في المؤتمر الإقليمي بعين الشق .. الكاتب الأول إدريس لشكر: مظاهر البؤس والفوضى والمصالح العقارية في الدار البيضاء أصبحت تستغل للهيمنة على الشأن المحلي

أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، في خطاب صريح تميز بنبرة نقد ذاتي عالية ومسؤولية سياسية واضحة، خلال افتتاحه أشغال المؤتمر الإقليمي السادس لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تحت شعار «لا تنمية ولا ديموقراطية بدون تخليق الحياة السياسية»، مساء السبت 5 يوليوز، أن هذا اللقاء يأتي في سياق دينامية تنظيمية وطنية يشهدها الحزب، خاصة على مستوى جهة الدار البيضاء-سطات، معتبرا أن هذه المحطة تشكل لحظة لتجديد الثقة في المناضلين والمناضلات، وفرصة للاعتراف بمجهوداتهم ونضالاتهم داخل التنظيم، والوقوف عند مكامن الضعف والقوة بغية التحضير للمؤتمر الوطني القادم الذي يجب أن يكون قفزة نوعية تحضر لكل المعارك ولكسب رهان الانتخابات.
وتحدث لشكر بعفوية وصدق عن واقع مدينة عين الشق، التي اعتبرها من الدوائر التاريخية للاتحاد منذ انطلاق الانتخابات في المغرب، مذكرا بقامات اتحادية بصمت على مراحل نضالية مشرفة، قائلا :»أمام هذا الجمع من الوجوه الاتحادية التي خبرت المدينة وكبرت فيها، أستحضر أسماء اتحادية صنعت المجد البرلماني والنضالي للمنطقة، بدءا بمصطفى كنعان وعبد العالي عمور وكرم وناصر… قامات كبيرة هل تذكرونهم اليوم؟ وهل تعرفون من يمثلونكم اليوم؟»
وفي نقد صريح وشفاف، تساءل لشكر عن أسباب التراجع الذي عرفه الحزب في مدينة الدار البيضاء، محملا المسؤولية للاختيارات السياسية الخاطئة، حيث قال: أخطأنا حين قررنا الخروج من المسؤولية ونحن القوة السياسية الأولى بالدار البيضاء، وأفرغنا المدينة لحسابات سياسية بسيطة، مما أفسح المجال أطر لا تملك لا مشروعا ولا رصيدا سياسيا، بل استغلت البؤس والفوضى والمصالح العقارية للهيمنة على الشأن المحلي»، مؤكدا أن هذا المؤتمر يجب ألا يكون مناسبة لتقديم تشخيصات تقنية فقط، بل لحظة لطرح السؤال الحقيقي: «ماذا وقع لنا نحن كاتحاد اشتراكي في الدار البيضاء؟»، وتابع: «كيف قررنا في 2003 الانسحاب من تدبير المدينة، وتركناها لتحالف هجين، هذا هو أصل التراجع، وعلينا أن نتحلى بالشجاعة للنقد الذاتي. العمل الجماعي لا يعني الخروج للمعارضة طواعية، بل الارتباط بالمواطن والميدان والقرب منه، وهذا ما استغله خصومنا.»
لا يمكن الحديث عن انبعاث حزبي دون نقد ذاتي وتجديد حقيقي ولا استحقاقات بدون حضور فعلي في الأحياء.
وأضاف أن هذا التراجع لا يمكن تفسيره فقط بالفساد أو استعمال المال، بل كذلك بغياب النقد الذاتي، داعيا إلى مراجعة عميقة لأسلوب تدبير الحزب في هذه المقاطعة للعلاقة مع المواطن، والرهان على الكفاءات والوجوه الشابة والنسائية، وأن المؤتمر يجب أن يكون نقطة انطلاق لإعادة البناء الحزبي الحقيقي، والفوز بالاستحقاقات المقبلة عبر تجاوز الأنانية، والتواضع والانفتاح على الطاقات الحية، قائلا: «العضوية انطلقت فكم من أحياء لدينا؟ ما حضورنا فيها؟ كيف سنخوض المعارك ونحن غائبون عن هذه الكثافة السكانية.. من الخطأ تحميل الفشل دائما على شماعة الفساد والمال، إن من يهزمنا أحيانا هو صاحب فرن شعبي أو حمام أو مخبزة، أي من عرف كيف يخدم مركب المصالح واستغل بؤس المدينة، بينما جاء التراجع نتيجة هذا الفراغ»، قبل أن يتوقف المتحدث عند مسؤولية من سيتولى تدبير الشأن الحزبي في مقاطعة عين الشق، مؤكدا أن الرهان ليس فقط على الانتخابات المقبلة، بل على إعادة بناء التنظيم من القاعدة.
تغول الأغلبية هدد مكتسبات دستور 2011 واخترنا المعارضة الوطنية المسؤولة

