لحسن بقندار: تأهيل أوضاع الشباب يفرض على الحكومة تبني سياسة عمومية تقوم بتأهيل فضاءات الشباب كالنوادي ودور الشباب وغيرها
حميد أوفقير: هذا المؤتمر ليس مجرد محطة تنظيمية بل هو تعبير عن دينامية مستمرة وعمل شبابي دؤوب
نظمت الشبيبة الاتحادية بإنزكَان أيت ملول مؤتمرها الثالث، يوم الأحد 9 فبراير2025، بقاعة تمونت بالدشيرة الجهادية، تحت إشراف الكتابة الوطنية للشبيبة الاتحادية والكتابة الجهوية بجهة سوس ماسة والكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإنزكَان أيت ملول.
وتميزت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بحضور الكاتب الوطني للشبيبة الاتحادية فادي وكيلي عسراوي، رفقة عضو المكتب الوطني أمين الفايق والقيادات الحزبية الجهوية والإقليمية وثلة من الأخوات الاتحاديات والإخوة الاتحاديين من أقاليم الجهة فضلا عن ضيوف المؤتمر من النقابات الصديقة والأحزاب اليسارية.
كما تميزت الجلسة بالكلمة القيمة التي ألقاها الكاتب الوطني للشبيبة الاتحادية فادي وكيلي عسراوي، التي أكد فيها أن هذا المؤتمر ينعقد في سياق دينامية كبيرة يعرفها ملف قضية الصحراء المغربية في اتجاه طي هذا الملف بصفة نهائية، كما عبر عن ذلك الخطاب الملكي السامي حين أقرّ بتحول هذا الملف من التدبير إلى التغيير.
وقال فادي:»إن القضية الوطنية تعرف اليوم تطورات في ظل المتغيرات في المواقف لعدد من الدول التي كانت إلى عهد قريب تكن العداء للوحدة الترابية، لكن الآن تراجعت عن ذلك ودخلت في صف الدول التي تؤيد الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء».
وأردف الكاتب الوطني قائلا: «كيف التقط حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هذه الإشارة وذهب بالسرعة القصوى ليخلق حدثا عالميا من خلال تنظيمه لمؤتمر دولي للأممية الاشتراكي بالرباط، والذي ترأسه رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز، وعرف حضور ممثلين للأممية الاشتراكية من كل القارات، الذين نوهوا كلهم بالتنمية التي يعرفها المغرب اليوم ومعه جميع الأقاليم الجنوبية، مشيدين بالتنظيم القوي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المستضيف للمؤتمر الدولي للأممية الاشتراكية».
وأضاف الكاتب الوطني أن»الحزب مقبل الآن على المشاركة في عدد من اللقاءات الدولية التي ستجمع أكثر من 120 برلمانيا شابا من الصين ودول أمريكا اللاتينية، ولهذا ستقوم قيادة الكتابة الوطنية للشبيبة الاتحادية بلعب دور كبير، خلال هذه اللقاءات، من أجل إقناع شبيبة الأحزاب المعادية لوحدتنا الوطنية بجدية مقترح الحكم الذاتي ومصداقيته في المحافل الدولية، والذي تقدم به المغرب لطي ملف الصحراء المغربية».
وفي هذا الشأن، أوضح فادي أن القيادة الوطنية للشبيبة الاتحادية عاقدة العزم على الدفاع عن الوحدة الترابية والعمل بكل جهد لإقناع الشباب الاشتراكي العالمي بإيجابية مقترح الحكم الذاتي المقدم كحل وحيد لفك النزاع المفتعل حول قضيتنا الوطنية الأولى، في ظل وجود تحولات إيجابية كبرى في مواقف منظمة الشباب الاشتراكي العالمي (اليوزي) التي كانت بالأمس مناهضة للطرح المغربي».
مؤكدا في ذات الوقت على ظفر الشبيبة الاتحادية بمقعد مهم داخل هذا المنتظم الدولي، مما سيشجعها على المضي قدما في تحقيق هذا الهدف الأسمى، علما أن كل مواقف الاتحاد العالمي للشباب تصب في نفس اتجاه المغرب بعد أن أعلنت من دولة كينيا في سياق اللجنة الإفريقية على مساندة استقرار وأمن الدول الإفريقية ضمانا لتنميتها ونهضتها.
ومن جهة أخرى تطرق الكاتب الوطني في كلمته إلى»قضايا الشباب المغربي وانشغالاته» في ظل السياسة المتبعة من طرف الحكومة المغربية، والتي انتقدها بشدة لأنها عجزت عن التقليص من حدة البطالة التي ارتفعت بشكل فظيع في السنوات الأخيرة، مما جعل الشباب المغربي يفقد الأمل في العيش الكريم وفي إيجاد فرص الشغل.
