في الوقت الذي خصّص لها المنتخبون الاتحاديون سابقا أهمية كبرى
باتت الحسرة على أوضاع فاس مطبوعة على قسمات وجوه فئة كبيرة من بنات وأبناء المدينة، والأسف على أوضاعها متداولا على الألسن، وكثير منهم يرددون حين حديثهم عنها مع بعضهم البعض جملة «آه عليك يافاس»، والكل يتساءل عن الإهمال الذي طالها في مختلف المجالات؟ مدينة شوارعها الرئيسية تآكلت وغمرتها الحفر والأخاديد، وإنارتها باتت واهنة ضعيفة، فالمصابيح الممتدة على طول شارع الحسن الثاني «تضفي» على هذه المنطقة حالة من الكآبة عندما يجوبها المواطنون ليلا أو يجلسون على كراسيها الرخامية الموروثة عن مرحلة سابقة هروبا من شدة القيظ الذي عرفته فاس خلال شهري يونيه وغشت الماضيين.
والواقع أن فاس لاتشكو من ضعف الإنارة فقط في هذه المنطقة، ففي جولة في مختلف الأزقة ودروب المدينة الجديدة يقف المتجول والسائح والقاطن على السواء على ما آلت إليه الإنارة من ضعف ملموس، ناهيك عن المجال الأخضر الذي عرف ويعرف هو الآخر الإهمال وعدم الصيانة، فباستثناء الأحواض الرائعة المزهوة بتنوع أزهارها وورودها بشارع الحسن الثاني والتي تتوسطها السواقي والنافورات الموروثة، فان أغلبية حدائق الأحياء التي أقامها المجلس الاتحادي الذي سبق أن رفع شعارا لكل حي حديقة، باتت جرداء مقفرة واتخذتها الكلاب والقطط الضالة مرتعا لها، أما حديقة فلورنسا المحاذية لشارع محمد الخامس والتي ترمز إلى التوأمة الموقعة بين فاس ومدينة فلورنسا الايطالية سابقا فإنها تبكي حظها وتكاد تصرخ طالبة من منتخبي فاس إنقاذها، ولقد صدق أحد الظرفاء الفاسيين الذي التقط مجموعة من الصور التي تعكس الإهمال الشامل لمختلف مرافق فاس، تلك الصور التي نشرها على صفحته الفيسبوكية واصفا مقاطعة أكدال القلب النابض لفاس، بمقاطعة قرية مهملة من قرى المغرب.
وعودة إلى إنجازات المجلس الحالي الذي مضى على انتخابه ما يناهز ثلاث سنوات من عمره في تسيير وتدبير شؤون فاس في مختلف المجالات، فإن حصيلته تكاد تساوي الصفر، فالبنية التحتية من إنارة وطرق وحدائق وغيرها لازالت تراوح مكانها، ولا زال السائقون يعانون الأمرين نتيجة الاكتظاظ الذي تعرفه شوارع فاس، إذ لم تلح في الأفق لحد الآن أي بادرة لتخفيفه ببناء قناطر فوقية أو سراديب أرضية كما وعد بذلك مجلس فاس عند تقديم برنامجه العام، أضف إلى هذا وذاك فإن مشكل النقل الحضري لازال قائما ولازالت الحافلات المهترئة تجوب شوارع المدينة وهي تكدّس المواطنين تكديسا وكأنهم سلع وبضائع وليسوا مواطنين يستحقون نقلا حضريا مريحا، ورغم أن مجلس فاس وبعد شد الحبل وتبادل الاتهامات بينه وبين شركة سيتي باص حول مشكل أسطولها الهرم، والذي انتهى بتدخل وزارة الداخلية حيث التزمت الشركة بضخ خمسين حافلة مستعملة لتخفيف الأزمة إلى حين تجديد أسطولها، غير أنها لازالت لحد الآن تتلكأ في تنفيذ ما التزمت به رغم مرور أكثر من ستة أشهر على توقيع الاتفاقية.
وجملة القول.. فان ساكنة فاس تتساءل عن أسباب هذا الحصار المضروب على هذه المدينة، مدينة 12 قرنا، عاصمة المغرب منذ الدولة الادريسية إلى الدولة العلوية؟ فهل ذلك يرجع إلى تقصير منتخبيها وعدم قدرتهم على الدفاع عنها وجلب الاستثمارات إليها وفك العزلة عنها؟ أم أن هناك من يعمل على تقزيمها حتى لا تعرف نهضة تنموية على جميع المستويات، على غرار عدد من المدن الناهضة في مختلف تراب المملكة.