عبد الرحيم شهيد: بلادنا اليوم في حاجة إلى الاتحاد الاشتراكي، في حاجة إلى هذه الفكرة العقلانية الوسطية المعتدلة، و… العاقلة
عبد الحميد جماهري: تشرفت المدينة بتمثيلها من طرف القائد عبد الرحيم بوعبيد الذي أنصفه التاريخ أربع مرات في قضية الصحراء
شهد مسرح عبد الرحيم بوعبيد حدثا تنظيميا متميزا بعقد المؤتمر الإقليمي الرابع بالمحمدية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مساء السبت الماضي، حيث عكس حضورا قويا لجيل المؤسسين بالإقليم، من أسماء الأوائل الذين حملوا مشعل البناء التنظيمي، أمثال الحسن مزواري، مولاي الحسن باجدي، محمد أغليظوا، ومحمد حميمش.
كما حضر المؤتمر الطيف السياسي من الأحزاب المعارضة والأغلبية، إضافة إلى مسؤولي النقابات بالإقليم، من بينهم الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد المغربي للشغل. كما حضر محمد محب، عضو المكتب السياسي، وأعضاء الكتابات الإقليمية بالجهة.
وأكد عبد الرحيم شهيد، عضو المكتب السياسي ورئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب المعارضة الاتحادية في كلمة افتتاح المؤتمر الإقليمي الرابع بالمحمدية على الزخم الكبير والرجة التي يحدثها الحزب، حيث وصل عدد الأقاليم التي عقدت بها مؤتمراته الإقليمية إلى 56 إقليما وعلينا أن نفتخر كاتحاديين واتحاديات بهذه الحركية.
وقال شهيد في هذا الصدد: ” خلال ثلاثة أشهر، لم تهدأ هذه الدينامية الاتحادية المتحركة إلى كل الاتجاهات، من الشمال إلى الجنوب. قبل أسبوع كان الكاتب الأول بمدينة العيون، وبعد أسبوع من الآن سيكون بالداخلة. قبل ثلاثة أسابيع كانت هناك قافلة في مدن الشمال، وقبل شهر كنا مع الكاتب الأول في مدن درعة-تافيلالت: الراشدية، ورزازات، زاكورة وتنغير، ثم في كل أقاليم الوسط، الغرب، دكالة والحوز. وفي الأسبوع المقبل ستكون الجولة في أزيلال والفقيه بن صالح. “.
وأضاف رئيس الفريق: ” هذا الزخم ليس رغبة أو ترفا تنظيميا، وإنما مناسبة للقاء مع المواطنين والمواطنات في كل أنحاء المغرب، وللنقاش في كل القضايا التي تهم شعبنا “.
وسجل أن انعقاد المؤتمر الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمحمدية لم يكن حدثا تنظيميا عاديا، بل محطة عكست حجم الدينامية التي يعيشها الحزب على امتداد التراب الوطني. فقد وصل عدد المؤتمرات الإقليمية المنظمة إلى 56 مؤتمرا في ظرف زمني وجيز لا يتعدى ثلاثة أشهر، ما جعل قيادة الحزب تتحدث عن “زخم غير مسبوق” يعيد الثقة إلى جماهير الاتحاد.
هذا الزخم التنظيمي، يقول شهيد، هو دينامية ميدانية ورسائل سياسية يبعثها حزب القوات الشعبية حيث تراوح الحضور الجماهيري ما بين 400 و3000 مشارك في مختلف الأقاليم، اعتُبر مؤشرًا على “معانقة جديدة للحزب”، بعد سنوات من الفتور، وهنا يقرأ المتتبعون هذه الدينامية باعتبارها محاولة لإعادة تموقع الاتحاد الاشتراكي في المشهد السياسي استعدادًا للانتخابات المقبلة.
