نحن فلسطينيون بلا مزايدات ..والمطلوب قيادة فلسطينية موحدة وعقلانية
بفضل هذه القيادات الشابة بات للاتحاد حضور وازن في «إحاحن» و»ركراكة الأحرار»
ترأس الكاتب الأول إدريس لشكر، المؤتمر الخامس للصويرة ..الذي أراده الاتحاديون منصة لتقييم موضوعي لمنجزهم التنظيمي والسياسي ..الأوراق التي عرضت على المؤتمر كانت جامعة لكل المطالب والمنجز الذي اشتغل عليه المناضلون، الكاتب الأول جاءت كلمته الافتتاحية ضاجة بالرسائل التي يجب التقاطها ممن يعنيه أمر السياسة، ويناكف الاتحاد الاشتراكي على مواقفه الوطنية ..إدريس لشكر تكلم بالعربية الفصحى وخاطب جزءا من الحاضرين باللغة الأمازيغية ..حضوره للصويرة فيه إشارات واضحة، لعل أقواها أن الاتحاد لديه أطروحته السياسية الرصينة، ولا يزال يشكل قوة ترافعية وقدرة اقتراحية في كل القضايا المطروحة على الوطن والبلاد …
كانت الوجهة نهاية الأسبوع الماضي مدينة الصويرة التاريخية المحتضنة لمؤتمر الحزب، الذي وصل رقمه الخامس في روزنامة التنظيم، شباب وكهول وشيوخ شدوا الرحال من كل مناطق الإقليم المترامي الأطراف والشاسع مساحة وسياسة وسوء تدبير، بحثا عن المعنى وعن أسئلة ظلت تؤرق الاتحاديين والمناضلين هناك، بسبب التهميش الذي عرفته المنطقة لسنوات والإقصاء الممنهج من كل المشاريع المهيكلة التي تفتح المجال لتنمية مندمجة ومستديمة تمس المواطن في عيشه ويحس معها بتغيير حقيقي، فالتنمية ليست شعارا للاستهلاك كما ظلت طغمة قديمة تسوق له لعقود، وهي جاثمة على أعناق البسطاء والمسحوقين من ساكنة هذه الرقعة التاريخية، التي تضم مزيجا إثنيا وقبليا ضاربا بعمقه وآخذا بناصية التاريخ .
قبائل حاحة والشياظمة المكونان الأساسيان للمجتمع المحلي هناك ، ظلوا يشعرون كأنهم يعيشون في مغرب منسي غير نافع إلا لبعضهم، حيث» لا حنين ولارحيم» كما يقول اللسان الدارج، وحتى الفصيح، ضمن هذه الخطاطة تموقع المؤتمر الإقليمي جارا معه أسئلة الماضي والأجوبة الضرورية للحاضر والمستقبل.
حضرت القواعد والقيادات الوطنية والإقليمية في الجهة التنظيمية لمراكش أسفي، يتقدمها الكاتب الأول إدريس لشكر، الذي يواصل تنزيل الدينامية الداخلية مع فرق العمل المنوط بها تجديد هياكل الحزب، مؤتمر غاضب بهدوء من الأوضاع في الصويرة وإقليمها…
الصويرة التي في البال
أعرف هذا الإقليم منذ عقود وتربطني علاقات إنسانية مع مناضليه، الذين كانوا بعدد أصابع اليد، في زمن مغربي كان محكوما بالتوترات السياسية، وكانت الصويرة بإقليمها لا تكاد يحصل فيها الاتحاديون على بضع مقاعد حتى يتدخل التزوير ليمسح اسم الاتحاد الاشتراكي من المنطقة لصالح قوى مصالحية تحكمت في المنطقة واقتطعتها لمصالحها، هكذا اختار الكاتب الأول إدريس لشكر تقديم كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر الإقليمي الخامس للحزب في الصويرة، واليوم يكون أول مرة أحضر محطة تنظيمية عادية، ونحن نعرف ماذا سينتج الحزب وماهي المهام الموكولة له، بفضل هذه الوجوه والأطر القيادية الشابة بات للاتحاد حضور وازن في منطقة إحاحن وركراكة الأحرار، ولا يسع القيادة السياسية إلا أن تنوه بهذا المسار الذي عرف تطورا وحضورا تنظيميا كبيرا، لا يزال الكاتب الأول يسرد تقييمه على مسامع مؤتمري الصويرة، مضيفا أن الأوراق التي قدمت من طرف الأجهزة الإقليمية والتحضيرية كانت ملمة وشارحة ومفككة للأوضاع في تقاطعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولايملك المرء إلا التنويه بهذا المنجز الذي جعل الاتحاديين يصبحون قوة اقتراحية وصوتا مسموعا في المنطقة …
