أكد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في كلمته الافتتاحية خلال أشغال المؤتمر الإقليمي حول النزاهة العامة المنظم بشراكة مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أن هذا اللقاء يشكل وقفة جماعية للتقييم والمساءلة الإقليمية، وفرصة لتجديد الحوار حول منظومة النزاهة في المؤسسات العمومية، من أجل تعزيز الثقة في المرفق العام وترسيخ ثقافة الشفافية في الممارسة الإدارية والسياسات العمومية.
وأوضح بنعليلو أن رمزية المؤتمر تكمن في كونه يجمع بين تجارب دول من منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإفريقيا، في لحظة مؤسساتية توحدنا حول قضية النزاهة باعتبارها شرطا أساسيا للتنمية العادلة والمستدامة، مضيفا أن الشراكة مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تفتح آفاقا جديدة للتعاون التقني والمنهجي، وتتيح تبادل الخبرات بين الدول التي جعلت من النزاهة محورا لإصلاحاتها الإدارية والسياسية.
واعتبر أن النتائج التي أفرزها تمرين تجميع مؤشرات النزاهة العامة أظهرت تقدما ملحوظا في عدد من المؤشرات لدى الدول المشاركة، بما فيها المغرب، وهو ما يعكس صورة إيجابية على مستوى البناء التشريعي والمؤسساتي. لكنه في المقابل شدد على أن هذا التقدم الكمي لم يواكبه بعد تحول نوعي في السلوك المؤسساتي أو في منسوب ثقة المواطن بالإدارة العمومية.
وأضاف بنعليلو أن المرحلة الحالية تفرض الانتقال من النصوص إلى الممارسات، ومن الإصلاح المعلن إلى الإصلاح المتجذر في الأداء اليومي، مؤكدا أن التحدي الحقيقي يكمن في ضمان فعالية القوانين وتملكها داخل الإدارة واستدامة أثرها في المجتمع، من خلال تعبئة جماعية وإشراك المواطنين والمجتمع المدني في تقييم السياسات العمومية.
وقال رئيس الهيئة إن مواطن الضعف التي كشفتها نتائج التقييم لا تقل أهمية عن نقاط القوة، لأنها تبرز المرحلة الجديدة التي يجب أن تنخرط فيها الدول، وهي مرحلة تعطي الأولوية لتفعيل القوانين وتوسيع قاعدة التنسيق، وتوطيد ثقافة المساءلة داخل المرافق العمومية.
وأشار إلى أن الهيئة الوطنية للنزاهة مطالبة بأن تكون صوت النقد البناء وضمير الإصلاح المسؤول، مؤكدا أنه لا يمكن الاكتفاء بالإشادة بما تحقق، لأن معيار النجاح لا يقاس بعدد الاستراتيجيات، بل بمدى انعكاسها على المدرسة والمستشفى والمرفق الإداري، وفي شعور المواطن بالإنصاف وجودة الخدمة العمومية.
وشدد بنعليلو على أن الانخراط الطوعي للمغرب في برنامج مؤشرات النزاهة العامة لم يكن إجراء تقنيا، بل اختيارا سياديا يعكس إيمانا راسخا بأن الشفافية رأسمال للثقة ومصدر لشرعية جديدة قوامها الكفاءة والمساءلة.
وأكد أن النتائج التي توصل إليها البرنامج ليست حكما، بل أداة للتوجيه والتحسين وتصحيح المسارات الإصلاحية، وفرصة لإطلاق دينامية جديدة للتعاون الإقليمي، وتعميق التبادل التقني وتوسيع الشراكات حول النزاهة.

