في انتظار «وصفات ناجعة» تحد من استفحال الظاهرة:متسولون ، من فئات عمرية مختلفة ، يتحدثون عن أسباب امتهان حرفة «مد اليد» بشوارع المحمدية

من الظواهر الاجتماعية الأكثر إثارة للتساؤلات، بفعل استفحال تمظهراتها في مختلف المدن والقرى، ظاهرة التسول، التي يتزايد عدد «ممتهنيها « سنة بعد أخرى، لدرجة بدأت ترافقها ، أحيانا ، « قصص» لافتة تكشف عن ضبط «متسولين» و»متسولات»، في هذه المدينة أو تلك ، يتحركون بسيارات فارهة ويحتالون على المارة بادعاء «عسر الحياة» أو اصطناع الإعاقة… ظاهرة طالت العديد من الأطفال ، الذين أصبحنا نصادفهم في مختلف الأماكن العامة والخاصة والطرقات والازقة، بالقرب من المقاهي والمساجد والمحلات التجارية، كما قد يلجأ بعضهم للاختباء وراء أدائهم لخدمات معينة ك « تنظيف الأزقة «بغية استدرار عطف المارة ، أو ادعاء مرض الوالد أو الوالدة او بيع الورود و المناديل الورقية…
إنها طرق وأشكال مختلفة للتسول، تتغير حسب الزمان والمكان، تدفع إلى طرح تساؤلات بشأن «مدى نجاعة المشاريع والبرامج الاجتماعية» المعلن عنها سابقا ، مركزيا وفي بعض الجهات، في التصدي لهذه الظاهرة ؟ و كذا «جدوائية النصوص القانونية المجرمة لفعل التسول «؟
ظاهرة لم تسلم منها أزقة وفضاءات مدينة المحمدية، كما يستشف من نماذج حاولنا معرفة «أسباب» تعاطيها للتسول.
حسن « 12 سنة « ، كان يحمل محفظة على ظهره، ويوزع الورود على المارة متوسلا منحه بعض الدراهم ، يقول : « نحن 9 اخوة في البيت 4 بنات و5 أولاد، وأمي، زوجها المدمن يخرجنا لكي نجلب له المال ليشتري به المخدرات، البنات يشتغلن خادمات في البيوت، أكبر إخوتي يعمل في النجارة والمتوسط في الحدادة وما تبقى يمارسون التسول مثلي».
وبخصوص المحفظة التي يحملها على ظهره، يقول: «أنا لا أذهب الى المدرسة، وانما احملها فقط لأكسب تعاطف المارة وخاصة النساء. ومن المارة من يعطيني المال ويشتري لي الاكل ومنهم من يعطني الملابس القديمة، كما أن هناك من يشتمني ويطردني.. إن زوج أمي يعنفنا في حالة عدم إحضارنا للمال، ورأفة بأمي أقوم بذلك «.
من جهته يحكي ميلود «56 سنة»، قائلا: «لدي ثلاثة أولاد رموني في الشارع، بعد أن أخذوا منزلي المتكون من 3 طوابق والسطح، واستقر كل واحد منهم في شقة مع زوجته، وأنا اقطن في السطح في الشتاء والصيف ولا أجد قوت يومي، لذلك اضطر الى الخروج الى الشارع والتسول لشراء الاكل والدواء، لأنهم يرفضون مساعدتي. أكثرمن ذلك ، أتعرض للسب والشتم من طرف زوجاتهم. حسبي لله ونعم الوكيل».
في جولتنا ذاتها، تحدثت إلينا، مليكة «35 سنة. أم لطفلين»، مصرحة «بعد وفاة زوجي وجدت نفسي في الشارع، صحبة ابني وابنتي . كانت أمنيتي الوحيدة ان يتمكن طفلاي من متابعة دراستهما بشكل طبيعي، ولكن شاء القدر أن يقول كلمته، حيث بعد إدخالهما بسنة الى المدرسة توفي أبوهما ، وأنا لم أستطع تحمل عبء تكاليف المدرسة ومصاريف الكراء والاكل والشرب فأخرجتهم منها مضطرة ، ولم أجد أمامي سوى التسول «.
بالنسبة لليلى «15 سنة» ، فالقصة بدأت ب «العمل كخادمة في البيوت وذلك لأساعد ابي – من ذوي الاحتياجات الخاصة – لكن راتبي كان لا يكفيني، وكنت دائمة الشكوى لصديقتي، التي نصحتني بالعمل معها في التسول، لأنها تكسب في اليوم ما أكسبه انا في اسبوع؟ أعجبني الامر بعد ان جربته لأول مرة، بحيث ربحت في اليوم الأول 150 درهما وبعدها أصبحت اكسب في اليوم 250 الى 450 درهما في اليوم، لكن مالم يعجبني هو تحرش بعض الشباب بي».
ويقول عمر 14 سنة: «أنا بصراحة سبب خروجي للتسول هو الإدمان، عندما كنت في أولى إعدادي رافقت بعض رفقاء السوء الذين اعتبرهم السبب الرئيسي في إدماني. كنا نجمع بقايا السجائر المرمية في الأرض وندخنها الى أن أصبحت غير قادر على الاستغناء عنها، كما أصبحت بحاجة الى المال لكي أقتني المخدرات ، وذلك دون علم أسرتي . إنني في دوامة ولا أعرف كيف أخرج منها»؟

(*) صحافية متدربة


الكاتب : أمينة بطاش (*)

  

بتاريخ : 20/01/2022