فلسطينيون بلا مزايدات
القائد الاتحادي تناول قضايا عدة بالتشريح والتفصيل، وكانت صور البشاعة التي أنجزتها الآلة العسكرية الإسرائيلية محط شرح من لدن الرجل الذي استفاض في عرض أفكار الاتحاد الاشتراكي حول القضية الفلسطينية، التي ظلت محل مساندة من لدن كل القوى التقدمية والوطنية والمؤسسة الملكية، هؤلاء، يتابع لشكر، كانوا مساندين حقيقيين للفلسطينيين، دون مزايدات كتلك التي تحدث اليوم من لدن أصحاب الأجندات الداخلية والإقليمية والباحثين عن تقوية مواقعهم التفاوضية، حتى ولو اقتضى الأمر الاستعمال الانتهازي والخبيث للشعوب في خارطة المصالح ..نموذج لبنان واليمن وفلسطين، أصحاب شعار «سنحرر القدس»، ندعوهم فقط لترك الناس يحافظون على حقهم في الحياة في غزة ..وفقط الحق في الحياة ..فالقضية الفلسطينية في حاجة لقيادة فلسطينية موحدة وعقلانية، وإلا سنقرأ السلام على تاريخ ينتمي إلينا اسمه فلسطين… بهذه الكلمات الموزونة حسم إدريس لشكر كلامه مع أدعياء ومتاجري القضية في الداخل والخارج .
القضية الوطنية ..من التدبير إلى التغيير
ما ارتبط ويرتبط بالقضية الوطنية أفرد فيه الكاتب الأول أفكارا مصاغة بعناية السياسي الحذق الذي يعرف تاريخ بلده، تكلم عن جار» العالم الآخر» ، الذي داس كل «الخير التاريخي» الذي قدم له المغرب حين رفض الوطنيون ومحمد الخامس مناقشة فرنسا في مسألة الحدود الموروثة والأراضي المقتطعة ككولمب بشار وتندوف، لما أرادت مخاطبة المغاربة في هذا الشأن، اخترنا التريث لحين حصول الجزائر على استقلالها، وآنذاك لكل حادث حديث، واشتغل المغرب الرسمي بمنطق التجاوز واحترام الجار والأشقاء، لكن القيادة في الجزائر تنحت بعيدا عن استراتيجية السلام التي وضعها المغرب وعينه على تنمية المنطقة وعلى الإعلاء من قيمة الإنسان، وجنحت بكل الهمجية الحاصلة في السلوك بمضمونه المتوتر واستدعاء القاموس الحربي الاستعدائي الذي يقطع مع كل التاريخ المشترك لشعوب شمال إفريقيا .
يتابع المسؤول الاتحادي تبريز سرديته، محيلا على الدور الأساسي الذي لعبه محمد الخامس في الحصول على الاستقلال وما بذله الحسن الثاني من جهد مشهود في توحيد المغرب، وهنا نتذكر ماحصل في دول عدة من انهيار متتال للأنظمة وخلق كيانات جديدة وتقطيع وتقسيم أوصال دول أخرى عقب سقوط جدار برلين ..وبما أن للدولة استراتيجية تراكمية لا تقوم على القطيعة، فالمغرب مع القيادة الحكيمة للملك محمد السادس استثمر ذكاءه الاستراتيجي في إعادة رسم خريطة تموقعاته وعقيدته الدفاعية سواء في إفريقيا أو مع القوى العظمى في العالم، حيث الندية والتعامل الديبلوماسي وفق قاعدة رابح رابح سواء في منظوره للجنوب الذي هو جزء منه ويبدأ في إفريقيا أو الشمال المتقدم الذي أفهمه أن منطق الإملاءات قد ولى، لقد عانينا، يقول الكاتب الأول، في دفاعنا عن القضية الوطنية في مختلف المنتديات والإطارات التي تواجد فيها الاتحاد الاشتراكي ووجدنا صعوبة وقتئذ في إقناع أطراف بعدالة وجدية ومغربية الصحراء..خصوصا في الأممية الاشتراكية التي ننتمي إليها .
