انتقد المهدي مزواري، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،بشدة، الحكومة الحالية لفشلها في تحقيق كافة الوعود التي سبق أن قطعتها على نفسها وأعطتها للمغاربة في الانتخابات الأخيرة وأعلنت عنها في برنامجها الانتخابي.
وأكد مزواري في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع لحزب الاتحاد الاشتراكي بإقليم تيزنيت، الذي انعقد يوم الجمعة27يونيو2025،تحت شعار :»لا استدامة تنموية بدون ديمقراطية حقيقية»، أن حزب الاتحاد الاشتراكي كان دوما ولايزال يكن تقديرا كبيرا لجهة سوس ماسة لكونها تعد لديه محطة أساسية وقلعة نضالية صامدة بفضل تضحيات رجالاتها الكبار من مقاومين ومناضلين ممن بذلوا تضحيات جسيمة لفائدة الوطن أولا وللحزب ثانيا.
وقال عضو المكتب السياسي إن الاتحاد الاشتراكي ظل وفيا لمبادئه التي من أجلها أنشئ منذ 61 سنة مرت على تأسيسه، وظل يدافع عن الوطن ويترافع عن هموم الشعب المغربي ويناضل من أجل قضاياه الأساسية التي تشغل باله.
كما ظل وفيا لشعاراته وبرامجه التي لا تخدم إلا مصلحة الوطن والمواطنين بخلاف بعض الأوبئة السياسية التي لم تساهم للأسف إلا في تمييع المشهد السياسي ودفع المواطنين مستقبلا إلى العزوف عن المشاركة السياسية ببلادنا.
ورغم هذا المشهد، وبروز أحزاب ميّعت العمل الحزبي والسياسي، ظل حزبنا، يقول المهدي مزواري، كغيره من الأحزاب التي ولدت من رحم المجتمع، وفيا لمبادئه وبقي نقطة مضيئة في المشهد السياسي ببلادنا فكرا ومبدأ ووضوحا.
وظل حزبا مختلفا في أفكاره ورؤاه ونجاعته في تدبيره للشأن المحلي أو الجهوي سواء في الجماعات الترابية أو مجالس الأقاليم أو الجهات وداخل قبة البرلمان بغرفتيه.
وأعطى عضو المكتب السياسي مثالا حيا عن دفاع الاتحاد الاشتراكي عن قضايا المواطنين والمواطنين ونقل مشاغلهم ومتطلباتهم إلى الجهات المعنية باتحاديي إقليم تيزنيت سواء في ترافعهم عن الإقليم في الجماعات الترابية أو المجلس الإقليمي أو داخل قبة البرلمان، مشيرا إلى أن الأحزاب المشكلة للحكومة المغربية مسؤولة أمام المغاربة في كل الإخفاقات والتراجعات التي كانت السبب اليوم في غلاء الأسعار سواء في المواد الأساسية أو أثمنة المحروقات، وكانت السبب في ارتفاع البطالة نتيجة فقدان الشغل، وهذا ما تسبب أيضا في ارتفاع مؤشر الفقر، مما كانت له تداعيات سلبية على ضعف القدرة الشرائية لدى الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وفي المقابل عرف المغرب مؤشرات خطيرة من قبيل ارتفاع مؤشر الفساد المالي وانتشار ثقافة الريع والرشوة في كل القطاعات، ولهذا فما يهدد البلاد هو انتشار الفساد من جهة وتغوّل بعض الأحزاب المشكلة للحكومة من جهة ثانية.
وفضح مزواري الحكومة لكونها تبنت شعار”الدولة الاجتماعية” في الوقت سجلت المؤشرات أرقاما مخيفة حيث تدنت القدرة الشرائية لمعظم المغاربة الذين لم يستطيعوا ماديا مواكبة الارتفاع الصاروخي للأسعار، بسبب عدم التزام الحكومة بالزيادة في الأجور، كما وعدت المغاربة بذلك وخاصة بالنسبة للطبقتين الفقيرة والمتوسطة، موضحا أن السياسة الحالية المتبعة لدى الحكومة قد خلقت هوة عميقة وفجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء لكونها ساهمت في بروز”أغنياء الدولة الاجتماعية»المستفيدين طبعا من الريع حتى ولو كان على حساب صحة المواطن وتعليمه وعيشه اليومي.
