في أجواء نضالية مفعمة بالانخراط والوعي الجماعي، انعقد بمدينة الحسيمة المجلس الإقليمي الموسع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يوم الأحد 20 يوليوز 2025، تحت شعار: «استمرار الدينامية الحزبية بالإقليم… ترافع مستمر من أجل الديمقراطية والتنمية المجالية». وقد شكل هذا اللقاء محطة تنظيمية بامتياز، اتسمت بالحيوية، والوضوح في الطرح، والالتزام الاتحادي الصادق بقضايا الوطن والمواطن.
الحضور الوازن الذي ميز هذا المجلس، من منتخبين ومنتخبات اتحاديين، ورؤساء جماعات ترابية، وأطر الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وفعاليات نسائية وشبابية ومجتمعية، عكس قوة التنظيم وتماسكه، وجسد فعلا ملموسا لما تعنيه الدينامية الحزبية التي يتحدث عنها الشعار، لا كخطاب شعاراتي، بل كممارسة نضالية متجذرة في الميدان.
في كلمته الافتتاحية، ذكر الكاتب الإقليمي للحزب، سعيد الخطابي، بسياق انعقاد هذا المجلس، الذي يتسم بتغول حكومي واختلالات مجالية واجتماعية واقتصادية تتعمق يوما بعد يوم. ووقف على الوضع المقلق الذي يعيشه إقليم الحسيمة في ظل ضعف البنيات الأساسية وتفاقم الإقصاء، مبرزا أن الاتحاد الاشتراكي سيبقى كما كان دائما في طليعة القوى المدافعة عن العدالة المجالية والتنمية المتوازنة، وفي قلب المعارك من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لساكنة الإقليم.
كما عرفت أشغال المجلس مداخلة نوعية للنائب البرلماني عن دائرة الحسيمة، عبد الحق امغار، الذي استعرض حصيلة عمله الترافعي داخل قبة البرلمان بمعية الفريق الاشتراكي، مؤكدا أن الحضور داخل المؤسسة التشريعية يجب أن يكون أداة لخدمة المواطن، لا منصة للاستعراض الخطابي. وقد أبرز مجموعة من الأسئلة والمداخلات والملتمسات التي تقدم بها، والتي انصبت أساسا على قضايا الماء والكهرباء، وضعية التعليم والصحة، فك العزلة عن العالم القروي، وتأهيل البنيات التحتية، وهي مواضيع شكلت جوهر انشغالات ساكنة الإقليم، ونقلها النائب بكل مسؤولية ومصداقية إلى الفضاء البرلماني، في التزام دائم بنهج “البرلماني القريب من المواطن”.
ومن جهتها، قدمت منظمة النساء الاتحاديات بالحسيمة مداخلة قوية من طرف وفاء التيقي أكدت من خلالها أن قضايا النساء لا يمكن اختزالها في تمثيلية شكلية، بل هي في صلب المشروع المجتمعي الاتحادي، مشيرة إلى حجم المعاناة التي تعيشها النساء في الجبال والمناطق المهمشة، وضرورة التمكين الفعلي لهن في التعليم والصحة والشغل والمشاركة السياسية. واعتبرت المتدخلة أن المناصفة حق لا منة، وأن النضال النسائي سيظل حاضرا بقوة في الفعل الاتحادي الميداني.
وفي مداخلة لافتة، تناول الحسين العياشي، عضو الكتابة الإقليمية للحزب، موضوع المصداقية السياسية باعتبارها مدخلا أساسيا لإعادة الثقة بين المواطن والشأن العام. وأكد أن استعادة هذه المصداقية تمر عبر التزام حقيقي للفعل السياسي بمطالب الناس وتطلعاتهم، مبرزا أن مناضلي ومناضلات الاتحاد الاشتراكي مدعوون اليوم للاضطلاع بادوار ريادية في التأطير والتعبئة والمرافعة. كما ذكر العياشي بتاريخ الحزب في الدفاع عن الديمقراطية والحقوق والحريات، وأشاد بتجربته التاريخية في حماية الوطن من نزعات التسلط والانغلاق، داعيا إلى جعل إقليم الحسيمة عنوانا لنموذج حزبي متجدد، ينبني على الجرأة، والالتزام، والانفتاح على الطاقات الصاعدة.
وقد تم خلال اللقاء تقديم ورقة سياسية تحليلية وقفت عند مظاهر الاختلال التنموي والمجالي بإقليم الحسيمة، رغم إدماجه في عدد من البرامج التنموية الكبرى. وأكدت الورقة أن التفاوتات البنيوية، وتكريس المركزية، وغياب العدالة الترابية، تمثل أبرز التحديات التي تعيق الإقلاع التنموي المنشود. ودعت إلى ضرورة تعزيز الرقابة الشعبية، وتفعيل دور المنتخبين الاتحاديين، وفتح الحزب على النخب والكفاءات، والتحضير الواعي والديمقراطي للمؤتمر الوطني الثاني عشر.
أما الورقة التأطيرية، فقد شكلت لحظة مكاشفة نقدية للتجربة الحكومية الراهنة، حيث أبرزت كيف تحولت الأغلبية الحكومية من أداة لتنفيذ البرامج إلى آلية لإعادة إنتاج الهيمنة والولاءات، على حساب مبدأ الكفاءة وتكافؤ الفرص. وقد شددت الورقة على الحاجة إلى تصحيح المسار الديمقراطي وبناء دولة الإنصاف، من خلال تعزيز استقلالية المؤسسات، وضمان حياد الإدارة، وإعادة الاعتبار للمسار السياسي النزيه.
وقد خلص المجلس إلى مجموعة من التوصيات التي عبرت عن إرادة جماعية لتقوية التنظيم، وتجديد آلياته، والارتقاء بالعمل الحزبي إلى مستوى اللحظة. كما دعا الحاضرون إلى ضخ دماء جديدة في هياكل الحزب، والانفتاح على طاقات الإقليم، وتوحيد الصفوف، والتعبئة الشاملة من أجل كسب رهان المؤتمر الوطني المقبل بروح نضالية وحدوية.
في المجلس الإقليمي بالحسيمة محطة نضالية للترافع الميداني من أجل العدالة المجالية

الكاتب : مراسلة خاصة
بتاريخ : 23/07/2025