محمد المومحي: الإيمان بالعمل النقابي هو التزام سياسي أخلاقي لإعادة الاعتبار للطبقة المتوسطة والشغيلة كرافعة أساسية للدولة الاجتماعية
احتضنت قاعة الجلسات التابعة لمجمع محمد السادس للثقافة والفنون والرياضة بمدينة شفشاون، صباح يوم الأحد 16 فبراير الجاري، فعاليات المؤتمر الإقليمي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بشفشاون، وسط حضور قوي ووازن للفيدراليات والفيدراليين بالإقليم، يتقدمهم الكاتب العام يوسف إيذي، كما عرف حضور بعض أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ( مصطفى عجاب ،حنان رحاب ،عبد الله الصيباري )، والنائب البرلماني عن دائرة شفشاون وعضو المكتب السياسي للحزب أمين البقالي الطاهري، والكاتب الجهوي للحزب محمد المومحي، وعدد من ممثلي القطاعات الفيدرالية وممثلي الاتحادات بالجهة .
هذه المحطة التنظيمية الهامة افتتح أشغالها الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل يوسف إيذي بكلمة أوضح فيها أن هذا المؤتمر ينعقد في ظروف اجتماعية صعبة للغاية عنوانها البارز تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، والطبقة العاملة بشكل خاص، حيث لم تستطع مخرجات الحوار الاجتماعي المركزي أن تجد حلا لهاته المعضلة، رغم أن الحكومة الحالية تتغنى برصدها 47 مليار درهم كتكلفة لهذا الحوار، هذه التكلفة يضيف إيذي رغم قيمتها وضخامتها لم يكن لها أي أثر أو انعكاس على القدرة الشرائية للمواطنين، بل أكثر من ذلك أصبحنا نرى تناقضات وتصدعات في التحالف الحكومي من خلال تصريحات نارية وتراشقات لوزراء مسؤولين في مواجهة هذا التحالف .
وأكد إيذي أن محاولة هذا التحالف الحكومي تضليل المغاربة عن سبق إصرار وترصد، تفرض عليا جميعا كنقابيين وطبقة وسطى مسؤولية تاريخية للتصدي لمثل هذه السلوكات التي ينتهجها التحالف الحكومي الذي يسعى للعودة بنفس الآليات والخطابات التضليلية، مستغلا غياب الطبقة الوسطى عن المشاركة السياسية. هاته الأخير مطالبة بالعودة إلى الممارسة السياسة والمشاركة في محطاتها الكبرى، وفي هذا الصدد شدد يوسف إيذي أنه «ليس هناك مسعى لبناء نقابات حزبية، منوها بالتحالف الإستراتيجي والموضوعي مع حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كحزب مناصر للطبقة العاملة وداعم للفيدرالية، وكحزب ساهم ويساهم في مرافقة الفيدرالية في هذا البناء التنظيمي الذي نسعى إليه، لفيدرالية هي نقابة لكل المغاربة ونحرص على الوحدة داخل الاختلاف السائد في مكوناتها، ولدى الفيدرالية تجارب مشرقة في هذا المجال من خلال عدة قطاعات التي تضم مكونات سياسية مختلفة، لأن الاختلاف يتم تدبيره بشكل ديمقراطي» يؤكد إيذي.
وفي حديثه عن مشروع القانون التنظيمي وتفاصيله أوضح يوسف إيذي أن «الفيدرالية بادرت إلى الانخراط في الجبهة الوطنية للدفاع عن حق الإضراب والمشاركة في جميع المحطات النضالية ( وقفة احتجاجية أمام البرلمان، مسيرة وطنية، ندوة صحفية …) منذ الشروع في نقاشه من خلال لجنة مختصة بمجلس النواب ، كما شكلت الفيدرالية جزءا أساسيا في عملية التنسيق بخصوص هذا الموضوع وساهمت في تجويد النص في مجلس النواب عن طريق الفريق الاشتراكي، وعندما وصل النص إلى مجلس المستشارين طلب من الفيدرالية عن طريق باق المكونات النقابية داخل المجلس بالعمل على تقديم تعديلات مشتركة، حيث تمت الموافقة على ذلك بعد الاستشارة مع الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ليتم الشروع في التنسيق على مستوى التعديلات، التي مباشرة بعد الانتهاء منها فوجئنا من طرف باقي المكونات النقابية بإخبارنا بضرورة إيداع التعديلات بشكل منفرد «، مضيفا أن «التنسيق من حيث العدد لا يخلق الفارق في مواجهة الأغلبية، لكن هناك أهمية سياسية لهذا التنسيق تتجلى في إحراج الحكومة والضغط عليها لإجبارها على تقديم تنازلات بخصوص هذا المشروع «.
