في الندوة الدراسية حول «الأزمة الليبية: جوانب الخلاف السياسي والعسكري وإمكانات التسوية»

أبوبكر الطويل، السفير القائم بأعمال السفارة الليبية: الأزمة الليبية أزمة قيادة سياسية

بامتياز بعد سقوط المملكة الليبية

جواد شفيق، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي:  المبادرة المغربية المتعلقة

بالحوار الليبي الليبي شكلت لبنات أساسية لحلحلة الملف

 

 

أجمع سياسيون وديبلوماسيون وأكاديميون أن حل الأزمة الليبية والانقسام السياسي لا يمكن أن يكون إلا عبر حل سياسي ليبي متوافق عليه من طرف جميع الأطراف السياسية الليبية، وذلك عن طريق الحوار السياسي للسير قدما نحو ترسيخ قاعدة دستورية وقوانين انتخابية رئاسية وتشريعية متوافق عليها، من أجل الإنهاء مع حالة اللاستقرار وتعزيز دولة المؤسسات والحق والقانون في دولة ليبيا الشقيقة.
وأكد هؤلاء المشاركون في ندوة دراسية حول موضوع «الأزمة الليبية: جوانب الخلاف السياسي والعسكري وإمكانات التسوية» التي نظمتها جريدة «معاريف بريس الإلكترونية» أول أمس،  بنادي الصحافة بالرباط، وسير أشغالها الإعلامي عمر اشن، أن  دور المملكة المغربية في حلحلة الملف الليبي كان محوريا في توفير الشروط المناسبة للحوار الليبي الليبي من خلال محطات الصخيرات وبوزنيقة وطنجة.
وشدد أبوبكر الطويل، السفير القائم بأعمال السفارة الليبية لدى المملكة المغربية، على أن الأزمة الليبية أزمة قيادة سياسية بامتياز، فبعد سقوط المملكة الليبية لم تكن هناك قيادة ليبية واستمرت الأزمة إلى 2011، مبرزا في هذا الصدد، أن القيادة السياسية الحكيمة والمنفتحة على العالم، والقيادة غير الفاسدة، والمنتجة للأفكار النهضوية هي العنصر الأساس لتحقيق التنمية والتقدم بالبلدان، ولعل الشواهد كثيرة في العالم وبارزة بهذا الخصوص، مثلا سنغافورة وكوريا الجنوبية …
وأضاف الدبلوماسي الليبي، في ذات السياق، أن هناك بعض النماذج المقارنة في الاتحاد المغاربي التي نفتخر ونعتز بها، كنموذج المملكة المغربية التي أرست كل الشروط التنموية والاقتصادية والبنيات والتجهيزات الأساسية والمرافق الثقافية والاجتماعية لتحقيق نهضة تنموية متكاملة بقيادة جلالة الملك محمد السادس، فضلا عن بعض النماذج الأخرى في دول الخليج وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية لما تمثله من تقدم وازدهار.
ومن جانبه أكد جواد شفيق، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الأزمة الليبيةتعمقت بسبب الوضع الذي أصبحت عليه البلاد، بعد ما سمي بالربيع العربي، حيث عمت الفوضى وغابت المؤسسات، وضعفت الدولة، خاصة إذا ما كانت هذه الدولة في السابق، دولة ريعية، وساد منطق الصراع القبلي والقوة، وحرب الميليشيات العسكرية وتواجد المرتزقة.
وأبرز القيادي الاتحادي في مداخلة له خلال هذه الندوة، أن ما زاد هذا الوضع الداخلي تأزما، والمتسم بالانفلات الأمني وغياب دولة الحق والقانون والمؤسسات وسيادة منطق القوة والسلاح وتفكك العقد الاجتماعي، التدخلات الأجنبية السافرة في ليبيا، التي تبحث عن موطئ قدم من أجل مصالح سياسية واقتصادية بليبيا.
وأشاد شفيق بالمبادرة المبكرة للمغرب المتعلقة بالملف الليبي، مذكرا بهذا الخصوص، أن هذه المبادرة لاقت معاكسات  ومقاومات من بعض الجهات المعروفة بعدائها للمغرب، لكن المبادرة المغربية كانت لها مصداقيتها وتميزها، بحكم أنها كانت تلتزم بالحياد في الملف، وتدفع بالحوار الليبي الليبي لإيجاد توافقات بين الفرقاء والأطراف الليبية في عدد من القضايا السياسية الأساسية التي شكلت لبنات أساسية في تقدم الملف الليبي، وذلك برعاية منظمة الأمم المتحدة .
