يحتفي العالم يوم 21 مارس من كل سنة باليوم العالمي للشعر، ويعَد هذا الاحتفاء في المغرب مناسبة لاستحضار أسماء شعراء كبار شكّلت أعمالهم عنوانًا لازدهار الشعر المغربي. فقد أبدع العديد منهم في كتابة قصائد رائعة تحوّلت إلى أغاني خالدة، ميّزت الفترة الذهبية للأغنية المغربية. وقد لحّن هذه القصائد كبار الموسيقيين، وأدّاها مطربون ومطربات من العيار الثقيل.
ومن بين هؤلاء الشعراء، نجد الإعلامي والحقوقي، والرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب، الأستاذ عبد الرفيع الجواهري، صاحب «وشم في الكف»، «شيء كالظل»، «كأني أفيق»، إضافة إلى زاويته الصحفية الشهيرة «ركن نافذة»، التي كان ينشرها في جريدتي الاتحاد الاشتراكي ثم الأحداث المغربية، حيث تركت أثرًا عميقًا لدى المغاربة بأسلوبه النقدي الساخر ورسائله الموجهة إلى مختلف المسؤولين.
من إبداعاته الشعرية التي تحوّلت إلى أعمال غنائية خالدة: «القمر الأحمر»، «راحلة»، «ميعاد»، «الشفاه الحمر»، «رموش»، «ذكرى طفولة»، «لقاء»، «النخيل»، «أطفال الحجارة»، و»قصة الأشواق».
تتميّز قصيدة «قصة الأشواق» بخصوصية فريدة، حيث تتمحور حول الماء، وبالضبط حول نهر أبو رقراق، الذي وصفه الجواهري في قصيدة «القمر الأحمر» بالعظيم، وخصّه بحب وارتباط واضحين، إذ ورد ذكره في القصيدة عدة مرات.
هذا النهر العريق، الذي يحمل حمولة تاريخية غنية، كان شاهدًا على تعاقب الحضارات الإنسانية لقرون طويلة، واحتضن محطات تجارية للفينيقيين والقرطاجيين. كما يمر بمحاذاة مواقع أثرية بارزة مثل مدينة شالة، وصومعة حسان، قبل أن يصب في المحيط الأطلسي قرب معلمة قصبة الأوداية، بعد أن يخترق السهول والهضاب والمنحدرات، حيث تزينه مناظر طبيعية خلابة أضفت عليه عبر التاريخ مهابته وجماليته.
بعد أن صاغ الجواهري كلمات هذه القصيدة، أضفى عليها الموسيقار عبد السلام عامر بُعدًا موسيقيًا استثنائيًا، وجاء أداء العندليب محمد الحياني ليمنحها روحًا خالدة بصوته الدافئ.

تقول كلمات القصيدة:

قدحي أنا قد جف يا رقراق،
فاسكب حمى السحر في الأحداق.
لون جناح الشعر في عودي،
خذني بموجك موجة نشتاق.

لتضيع في الإبحار في رحلة،
وتعود بالأقمار في الأطباق.
الشمس لو غربت على أبراجها،
نامت بحضنك لا على الآفاق.

وإذا صحت غنّت لأنغامك،
أهدت لصدرك قبلة الإشراق.
رقراق يا رقراق يا أنشودة،
تحكي عمر الجمال وقصة الأشواق.

وتُرى إذا غنى حلا لو راق،
كان الغناء رقراق يا رقراق.

خضب شفاه السحر في أرضي،
فتح عيون الزهر والأوراق.
وعلى المراعي مرّ يا خير رش،
الخصوبة كثر الإغداق.

تِهْ في الحقول الخضر كالحلم،
تِهْ يا جميل فكلنا عشاق.

رقراق يا أنشودة تحكي عمر الجمال وقصة الأشواق.