الكاتب الأول إدريس لشكر: الاتحاد الاشتراكي منخرط في الثورة الهادئة لمشروع الحماية الاجتماعية، ويدعو الحكومة للتفعيل والتنزيل الصحيح لهذا الورش الملكي الكبير
عبد الحميد فاتحي: نحذر الحكومة من عدم الإصلاح الشامل لأنظمة التقاعد ومن مغبة التراجعات عن المكتسبات في قانون الإضراب أو قانون النقابات
انتخاب يوسف إيدي بالإجماع كاتبا عاما للفيدرالية الديمقراطية للشغل
انتخاب أعضاء المجلس الفيدرالي بالتمثيلية النسبية للقطاعات والاتحادات المحلية للفيدرالية
انتخب المؤتمر الوطني الخامس للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أول أمس بمركب مولاي رشيد للطفولة والشباب ببوزنيقة، المجلس الوطني للفيدرالية بالتمثيلية النسبية حسب عدد المؤتمرين بالقطاعات النقابية والاتحادات المحلية، ويعتبر المجلس الوطني أعلى جهاز تقريري للمركزية النقابية بعد المؤتمر الوطني.
وفي ما بعد التأم المجلس الوطني في أول دورة له داخل المؤتمر الوطني الخامس، وتم انتخاب يوسف إيدي كاتبا عاما للمركزية النقابية، وبعد ذلك سيتم انتخاب المكتب الفيدرالي كجهاز تنفيذي للمركزية، وبذلك تكون الفيدرالية الديمقراطية للشغل قد استكملت عملية انتخاب أجهزتها الوطنية جزئيا التي ستقود المرحلة الفاصلة مابين المؤتمر الوطني الخامس والمؤتمر الوطني السادس.
وانتخب يوسف إيدي، الكاتب العام الجديد بالإجماع، من طرف أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل البالغ عددهم 165 عضوا، خلفا للمناضل عبد الحميد فاتحي، ويشغل حاليا رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، وهو أيضا الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل، ومستشار بالغرفة الثانية كممثل للمأجورين، وفاز بمقعد مستشار في لائحة الفيدرالية الديمقراطية للشغل خلال انتخابات مجلس المستشارين فئة المأجورين.
ووسط اهتمام إعلامي وتتبع للرأي العام الوطني، التأم المؤتمر الوطني الخامس للمركزية النقابية الفيدرالية الديمقراطية للشغل تحت شعار ” وحدة الحركة النقابية لتمكين الشغيلة المغربية من أجل استعادة المبادرة” على مدى أيام 23، 24 و 25 دجنبر 2022، بمركب مولاي رشيد للطفولة والشباب ببوزنيقة.
وانطلقت فعاليات المؤتمر الوطني الخامس بجلسة افتتاحية، تميزت بحضور نوعي وكمي مكثف تمثل في شخصيات رسمية وسياسية ونقابية وجمعوية وحقوقية، وفي مقدمة هؤلاء، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات،وسفير دولة فلسطين بالرباط، وبعض ممثلي الوزارات، وإدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فضلا عن قيادات بعض المركزيات النقابية، والمؤتمرات والمؤتمرين المنتمين للاتحادات المحلية والقطاعات النقابية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل.
ويأتي هذا المؤتمر الوطني في إطار سياقات وطنية ودولية صعبة متسمة بتحولات مجتمعية ومستجدات وتطورات متسارعة، وطنيا وجهويا ودوليا، كانت لها تداعيات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي انعكاسات سلبية وقوية على أوضاع الشغيلة والمأجورين وعلى قدرتهم الشرائية .
ما ميز هذه الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الكلمة التي ألقاها إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي وجه فيها التحية والتقدير لكل أعضاء المركزية النقابية للفيدرالية الديمقراطية للشغل، الذين صمدوا وقبضوا بيد من حديد لترسيخ مبادئ النقابة المؤسسة ومبادئ التأسيس المؤمنة بالقيم النقابية وفي مقدمتها الحوار كأسلوب حضاري لحل المشكلات والمعضلات الاجتماعية والدفاع عن مصالح وقضايا الطبقة العاملة والمأجورين.
كما أثنى الكاتب الأول على عدد من القيادات والوجوه البارزة في مسار نضالات الفيدرالية الديمقراطية للشغل، التي كانت وراء تجربة تأسيس هذه المركزية النقابية ولاتزال مستمرة في هذه المسيرة النضالية، رغم كل الصعوبات والعقبات التي واجهتها .
