فتيحة سداس: الحزب سيظل دائمًا في صفوف الجماهير الشعبية مدافعا عن المطالب الاجتماعية والمجالية العادلة
في إطار الدينامية التي يعرفها الحزب على الصعيد الوطني استعدادًا للمؤتمر الوطني الثاني عشر المقرر تنظيمه قريبًا، انعقد مساء يوم السبت 4 أكتوبر 2025 بالمركب الثقافي ببنسليمان المؤتمر الإقليمي الثالث لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. حضر المؤتمر قياديون وقياديات من الحزب، ومسؤولون حزبيون على الصعيد الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي، بالإضافة إلى عدد كبير من المناضلين والمناضلات وضيوف الحزب. ترأس أشغال الجلسة الافتتاحية عضوا المكتب السياسي، الأخ المهدي المزواري والأخت فتيحة سداس، تحت شعار المؤتمر: “نحو إقليم يواكب طموح الوطن”، في محطة سياسية وتنظيمية بارزة أكدت التزام الحزب بالإنصات للمواطنين والعمل الميداني القريب منهم.
خلال كلمة له بالمناسبة، أشار المهدي المزواري الى الدينامية التي يعرفها الحزب على الصعيد الوطني، مبرزًا أن الاتحاد الاشتراكي عقد خلال سنة واحدة أكثر من 70 مؤتمرًا إقليميًا، في إشارة إلى انخراطه الميداني القوي واستمراره في العمل القريب من المواطنين. وشدد على أن السياسة الحقيقية لا تختزل في الخطابات أو الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، بل تكمن في النزول إلى الميدان، واللقاء المباشر مع الناس، والاستماع العميق لهمومهم وتطلعاتهم، مؤكدًا أنه لا يوجد حزب في المغرب اليوم يعقد مؤتمرات بهذا الحجم من أجل الإنصات الحقيقي للمواطنين.
وتطرق المزواري إلى شعار المؤتمر، موضحًا أن بنسليمان من الآن إلى عام 2030 ستصبح مدينة عالمية، وقال: “أتمنى أن لا تكون عالمية بكرة القدم فقط، نريدها عالمية بتجهيزات وبنيات تحترم كرامة المواطنين، وتضمن لهم الحق في الشغل والصحة والتعليم وكل الحقوق الأساسية. نقول إن الإقليم لديه أكبر ملعب في العالم ونحن فخورون، لكن يجب أن تكون هناك مستشفيات ومدارس عمومية وفرص شغل حقيقية. حين نقول نحو إقليم يواكب طموح الوطن، يجب أن نقول نحو وطن يواكب طموح جميع المغاربة”.
كما قدّم المزواري تشخيصًا دقيقًا للوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الراهن، مسلطًا الضوء على ضعف أداء الحكومة الحالية، التي رغم الوعود المعلنة منذ تشكيل أغلبيتها في أكتوبر 2021، لم تفِ بالتزاماتها، سواء في خلق فرص الشغل أو معالجة ملفات الفقر والهشاشة. وأوضح أن الحكومة تعهدت في برنامجها الانتخابي والحكومي بخلق مليون منصب شغل، لكن الواقع بعد أربع سنوات أظهر العكس، إذ تشير الأرقام إلى أن 2,5 مليون شاب مغربي بين 15 و25 سنة لا يدرسون ولا يعملون ولا يتابعون أي تكوين مهني، ما يعكس عمق أزمة سوق الشغل والفشل في إدماج الشباب ضمن الدورة الاقتصادية والاجتماعية.
وانتقد طريقة تنفيذ برنامجي “أوراش” و”فرصة”، معتبرًا أن الأول استُغلّ انتخابيًا لتوظيف فئات محدودة، فيما أدى الثاني إلى مشاكل مالية واجتماعية، إذ لم يتلقَّ عدد كبير من المستفيدين التمويل اللازم لإنجاز مشاريعهم، وانتهى بهم الأمر أمام القضاء بسبب تعثر سداد القروض، ما يعكس غياب رؤية واضحة وإستراتيجية فعالة لمعالجة أزمة التشغيل.
