في المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة بالدار البيضاء .. محمد عبد النباوي يدعو إلى إعادة تعريف استقلال القضاء في زمن الذكاء الاصطناعي

كشف محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عن ملامح جيل جديد من التحديات التي تواجه أنظمة العدالة في إفريقيا، مؤكدا أن التحول الرقمي المتسارع وظهور أنظمة الذكاء الاصطناعي بات يفرض ضرورة مراجعة المفهوم التقليدي لاستقلال القضاء، بل ويستدعي إعادة التفكير في من يصنع القرار القضائي، القاضي أم الخوارزمية.
وأكد محمد عبد النباوي في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها صباح يوم الاثنين 21 أبريل 2025، في افتتاح أشغال المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة، المنعقد بالدار البيضاء بتنظيم من الودادية الحسنية للقضاة، تحت شعار: «من أجل قضاء إفريقي مستقل»، أن الرعاية الملكية لهذا الحدث القضائي تعكس العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك محمد السادس لأسرة العدالة، ودعمه المتواصل لتقوية مؤسسات القضاء، باعتبارها ركيزة دولة القانون ومؤسساتها، وضمانة الحقوق والحريات.
واعتبر أن انعقاد المؤتمر بالمغرب يحمل في طياته بعداً إنسانيا وأخويا، يتماشى مع رؤية جلالة الملك في تعزيز التعاون جنوب-جنوب، والمبنية على تقاسم الخبرات والنجاحات مع الدول الإفريقية الشقيقة.
وخلال كلمته، شدد الرئيس المنتدب على أن العالم يعيش مرحلة غير مسبوقة من التحول الرقمي، تمس مختلف مناحي الحياة، بما فيها العدالة، حيث تسير التقنيات الذكية نحو التأثير في طرق تدبير المنازعات وحتى في إصدار الأحكام، الأمر الذي يهدد بمحو الحدود التقليدية لاستقلالية القاضي، ليصبح السؤال المطروح، من يحكم؟ القاضي أم الخوارزمية؟ ومن المسؤول عن البرمجيات التي قد تؤثر على مسار العدالة؟
وأضاف عبد النباوي أن القارة الإفريقية مدعوة اليوم إلى عدم الوقوف على الهامش، كما حصل خلال فترات تاريخية مفصلية كالثورة الصناعية، التي دفعت فيها ثمنا غاليا.
واعتبر أن اللحظة الرقمية الراهنة تتيح لإفريقيا إمكانية اللحاق بركب التحول إن هي أحسنت استثمار الفرص، وهو ما يجعل من مؤتمر الدار البيضاء محطة حاسمة لتبادل التجارب واستشراف المستقبل.
وفي السياق ذاته، أبرز عبد النباوي أن الدستور المغربي لسنة 2011 قد أولى أهمية قصوى لاستقلالية السلطة القضائية، وجعل منها سلطة قائمة بذاتها، منفصلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أسند إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية مهمة حماية استقلال القضاة وضمان حقوقهم، لكنه دعا إلى تجاوز الطابع النظري لهذا النقاش نحو مقاربة عملية تستفيد من التجارب المقارنة وتبحث عن مؤشرات مشتركة لقياس نجاعة العدالة.
ولم تخل كلمته من دعوة عملية واضحة، تمثلت في اقتراح إحداث لجنة إفريقية لفعالية العدالة، تعنى بوضع معايير مرجعية للأداء القضائي على المستوى القاري، على غرار اللجنة الأوروبية، ما من شأنه أن يعزز استقلال السلطة القضائية ويطوّر منظومات العدالة بشكل متناغم مع خصوصيات كل بلد.
وأعرب عبد النباوي عن أمله في أن يفضي هذا المؤتمر إلى نتائج ملموسة، وتوصيات تسهم في تطوير أنظمة العدالة الإفريقية، بما يجعل من استقلال القضاء في إفريقيا واقعا عمليا لا مجرد شعار.


الكاتب : n جلال كندالي

  

بتاريخ : 24/04/2025