وبنفس المناسبة استعرض الكاتب الأول للحزب السياقات الوطنية والدولية الصعبة، التي ينعقد فيها هذا المؤتمر، المتمثلة في تداعيات جائحة كوفيد 19 وتأثيراتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمجموع الطبقة العاملة والمأجورين وانعكاساتها على القدرة الشرائية والمعيش اليومي لهذه الفئات الاجتماعية، التي تلعب دورا أساسيا في الدورة الاقتصادية، بالإضافة إلى آثار الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد الوطني والاقتصادات الدولية وآثارها على أسعار المحروقات وانعكاسها على الحركة الاقتصادية بشكل عام، ناهيك عن آفة الجفاف التي عرفها المغرب وآثارها السلبية على الفلاحة المغربية والمنتجات الفلاحية.
وذكر الكاتب الأول بالمنجزات والإصلاحات الهيكلية العميقة التي قامت بها حكومة التناوب، التي قادها المغفور له عبد الرحمان اليوسفي كوزير أول، سواء على المستوى التشريعي والقانوني أو التجاري والمالي، من أجل إنقاذ البلاد من السكتة القلبية، والتحضير لأرضية للإقلاع الاقتصادي للبلاد، كما أقدمت هذه الحكومة على اتخاذ قرارات اقتصادية مصيرية من أجل رفعة هذه البلاد وجعل مصلحتها فوق كل اعتبار، كالخوصصة، إصلاح البورصة وبنك المغرب، مجلس المنافسة … بهدف إنعاش الاقتصاد الوطني.
وفي ذات السياق، أكد الكاتب الأول أن الحكومة اليوم مطالبة بتفعيل وأجرأة ما جاء في الخطابات السامية الملكية، وفي مقدمة ذلك مشروع الحماية الاجتماعية، هذا الملف الذي دافع عنه حزب القوات الشعبية، منذ سنوات، وظل حاضرا في أجندته السياسية، باعتبار أن المسألة الاجتماعية إحدى مرتكزات الفكر الاشتراكي الديمقراطي والمدافع عنها لإقرار العدالة الاجتماعية والإنصاف داخل الفئات الاجتماعية المغربية.
ودعا الحكومة الحالية إلى الانكباب على أجرأة وتفعيل كل القرارات التي جاء بها المشروع الملكي الكبير، الحماية الاجتماعية التي اعتبرها حزب الاتحاد الاشتراكي، وقتها، بمثابة ثورة هادئة ستمكن المغاربة من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة والتعويضات العائلية، لذلك بات من الضروري استعجال إخراج السجل الاجتماع كإجراء أساسي مصاحب لتنفيذ هذا المشروع الضخم.
وسجل الكاتب الأول للحزب أن الاتحاد الاشتراكي، وبالرغم من تواجده في موقع المعارضة، سيكون حريصا على لعب أدواره الرقابية المتمثلة في المواكبة والتتبع والنقد البناء والتصحيح من أجل ضمان تفعيل وتنزيل مشروع النموذج التنموي الجديد، والمشروع الملكي للحماية الاجتماعية، كما أنه سيقوم بمهامه السياسية والتأطيرية من خلال هياكله وأجهزته المحلية والجهوية والوطنية وفريقيه الاشتراكيين بمجلسي النواب والمستشارين من خلال ممارسة مهامهم الرقابية والتشريعية في الغرفتين.
كما شدد الكاتب الأول للحزب على أن المغرب لايمكن أن يحقق التنمية الشاملة المنشودة والتطور المطلوب، الذي سيكون في مستوى تطلعات الشعب المغربي، دون مضاعفة المجهودات لتجويد التعليم والتربية والتكوين ثم الصحة والسكن، كقطاعات اجتماعية أساسية تحفظ كرامة المواطن المغربي، والاهتمام بالموارد البشرية والنهوض بها.
وبخصوص الحوار الاجتماعي، شدد الكاتب الأول على مأسسة الحوار المركزي بين الحكومة والمركزيات النقابية والكنفدرالية العامة لمقاولات المغرب، لكنه سجل في نفس الوقت، على هذا المستوى، أنه لا حوار اجتماع بدون حوار جدي ومسؤول ومنتج وعلى قواعد قانونية، بحكم أن الحوار وسيلة من أجل الوصول إلى نتائج مرضية ومتوافق عليها وتضمن سلامة اجتماعية مواتية للعمل والتقدم والتطور، خاصة والبلاد مقبلة على تنزيل نموذج تنموي جديد يحتاج كل ذلك.