التوجهات الديبلوماسية التي غير المغرب قواعدها اتت أكلها، واليوم شاهد الجميع كيف خرج تيار أو ذراع من داخلهم يطالب بوضع السلاح والتفاوض مع المغرب على الحكم الذاتي، ودعم أكبر دولة في العالم لأحقية المغرب وبعدها إسبانيا الدولة المحتلة سابقا، وفرنسا التي ناوشتنا في حقنا التاريخي ..كل هذه النتائج والوقائع الجديدة في الحياة والعلاقات الدولية لم تأت من فراغ أو كسل ديبلوماسي ..سحب الاعترافات وفتح القنصليات وحصول أغلبية كبيرة في المنتظم الإفريقي باتحاده مع تبقي بضع دول تغرد خارج سرب الإجماع الموضوعي وحول ضرورة طي ملف لم تبق مدافعة عنه سوى الجزائر وجنوب إفريقيا، أنبوب الغاز واستراتيجية الأطلسي، هي من نتائج دبلوماسية العاهل المغربي محمد السادس، ينهي إدريس لشكرتحليله لملف الصحراء ورؤية الحزب المساندة لما تحقق على أرض الواقع.
حكومة محظوظة بدون أسنان
مايميز المعارضة الاتحادية عن باقي الفرقاء، أننا لا ننحو منحى النفاق السياسي والعلاقات المصلحية الزبونية، نحن نرى هذه الحكومة بأحزابها الثلاثة ووزرائها التكنوقراط، نراهم «مسقيين بمغرفة واحدة «، ونحن معارضة مسؤولة لا تتوجه للأشخاص، بقدر سعينا لتحقيق الرقابة على سلطة تنفيذية لا تملك أضراسا رغم حصولها على دعم كبير لم يتوفر لمن سبقها من الحكومات ، هي محظوظة بكم المشاريع ذات الطبيعة الاستراتيجية والأوراش الكبرى التي كانت من خلفها وبجانبها الإرادة الملكية والرؤية الملكية، لكن تحدث أخطاء في التنفيذ تظهر المعدن السياسي لمن يدبر الشأن العام، الاتهامات المتبادلة بين وزير في حكومة مع الحكومة ..؟؟
الاتحاد الاشتراكي ابتعد عن هذا التنابز وكان محقا في توجهه هذا ، وجلالة الملك تدخل وذهب إلى جوهر المشكل، لابد من دعم الفلاحة المعيشية ودعم الفلاح الصغير، بدل تضييع العملة الصعبة وإخراجها من البلاد لتعبئة جيوب الفلاح الروماني والإسباني ..بنفس النبرة الناقدة استكمل الكاتب الأول مرافعته السياسية في هذا الاتجاه الذي تركه حصريا لحكومة «الاختلاف الحاكم» ..عفوا..الائتلاف..
هذا هو خلافنا معهم في الاستراتيجية وفي التصريف، ولن ندخر جهدا في تفعيل دورنا الرقابي وحرصنا على وصول الدعم المحسوب بملايير الدراهم إلى الفلاح المغربي الصغير..يختم القائد الاتحادي .
تكريم واعتراف
مؤتمر موكادور التفت إلى كل من أسدى خدمة نضالية أو ناصر الفكرة التقدمية للاتحاد الاشتراكي في الجبال الوعرة والمعزولة والجغرافيا الصعبة التي يضمها إقليم الصويرة، مناضلون أوفياء ومسؤولون اتحاديون تعاقبوا على خدمة الشأن العام، كرمتهم اللجنة التحضيرية التي قاد أعمالها سي محمد أقريش الحاضر دوما وأبدا في التنظيم الحزبي هناك من زمن الحاج البوكسور وجيل السبعينيات، والتي كانت كلمتها جامعة لما تحقق وأنجز للوصول لمحطة المؤتمر عبر تكاثف جهود ونيات الاتحاديات والاتحاديين بالمنطقة، يقودهم رجل هادئ يعرف ما يريد وإلى ماذا يريد أن يصل ..الكاتب الإقليمي محمد ملال وعضو المكتب السياسي، ترجل من مسؤولية تسيير الحزب إقليميا ..لكن المؤتمر أعاده بالإجماع وأصر نفس المؤتمر على انتخابه من جديد كاتبا إقليميا للمرحلة القادمة …
هذا ما أفرزه التصويت في انتظار عرض تشكيلة الكتابة الإقليمية المتوافق حولها على تصديق القيادة السياسية للبدء في الاشتغال .
أجندة الاستحقاقات بدأت تضيق زمنيا، والحزب يجب أن يكون في أتم جاهزيته، ليواصل الحفاظ على مكتسباته في المؤسسات التمثيلية وأعلى الأصوات التي تحصل عليها في الانتخابات الأخيرة .
محطة تنظيمية ناجحة أنجزها اتحاديو الصويرة، بنضج وحكمة وتغليب روح المصلحة العامة، فهم من جعلوا شعار مؤتمرهم يدافع عن عدالة مجالية وتنمية مستديمة ..دفاعا عن ردم كل الفوارق المريعة ومؤشرات الفقر المرتفعة ومنسوب البطالة المقلق الذي يؤطر مجالات الإقليم والمدينة .