في المؤتمر الإقليمي الرابع بإفران .. سعيد بعزيز: الجمع بين المال والسلطة بات يشكل تهديدًا واضحًا للاستقرار ويقوض أسس النزاهة والمساواة

قال سعيد بعزيز، عضو المكتب السياسي: ” بعد مرور أربع سنوات على تشكيل الحكومة الحالية، أصبح من حق الرأي العام تقييم أدائها بموضوعية ومسؤولية. فرغم توفر الإمكانيات وتعدد المبادرات الملكية ذات الطابع الاستراتيجي، لا تزال الحلول غائبة، والنتائج بعيدة كل البعد عن تطلعات المواطنات والمواطنين”.
وأضاف سعيد بعزيز في ترأسه المؤتمر الإقليمي الرابع بإفران، يوم الجمعة الماضي، تحت شعار: “وفاء للتاريخ وانخراط في الحاضر من أجل مستقبل واعد”، ” جلالة الملك أطلق عدة أوراش كبرى، على رأسها ورش الحماية الاجتماعية، ومشاريع النجاعة الطاقية، وبرامج الماء ومكافحة آثار الجفاف، وهي أوراش غير مسبوقة من حيث الأهمية والدعم. غير أن الحكومة، ورغم هذا الزخم والإمكانات المتاحة، فشلت في التنزيل الفعلي لهذه المشاريع على أرض الواقع، مما يُثير الكثير من علامات الاستفهام حول مدى كفاءتها وقدرتها على الاستجابة لانتظارات الشارع “.
وأضاف عضو المكتب السياسي، ” نعود إلى تجربة حكومة التناوب، التي انطلقت من لا شيء، لكنها أبدعت في كل شيء: من إطلاق التغطية الصحية، إلى نظام “الراميد”، مرورًا بتحقيق خطوات متقدمة في تسيير الشأن العام بمهنية وواقعية. أما اليوم، فالحكومة الحالية، رغم توفرها على كل المقومات، لم تُسفر سياساتها إلا عن مزيد من التقهقر في المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية. وإن كانت حكومة التناوب واجهت التحديات بصبر وكفاءة، فإن هذه الحكومة لو وُضعت في نفس الظروف، لكانت النتائج كارثية “.
الاتحاد الاشتراكي، يقول سعيد بعزيز، الذي أثبت عبر التاريخ قدرته على الإبداع والتنفيذ، يظل الأحق بقيادة ورش الحماية الاجتماعية، لما يتمتع به من مرجعية اشتراكية ديمقراطية تضع الملف الاجتماعي في صلب أولوياتها.
وفي الوقت الذي تصدر فيه تهديدات من الحزب الأغلبي مفادها أن توقف الحكومة يعني توقف الإصلاح، فإن الواقع يشي بالعكس تمامًا: استمرار الحكومة الحالية يعني استمرار التدهور، واتساع رقعة الفقر، وتنامي البطالة. فأين هو “المليون منصب شغل” الذي وعدت به الحكومة؟ ولماذا تجاوز معدل البطالة 13%؟ الحقيقة أن الملفات الاجتماعية لا يمكن أن تدار إلا بعقلية اشتراكية ديمقراطية مؤمنة بالعدالة الاجتماعية، لا بالمقاربات التقنية الجافة.
كما أن الجمع بين المال والسلطة بات يشكل تهديدًا واضحًا للاستقرار، ويقوض أسس النزاهة والمساواة. فالحكومة الحالية تركّز على سنّ تشريعات وصياغة سياسات تخدم مصالح ضيقة، دون مراعاة للمصلحة العامة أو لصوت الشارع.
ولم تقتصر تداعيات هذا الأداء على المستوى الاجتماعي فقط، بل طالت كذلك صورة المؤسسات المنتخبة وثقة المواطنين فيها. فالأغلبية المريحة في البرلمان، والتي تضم 292 نائبًا، تقابلها معارضة بـ103 نواب فقط، لكن المفارقة أن الحضور في الجلسات التشريعية لا يتجاوز 70 نائبًا من الأغلبية، ما يعكس تغولًا سياسيًا أدى إلى غياب ممنهج يفرغ العمل البرلماني من محتواه.
