة، يضيف، المتمثلة في القيم النبيلة التي نجدها واضحة في مواثيق أخلاقيات وقواعد هذه المهنة، سواء على الصعيد الدولي أو الوطني أو تلك التي تتفق عليها مجالس التحرير داخل المؤسسات الصحافية والإعلامية.
وأوضح رئيس الفيدرالية الدولية للصحافة،أن المواثيق والقواعد المهنية، تعتبر أن الصحافة هي مهنة البحث والتقصي، أي أنها تطلب من الصحافيين أن يتأكدوا من الأخبار التي ينشرونها وأن تكون لهم الحجج الكافية والدلائل القاطعة على الأحكام التي يطلقونها، وأن يبتعدوا عن تعميم الأوصاف والنعوت، دون التحقق من صحتها، كما أن عليهم أن يعرضوا مختلف وجهات النظر، دون تحيز، في إطار التوازن المفروض الإلتزام به في هذه المهنة.
ورأى مجاهد، أنه لا يمكن للصحافي أن يكون نزيها وموضوعيا، إذا كان ينطلق من أفكار مسبقة وصور جاهزة، أو يضع نفسه في خدمة طرف معين، بشكل أعمى، كما لو كان ناطقا رسميا باسمه، ويتجاهل الأطراف الأخرى المعنية بموضوع معين أو قضية ما، كما لو كان غير موجود أو أن الحكم قد صدر ضده مسبقا، غيابيا.
في الصحافة يذكر يونس مجاهد، بأن هناك قواعد مهنية وقيم أخلاقية، لابد من احترامها، وإلا تحولت الصحافة إلى دعاية، وإلى أداة تضليل للرأي العام، بل أكثر من ذلك، تتحول الصحافة آنذاك إلى حجاب يمنع رؤية الحقيقة في المجتمع، ويدفعه إلى اتخاذ مواقف خاطئة،مشددا على أنه لا يمكن تصور حجم الضرر الذي تلحقه صحافة الدعاية والتضليل بمصالح الشعوب، وآفاق التعاون بينها، لصالح رؤية سياسية أو إيديولوجية أو إثنية أو عرقية، متعصبة، أو مصالح ضيقة، في الوقت الذي من الواجب على الصحافة أن تسمو على هذه الإكراهات، خدمة لأهدافها المعلنة في مواثيق الأخلاقيات وقواعد العمل المهني.
الدور الثاني وفق يونس مجاهد، ما يلعبه البحث الأكاديمي الجامعي، الذي يمكن اعتباره الأداة المثالية، نظريا، لترويج صور وحقائق، موضوعية وعلمية، عن الآخر، رغم أن هذا المجال بدوره يتعرض للانتقاذ، أيضا، كما حصل مع ما سمي في المغرب، بالسوسيولوجيا الإستعمارية، التي أنتجها مجموعة من الباحثين، الفرنسيين على الخصوص،لكن يذكر أنه لدينا في المرحلة التاريخية التي نعيشها، فرصة لكي نطور الأبحاث والدراسات، على صعيد الجامعات والمعاهد المتخصصة، مما سيمكن الباحثين والمثقفين، من معرفة المجتمعين المغربي والإسباني، بناءا على معطيات وتحاليل علمية، سواء في ميدان التاريخ أو علم الاجتماع والسياسة، وغيرها من التخصصات، التي قد تكون مفيدة في إنتاج معلومات أكثر دقة وأكثر قربا من الواقع،وسيكون هذا مفيدا، بالنسبة للصحافة وكذلك لصناع القرار، وللمثقفين والباحثين، الذي لهم دور في إنتاج الأفكار والتأثير في الر أي العام، وتصحيح النظرة الخاطئة، التي قد تكون مبنية على الجهل فقط.
ومن واجب الجامعات والمعاهد العليا، يقول رئيس المجلس الوطني للصحافة، أن تطور هذا التعاون العلمي، لأنه سيساهم حتما في تصحيح الصور الخاطئة والأفكار المسبقة، التي لا أساس علمي لها. وما يمكن تسجيله هنا، هو ضعف البحث المتبادل، على الصعيد الجامعي، بين المغرب وإسبانيا، الأمر الذي من الضروري تجاوزه، بين بلدين جارين تجمعهما علاقات تاريخية وآفاق تعاون بناء.