وبنبرة صريحة، أكد لشكر أن التحضير للمؤتمر الوطني في أكتوبر المقبل ينبغي أن يكون نقلة نوعية، قائلا: «يجب أن نفتح الأبواب أمام كل الإرادات الخيرة للمشاركة في التحضير، فالتحولات الجارية في العالم، وتغول الأغلبية الحكومية، كلها عوامل تفرض علينا معارضة مسؤولة وواعية»، مشيرا إلى أن دستور 2011 منح للمعارضة مكانة قوية، لكن الأغلبية الحالية ضيقت الخناق على الديمقراطية والحريات والمكاسب، وأن الاتحاد اختار معارضة وطنية مسؤولة لحماية الاستقرار، خاصة في ظل تهديدات خارجية، آخرها المناورات الجزائرية المتكررة وما حدث في السمارة، معتبرا أن المغرب يتعامل بمسؤولية بالغة لتجنب الانجرار نحو التوترات، في ظل سياقات إقليمية ودولية حساسة، كما حذر المتحدث من جهة أخرى أن يكون التغيير الحاصل على المستوى الدولي الجاري على حساب الشعب الفلسطيني، متسائلا «هل ستكون نتيجة هذه المعاناة خريطة إقليمية جديدة؟» .
رهاننا ليس فقط ربح المقاعد بل أن نبقى تلك العين البصيرة التي تراقب

وختم لشكر كلمته بدعوة صريحة للقيادات والكوادر إلى الارتقاء إلى مستوى اللحظة، قائلا «إن شعار مؤتمركم يؤكد أن لا تنمية ولا ديمقراطية بدون تخليق الحياة السياسية، ولن يكون هناك تحول حقيقي في المشهد الحزبي إلا بالثقة، ورهاننا في 2026 ليس فقط ربح المقاعد، بل أن نبقى تلك العين البصيرة التي تراقب وتقول لا عندما يجب أن تقال، ونعم عندما تقتضي المصلحة العامة ذلك».

المؤتمر التنظيمي محطة لتشخيص الأوضاع وبلورة رؤية استعداداً للاستحقاقات القادمة

وفي نفس السياق، أكد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي محمد شوقي، أن المؤتمر «ينعقد في إطار سلسلة مؤتمرات في هذه المدينة، والهدف منها هو ملاءمة التنظيم الحزبي مع التنظيم الإداري، لأن الهدف من هذه الهيكلة التنظيمية الجديدة هو إحداث كتابة إقليمية في كل عمالة وفروع حزبية في كل مقاطعة جماعية أو إدارية»، مبرزا أن المؤتمر ستعرض فيه تقارير ووثائق تهم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي، إضافة إلى ورقة حول المسألة التعليمية نظرا لأهميتها الآنية، وأخرى بخصوص المشاكل البنيوية المتعددة قبل أن يختم قائلا: «نراهن على نجاح هذا المؤتمر استعدادا للانتخابات القادمة وأيضا للقضايا المطروحة على المستوى الإقليمي والوطني والدولي».