وأضحت الحكومة بهذه السياسة، يقول المتحدث، حكومة رجال الأعمال وليست حكومة الكفاءات كما تتبجح بذلك في كل اللقاءات والتجمعات والندوات الصحفية التي تعقدها.
ومن جانب آخر انتقد عضو المكتب السياسي سياسة الحكومة التي تفتقر إلى النجاعة والحكامة بحيث ظلت رهينة منطق التوازنات مما أغرق البلاد في المديونية والاستدانة للصندوق الدولي والبنك العالمي بسبب غياب تصورات حقيقية في تدبير التظاهرات الرياضية القارية والعالمية التي ستنظمها بلادنا.
وشدد على أن الحكومة أخلت بالتزاماتها ولم تف بوعودها التي قطعتها للمواطنين في الانتخابات الأخيرة في ما يتعلق أساسا بالزيادة في نسبة النمو، وخلق مناصب الشغل ومحاربة البطالة والإصلاح المؤسساتي ومواجهة التهرب الضريبي.
كما فشلت الحكومة في القيام بإصلاحات جوهرية في قطاعات الصحة والتعليم والدعم الاجتماعي، وهي إصلاحات كان من شأنها إحداث تغيير إيجابي في مستوى عيش المواطن المغربي البسيط وتعزيز رفاهه الاجتماعي.
وختم المهدي مزواري كلمته بتأكيده على الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسة الملكية فيما يخص قضيتنا الوطنية على المستوى الدبلوماسي ودورها البارز في خلق أوراش وطنية كبرى هدفها الأساس الارتقاء بالاقتصاد الوطني وتطوير المبادلات التجارية وتسويق المنتوج المغربي في كل الأسواق العالمية وتنمية خزينة الدولة، منوها أيضا بالمجهودات الكبيرة التي يقوم بها الاتحاديون بإقليم تيزنيت للارتقاء بتدبير الشأن الجماعي إلى المستوى المطلوب ونهج سياسة القرب من المواطن قوامها الاستجابة لحاجياته ومتطلباته.
ومن جهته، بيّن الكاتب الجهوي لجهة سوس ماسة الحاج الحسن بيقندارن أن الشعار الذي اتخذه المؤتمر يعكس رؤية ثاقبة لارتباط التنمية بالديمقراطية ويرسخ قناعة الحزب بأن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل ديمقراطية تشاركية تعزز حقوق المواطنين وتضمن العدالة الاجتماعية والمجالية وتضع الإنسان في صلب اهتماماتها.
وشدد على أنه بدون ديمقراطية حقيقية تظل التنمية هشة وغير عادلة وغير قادرة على تجاوز الاختلالات البنيوية التي يعاني منها إقليم تيزنيت وجهة سوس ماسة.
وأضاف أن انعقاد هذا المؤتمر يعد محطة تاريخية لكونه يأتي في ظل تحولات عميقة يعيشها المغرب في خضم تحديات تنموية واجتماعية وبيئية تمس إقليم تيزنيت بشكل خاص، مبرزا في كلمته بكون الفوارق المجالية وضعف البنيات التحتية وتدهور الخدمات الأساسية كلها معضلات تستوجب مقاربات جريئة تقوم على الحكامة الجيدة والشفافية والمشاركة المواطنة، وتوخى من هذا المؤتمر تحقيق مجموعة من الأهداف من بينها:
1 – تقييم مسارنا التنظيمي والسياسي بموضوعية ونقد ذاتي.
2 – تجديد هياكلنا الحزبية باختيار قيادة إقليمية قادرة على قيادة التغيير.
3 – بلورة رؤية تنموية متكاملة ترتكز على العدالة الاجتماعية وحقوق الأجيال القادمة.
4 – تعزيز حضور الحزب كفاعل رئيسي في النقاش العمومي وكمحرك للسياسات التنموية العادلة.
5 – وضع برامج عملية تلامس أولويات الساكنة وتضمن مشاركتها الفعلية في صنع القرار.
ومن جانبه اعتبر الكاتب الإقليمي للحزب بلخير مسوس، شعار المؤتمر يتقاطع من حيث الدلالة والرمزية مع تطلعات وطننا في ظل النموذج التنموي الجديد الذي يجعل من ترسيخ الديمقراطية وتعزيز العدالة المجالية رافعتين أساسيتين لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، مؤكدا أن الديمقراطية الحقيقية ليست ترفا سياسيا بل هي شرط لاستدامة تنموية تتحقق فيها:
– مشاركة فعلية للساكنة في صنع القرار الترابي.
