«في الصَّمْت تقطُنُ القَصِيدَة» !

 

 

 

 

في الصّمت، قالها رَامْبُو،
ينبغي للقصيدة أن تقطن
المحفور في الوِهاد والهوّات
حيث فقدت كلّ المُسمّيات
منذ زمنٍ بعيدٍ أقلَّ فرصة للاستمرار
أو ترميم كذبته العقيمة المنسُوجة
من لَحْمَةِ الكلماتِ البَاهتة
الحَائمةِ بدون هوادةٍ حول الفرَاغ
حيث تضيعُ أعمالُ الرِّجَال الوَخيمة
ها قد أزفتْ ساعةُ الصّمت
لذا يُخيَّل إليّ أحيَاناً
أن أتركَ جَانباً الكلمات
تلك الكلمات المسكينة المُستهلكة
حتى آخر نبراتها
المُهانة مرّةً ومرّات
حتى ضاعت منها
أقلُّ رموز دلالاتها الأصليّة
في تسمية الأشياء والكائنات
والمناظر والأنهار
ومشاعرَ الرّجال الزّائلة
وهمْ يمتطون خيولَهم المُسوَّمة
المُزدانةَ بألوانِ الزّهو والفخَار
قبل تلقيّهم درسَ القبر الوَجيز
الذي لا يُدحَض ولا يُقهَر
دائماً هم أنفسُهم
المُستهلِكُون للكلمات
وإن لم يعد مُمكناً حتى البّوح بها
ولا عرض تمنيّاتهم
داخلَ مساحةِ أحلامهم الضيّقة
هذه الأحلام الأضغاث المُسْتجْدِية
الأكثرُ مواءمةً للشّفقة والنّسيَان
من حَشرجة فراغ الذّاكرة
وأخيراً سقطتِ الكلمات
في بئرٍ لا قعرَ ولا قرارَ لها
حيث يذهبُ للتنقيب عنها
البُلغاءُ المُتعجرفون
الطامِعُون في الكبريَاء المصنوع
من الظِّلال والمِحَن
المغمور في الصّمت الغارقِ
في مياهِه الآسنة
ذاتِ السّاقية التي تُوقِفُ مَجراه
وتسلّمه للثابت الرّاسخ
من النَّباتات المُتسلّقة ولاختلاج الجُذور،
الذي لا يُدرَك
يُخَيّلُ لي أحياناً أنّ ساعة الصّمت قد أزفت
إلّا أنَّ هذا السّكوت عندئذٍ
سيكونُ تكريماً غيرَ لائق
وفضلاً فائق الوصف
لا أظنني جديراً به بَعْدُ حتى الآن .


الكاتب : الشّاعر الكولومبي الرّاحل: أَلْفارُو مُوتِيسْ ترجمة : د. محمّد محمّد خطّابي

  

بتاريخ : 24/12/2021