تشخيص الواقع المحلي بلغة الأرقام

من جهته، ألقى محمد محب، ممثل الفرع الجهوي للحزب، كلمة قوية تميزت بالصرامة والوضوح، حيث وقف على مكامن الخلل في تدبير الشأن المحلي بعين الشق، وباقي المقاطعات وبالجماعة الحضرية للداراابيضاء، مشيراً إلى فشل المجالس الحالية في تدبير المشاريع، نتج عنه انعدام الشفافية في العديد من الصفقات. مستعرضا أرقاماً وتواريخ دقيقة توضح كيف أن عدداً من المشاريع تفوز بها شركات لا تتوفر على السند القانوني، وهو ما يشكل، حسب تعبيره، «ضرباً صارخاً لمبادئ الحكامة الجيدة وهدر المال العام»، وهو ما وقف عليه المجلس الجهوي للحسابات

مؤتمر عين الشق محطة تنظيمية لتجديد الثقة وتكريس الاعتراف بنضالات الاتحاديات والاتحاديين

من جهتها، أوضحت المحامية ورئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا وعضو منظمة النساء الاتحاديات عائشة كلاع، أن «اليوم نحضر في مؤتمر الكتابة الإقليمية لإقليم عين الشق، في إطار الدينامية التنظيمية التي يعرفها الحزب على المستوى الوطني وجهة الدار البيضاء – سطات»، مؤكدة أن هذه المحطات التنظيمية «نجدد فيها ثقتنا وتزكيتنا للإخوة والأخوات المسؤولين في الأجهزة، وكذلك هي فرصة للقاء مع المواطنين والمواطنات، وأيضا يتم فيها اعتراف بمجهود ونضال الإخوة والأخوات».
من جانبها أكدت الكاتبة الإقليمية للمنظمة النسائية الاتحادية بعين الشق ليلى بوهو، على الدور الفعال الذي تلعبه المرأة الاتحادية في النضال السياسي والاجتماعي، مبرزة الحضور النوعي للنساء داخل التنظيمات الحزبية، وإصرارهن على المساهمة في تجديد الخطاب السياسي والنضالي بما يستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين. كما شددت على ضرورة تقوية التنظيم النسائي ليواكب التحديات الجديدة. معتبرة أن الاكتفاء بنسبة الكوطا النسائية يؤكد الهيمنة الذكورية في تدبير الشأن المحلي أو التشريعي وحتى في تحمل المسؤولية في تدبير الشأن السياسي. 

وفي الأخير تم انتخاب الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعين الشق على الشكل التالي:

الكاتبة الإقليمية: ليلى بوهو
النواب : تامر محمد – عبد الرحيم منصور – عبد اللطيف الطوس – بدر أبو شيخي
رئيس المجلس الإقليمي: محمد لشقر
نائبه : فاطمة الزهراء حفيظ
المقرر: أحمد الحمزاوي ، نائبه: عائشة الخالدي
أمين المال: أمين العفورة ، نائب أمين المال: المهدي شكر
عبد الهادي الإدريسي – حكيم سعود – خديجة بولباز – عبد الرحيم الخالدي – خديجة الدوبلالي – سفيان اقريفة –

*******

انتخاب الكاتبة الإقليمية: ليلى بوهو

 

انتخاب رئيس المجلس الإقليمي: محمد لشقر

 

 

*******

تكريم رموز نضالية

 

كما شهد المؤتمر لحظة رمزية مؤثرة تم خلالها تكريم عدد من المناضلات والمناضلين تقديرا لمسارهم النضالي والتزامهم الحزبي، واعترافا بإسهاماتهم في ترسيخ حضور الاتحاد الاشتراكي بالإقليم والدفاع عن قضايا المواطنات والمواطنين.


الكاتب : يسرا سراج الدين

  

بتاريخ : 07/07/2025