لذلك، نعيد التأكيد أن وجود الحزب الثاني في موقع المعارضة هو الضمانة الحقيقية لتوازن ديمقراطي وعددي داخل البرلمان، ولتفعيل الرقابة الحقيقية على العمل الحكومي. أما المشهد البرلماني الحالي، فليس سوى نتيجة مباشرة لهذا التغول، الذي أفقد المؤسسات التشريعية جزءًا كبيرًا من هيبتها.
من جهته قدم المنسق عبد الحفيظ وخيام، كلمة باسم الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإقليم إفران، جاء فيها : ” لقد جسد حزبنا، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، منذ نشأته، كسليل حركة التحرير الوطني من أجل استقلال المغرب ضمير الوطن وصوت الفئات الشعبية، ركيزة أساسية في مرحلة ما بعد الاستقلال، تسعى لتحقيق أحلام وطموحات القوات الشعبية في بناء دولة قانونية وديمقراطية تتسع للجميع. كان ولازال المدافع الشرس عن العدالة الاجتماعية، والكرامة، والمساواة والديمقراطية الحقة، كان ولازال حاملا لمشعل بناء الدولة الاجتماعية الحقة. هادفا ارساء ديمقراطية الدولة والمجتمع، وترسيخ قيم الحداثة الفكرية والسياسية كالمواطنة واحترام التعدد، والعمل على وحدة الوطن وسيادته”.
وأضاف : ” لقد راكم حزبنا تاريخاً حافلاً بالمواقف النضالية الجريئة، في سبيل بناء دولة الحق والقانون، وإرساء دعائم الديمقراطية الحقيقية، والتصدي لكل محاولات التراجع عن المكتسبات التي تم تحقيقها. إننا نؤمن بأن الحريات والديمقراطية والكرامة هي قيم غير قابلة للتجزئة أو المساومة، وأن مستقبل المغرب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى تعميق هذه القيم في ممارسة حياتنا السياسية والاجتماعية.
ينعقد مؤتمرنا الإقليمي هذا في ظل سياق عربي ودولي يواصل فيها الكيان الصهيوني حربه على الإنسانية من خلال استباحة الدماء الفلسطينية وتجويع إخواننا في غزة. وإذ نؤكد على مواقف حزبنا الثابتة، المتضامن مع الشعب الفلسطيني في كل المحطات المفصلية، نؤكد أننا كنا وسنبقى صوتًا مناصرًا وداعمًا لنضال الشعب الفلسطيني، منددين بجرائم الصهيونية وداعميها.”
وأكد المنسق الإقليمي على أن المؤتمر ينعقد هذا في ظل سياق وطني دقيق، موسوم بالعديد من التحولات إننا نشهد اليوم تمركزاً متزايداً للسلطة داخل الأغلبية الحكومية، على المستوى المركزي والترابي، وهيمنة لخطاب شعبوي يختزل الممارسة السياسية في تسويق الأوهام، بدل طرح حلول واقعية لمعضلات البطالة، والصحة، والتعليم، وغلاء المعيشة الذي يثقل كاهل الطبقات الوسطى والهشة. ولسنا في هذا الإقليم وهذه الجماعة الترابية ببعيدين عن هذا المشهد. إننا نرفض منطق التغول الاقتصادي الذي يرافقه تغول سياسي يخدم أجندات رأس المال ويتجاهل صوت المجال والساكنة.
وفي إقليم إفران، تزداد هذه التحديات تعقيداً. فبالرغم من المؤهلات الطبيعية والبشرية الهائلة التي يزخر بها إقليمنا الجبلي والقروي، فإن ما يعانيه من تهميش مزمن وتدبير ارتجالي وتكالب وتحالف رأسمال نتن وسلطة مالية واقتصادية فاسدة يفاقم من الآثار المترتبة عن تغير المناخ وتراجع التساقطات المطرية والثلجية.
