في المؤتمر الإقليمي الثالث للحزب بأزيلال .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الاقليم يسجل أعلى معدلات الفقر والهشاشة بالمغرب ولو قبل ملتمس الرقابة لما وصلنا إلى الوضع الاجتماعي الحالي

 

 

نور الدين زوبدي: القطاع السياحي أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق الإقلاع التنموي بإقليم أزيلال

 

 

أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الاستاذ ادريس لشكر، أن إقليم أزيلال اليوم يعد من أفقر الأقاليم في المغرب ويسجل أعلى معدلات الفقر والهشاشة على الصعيد الوطني، بما يضعه في مقدمة التحديات التنموية. مشيرا أن الاقليم خاصة في الوسط القروي حيث يعيش أزيد من 89 في المئة من السكان، يعرف فوارق اجتماعية مهولة وغياب الخدمات الاساسية مما يفاقم خطر انزلاق الاسر إلى دائرة الهشاشة والفقر.
وشدد الاستاذ لشكر في كلمته خلال ترأسه أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي الثالث للحزب بأزيلال المنعقد الجمعة 3 أكتوبر 2025 تحت شعار «إقليم أزيلال…العدالة الترابية مدخل لتحقيق التنمية» أنه من حق الساكنة اليوم تزامنا مع الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية القادمة أن تساءل الحكومة عن المشاريع والبرامج التي لم يستفيد منها الاقليم ومدى الانفاق والموارد المخصصة لها. موضحا أن سياسة تمكين السكان من البقاء في أماكنهم وتقريب الخدمات منهم هي ضرورة حتمية في أزيلال حتى ولو كانت تكلفة التهيئة المجالية مرتفعة، لأن تكلفة الفقر والتهميش الاجتماعي هي الاعلى والاخطر على المدى البعيد.
وأضاف الاستاذ لشكر، أنه يجب دعم المواطنين الذين يشتغلون في الفلاحة للتشبت بأرضهم وإيجاد حلول لمشاكلهم خاصة الموارد المائية، بدل هجرتهم نحو المدن، وبالتالي تعزيز ضمان استقرارهم ومعيشهم اليومي. داعيا الحكومة إلى الاسراع في تنزيل الاستراتيجية الوطنية للماء التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك، وضمان الربط المائي بين الاحواض، خاصة مصب أم الربيع. بالاضافة إلى التدبير الجيد للموارد المائية وحسن استغلالها والحفاظ عليها.
ومن جهة أخرى شدد الاستاذ لشكر، على أن التعليم والامية يشكلان أحد أبرز العوائق أمام التنمية البشرية في الاقليم، حيث ترتفع معدلات الامية بشكل كبير خاصة في المناطق القروية، بالاضافة إلى اشكالات أخرى تتعلق بضعف الولوج للبنى التحتية الاساسية، وبالتالي يبقى تحدي فك العزلة كبيرا ويعبر عن نفسه في مؤشرات الولوج إلى الخدمات، ولا تزال الطرق والمسالك القروية تعاني من الهشاشة وصعوبة الولوج خاصة المناطق الجبلية الوعرة مما يجعلها نقطة الاحتجاج الرئيسية للسكان.
كما دعا الاستاذ لشكر إلى إعمال المساواة وإنصاف المرأة وتمكينها والحرص على تمثيلية النساء ورد الاعتبار لهن في كل المسؤوليات والمواقع والبرامج المحلية.
وبالمقابل، أكد الاستاذ لشكر «على أنه لولا المؤامرات والمزايدت التي تعرضت لها مبادرة ملتمس الرقابة التي طرحها الحزب لاسقاط الحكومة، لما كنا اليوم أمام الوضع الحالي الذي نعيشه، وبالتالي فإن الامر كان متعلقا بمناقشة كل الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية ومساءلة الحكومة داخل الفضاءات المؤسساتية والبرلمان وفتح نقاش عمومي عبر الاعلام، مما اضطر الحزب بعد ذلك إلى اتخاذ قرار حاسم خلال اجتماع مجلسه الوطني بتحويل ملتمس الرقابة من داخل البرلمان إلى ملتمس رقابة شعبي بمختلف الجهات والاقاليم لمساءلة الحكومة.
وجدد الاستاذ لشكر، التأكيد على أنه لا يمكن أن تسير بلادنا بسرعتين بمختلف المناطق والجهات، هو ما أكد عليه جلالة الملك في خطاب الاخير بمناسبة عيد العرش. وبالتالي المطالبة بمشروع تنموي حقيقي يراعي الاهمية الثقافية والتاريخية للأقاليم والحفاظ على جوهر الحياة فيها سواء كانت جبلية أو داخلية والاهتمام بالرأسمال اللامادي ودعم المواطن محليا وجلب الاستثمارات ورد الاعتبار لها.
