في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ..دعم مغربي متجذر لحق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وإدانة مستمرة للاحتلال

منذ أن اختارت الأمم المتحدة عام 1979 «يوم 29 نونبر يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني»، ظل هذا الموعد مناسبة عالمية لتجديد الوعي بالقضية الفلسطينية ومأساة شعب يطالب بحقه الطبيعي في الحرية والكرامة، منذ قرار التقسيم سنة 1947، وما تلاه من حصار واحتلال وحروب وعمليات تهجير ونسف لحق فلسطين في دولتهم.
وقد شهدت دول العالم خلال الأسبوع الأخير فعاليات متعددة إحياء لهذا اليوم: مؤتمرات، مظاهرات، بيانات، ومداخلات سياسية وأكاديمية تؤكد جميعها أن جرح فلسطين ما يزال مفتوحا، وأن مأساة قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى اليوم، رغم دخول قرار وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، بلغت مستوى وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بأنه «لا يمكن تصوره»، بالنظر إلى حجم الدمار والقتل والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني.
ومع هذا الحضور العالمي المتعاظم لقضية فلسطين، تميزت سنة 2025 بمواصلة المغرب تضامنه الثابت والمبدئي مع الفلسطينيين. تضامن يستمد قوته من الشرعية التاريخية ومن الدور الريادي الذي يضطلع به جلالة الملك محمد السادس بصفته رئيساً للجنة القدس.
وقد حرص المغرب خلال العام على التعبير عن مواقف دبلوماسية واضحة داخل المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، مؤكدا على ضرورة حماية المدنيين ورفض الانتهاكات في غزة والتشبث بحل الدولتين كخيار وحيد لإقرار السلام العادل والدائم.
ومن بين أبرز تجليات هذا الحضور المغربي، تأتي الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك يوم 25 نونبر 2025 إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وهي رسالة أكدت بوضوح أن التزام المغرب تجاه فلسطين التزام متجذر يقوم على دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إذ أكدت الرسالة الملكية أنه «لا يمكن الحديث عن حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية دون معالجة جادة ومسؤولة لقضية القدس الشريف، لما تمثله المدينة المقدسة من رمزية قوية وحساسية عالية».
هذا الموقف الدبلوماسي لم يكن منفصلا عن الجهود الإنسانية التي واصل المغرب القيام بها خلال السنة ذاتها؛ إذ أشرف على إرسال مساعدات غذائية وطبية مستعجلة إلى قطاع غزة عبر جسر جوي مفتوح منذ الأشهر الأولى للحرب، في وقت كانت فيه الكثير من المعابر مغلقة وكانت الاحتياجات الإنسانية في أعلى مستوياتها.
وقد اعتُبرت الخطوة المغربية من بين المبادرات العربية القليلة التي تمكنت عملياً من إيصال مساعدات إلى المدنيين داخل القطاع رغم صعوبة الظروف، وهو ما ثمنته منظمات دولية وإقليمية اعتبرت أن المغرب حافظ على تقليد التضامن العملي الذي لا يكتفي بالتنديد الخطابي.
ويتكامل هذا الجهد الإنساني مع العمل المتواصل الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع الميداني للجنة القدس، والتي كثفت خلال سنة 2025 تدخلاتها في المدينة المقدسة، سواء عبر دعم الأسر المقدسية، وتمويل مؤسسات تعليمية وصحية، أو من خلال مشاريع حفظ التراث وإعادة تأهيل المراكز الاجتماعية.
ومما ميز هذه السنة أن الوكالة ضاعفت برامجها لفائدة الأطفال والنساء داخل القدس، في وقت تتعرض فيه المدينة لحملة تهويد شرسة ومحاولات ممنهجة لطمس هويتها العربية والإسلامية. وقد ظل المغرب، من خلال هذه الوكالة، واحداً من الدول القليلة التي تقدم دعماً مستمراً ومنتظماً للقدس دون انقطاع، بما يمنح حضوره مصداقية عالية داخل النقاش الدولي المتعلق بمستقبل المدينة.
في السياق نفسه، شهد المغرب (خلال سنة 2025)، بمجتمعه المدني وإعلامه ونقاباته وفعالياته الثقافية، تحركات واسعة تؤكد مركزية فلسطين في الوعي الوطني. ففي المدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة وأكادير، خرجت مسيرات ضخمة حملت شعارات تدين العدوان على غزة، وتعبّر عن ارتباط وجداني وسياسي بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية عدالة وحقوق إنسان وليست مجرد ملف سياسي عابر. كما نظمت الجامعات المغربية ندوات أكاديمية ناقشت السياق الدولي الجديد للقضية الفلسطينية، وقدّم فيها الأساتذة والباحثون قراءات تربط بين مأساة غزة وبين التحولات الجيوسياسية في المنطقة. وأصدرت منظمات حقوقية مغربية بيانات تطالب المجتمع الدولي بوقف الإبادة الجماعية في غزة، وتدعو إلى حماية المدنيين وفتح الممرات الإنسانية، فيما انخرطت الصحافة المغربية في حملات واسعة لنقل تفاصيل المأساة الإنسانية، وتحليل خلفيات الصراع، والتذكير بتاريخ الدعم المغربي الرسمي والشعبي لفلسطين، وهو دعم متجذر ارتبط تاريخياً بمكانة القدس في الوجدان المغربي وبدور المملكة داخل لجنة القدس.
وعلى مستوى الخطاب الدولي، تواصلت الإدانات العالمية للحرب على غزة، سواء من جانب الأمم المتحدة أو الوكالات الإغاثية والجمعيات الدولية أو الأصوات الأكاديمية والسياسية التي أكدت كلها أن ما يحدث هو فصل غير مسبوق من المعاناة الجماعية، يتجاوز البعد المحلي ليصبح قضية إنسانية كونية.


بتاريخ : 29/11/2025