إن التناغم بين سلطة المال وسلطة السياسية رهان خاطئ يرجع إقليمنا سنوات إلى الخلف على طريق تعزيز الديمقراطية ووضع أسس تنمية حقيقية. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، لقد أصبح رئيس جماعة أزرو يُمعن، في مُمارسات سلطوية واستفزازية، من خلال تجاهله الممنهج لتدخلات ممثلي الساكنة في المجلس، ورفضه تقديم التوضيحات الضرورية، في خرق سافر لأخلاقيات الحوار والتدبير الجماعي، وتكريسًا لمنطق التحكم والانفراد بالقرار. إن التقهقر الذي تعرفه الجماعة على مستوى العديد من الأصعدة هو نتاج الاسقاط الفعلى للتغول الحكومي على المستوى الترابي.
كما رصدنا، في الكتابة الإقليمية، وبكل أسف، تراجعاً واضحاً في الخدمات الجماعية بإقليمنا، من نظافة، وصيانة، وتهيئة، إلى غياب مشاريع تنموية ملموسة، ما أدى إلى انهيار ثقة المواطنين في المؤسسات. لقد تابعتم معنا، كيف أصبحت أشغال المجلس الجماعي لمدينة آزرو تشهد انزلاقات متكررة، وممارسات سلطوية وإقصائية تمس بجوهر العمل المؤسساتي والديمقراطي. إننا نرفض هذا النهج التسلطي.
لقد وقفنا في العديد من المناسبات، ككتابة إقليمية، على عمق معاناة الطبقات الشعبية بهذا الإقليم، وما معاناة الفلاحين، جراء تداعيات جائحة كورونا وما بعدها، التي أثرت على تسويق المنتوجات الفلاحية، أو كنتيجة للتغيرات المناخية التي تتسبب في خسائر فادحة، مثل الجفاف وندرة المياه وتراجع الفرشات المائية وفقدان العديد من المناطق الرطبة ذات الأهمية الدولية أوالعواصف الرعدية والبرد أو التغاضي المستنزف لغابات الأرز من طرف مافيات القطع العشوائي. لقد طالبنا، ولا نزال ، بتقديم إعانات آنية للفلاحين الصغار، وتوفير آليات رصد استباقي للعواصف، وبتوسيع ورفع نسبة دعم الفلاحين، ومنهم مربو المواشي، المتضررين من الجفاف والكوارث المناخية وفقدان الموارد الكلائية، وإعادة النظر في شروط الاستفادة من صناديق الكوارث الطبيعية لتشمل كل المتغيرات المناخية.
إن القرارات الأخيرة ذات الصلة بتدبير المجال الغابوي وتقليص التواجد الفعلي للغابويين بهذه المنظومات الحيوية لا يمكن أن يكون إلا ذا عواقب سلبية، ولا نستطيع تصور إقليم إفران، ولا الأطلس المتوسط، دون تلك الغابات : إنها رئتنا التي نتنفس بها وخزاننا المدر للأمطار والثلوج وحامي تنوعنا البيولوجي ودعامة ثراتنا الثقافي ومصد رزق العديد منا، فهي عنوان هويتنا وبوصلة تعايشنا مع هذه المنظومات منذ قرون والصائنة لها.
إن هذا الوضع، يؤكد ما نؤمن به كحزب اشتراكي ديمقراطي: أن التنمية الحقيقية يجب أن تكون عادلة ومستدامة، لا تستنزف الماء، ولا تقصي صغار المنتجين، ولا تهمل مناطقنا الجبلية. إننا ندعو إلى تحول بيئي عادل، يضمن التوازن بين الإنسان والطبيعة، ويؤسس لاقتصاد أخضر محلي تضامني، يُشرك المجتمعات المحلية كمصدر للحلول لا كهدف للسيطرة. إن الحق في الماء، والحق في الصحة، والحق في بيئة سليمة، والحق في الغذاء السيادي، هي صميم نضالنا.
أيها المناضلات والمناضلون، إن المعركة اليوم هي من أجل الوطن، ومن أجل المجتمع، ومن أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. نحن في حاجة لفعل يتجاوز الكلمات، لتعبئة ميدانية موازية للفعل التنظيمي والعمل على مستوى المؤسسات، يجب أن نكون في مستوى اللحظة ونستحضر الأدوار الملقاة على عاتقنا بإغناء الفعل استعدادًا لمؤتمرنا الوطني الثاني عشر الذي نحسبه مفصليا في سياق بناء الأداة الحزبية التي نحن في حاجة إليها والتعبئة والجماهيرية، استعدادا لاستحقاقات 2026 الحاسمة. إن انخراطنا الفعلي، على المستويات المحلية والجهوية والوطنية كفيل بوضع حد للتغول، ويجب أن يكون هذا هو الهدف والمعيار الحقيقي لقياس فعالية التعبئة وعمق الانخراط ونضج البديل من أجل إرساء أسس الدولة الاجتماعية الحقيقية كما نراها.