بل بسبب هذه السياسة الفاشلة أصيب الشباب، يقول المتحدث، باليأس والملل من خطاباتها ووعودها الذي سبق أن أعطيتها لهم في الانتخابات، والتي زادت من حدة يأسهم وقلقهم، وخاصة بعد أن عاينوا الكيفية التي تمت بها التعيينات الجديدة من قبل الحكومة الحالية، حيث أدركوا، وبالملموس، عدم شفافية تلك التعيينات التي تحكم فيها، للأسف الشديد، منطق الولاء الحزبي بعيدا عن منطق الكفاءة المهنية وتكافؤ الفرص التي كانت تتبجح بها الحكومة في انتخاباتها الأخيرة.
وقال الكاتب الوطني إن من نتائج سياسة الحكومة اليوم أنها زادت من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومن ارتفاع نسبة اليأس في صفوف الشباب بعدما سبق للحكومة أن أوهمتهم بالشغل وبخلق ورش مبادرة»فرصة»التي من شأنها تشجيع المقاولات الذاتية الصغيرة والمتوسطة وخلق مناخ الأعمال وفتح الباب للاستثمارات من أجل تمكين الشباب من فرص الشغل.
غير أن تلك الوعود أصبحت مع مرور السنوات بمثابة أوهام لم يتحقق منها أي شيء إلى حد الآن، بدليل أن كل الوعود تبخرت، فحتى مشروع جواز الشباب الذي اقترحته الحكومة تبين للجميع أنه عبارة عن مساحيق ليس إلا، لم يستفد منها كل الشباب المغربي فهي لم تشمل كل المناطق وخاصة تلك التي لا تتوفر على خط القطار السريع وترامواي.
كما انتقد فادي وكيلي السياسة التي تنهجها الحكومة الحالية لأنها أضرت كثيرا بالقدرة الشرائية لفئات عريضة من المجتمع وخاصة من الطبقات الفقيرة والهشة تحديدا، والتي اكتوت جيوبها من لفحات غلاء الأسعار وارتفاعها بشكل صاروخي في الأسواق المغربية، فالمواد الغذائية والاستهلاكية تعرف ارتفاعا في أثمنتها بالأسواق ناهيك عن أثمنة الأضاحي، مما زاد من قلق المواطنين ولاسيما وأنهم على مشارف مناسبتين دينيتين: شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى.
ومن جانب آخر اعتبر الكاتب الوطني ما خصصته الحكومة للطلبة الجامعيين من زيادة في المنح الجامعية هزيلة جدا، لأنها كانت عبارة عن ذر الرماد في العيون ليس إلا، بحيث لم تحل لهم ما يعانونه من مشاكل يومية في العيش الكريم والسكن اللائق، في ظل عدم قدرة الحي الجامعي على استيعاب الأعداد الكثيرة من الطلبة والطالبات والاستجابة لطلباتهم ولاسيما للفئات الجديدة الوافدة على مؤسسات الجامعة المغربية.
فالحكومة في ظل هذه السياسات الفاشلة أصبحت اليوم تواجه بموجة من الاستنكار والنقد من قبل طبقة العمالية المأجورة، يقول المتحدث، بعد أن قامت وبطرق ملتوية بتمرير التصويت على قانون الإضراب بأغلبية الأصوات سواء بمجلس النواب أو غرفة المستشارين، وهو ما دفع النقابات المركزية إلى رفضه والتنديد به وخوض إضراب عام بشأنه، كما انتقده بشدة المواطنون في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
فالحكومة، يضيف فادي، لم تبال، مع ذلك، بالإضراب الوطني الذي أعلنته النقابات المركزية في الأسبوع الماضي بل واصلت»سياسة صم الآذان»حيال ما يعيشه المجتمع المغربي اليوم من تناقضات وتراجعات عن المكتسبات،لأنه لا يهمها في هذه الأمور إلا التحضير للانتخابات المقبلة لكسبها عوض الانكباب بجدية لتدبير الأزمات وإيجاد حلول ناجعة للشباب الذي يعاني من انسداد الأفق.
وفي ختام كلمته نوه الكاتب الوطني بالعمل الدؤوب الذي انخرطت فيه الشبيبة الاتحادية عبر التراب الوطني من خلال تنظيمها لأكثر من 200نشاط، ومن خلال ضخ دماء جديدة في شرايين تنظيماتها سواء بالفروع أو الكتابات الإقليمية أو الجهوية، مؤكدا أن الشبيبة الاتحادية بجهة سوس ماسة كانت ولاتزال تمثل نموذجا حيا لهذه الدينامية التنظيمية حيث كانت سباقة إلى هيكلة كتابات إقليمية بأكادير وتارودانت وإنزكَان أيت ملول في انتظار استكمال هذه الهيكلة بباقي أقاليم الجهة.