وأكد أن بلادنا اليوم في حاجة إلى الاتحاد الاشتراكي، في حاجة إلى هذه الفكرة العقلانية الوسطية المعتدلة ولكن العاقلة، التي تقول نعم حين يجب أن تقول نعم، وتقول لا حين يجب أن تقول لا، هذا الحزب الذي رفع شعاره دائما، الوطن أولا ولا شيء يعلو فوق صوت الوطن وكلمة لا وكلمة نعم رهينة بمصلحة هذا الوطن.
وعرج عبد الرحيم شهيد على القضية الفلسطينية، وقال:
“مؤتمركم يعقد في سياق دولي تعرفونه جميعا وتتابعونه يوميا، وعلى رأسه قضية الشعب الفلسطيني. اليوم يعرف العالم، طيلة السنة، أحد أكبر المجازر في التاريخ، وعلى مرأى الجميع. كل المجازر التي عرفها التاريخ كان العالم يعرف بها بعد مرور سنوات أو أشهر، أما اليوم فالمجزرة يُتابعها العالم دقيقة بدقيقة، وثانية بثانية. هذه المجازر ضد الإنسانية، وللأسف تجعل المواطنين البسطاء في كل الوطن العربي يشكون في كل المواثيق الدولية، لأنهم يرون أنها تُطبق بمكيالين، إذ تعطي القوة القدرة على فعل ما تريد بدون أي تدخل. من هنا، يبقى صوت الاتحاد الاشتراكي دائما مع الشعب الفلسطيني إلى قيام دولته المستقلة، ويدين بكل الأشكال العدوان الغاشم الذي يقتل الأطفال والنساء يوميا. هذه المجزرة والإبادة يجب أن تتوقف.”
في ما يتعلق بالقضية الوطنية، توقف رئيس الفريق عند النجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب، لاسيما فتح قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، ودعا إلى الانتقال من مرحلة الدفاع عن الحكم الذاتي في المنتظم الدولي، إلى مرحلة تفعيله داخل الوطن، وقال: “آن الأوان أن ننتقل من مرحلة طرح الحكم الذاتي كوثيقة إلى مرحلة التفعيل، فهذا النموذج الجديد يستحق أن نمضي فيه بعز وافتخار.”
هذا الطرح يعكس رغبة الحزب في دفع النقاش السياسي الوطني إلى الأمام، وتقديم حلول ملموسة بدل الاكتفاء بالمرافعة الدبلوماسية.
وبخصوص الانتخابات المقبلة، أشار عبد الرحيم شهيد إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تقدم بمذكرة تتضمن 77 مقترحًا لتخليق الحياة السياسية، لكنه حذّر من تغوّل المال في العملية الانتخابية، قائلاً:
“العدو الكبير اليوم هو المال المتغول، نرى برلمانًا أصبح ملحقة للحكومة، ونخبة انتخابية تُصنع بالامتيازات والدعم، “ما يعكس قلق الحزب من “إفساد التنافسية السياسية” عبر آليات الدعم والزبونية، ما قد يعيد إنتاج خريطة انتخابية متحكم فيها من طرف ثلاثية الأحزاب الحاكمة.
وما نلاحظه الآن، يقول شهيد، هو أن البرلمان أصبح ملحقا بالحكومة. قبل أيامٍ، أسقطت المحكمة الدستورية المسطرة المدنية، وأن ثلثي القوانين التي مرّت من البرلمان لو عُرضت على المحكمة الدستورية لسقطت، لأن الحكومة تقتل كل نقاش داخل البرلمان. كما تصنع نخبة تتحكم في الانتخابات عن طريق دعم الحبوب والزيوت وجميع أنواع الدعم للتجارة والسياحة، وتكوّن لوبيات جاهزة للانتخابات، فأصبحت آلةً مدمرةً في العملية الانتخابية. ويجب على بلادنا وضع آليات لمواجهة الفساد الانتخابي، وإذا لم تفعل فستبقى «دار لقمان» على حالها، والعمل السياسي يجب أن يكون أكثر نبلاً، وإذا استمرينا على نفس الوتيرة الحالية، حيث تحكم ثلاث أحزاب فقط، فسنكون في خطر بسبب قوة المال والإدارة، وقال أيضًا: “هناك 22 إقليما لها دائرتان، وقوى الواقع التي تنافس عليها هي ثلاث أحزاب المشكلة للحكومة. أما 26 إقليما التي بها ثلاث دوائر فأكثر، فيفوز بأكثر من نصفها نفس الأحزاب الثلاثة. ويجب النظر في التقطيع الانتخابي لأنه يهدد الخريطة السياسية في بلادنا. وإذا أُجري التقطيع بشكل جيد، فسيُقزم تأثير الأحزاب المتحكمة، ويمنحنا تنافسية حقيقية داخل البرلمان.”.