واعتبر نفس المتحدث أنه «اذا لم يتوافق الليبيون لن تقوم لليبيا قائمة، واستقرار ليبيا كقطر شقيق من استقرارنا، وأمننا القومي مرتبط بالأمن القومي الليبي»، باعتبار أن ليبيا دولة أساسية في الاتحاد المغاربي ودولة محورية في بناء الوحدة المغاربية والتنموية والاقتصادية إقليميا وجهويا ودوليا.
ومن جهته سجل رضوان القادري، رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، أن دولة ليبيا عاشت حالة اللاستقرار منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد النظام السابق الذي تربع عليه العقيد معمر القذافي، إلى 2011، وهي فترة ليست بالسهلة، ترسخ خلالها نمط سياسي معقد أثر في حياة المواطنين وطريقة عيشهم وأسلوب تفكيرهم.
وأشار نفس المتحدث إلى أن ليبيا لم تكن فيها لا أحزاب سياسية ولا منظمات حقوقية ولا نقابات ولا جمعيات، وهو أمر جعل الليبيين يواجهون مرحلة ما بعد الثورة بأدوات ثورية وبمرجعيات قبلية مذهبية استعصى عنها التوصل إلى اتفاق سلام يعم البلاد ويوحد أطرافها بين الشرق والغرب.
إلى هذا أكد القادري أنه فضلا عن العامل الداخلي المتمثل في تأزم الوضع السياسي والأمني بسبب انصراف أجنحة الثروة إلى أجنحة متصارعة، كان للتدخل الأجنبي دور دراماتيكي في توطيد أية علاقة سلمية بين الأطراف الليبية، وهذا عامل خارجي لا يتوقف عن توسيع الهوة بين المتحاورين الليبيين، مؤكدا في نفس الوقت أنه لا يمكن أن نغفل تأثير ما يجري في دول الجوار، وهنا يجب أن تتوفر الإرادة الحقيقية في إخماد نار الفتنة في ليبيا وليس في إذكائها، وهذا ما تسعى إليه المبادرة المغربية التي تقوم على دعوة  لحوار ليبي ليبي بشكل حيادي.
أما بالنسبة للأكاديمي عبدالفتاح البلعمشي، فهو يرى أن المبادرة المغربية لا ترتقي إلى مفهوم الوساطة بحسب القانون الدولي، وإنما تصنف ضمن المساعي الحميدة التي تقوم بها المملكة المغربية من أجل الوصول إلى حلحلة الملف الليبي المعقد، والاتفاق على قاعدة دستورية بين الفرقاء الليبيين والذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية برعاية منظمة الأمم المتحدة، لإقرار دولة الحق والقانون والمؤسسات من أجل دولة ليبيا مستقرة.
وسجل الجامعي البلعمشي أنه في الوقت الذي كان هناك تقدم في الملف الليبي ويعرف طريقه إلى الحل، لكن لأسباب ليست بالأساس ليبية، لاحظنا أن الأمور تتعقد ويتم الرجوع إلى الوراء وهذا تمت معاينته في مرحلتين، إبان التدخل الروسي، والتدخل التركي، وبعد ذلك أزمة كوفيد 19 وعرقلة الطريق إلى الحل فضلا عن تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.
ويرى البلعمشي أن معيقات الحل السياسي في ليبيا ترجع إلى محيط مغاربي منهك، لا يستطيع أن يقوم بدور حاسم في الملف الليبي، وإن كان الدور الذي يقوم به المغرب محترما وإيجابيا كسب ثقة الليبيين أنفسهم وله مصداقية دولية، فضلا عن تشكل نظام دولي جديد يضعف الدور الأوروبي بالمنطقة ويزكي الحضور الأمريكي، وساق مثالا في هذا الصدد بالبيان الثلاثي الأمريكي الإسرائيلي المغربي، ثم الضغط على إيطاليا بخصوص ملف ليبيا.
وخلص نفس المتحدث إلى أن هذه المعادلة الدولية ستؤدي إلى توازنات دولية جديدة أخرى بالمنطقة، وستلعب دورا حاسما في الملف الليبي، مع تأكيده على أن الفرقاء الليبيين مطالبون بالتوافق على القوانين الانتخابية والوثيقة الدستورية.
وكان عبد الفتاح الرفاعي، مدير نشر جريدة «معاريف بريس» قد ألقى في مستهل هذه الندوة كلمة افتتاحية وترحيبية، وقدم من خلالها أرضية الندوة ومحاورها الأساسية.


الكاتب :  الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 23/03/2023