هذا ومن جهته أكد الكاتب الجهوي للحزب الحاج لحسن بيقندار أن «المسؤولية الملقاة على عاتق الشبيبة الاتحادية باعتبارها قطاعا حزبيا،هي العمل على تحصين اختيار بلادنا الديمقراطي الحداثي الذي كان ولا يزال أفقا نضاليا لحزبنا قبل أن يصبح اختيارا وطنيا، وأن تحصينه لاي مكن أن يتحقق إلا بتكريس مجموعة من القيم تأتي بالكرامة والحرية والمساواة، والتي تندرج ضمن أولويات عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله».
وأوضح أن»تأهيل أوضاع الشباب يفرض على الحكومة تبني سياسة عمومية تتأسس على معطى أن هذا الأخير ليس فئة موحدة، بل هو مجموعة من الفئات المتباينة على أساس معايير متعددة تستدعي التفكير في تأهيل مجموعة من فضاءات الشباب كالنوادي ودور الشباب وفضاءات أخرى باعتبار فئة الشباب كانت ولا تزال الحاضن الأساسي للإبداع والتربية على المواطنة والحقوق والحريات».
معتبرا انعقاد المؤتمر الثالث للشبيبة الاتحادية على مستوى عمالة إنزكان أيت ملول مناسبة لشباب المدينة وشبيبة الحزب لمواصلة النقاش حول وضعية الشباب والرهانات المستقبلية، وهي فرصة كذلك للبحث في النهوض بأوضاعهم ومساهمتهم الفعالة والناجعة في المشهد السياسي.
وثمن الكاتب الجهوي التجربة التي يخوضها الحزب على مستوى عمالة إنزكان أيت ملول في الجماعات الترابية والغرف المهنية، مما يستدعي تقييما حقيقيا لصياغة الخلاصات وجرد النتائج المحصلة الإيجابية منها والسلبية، داعيا شبيبة الحزب إلى مواصل العمل وبلورة خطة عمل يتكامل فيها التأطير السياسي بالتكوين الثقافي.
ومن جانب آخر اعتبر الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإنزكان أيت ملول حميد أوفقير هذا المؤتمر»عرسا تنظيميا يجسد روح النضال والتجديد داخل حزبنا العتيد، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، مؤكدا أنه»ليس مجرد محطة تنظيمية،بل هو تعبير عن دينامية مستمرة تؤكد أن حزبنا كان وسيظل مدرسة لإنتاج الكفاءات،ومنبعًا للأمل في غدٍ ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة».
وأضاف أن»الشبيبة الاتحادية لم تكن يومًا مجرد قطاع موازٍ، بل كانت دومًا رافعة نضالية أساسية،وسندًا لكل المعارك التي خاضها حزبنا دفاعًا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والكرامة الاجتماعية».
واليوم، إذ نلتقي في هذا المؤتمر،يقول المتحدث،فإننا نؤكد من جديد أن الشباب ليس فقط مستقبل الحزب،بل هو حاضره النابض بالحيوية والإبداع،ولهذا يتطلب منا جميعًا وعياً سياسياً عميقاً،وقدرة على التأقلم والإبداع في مواجهة التحولات المتسارعة. مع العلم أن الشبيبة الاتحادية،بما تحمله في أفكارها ومعارفها من قيم تقدمية ومبادئ نضالية،قادرة على تقديم البدائل،والانخراط في معارك التغيير الحقيقي التي يحتاجها وطننا».
وركزت كلمة عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية أنوار الهادي على فضح ممارسات الحزب المسير لجماعتي إنزكان وأيت ملول،حين تنصل من كل التزاماته التي كان قد قطعها على نفسه في تحالفه مع ثلاثة أحزاب على أن يكون تدبيره لشؤون الجماعة الترابية تدبيرا تشاركيا مع الأحزاب التي شكل معها هذا التحالف، لكن للأسف فالحزب المسير،تغوّل وحاول الانفراد بالتسيير، يقول أنورالهادي، إلى درجة أنه ضرب بعرض الحائط كل ما انبنى عليه التحالف الثلاثي،بدليل أنه خذل حلفاءه أثناء عملية انتخاب مكتب مجموعة الجماعات الترابية»التضامن السوسية» لتدبير مرفق حفظ الصحة والمقبرة بين جماعتي إنزكَان وأيت ملول.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الإقليمي الثالث للشبيبة الاتحادية كرم عدة فعاليات وشخصيات نظرا لما أسدته من خدمات جليلة سواء للحزب أو المجتمع،كما تميزت أشغال هذه المؤتمر بورشات عملية أطرها قياديون اتحاديون في موضوعات ترتبط بالشأن المحلي ،شهدت تفاعلا إيجابيا من قبل المؤتمرين من خلال تدخلاتهم وأسئلتهم،وانتهت أشغال المؤتمر بانتخاب يوسف دعي كاتبا إقليميا جديدا للشبيبة الاتحادية في انتظار تشكيل أعضاء الكتابة الإقليمية في أقرب وقت.