كما تناول المزواري موضوع الفقر والهشاشة، مشيرًا إلى محدودية برنامج الدعم المباشر الذي أطلقته الحكومة، واعتبر أنه لا يمكنه التطور أو تحسين حياة المستفيدين، لأنه بمجرد تحسن وضعية الأسر، يتم حرمانهم من الدعم، ما يحافظ على الوضعية الهشة للفئات الاجتماعية. وأشار أيضًا إلى موجة التضخم الأخيرة التي عرفتها البلاد، مؤكّدًا فشل الحكومة في السيطرة عليها، وعدم قدرتها على حماية القدرة الشرائية للمواطنين، ما زاد من معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
ولم يفوت المزواري الفرصة للتطرق إلى ملف الصحة، الذي وصفه بـ”الموضوع الآني” والمركزي في أي دولة اجتماعية حقيقية. وأكد أن الأحزاب الليبرالية التي تقود الحكومة الحالية لا يمكنها أن تبني نموذج دولة اجتماعية، وأن هذا المشروع كان ولا يزال من صميم الفكر الاشتراكي الذي أسسه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ أكثر من خمسين سنة، مبرزًا تجربة حكومة عبد الرحمان اليوسفي التي أطلقت نظام “راميد” كنموذج ناجح للحماية الاجتماعية. وأضاف أن المواطن المغربي، حين يمرض أو يحتاج إلى رعاية، يجب أن يجد في المستشفى العمومي جميع شروط العلاج من موارد بشرية وتجهيزات وبنيات تحتية، لكن الواقع يكشف تراكمًا في أزمة القطاع الصحي، مع جمود مشاريع تأهيل المستشفيات العمومية، مقابل توسع المصحات الخاصة. كما تساءل عن اختيار وزراء الصحة والتعليم، والذين لم تتوفر لهم الكفاءة المهنية اللازمة، بل جاءوا لأسباب القرابة مع رئيس الحكومة، مما ساهم في تراكم الأزمات في هذين القطاعين الحيويين.
من جانبها، أكدت الأخت فتيحة سداس، عضو المكتب السياسي للحزب، على البعد التاريخي والنضالي للاتحاد الاشتراكي، معتبرة أن الحزب سيظل دائمًا في صفوف الجماهير الشعبية، وعلى تواصل دائم مع جيل الشباب الذي يعد شريكًا أساسيًا في بناء المستقبل. وأوضحت أن الحزب خاض معارك كبرى في القطاع الطلابي والتلاميذي والنقابي والنسائي، وأنه مستمر في الدفاع عن المطالب الاجتماعية والمجالية العادلة، داعية إلى إعطاء اهتمام شامل لإقليم بنسليمان وباقي الأقاليم من أجل تحقيق تنمية متوازنة وشاملة.
من جهته أكد مصطفى جميل، المنسق الإقليمي للحزب بإقليم ابن سليمان، في كلمته خلال افتتاح أشغال المؤتمر الإقليمي الثالث للحزب، أن الاتحاد الاشتراكي يظل حزباً عريقاً ومتجذراً في الإقليم، مشيداً بعطاءات مناضليه ومناضلاته الذين حافظوا على حضور الحزب رغم كل التحولات والتحديات التي عرفها المشهد السياسي المحلي.
وأشار المنسق الإقليمي إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ظل لعقود رقماً صعباً في المعادلة السياسية بالإقليم، مذكراً بأن الحزب حافظ على تمثيليته البرلمانية لأربع ولايات متتالية منذ تسعينيات القرن الماضي إلى حدود سنة 2011، وحقق نتائج لافتة تجاوزت سبعين مستشاراً في عدد من الجماعات الترابية.
ولم تفُت جميل الفرصة ليترحم على أرواح مناضلي الحزب الذين وافتهم المنية، وفي مقدمتهم الراحلين أحمد الزايدي والأستاذ لحسن البرهومي، مؤكداً أن الاتحاد الاشتراكي في ابن سليمان سيظل وفياً لنهجهم النضالي وقيمهم الاتحادية الأصيلة.