بالإضافة إلى كل هذا، اعتبر المتدخل، أنه من اللازم على الصحافة أن تخلق باستمرار جسورا بينها وبين البحث العلمي، فالبحوث والدراسات التي تنتجها الجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث، تشكل مادة غنية للصحافيين، بالمعطيات الهامة التي تنتجها، والتي تعتمد أكثر على أدوات التحقيق والتقصي والتحليل العلمي، ولعل التعاون الدائم بين الصحافة الأخلاقية والبحث الأكاديمي، أن يطور ثقافة الابتعاد عن إطلاق الأحكام
الجاهزة، والجري وراء الإثارة الرخيصة، في وقت أصبحت الصحافة مهددة، بتفشي الممارسات السيئة في وسائل التواصل الاجتماعي، من طرف مؤثرين ومؤسسات تبحث عن الربح السريع ويحكمها المنطق التجاري البحت.
ونوه باحتضان جامعة عبد المالك السعدي ،لما يحمله من دلالة رمزية، حول الآفاق الواعدة للتعاون بين الصحافيين المغاربة والإسبان، حتى يقدموا لشعبيهم منتوجا صحافيا جيدا يخدم مصالحهما، في التقدم والتنمية ومواجهة الأزمات والتحديات، التي نلاحظ أنها تزداد حدة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما يتطلب تجاوز الخلافات، الممكن تجاوزها، والبحث عن مجالات الاتفاق، لتغليب كفة التفاهم، في ميزان العلاقات بين البلدين، يقول بذلك تكون الصحافة، هي تلك الوسيلة الناجعة، لتجاوز تلك الشجرة التي تخفي الغابة، غابة العلاقات التاريخية والجغرافية والسوسيولوجية والإنسانية، التي تمتد لقرون، بين البلدين الجارين، إسبانيا والمغرب.
مصطفى العباسي رئيس جمعية الصحافة المغربية ،كشف أن هذا المؤتمر بلغ دورته 38، حيث سجل في هذا الباب ،غياب الدعم سواء كان ماديا أو معنويا،لكن تم الإصرار و بمجهودات شخصية و إمكانات جمعية الصحافة المغربية على تنظيم هذاالملتقى والحرص على استمراريته، شاكرا الجامعة التي فتحت أبوابها لهذا المؤتمر و الجهات التي دعمت هذه الدورة .
ورأى مصطفى العباسي أن الوصول إلى الدورة 38 يعتبر مفخرة لكل القيمين عليه ،مضيفا أن الدورة تأتي بعد سنتين من التوقف الاضطراري بسبب جائحة كورونا، حيث تميزت بمشاركة جيل جديد من الصحافيين المغاربة والإسبان، والهدف الأساسي كما يرى هو إعطاء صورة صحيحة عن المغرب لدى الصحافيين الإسبان، الذين تطور عددهم تدريجيا وأصبح يتجاوز 30 مشاركا في كل دورة.
خافيير مارتينيز رئيس جمعية صحفيي منطقة جبل ، قال إن هذه الدورة مهمة باعتبارها محطة جديدة لاستئناف الأنشطة بين الجانبين بعد توقف دام لأكثر من سنتين بفعل جائحة كورونا.
وشدد خافيير، على أن المؤتمر يتطرق لموضوع التقارب بين الضفتين، خاصة في هذه الظرفية المواتية التي تعيشها العلاقات المغربية الإسبانية،كاشفا أن جمعية الصحافة بمنطقة جبل طارق والجمعية المغربية للصحافة، وعلى مدى أكثر من 30 سنة من عمر الملتقيات والمؤتمرات، تشكلان نموذجا حيا لما يجب أن تكون عليه العلاقات المغربية الإسبانية والتعاون.
عبدالكبير خشيشن رئيس المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، رأى في كلمته،أن هذا المؤتمر دليل على أن هناك إمكانات للعب دور أساسي في اطلاع الرأي العام على مايجمع الطرفين أكثر مما يفرقهما، ومواجهة الإشاعة التي ترافق لحظات التوتر.