وذكر الكاتب الأول، أن سكان الاقليم لديهم ارتباط وثيق تاريخي وعميق بأراضيهم وهو ارتباط لايمكن تعويضه، وأن محاولة نقلهم قد تثير مقاومة اجتماعية تؤدي إلى عزوف المشاركة في المشاريع التنموية. مشددا على ضرورة الحفاظ على المعرفة المحلية حيث يمتلك السكان معرفة حيوية حول البيئة المحلية والموارد المائية وطرق الزراعة المتكيفة مع المناخ الجبلي القاسي، وهي معرفة لاتقدر بثمن في سياق التغييرات المناخية. بالاضافة إلى العمل على تثمين السياحة المستدامة فالقرى والدواوير الاصيلة هي جوهر السياحة الجبلية في المغرب وبقاء السكان فيها يضمن توفير الايواء القروي التقليدي والخدمات السياحية الموجهة والحفاظ على الطابع المعماري الذي يجذب السياح.
وسجل الاستاذ لشكر، أن الاتحاد الاشتراكي حزب خلق من أحضان الشعب المغربي بكل أطيافه ويؤمن بالنضال من أجل الحقوق والحريات والتظاهر والاحتجاج المسؤول من أجل مقاومة الظلم والاستبداد، وأن الحزب نشأ من رحم المجتمع وفئاته الشعبية، مشيرا أنه إذا كانت الدولة إبان الاستقلال عملت على إنشاء الجيش والشرطة وبناء الادارة والمؤسسات، فإن الاتحاد الاشتراكي خلال تلك المرحلة عمل على بناء مؤسسات المجتمع من خلال احتضان فئاته وبناء الحركة الجمعوية والنقابات العمالية وبالتالي فإن المغرب عرف العديد من الاحتجاجات التي كانت ترسخ لثقافة الحوار الذي بدوره يؤسس للاختلاف والتراكم من أجل تطوير المؤسسات والديمقراطية ببلادنا.
وشدد الاستاذ لشكر أنه يمكن الرجوع إلى تقارير هيئة الانصاف والمصالحة، للاطلاع على الادوار والتضحيات التي قدمها مناضلو ومناضلات الحزب دفاعا عن الديمقراطية والحقوق والحريات والكرامة والعدالة في سنوات الرصاص، مشيرا أن الذي أنقذ البلاد في العديد من المحطات هو التربية السياسية والحوار البناء بين المسؤولين والمجتمع لتحصين المكتسبات والدفاع عن مبادئ الديمقراطية. مضيفا أنه خلال الربيع العربي سقطت أنظمة وتفتت دولا كثيرة ودخلت في مرحلة اللاستقرار والفوضى، وعكس ذلك فإن بلادنا اليوم تنعم بالاستقرار والامن.
وأشار الاستاذ لشكر «أنه إذا كانت الحركة الاحتجاجية التي تعرفها بلادنا اليوم أخافت البعض وقرر تعليق أنشطته وتجمعاته، فإننا في الاتحاد الاشتراكي من خلال هذا المؤتمر الاقليمي والمحطات التنظيمية الاخرى المزمع عقدها في إطار الدينامية التنظيمية التي يعيشها الحزب، نؤكد أننا لسنا حزبا أسس ليلة الانتخابات ولا تهمنا المكاسب الانتخابية، بل نحن حزب خرج من رحم المجتمع وقدم تضحيات جسام خدمة للوطن والمواطنين.»
و تابع الاستاذ لشكر، أن اقليم أزيلال كان من القلاع الاتحادية التي قدمت الشيء الكثير بتضحيات مناضليها دفاعا عن الديمقراطية والحرية والعدالة.
ونوه الاستاذ لشكر بالمجهود الكبير والمتميز الذي قدمه الاتحاديات والاتحاديون بإقليم أزيلال لانجاح محطة المؤتمر الاقليمي الثالث وطرحهم قضايا أساسية وجوهرية على طالة القاش والتداول في اشكالات كبرى تهم الساكنة بالاقليم بكل مسؤولية وجدية.
من جهته سجل نور الدين زوبدي، الكاتب الجهوي على أن إقليم ازيلال يعيش إقصاء مجالي وتفاوت تنموي، بالرغم من إنجاز مجموعة من المشاريع، همّت فك العزلة، وتوسيع العرض التربوي، وتحسين بعض الخدمات الاجتماعية، من
توسيع الشبكة الطرقية في عدد من الجماعات؛ وتعزيز النقل المدرسي ومحاربة الهدر المدرسي؛ وإنجاز مشاريع للماء الصالح للشرب والكهرباء؛ وبرامج مدرة للدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، رغم هذه الإنجازات، فإن الخصاص لا يزال كبيرًا، والتفاوتات ما زالت قائمة، والاحتياجات متزايدة، مما يجعل من العدالة الترابية ضرورة سياسية وتنموية ملحة».
وأضاف زوبدي أمام مؤتمري الإقليم: «إن إقليم أزيلال لا يزال يواجه تحديات بنيوية عميقة، منهاعورة المسالك وصعوبة التنقل في عدد من المناطق الجبلية؛ وضعف العرض الصحي واستمرار معاناة الساكنة مع قلة الأطر والمعدات الطبية؛ ونقص الماء الصالح للشرب في بعض الدواوير، رغم غنى الإقليم بالمياه؛ ومحدودية الفرص الاقتصادية، وغياب الاستثمار المحلي الجاد؛ وهشاشة البنيات التعليمية رغم المجهودات المبذولة، وبقاء بعض المناطق خارج التغطية التربوية اللائقة.»
ومن بين الحلول للإقلاع بالإقليم، يقول الكاتب الجهوي، « أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق الإقلاع التنموي بإقليم أزيلال، وهو القطاع السياحي، وخاصة السياحة الإيكولوجية، باعتبار الإقليم من أغنى مناطق المغرب من حيث المؤهلات الطبيعية، من جبال وغابات ومجاري مائية وشلالات، وعلى رأسها شلالات أوزود، بحيرة بين الويدان، المنتزه الجيولوجي مكون، والمنتوج الثقافي الأمازيغي الأصيل «.