إن انعقاد هذا المؤتمر يمثل فرصة لإعادة ترتيب البيت الداخلي إقليميا، وتجديد هياكل الحزب، وضخ دماء جديدة قادرة على رفع التحديات، والانفتاح على الشباب والنساء والطاقات العلمية والمهنية والجمعوية. علينا أن نعمل على تقييم الوضع التنظيمي، وبلورة تصور عملي للعمل الحزبي في الوسطين القروي والحضري بالإقليم، وإعداد خريطة طريق للتعبئة والتكوين والهيكلة حتى نكون إقليميا في مستوى ما ينتظرنا من فعل نضالي ميداني والسياسي في المرحلة المقبلة لمواجهة أنصار التغول محليا، خصوم الممارسة الديموقراطية الحقة.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو بيت مفتوح وحق مشاع لكل المغاربة المؤمنين بقيم الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية. فلنجعل من هذا المؤتمر محطة قوية للانطلاق نحو تفعيل برنامجنا الطموح من أجل إقليم إفران، من خلال تفعيل آليات الحكامة الترابية وإشراك المواطنين، ودعم الاقتصاد التضامني وتوفير فرص الشغل، وتثمين المنتوجات المحلية.
سيبقى حزبنا إقليميا و محليا، مثلما كان ولازال، بناء مرصوصا في سبيل الدفاع عن حوزة الوطن ووحدته الترابية، وتكريس الأمن والاستقرار.
وإننا في مؤتمرنا هذا إذ نحمل أخانا سعيد بعزيز، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، تحية تقدير عالية للفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية على المواقف التي يعبر عنها وللقيادة الحزبية نجدد الإلتزام بأننا سنبقى أوفياء لنفس المبادئ والمرجعية التي نجدد تقاسمها في كل محطاتنا النضالية.
ونحن على مسافة أيام قليلة من مناسبة وطنية عظيمة، تتقد فيها جذوة الوطنية الصادقة وتتجدد فيها أواصر المحبة والولاء الخالص؛ مناسبة كانت ولازالت منارًا ساطعًا لتأكيد الارتباط الوثيق والعميق بالوطن في وحدته الترابية الكاملة غير القابلة للتصرف، من طنجة الأبية إلى الكويرة الساحرة.
إنها لحظة تتعزز فيها عرى التلاحم بين العرش والشعب، نستحضر بكل فخر واعتزاز شهداء الوطن، الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل صون كرامته وعزته. ونؤكد، نحن الأجيال الحاضرة، عزمنا الراسخ والتزامنا المطلق بالمضي قدمًا على درب التنمية والازدهار.
وإلى قواتنا المسلحة الملكية الباسلة وقائدها الأعلى، ودركنا الملكي، وقواتنا المساعدة، والأمن الوطني، والوقاية المدنية، المرابطة على تخوم الوطن وفي كل شبر من ترابه، نرفع تحية إجلال وتقدير على بسالتهم وتضحياتهم الجسيمة. فبفضل اليقظة والتفاني المشهود لهم بها، ننعم نحن بالأمن والاستقرار. أنتم الدرع الواقي والسياج المنيع الذي يصون سيادة المغرب ويحمي وحدته الترابية.
لقد كان الاتحاديون ولازالوا على أتم الاستعداد لتقديم كل التضحيات، مهما عظمت، في سبيل الذود عن حـوزة الوطن، وحماية مقدساته، وصيانة وحدته الترابية.

 

**************

انتخاب عبد الحفيظ وخيام كاتبا اقليميا للحزب

 

 

انتخاب عتيقة افركنيس رئيسة المجلس الاقليمي


الكاتب : أزرو : ميلود القرقوري

  

بتاريخ : 29/07/2025