في انتظار النسخة النهائية من فيلم «مطلقات الدار البيضاء»

بدعوة كريمة من المخرج الصديق محمد عهد بنسودة، شاهدت مؤخرا بمدينة تمارة المونطاج الأولي لفيلمه السينمائي الروائي الطويل الجديد «مطلقات الدار البيضاء» (2023)، برفقة الصديقين الناقد السينمائي محمد اشويكة والصحافي خالد لمنوري، وبحضور مخرج الفيلم وكاتب سيناريوه عبد الإله الحمدوشي والمشرفين على مونطاج الصور محمد الوزاني ورشيد علال.
وقد ناقشنا الفيلم شكلا وموضوعا مع المخرج ومن معه وأبدينا رأينا في ترتيب بعض لقطاته ومشاهده وما يمكن حذفه منها (خصوصا في البداية والنهاية) لتصبح مدته الزمنية مناسبة وإيقاعه متوازنا.
يمكنني تلخيص انطباعاتي الأولية عن الفيلم فيما يلي:
1 – توفق المخرج نسبيا في اختيار وإدارة الممثلات والممثلين الذين شخصوا أدوار الفيلم الرئيسية: مونية لمكيمل وبشرى أهريش وصونيا عكاشة وزينب عبيد ونادية العلمي وسعيدة شرف ومحمد الشوبي وعبد اللطيف شوقي ونبيل عاطف ويونس لهري وخالد الزويشي وجميلة مصلوحي ووليد ولهي ويونس بتزاكور وهشام إشعاب وماجد لكرون والطفلات (خصوصا إبنة لمكيمل وابنة عكاشة في الفيلم) وغيرهم، لأنهم في غالبيتهم كانوا مقنعين بتلقائيتهم وحضورهم القوي أمام الكاميرا.
2 – نجح المخرج أيضا في تقديمه لمدينة الدار البيضاء ووجهها الحداثي وفضاءاتها الخارجية والداخلية المتنوعة في صورة جميلة، عكس بعض الأفلام التي اختار مخرجوها التركيز على مظاهر البؤس والقبح في عاصمتنا الإقتصادية، وبهذا التصوير الجميل من زوايا مختلفة (خصوصا من الأعلى) يساهم الفيلم في التسويق سياحيا لكازابلانكا.
3 – موضوع الفيلم من مواضيع الساعة داخل المجتمع المغربي، فمن خلال تتبع حالة كل مطلقة على حدة، ومن خلال التشابك والتداخل بين هذه الحالات، يقف المتلقي على جانب من معاناة هؤلاء النسوة مع أزواجهن وانعكاسات ذلك على الأبناء.
4 – مطلقات الفيلم وغيرهن، في غالبيتهن، مستقلات اقتصاديا، ولعل هذا ما جعلهن متشبثات بحريتهن ومكافحات من أجل تربية أبنائهن أو جريئات في التبليغ عن محترفي الإبتزاز الإلكتروني لهن.
5 – بعد موضوع التحرش الجنسي في فيلمه «خلف الأبواب المغلقة» (2013)، جاء فيلم «مطلقات الدار البيضاء» ليسلط الأضواء على عينة أخرى من مشاكل ومعاناة المرأة داخل مجتمعنا الذي تهيمن عليه العقلية الذكورية، فكلا الفيلمين مكمل للآخر لأن كلا منهما عبارة عن دراما اجتماعية بطلتها امرأة بالدرجة الأولى بالمفرد أو بالجمع.
6 – يبدو أن السينما المغربية التفتت مؤخرا للممثلة الشابة مونية لمكيمل وقدراتها التشخيصية الهائلة، فبعد تألقها في بعض الأعمال التلفزيونية والمسرحية لفتت انتباه بعض المخرجين السينمائيين المغاربة من قبيل عبد الحي العراقي في فيلمه الجديد «أوما لولو»، الذي صور بفاس من منتصف ماي إلى منتصف يونيو سنة 2022، وعهد بنسودة في فيلمه الجديد «مطلقات الدار البيضاء»، المصور أواخر سنة 2022 بكازابلانكا. وبما أنني قد شاهدت هذا الفيلم الأخير بعد تركيبه الأولي يمكنني الجزم أن لمكيمل كانت في مستوى انتظارات المخرج والمتلقي منها وهي تشخص بتلقائيتها المعهودة دور امرأة مطلقة تنتمي إلى أسرة غير ميسورة الحال.
تجدر الإشارة إلى أن أول وقوف لمنية لمكيمل أمام كاميرا السينما كان في الفيلم القصير «أزمة» (2016) لعبد الإله زيراط، وقد انتهت مؤخرا من تصوير دورها في فيلم قصير آخر بعنوان «أطفال القمر» من إخراج يوسف إكورد.
لنا عودة لفيلم «مطلقات الدار البيضاء» بعد مشاهدة نسخته النهائية خلال السنة الجارية.


الكاتب : أحمد سيجلماسي

  

بتاريخ : 03/02/2023