وفي ذات السياق، انتقد الكاتب الأول إقصاء الفيدرالية الديمقراطية للشغل من الحوار الاجتماعي بالرغم من أنها حصلت على مراتب متقدمة في القطاع العمومي، وكان الأجدر أن يتم توسيع الحوار باعتبار ذلك عنصرا إيجابيا، كما كان الشأن سابقا مع إحدى النقابات التي لم تحصل على نسبة 6 في المائة، تجاوزا، كقرار سياسي من أجل توسيع الحوار والتشاور.
ومن جهته، توقف عبد الحميد فاتحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية، عند السياقات الوطنية والدولية التي ينعقد فيها المؤتمر الوطني الخامس للفدرالية الديمقراطية للشغل، كما أشار إلى الآثار السلبية الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي أزمت أوضاع الشغيلة المغربية وضربت قدرتها الشرائية في الصميم، بل إن هناك العديد من المواطنين الذين فقدوا موارد رزقهم وأثرت عليهم الأزمة وأصبحوا يعيشون في ضائقة مادية خانقة.
وأشار فاتحي، بنفس المناسبة، إلى النضالات القوية التي خاضتها الفيدرالة الديمقراطية للشغل دفاعا عن مصالح الطبقة العاملة وقضاياها، هذه النضالات التي شملت المسيرات الوطنية والجهوية والوقفات الاحتجاجية والإجراءات والإضراب العام الوطني بالقطاع العام مستنكرا إقصاء الفيدرالية الديمقراطية للشغل من الحوار الاجتماعي مع الحكومة، بالرغم من أن الفيدرالية حصلت على رتبة متقدمة في انتخابات اللجان الثنائية للوظيفة العمومية بل هناك قطاعات عمومية تحتل فيها النقابات الديمقراطية والوطنية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل الرتب الأولى أو الثانية والثالثة.
وفي هذا السياق دعا فاتحي الحكومة إلى إصلاح قوانين الانتخابات المهنية باعتبار أن هذه القوانين الحالية والممارسات الانتخابية خاصة في القطاع الخاص لا تضمن انتخابات نزيهة وحرة وتمثيلية حقيقية، كانت الفيدرالية الديمقراطية للشغل المتضرر الأول منها في القطاع الخاص.
ومن جهة أخرى، طالب الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل الحكومة بالعمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية والمادية للطبقة العاملة والمأجورين سواء بالقطاع العام أوالخاص، باعتبار أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على أسعار المحروقات قد أدت إلى زيادات مهولة في المواد الأساسية وغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
وبخصوص ملف التقاعد، حذر فاتحي الحكومة الحالية من الإقدام على أي إصلاح غير شمولي لأنظمة التقاعد، وشدد على أن الإصلاح المقياسي لايزيد إلا في تأزيم الصناديق، داعيا في نفس الوقت إلى إصلاح أنظمة التقاعد بصفة شمولية، وذلك بالاحتفاظ بصندوق واحد يهم القطاع العام وصندوق آخر للقطاع الخاص.
أما قانون الإضراب، فقد أكد فاتحي أن الحكومة يجب أن تضع نصب عينيها أن الإضراب حق مشروع نص عليه الدستور المغربي، وحذر من أي مشروع لقانون الإضراب الذي يمكن أن يتضمن تراجعات في الحقوق أو المكتسبات على حساب الطبقة العاملة والمأجورين.
وبالنسبة لقانون النقابات، أوضح فاتحي أن الفيدرالية الديمقراطية للشغل مع التقنين والتنظيم، لكن دون أن يكون على حساب الحريات النقابية وتشديد الخناق عليها وعلى ممارسة أدوارها الدستورية في تنظيم المهن وتأطير الطبقة العاملة والمأجورين.
وتواصلت أشغال المؤتمر الوطني الخامس على مدى أيام 23، و24 و25 دجنبر 2022 مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية بعرض التقريرين الأدبي والمالي وأشغال اللجان وانتخاب الجهاز الوطني والكاتب العام للمركزية النقابية.
ولنا عودة للموضوع في مراسلة أخرى لتغطية بقية أشغال المؤتمر.