وفي سياق حديثه عن الوضع التنظيمي، أقر جميل بوجود بعض الاختلالات التي عرفها التنظيم الحزبي بالإقليم في فترات سابقة، غير أنه شدد على أن الكتابة الإقليمية ظلت صامدة ومستمرة في أداء دورها، وحاضرة في مختلف المحطات الانتخابية، وعلى رأسها انتخابات 2021، رغم كل الإكراهات الذاتية والموضوعية.
وثمّن جميل الدينامية التنظيمية والسياسية الجديدة التي يقودها الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، مشيداً بالمواقف الوطنية والدولية التي يتبناها الحزب، وخاصة دفاعه المستميت عن القضية الوطنية الأولى – قضية الصحراء المغربية، عبر مبادرة الحكم الذاتي وعلاقاته المتميزة داخل الأممية الاشتراكية ومختلف المؤسسات الدولية.
وأكد المنسق الإقليمي أن المؤتمر الثالث يأتي في سياق التحضير للمؤتمر الوطني الثاني عشر، معبّراً عن أمله في أن يشكل هذا المؤتمر الإقليمي منعطفاً نوعياً لإعادة التوهج للحزب بالإقليم، من خلال بروز كفاءات جديدة قادرة على مواكبة التحولات التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها إقليم ابن سليمان.
من جهته ألقى أمين فايق كلمة باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أكد على أن اختيار هذا الشعار جاء ” عن قناعة راسخة بأن إقليم بنسليمان، بما يتوفر عليه من طاقات بشرية ومؤهلات طبيعية وفرص تنموية، قادر على أن يكون في قلب الدينامية الوطنية الكبرى التي يشهدها المغرب”.
وأبرزت الكلمة أن “الوطن اليوم يعيش مرحلة جديدة من البناء والإصلاح، ويرفع سقف الطموحات التنموية عالياً، ما يفرض على إقليم بنسليمان أن يكون فاعلاً في ترجمة هذه الأوراش الوطنية إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع “.
وشددت اللجنة التحضيرية على أن الإقليم “بحاجة إلى مسؤولين ومنتخبين صادقين وفاعلين، وبرلمانيين يقومون بمهامهم التشريعية والرقابية والدبلوماسية بكل كفاءة ومسؤولية، وإلى نخب سياسية تضع المصلحة العامة فوق أي اعتبار، وتجعل من العمل السياسي وسيلة لخدمة المواطن لا لتحقيق مصالح ضيقة”.
كما أكدت الكلمة أن المرحلة الراهنة، بما تعرفه من تحولات إقليمية ودولية سريعة، ومن أوراش إصلاحية كبرى يقودها جلالة الملك محمد السادس ، تستدعي تعبئة جماعية وانخراطاً وطنياً صادقاً من كل القوى الحية، وفي مقدمتها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من أجل تعزيز الجبهة الداخلية وترسيخ قيم الإصلاح والديمقراطية والتنمية.
وأضافت اللجنة أن “إقليم بنسليمان، باعتباره جزءاً لا يتجزأ من هذا الوطن العزيز، مدعو إلى مواكبة الدينامية الوطنية ووضع كل إمكانياته في خدمة المشروع المجتمعي القائم على العدالة الاجتماعية والكرامة وتكافؤ الفرص والتنمية المستدامة”.
واختُتم المؤتمر، في أجواء ديمقراطية وتنظيمية متميزة، بانتخاب الأخ أمين فايق كاتبًا إقليميًا للحزب، والأخ الميلودي البوزيري رئيسًا للمجلس الإقليمي، في خطوة تؤكد تجديد الهياكل التنظيمية وتعزيز الحضور السياسي للاتحاد الاشتراكي على مستوى الإقليم، استعدادًا لمواصلة العمل الحزبي والميداني في خدمة المواطنين ومواجهة التحديات المستقبلية.
**************************
امين فايق، كاتبا اقليميا
لبن سليمان
الميلودي البوزيري رئيسًا للمجلس الاقليمي