وأكد المتحدث أن :» الفيدرالية الديمقراطية للشغل كانت واضحة في مواقفها وتوجهاتها، وأن مسار رفض مشروع القانون التنظيمي للإضراب والترافع من أجل تجويده كان واضحا ومسؤولا. ولا يقبل المزايدات، التي نجهل أسبابها والدوافع الحقيقية وراء القرار المتعلق بالإضراب العام، لكون هذا الأخير ليس بالبساطة التي يتصورها البعض».مستحضرا في هذا السياق آخر إضراب عام ناجح بالمغرب سنة 1990، والذي شكل مدخلا لعدة إصلاحات سياسية ودستورية، لأنه على امتداد التجربة النقابية والسياسية لا يوجد إضراب عام بدون غطاء سياسي، والنتائج الهزيلة المتعلقة بهذا الإضراب العام لاسيما في القطاع الخاص تؤكد ما سبق أن نبهت إليه الفيدرالية الديمقراطية للشغل في ما يخص قواعد التمثيلية في القطاع الخاص .متسائلا كيف لنقابات تم دعمها في الانتخابات المهنية وحصلت على مناديب العمال في القطاع الخاص في البحر والبر أن تحصل على نسب هزيلة جدا لم تتجاوز 1،4%.وهاته النسب أعلنت عنها الحكومة. وكل هذا غير قابل للفهم بتاتا .
وخلص يوسف إيذي إلى أن هناك مطلبا أساسيا ومهما لتطوير التجربة الديمقراطية ببلادنا الأمر يتعلق بضرورة إخراج قانون النقابات، وفي نظر إيذي هذا القانون يحتوي على مكسبين أساسيين، الأول: دمقرطة المشهد النقابي، والثاني يتعلق بالتخليق، متسائلا: كيف لمجتمع بنيته شابة وأكثر من 60% من الساكنة النشيطة شباب تجد على رأس هاته النقابات قياديين منفصلين اجتماعيا عن الطبقة العاملة والعمل النقابي؟ وبخصوص التمويل العمومي الذي تحصل عليه النقابات طالب إيذي بضرورة تحريك آليات المراقبة والمحاسبة وعلى المجلس الأعلى للحسابات أن يشرع في فحص مالية النقابات.
من جانبه أشاد الكاتب الجهوي محمد المومحي بالدينامية التنظيمية والنضالية التي فجرتها الفيدرالية الديمقراطية للشغل من خلال تنظيم مؤتمرها الإقليمي بشفشاون بعد أن نظمت سلسلة من مؤتمراتها في عدة الأقاليم، رغم السياقات الوطنية التي وصفها بالمقلقة والمعقدة، والتي تفرض على مناضلي ومناضلات الفيدرالية المزيد من التعبئة النضالية لمواجهة ما يحاك ضد الطبقة الشغيلة .
واعتبر الكاتب الجهوي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الدينامية التي تتمتع بها الفيدرالية الديمقراطية للشغل هي نتيجة لنضالاتها المستمرة وتنظيماتها القوية، حيث منذ المؤتمر الوطني الأخير وكذا فاتح ماي الأخير لاحظ الجميع متابعة الرأي العام الوطني للفيدرالية التي استطاعت أن تنقذ العمل النقابي من مستويات متأخرة، وهذا بفضل مصداقيتها ومسؤوليتها تجاه حقوق ومطالب الطبقة العاملة .
وأشار المومحي إلى أن «تواجدنا ضمن فعاليات المؤتمر هو تعزيز ودعم الوحدة النقالية داخل الفيدرالية و كذا دفاعا عن حقوق الطبقة الشغيلة التي تعد من الركائز الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وإرساء التنمية المنشودة» .مضيفا أن» الاتحاد الاشتراكي متواجد دائما في صلب نضالات الطبقة العاملة من خلال دعم لمحطاتها النضالية انسجاما مع مبادئ الحزب وتوجهاته، كما أن الإيمان بالعمل النقابي هو التزام سياسي أخلاقي لإعادة الاعتبار للفئات الشعبية والطبقة المتوسطة كرافعة أساسية للدولة الاجتماعية» .
و عرفت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر لحظات مؤثرة ومعبرة تجلت في تكريم أحد مؤسسي الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وأحد المساهمين في تطوير الحركة النقابية في المغرب وليس في شفساون وحدها، الأمر يتعلق بالمرحوم محمد الهبطي الذي وصفه الكاتب العام يوسف إيذي بالقائد والمؤسس والمثقف العضوي قبل أن يقوم بتسليم درع التكريم لنجله .
كما تم تكريم أطر نقابية أخرى التي قدمت عطاءات نضالية وتضحيات كبيرة من أجل الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، يتعلق الأمر بالمناضلين العياشي عمور، محمد البوقديدي، مصطفى مريبح، سعيد علوش، حيث قامت حنان رحاب، عبد الله الصيباري ومحمد المومحي بتسليم دروع التكريم للمحتفى بهم وسط تصفيقات حارة للمؤتمرين .