وأضاف: “على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، عرفنا أسوأ تجربة، إذ شهدنا تنكرا للقيم في بلادنا، بما فيها حقوق الإنسان، وقمعا ناعما يمس جيوب المغاربة، من خلال ارتفاع الأسعار والقضاء على الطبقة المتوسطة التي اكتوت بها. وقدرنا في الاتحاد الاشتراكي أن نواجه هذا التغول في هذه الولاية والولايات الأخرى، ويجب علينا جميعا أن نتحمل مسؤوليتنا. ومحطات مؤتمراتنا هي لتوجيه رسالة واضحة لهم: لا وكفى.”. وفي الختام، أشار في كلمته إلى انعقاد المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب، وقال:
“المؤتمر الإقليمي بالمحمدية يأتي على بعد ثلاثة أسابيع من المؤتمر الوطني الثاني عشر، الذي من المتوقع أن يشكل منعطفًا جديدًا في مسار الحزب. قيادة الاتحاد تصفه بأنه انطلاقة جديدة تُبنى على هدوء داخلي وطموحات سياسية كبيرة، في أفق الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة.”
وفي كلمته قال عبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي: ” هنا في معلمة مسرح عبد الرحيم بوعبيد، الذي يخلد اسم فقيدنا الكبير وقائدنا، وصانع أول نموذج تنموي في البلاد، على قاعدة الاستقلال الاقتصادي والسياسي. هنا في هذه المعلمة التي بصم بها الاتحاد الاشتراكي مساره في التدبير الجماعي تعبيرا منه عن صدق انتمائه الوطني وصدق انحيازه للقضايا الشعبية . هنا حيث تحيطنا الأرواح الطاهرة لقادة اتحاديين واتحاديات، أبلوا البلاد الحسن خدمة لهذه المدينة والإقليم”. متحدثا
عن الراحل عبد الرحيم بوعبيد، الذي تفتخر مدينة المحمدية الذي كان ممثلها في البرلمان سنة 1984، الذي أنصفه التاريخ عن الصحراء المغربية، أربع مرات، وهي الاستفتاء والحكم الذاتي والنظارات واللجنة الرابعة.
وختم عبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، كلمته أمام المؤتمر الإقليمي الرابع بالمحمدية بالإشارة إلى المناضلين الذين غادرونا في الآونة الأخيرة، وهم الإخوة سعيد فاخي، الحاج علي بن بلا، وإبراهيم إيكمان. وقال:
“للذين غادرونا وهم في أروع صور الصمود والبساطة والوفاء، كلهم منذ بداية النضال السياسي وحتى نهايته، التي لن تتحقق إلا بقيام مجتمع العدالة الاجتماعية والديمقراطية والاستقلال الوطني الكامل.” وأضاف عضو المكتب السياسي أن بلادنا تعيش مرحلة فارقة، تتسم بالسعي نحو نموذج مغربي أصيل للسيادة، ومدينة المحمدية جزء منه. هذه مرحلة التأهيل الترابي التي تمنح المدينة هوية مجددة لتستعيد دورها في دينامية التصنيع، التي أصبحت خيارًا استراتيجيًا.
**********
عزيز بيض،كاتبا اقليميا
محمد اكيام رييس المجلس الاقليمي للحزب