في الوقت الذي يفترض أن يتوفر على 3 أو 4 أطباء كحدّ أدنى : أكثر من 240 ألف نسمة بدون طبيب تخدير وإنعاش في بنسليمان والجراحات المبرمجة مؤجلة حتى إشعار آخر

تقدّر ساكنة إقليم بنسليمان بحوالي 243 ألف نسمة، تتوزع على امتداد 15 جماعة، وهو كمّ بشري ومجال ترابي يحتاج إلى الإجابة عن العديد من الإشكالات المختلفة المرتبطة بالمعيش اليومي للمواطنين، وضمنها تلك المتعلقة بقطاع الصحة، التي تعتبر من أولى الأولويات، فالصحة عنوان على مستوى التنمية ومؤشر من مؤشرات جودة الحياة من جهة، ورافعة لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي لم يتحقق بالمنطقة، بما أن المنظومة الصحية فيها تعاني من العديد من الأعطاب والاختلالات التي تئن تحت وطأتها البنيات الصحية وعلى رأسها المستشفى الإقليمي بالمنطقة.
واقع قاتم يرخي بظلاله على ساكنة الإقليم، التي تضطر إلى قطع الكيلومترات صوب مستشفيات أخرى في الدارالبيضاء وغيرها، من أجل موعد جراحي مبرمج، بكلفة أكبر، على مستوى الزمن والجهد وغيرهما، بما أن الجراحات المبرمجة لم تجد طريقها إلى هذا المستشفى منذ سنوات، في ظل غياب طبيب مختص في التخدير والإنعاش، بعدما تعذّر لسبب من الأسباب تعيين طبيب، في الحدّ الأدنى، بهذا المرفق العمومي، والاكتفاء بتدبير ممرضي التخدير والإنعاش للحالات المستعجلة، في حين يتم توجيه حالات أخرى صوب مستشفيات ووجهات مختلفة.
وضعية يعيش على إيقاعها المستشفى الإقليمي ببنسليمان، دون أن تقدم المصالح المختصة على إيجاد حلّ لهذه المعضلة، إقليميا وجهويا، والحال أن هناك أطباء في مستشفيات يعيشون حالة من «العطالة» في إطار مناوبات تأتي بين الفينة والأخرى، وكان من الممكن إلحاق طبيب بهذا المستشفى لتجنيب مواطني الإقليم حجم العناء الذي يتكبّدونه، مع الإشارة إلى أن الفدرالية الوطنية لأطباء الإنعاش والتخدير كانت قد أصدرت بيانا في نونبر من سنة 2019، شددت من خلاله على أن من أسباب فشل المنظومة الصحية في المغرب، الظروف التي وصفتها بالكارثية لعمل أطباء التخدير والإنعاش، والتي أجملتها في عدد من النقاط، على رأسها الخصاص، لأنه يجب توفير 6 أطباء تخدير كحدّ أدنى لكل 100 ألف نسمة، بهدف الوصول إلى 20 طبيبا في أفق 2030، حسب منظمة الصحة العالمية، مشيرة إلى أن الأرقام تبين على أنه يوجد 1.89 طبيب تخدير وإنعاش لكل 100 ألف مواطن، وبأن أطباء التخدير بالمغرب لا يقومون فقط بالإشراف على عمليات التخدير في المركبات الجراحية وإنما يشتغلون كذلك بمصالح الإنعاش والمستعجلات، هذا في الوقت الذي ينعدم فيه تواجد ولو طبيب واحد في إقليم بنسليمان، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول سبب هذا التغييب والغايات التي تتحكم في استمرار هذا الوضع غير السويّ.
الخدمات الجراحية غير المستأنفة اليوم بالمستشفى الإقليمي ببنسليمان، الذي من المفروض أن يستقبل على غرار مستشفيات المملكة، المرضى المغاربة لتقديم العلاجات لهم وبرمجة الجراحات التي هم في حاجة إليها، تفاديا لأي تأخر إضافي بعد 3 أشهر من الحجر الصحي وتبعاته، وفقا لما أكّد عليه وزير الصحة نفسه، سيظل أمرا بعيد المنال، ما دامت السلطات الترابية والصحية وكل المتدخلين غير معنيين بالإجابة عن هذا السؤال العريض الذي يتم القفز عليه، ببعض الحلول الترقيعية، كالذي أقدمت عليه الإدارة الجهوية حلال مواجهة الجائحة حيث عملت على انتداب طبيب واحد لمدة يوم واحد في الأسبوع.
إقليم ينتظر اليوم عدد من مرضاه، الاستفادة من تدخل جراحي في جراحة المفاصل والعظام، أو الجراحة العامة، أو تلك المرتبطة بالنساء والولادة وغيرها، وتعج لوائح الانتظار بأسماء المواطنين الذين يتواصل أنينهم وتمتد معاناتهم مع المرض، لسبب واحد ووحيد، هو «عجز» أو «تقاعس» المعنيين عن توفير طبيب تخدير وإنعاش، لتظل أكثر من 240 ألف نسمة بالمنطقة بدون مختص في المجال حتى إشعار آخر.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 07/07/2020