في المغرب والبرتغال … تجديد الاشتراكية الديموقراطية وانتصار الوردة

إن مركز الثقل في الأممية الاشتراكية وتحديث الفكرة، يوجد حاليا في شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث الحزب الاشتراكي الإسباني والحليف الجار في البرتغال، جددا الاشتراكية الديموقراطية، وأعطياها قوة إثبات الجدوى، بعد خفوت، إن لم نقل خبو الفكرة في معظم أوروبا .
الحزب الاشتراكي البرتغالي والاتحاد الاشتراكي متشبثان بالهوية الاشتراكية ويعملان على تجديد الاشتراكية الديموقراطية، في هذا السياق تتأطر استضافة الحزب الاشتراكي البرتغالي للاتحاد الاشتراكي ممثلاً بالأختين خولة لشكر وعائشة الگرجي بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الاشتراكي البرتغالي .
يؤمن الاتحاد الاشتراكي بأن الاشتراكية الديموقراطية هي البديل الضروري لمعالجة الاختلالات الاجتماعية، وإحدى مداخل الحداثة واستدراك التأخر التاريخي، فالاشتراكية ترتبط بالفضاء العقلي للحداثة، ومن هنا، آمن الاتحاد الاشتراكي بضرورة تحيين الاشتراكية كمثال بفك ارتباطها بنماذج معينة وبالحفاظ على الشحنة الفكرية التي قامت عليها، أي التشبث بالأرضية الحداثية الثقافية للاشتراكية وخلفياتها الفلسفية الأنوارية …
لقد اقتنع الاتحاد الاشتراكي أن كل معاودة للاشتراكية كمنظومة إيديولوجية تطرح الانتماء إلى الحركة التاريخية للاشتراكية لا إلى رمز من رموزها أو نموذج من نماذجها ، وهذا يقتضي إدماج الثقافة الليبرالية والديموقراطية السياسية ضمن المنظومة الاشتراكية، والاعتراف بالسوق في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية والقبول بالعولمة… إن اشتراكية قائمة على المحاسبة وعلى المعرفة بالمعطيات لعصرنا بإمكانها أن تخفف من الآثار السلبية للعولمة ( التفقير، تهديد الديموقراطية، سيادة المال والثقافة البرصوية…) الاشتراكية مشروع يتطلب جهدا وصراعا في البناء والتقويم لتجنيب المجتمع الانكسار والانفصام …ولأجل أنسنة السوق وتخليقه، فالاشتراكية مطالبة أمام انبعاث الرأسمالية من أزماتها، أن تتوسل بمعرفة بالمعطيات المستجدة وأن تتشبع بأخلاق اقتصادية وثقافية إنسانية…
يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر ( إذا كنا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد حسمنا منذ عقود خلت في سؤال هويتنا، واعتبرنا أننا حزب يساري وطني، واشتراكي ديموقراطي، يتميز بتنوع روافده التأسيسية، ويجسد استمرارا لحركة التحرير الشعبية، فإننا في نفس الآن، كنا نعود من حين لآخر في بعض محطاتنا التنظيمية وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، من أجل تدقيق بعض الجوانب المتعلقة بهويتنا السياسية، ولتفويت الفرصة أيضا على بعض محاولات التشويش، والتعتيم، وخلط الأوراق في المشهد الحزبي ببلادنا…).
الاتحاد الاشتراكي قوة دفع تقدمية، يسارية اجتماعية – ديموقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع، والمساهمة في رسم خطوط المستقبل، ومناط تحول في المجالات كافة، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية….
وإذا كان الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل، فإن قدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة، ومؤهلاته النضالية والميدانية، لتجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب .
الاتحاد الاشتراكي هو القوة المجتمعية الأكثر فعالية.
إن الاتحاد الاشتراكي هو القوة المجتمعية الأكثر انفتاحا وتأهلا للمساهمة بفعالية، في إنجاز الأوراش الإصلاحية، على قاعدة الجدلية الحية القائمة بين الإصلاح والاستقرار، في إطار مجتمع متماسك، متضامن ومتطور…
وفي هذا السياق الذي تحكمه إرادة المبادرة، لا انهزامية الانكفاء، تندرج جملة من الاقتراحات التي يطرحها الاتحاد الاشتراكي؛ في مجالات حيوية لصيقة بمعيش أفراد الشعب، سواء في المجال الاجتماعي أو في المجال السياسي والمؤسساتي …
ولسنا في حاجة إلى تذكير دعاة التشكيك في القدرة اللامحدودة للاتحاد الاشتراكي على احتواء وتجاوز كل الكبوات النضالية، عبر مساره النضالي الطويل، وعلى كفاءته العالية في التكيف الإيجابي والمنتج، مع حقائق البلاد، ومع مستجدات محيطها القريب والبعيد…
إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد.


الكاتب : عبد السلام المساوي

  

بتاريخ : 26/04/2023