– مساءلة حقيقية للمسؤولين على تدبير الشأن العام.
– شفافية في توزيع الاستثمارات العمومية والموارد.
– تمكين المجالس المنتخبة والهيئات المحلية من صلاحيات حقيقية لتدبير المجال الترابي بكفاءة واستقلالية.
وأوضح الكاتب الإقليمي أنه لا يمكن التغاضي عن الطاقات والثروات التي يختزنها هذا الإقليم من مؤهلات فلاحية متميزة وثروات بحرية هائلة وتراث صناعي تقليدي عريق وعلى رأسه الفضة وباقي الصناعات اليدوية الأخرى.
ورغم ذلك، يقول مسوس،تظل وتيرة الاستثمار دون الطموح وغياب العدالة المجالية يجعل المجال القروي بالإقليم يعاني من ضعف البنيات التحتية ونقص مهول في الشغل،ويضع عددا من الجماعات بالإقليم خارج دينامية التنمية، ومن أجل ذلك يؤكد الاتحاد الاشتراكي على ضرورة بلورة مخطط تنموي خاص بالإقليم يكون كفيلا بتأسيس اقتصاد إقليمي قوي تضامني ومستدام.
وركزت كلمة الشبيبة الاتحادية التي ألقاها ياسين بنداود على كون الانتقادات التي يطلقها الحزب داخل المجالس المنتخبة ليست من باب المعارضة فقط، بل كانت من منطلق الغيرة الصادقة على هذه المدينة وهذا الإقليم، معتبرا الوقت قد حان لإعادة الاعتبار للشباب التيزنيتي، والعمل على توفير فضاءات ومساحات حقيقية للمشاركة،بدل مبادرات مناسباتية محدودة الأثر، ولهذا لا يمكن للشبيبة الاتحادية بالإقليم إلا الإشادة ببعض النماذج المضيئة التي تؤكد أن الفعل السياسي الجاد لا يزال ممكنًا. وذكر على سبيل المثال نزهة أباكريم، التي حملت هموم تيزنيت إلى قبة البرلمان بكل التزام وجرأة ووضوح، مدافعة عن قضايا الإقليم وساكنته، كما نوه الكاتب الإقليمي للشبيبة الاتحادية بعمل المستشارين الاتحاديين بالجماعات الترابية بالإقليم.
وثمن عاليا مجهودات الشباب الاتحادي بجماعة تيزنيت،الذين يواجهون بشجاعة تغوّل الحزب المسير الذي يُقصي الأصوات المعارضة ويُجهض كل محاولات الإصلاح، وأكد أن ما يُقلق الاتحاديين أكثر،هو الانحياز الصريح للسلطات الإقليمية التي من المفترض أن تكون ضامنة للحياد والتوازن، لكنها للأسف تُكرّس منطق المحاباة،وتُفرغ المؤسسات من دورها الرقابي والتمثيلي، يقول المتحدث.
ومع ذلك، يضيف بنداود، فإن جميع مستشارينا بالمؤسسات المنتخبة صامدون،لا يُساومون على مبادئهم،بل يواصلون نضالهم من أجل استعادة الفعل الديمقراطي المحلي،مؤمنين بأن التغيير يتحقق بتعبئة القوى الحية داخل المجتمع، ومواجهة كل أشكال الهيمنة والتمييز.
هذا وفي كلمة لها تطرقت نادية أيت بوزيد إلى وضعية المرأة في بإقليم تيزنيت حيث ذكرت أن المرأة بالوسط القروي تحديدا لا تزال تعاني من مظاهر التهميش، ذلك أن أكثر من 90%من النساء خارج سوق الشغل،خصوصا في العالم القروي، فنسبة الأمية في جماعات الإقليم،تقول المتحدثة، تتجاوز50%.، بالإضافة إلى أن الوضع الصحي أصبح هشا بسبب حرمان المرأة من المراكز الصحية بالجماعات القروية النائية وخاصة الجبلية منها وكذا حرمانها من خدمات الولادة وتتبع الحمل، مسجلة غياب برامج اجتماعية لتتبع أوضاع النساء في وضعية إعاقة وغياب التكفل بالنساء ضحايا العنف أوالتمييز.