وسجل زوبدي، على أن البرنامج الحكومي لخارطة الطريق السياحية 2023-2026، والذي خصص له مبلغ 6.1 مليار درهم، لم يُنصف إقليم أزيلال، ولم يُخصص له إلا حصة هامشية جدًا، لا تعكس لا وزنه البيئي ولا إمكانياته كوجهة سياحية وطنية بديلة.
وتعتبر الكتابة الجهوية هذا التهميش غير مبرر، ويجب أن يُصحح، عبر إدماج الإقليم في قلب الرؤية السياحية الوطنية، من خلال، تأهيل البنيات السياحية الجبلية والإيكولوجية؛ وتشجيع الاستثمار في السياحة القروية والمحافظة على الموروث الطبيعي؛ وتوفير التكوين والتأطير للشباب المحلي لخلق فرص عمل مرتبطة بالسياحة البيئية؛ وإدراج أزيلال كمحور استراتيجي ضمن برامج التسويق والترويج السياحي الوطني والدولي».
وأكد نور الدين زوبدي على أهمية الفلاحة التضامنية كرافعة حقيقية للاقتصاد المحلي، خصوصًا في العالم القروي الجبلي، فلا تنمية بدون دمج الفلاح الصغير والمتوسط في المنظومة التنموية، وذلك عبر دعم التعاونيات الفلاحية المنتجة والمبتكرة؛ وتوفير التكوين والتقنيات الحديثة الملائمة للزراعة الجبلية؛ وضمان تسويق المنتجات المحلية (كالعسل، الزيتون، الأعشاب الطبية، الحبوب… إلخ)؛
وخلق برامج تمويل وتشجيع موجهة خصيصًا للفلاحين في المناطق الوعرة والمهمشة، فالفلاحة التضامنية ليست فقط قطاعًا إنتاجيًا، بل آلية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين الفلاحين من حقوقهم الاقتصادية والمعيشية.»
فالمطلوب، يقول الكاتب الجهوي، هو رؤية شمولية عادلة ومنصفة، تتجاوز التدخلات الجزئية نحو تنمية مندمجة وشاملة، تُعيد الاعتبار لهذا الإقليم وتهيئ مستقبله بما يستحقه، مع ضرورة إرساء تعاقد ترابي جديد من أجل أزيلال، يضعها في صلب السياسات الجهوية والوطنية؛ والإسراع بفك العزلة عن المناطق الجبلية وربطها بمحاور تنموية؛ وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية بشكل ملموس؛ ودعم الشباب والنساء لولوج سوق الشغل ومجالات الإنتاج؛ وتمكين الإقليم من حصة عادلة من الاستثمارات العمومية والبرامج الحكومية؛
وجعل السياحة البيئية والفلاحة التضامنية رافعتين أساسيتين في النموذج التنموي المحلي».

 


الكاتب : أنوار التازي – مصطفى الإدريسي ت:المساوي

  

بتاريخ : 06/10/2025