وقال عبدالكبير خشيشن، أن دور الصحفي يجب أن يحضر أيضا في لحظات التوتر من أجل تنوير الرأي العام بالمعلومة الصحيحة، لذا يضيف رئيس المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، يناضل الصحافيون في النقابة من أجل ذلك، على اعتبار أن الإعلام هو خدمة عمومية ، وعليه تنوير الرأي العام والمساهمة في التنمية المحلية والديمقراطية التي نص عليها الدستور، مذكرا أن الخطب الملكية تشير إلى هذه القيمة التي يمتلكها الإعلام.
وأكد خشيشن على أننا اليوم في لحظة تحتاج فيها الشعوب أكثر، إلى إعلام منضبط إلى قواعد وأخلاقيات المهنة والجوانب المشرقة وليست المظلمة التي تؤدي إلى مالا يحمد عقباه.
جمال الدين بنحيون نائب رئيس جامعة عبد الملك السعدي ، نوه بالعمل الجبار الذي قامت به صحافة الضفتين لصون المكتسبات بين البلدين على أسس حسن الجوار و دفاعا عن كل ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقات بين البلدين التي تتسم بالمتانة و التعاون الوثيق و الثقة التي يتمتع بها كل واحد منهما عند الآخر ، رغم المكائد و رغم المحاولات الحثيثة التي أقدمت عليها عدة جهات خارجية ، غير أن محاولاتها باءت بالفشل ، و ذلك لاصطدامها بسور متين يحمي هذه العلاقة من أي تدخل او محاولة زعزعة استقرارها .
خافيير رئيس جمعية أصدقاء الأندلس قال إنه حان الوقت للعمل بجد بعد سنوات من الجفاء التي طبعت العلاقة المغربية الإسبانية ، و أن وصول هذا المؤتمر الى دورته 38 لدليل على حسن التواصل بين صحافيي الضفتين و التنسيق المتبادل بينهم . و الوصول إلى هذه المرحلة ،يعتبر أكبر تكريم للقيمين على هذا المؤتمر .
عبد الرحمن فتحي منسق الماستر بالدبلوماسية الموازية نوه بالعمل الجبار التي تقوم به الجمعية المغربية للصحافة لتنظيم هذا المؤتمر الذي يعتبر لقاء مهما بين المهتمين و الصحافيين و الطلبة الباحثين و هو فرصة لتبادل الآراء و وجهات النظر .
باسم وزير الثقافة ،شددت ممثلة عنه على الدور الذي تلعبه الصحافة ، لأنها هي التي تروج يوميًا ، والآن ، 24 ساعة في اليوم ، من خلال الوسائط الرقمية والصور والمواقف والأخبار التي تصنع الرأي العام وتتكيف مع نظرة الجمهور. آخر، هذا ما يحدث تضيف في العلاقات المغربية الإسبانية ، حيث أن للصحافة والإعلام دور ريادي فيما تشهده هذه العلاقات وستشهده في المستقبل ، مما يعني لنا كصحفيين مسؤولية كبيرة تجاه ما يمكن أن يتطور إليه الوضع. لأنه على الرغم من السياسات التي تتبناها الحكومات ، إلا أنه يمكن أن يواجه مقاومة قوية من الصحافة ، التي تسيطر عليها ثقافة متجذرة على مر السنين ، ولا يمكن مراجعتها وتقييمها إلا إذا توفرت الأدوات اللازمة.
ومن هذه الأدوات العودة إلى أصل مهنة الصحافة ، والتي تتكون من القيم النبيلة التي نجدها واضحة في خطابات وأخلاقيات المهنة على الصعيدين الدولي والوطني ، وتلك التي اتفقت عليها هيئات التحرير. في الشركات الإعلامية ووسائل الإعلام
الجلسة الافتتاحية، عرفت تكريم الفقيد محمد الشرقاوي، حيث قدم في حقه عبداللطيف بوحلتيت شهادة مؤثرة، لما كان يتمتع به رحمه الله من خصال حميدة، كما تم تكريم الصحفي والإعلامي عبدالعزيز لمرابط.


الكاتب : جلال كندالي . عبدالمالك الحطري

  

بتاريخ : 22/11/2022