وسجلت ممثلة القطاع النسائي بالإقليم ضعف التمثيلية النسائية في المجالس المنتخبة المحلية،وهو ما يفرغ آلية الكوطا من بعدها التمكيني الحقيقي، إلا أنه ورغم كل هذه الإكراهات، تضيف نادية أيت بوزيد، برهنت نساء الإقليم عن قدرتهن في التحدي والابتكار، من خلال إحداث عشرات التعاونيات النسائية في مجالات الأركَان والنسيج والمنتوجات المجالية بدعم من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مؤكدة أن حزبنا ناضل من أجل جعل قضية المرأة محورا مركزيا في نضاله السياسي والفكري،لأنه يؤمن بأن «لا ديمقراطية بدون مساواة،ولاعدالة اجتماعية بدون إنصاف المرأة، ولا تنمية مستدامة بدون إطلاق طاقات المرأة ومهاراتها في كل المجالات».
وختمت كلمتها بدعوة كافة الاتحاديين والاتحاديات بالإقليم إلى جعل هذا المؤتمر وقفة جماعية، نجدد فيه التزامنا بقضية المرأة ليس كعنوان ثانوي، بل كمعيار حقيقي لمدى صدقية المشروع الديمقراطي التنموي الذي ننشده.
هذا وعرفت الجلسة الافتتاحية التي تكلف بتقديمها نوح أعراب تكريمات لعدد من المناضلين والمناضلات ممن بصموا بتضحياتهم وأبلوا البلاء الحسن في كل الواجهات النضالية، وبذلوا مجهودات كبيرة من أجل الدفاع على كرامة وحرية ساكنة إقليم تيزنيت وتمكينها من حقوقها الاقتصادية والثقافية ، من بينهم على الخصوص النزهة أباكريم والحسين بن السايح.
أما أشغال المؤتمر الإقليمي الداخلية فقد انطلقت بعرض ومناقشة أوراق الأرضية التي أعدتها اللجنة التحضيرية وعرض التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة عليهما، وانتخاب الكاتب الإقليمي حيث انتخب المؤتمر نوح أعراب كاتبا إقليميا جديدا وكلفه باختيار أعضاء الكتابة الإقليمية الجديدة.
كما ناقش المؤتمرون والمؤتمرات كل القضايا والملفات التي تهم ساكنة إقليم تيزيت محليا وجهويا ووطنيا وتدارسوا الخصاص المهول الذي يعاني منه الإقليم عل المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، من بينها شح الموارد المائية وضعف البنية التحتية والنقص في الخدمات الطبية.
وتناولوا في تدخلاتهم معاناة الساكنة القروية مع الرعي الجائر والبطالة والفقر والتهميش والانقطاع في الكهرباء والإجهاد المائي بالإقليم ومحدودية توسيع شبكة التطهير السائل حيث لم تستفد من هذا المشروع إلا ست جماعات قروية فيما بقيت معظم الجماعات الترابية النائية والجبلية محرومة من هذا المشروع.
وطالب المؤتمرون والمؤتمرات أثناء مناقشة أوراق الأرضية بإحداث مطار بمدينة تيزنيت ونواة جامعية تابعة لجامعة ابن زهر، وتحقيق العدالة المجالية في توزيع الموارد المائية وإحداث منشآت مائية جديدة بالإقليم وإنجاز مشاريع السدود التلية والمتوسطة خاصة على واد أدودو والواد الذي يصب عند مصب كرايزيم بجماعة أربعاء الساحل.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الإقليمي الرابع عرف حضورا وازنا لأعضاء المكتب السياسي مكونا من المهدي مزواري، جمال الصباني وزينب الخياطي، وعضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية أمين فائق.
تكريم
في الجلسة الافتتاحية تم تكريم عدد من المناضلين والمناضلات ممن بصموا بتضحياتهم وأبلوا البلاء الحسن في كل الواجهات النضالية، وبذلوا مجهودات كبيرة من أجل الدفاع على كرامة وحرية ساكنة إقليم تيزنيت وتمكينها من حقوقها الاقتصادية والثقافية، من بينهم على الخصوص النزهة أباكريم والحسين بن السايح.