في بيان لمجلس التنسيق الوطني لقطاع المحامين الاتحاديين: إدانة قوية لفصل مهنة المحاماة عن امتداداتها الطبيعية من القوى السياسية والمجتمعية

أصدر مجلس التنسيق الوطني لقطاع المحامين الاتحاديين المجتمع يوم السبت 2022/10/15 بالرباط، تحت رئاسة الكاتب الأول للحزب الأستاذ إدريس لشكر، بيانا أعرب فيه أنه :
1- يثمن مضامين العرض الهام الذي افتتح به الأخ الكاتب الأول أشغال الاجتماع وتناول فيه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتميز باستمرار نهج التغول، وتفاقم الأزمة على مستويات عدة تعجز الحكومة عن مواجهتها وارتكانها الى التذرع بالأزمة الدولية. كما حلل بشكل مستفيض واقع مهنة المحاماة ورهانات الحزب والمهنة على المحاميات والمحامين الاتحاديين. وينوه بخصوبة وتعدد وجهات النظر التي طبعت النقاش الذي عرفه الاجتماع وشاركت فيه مجموعة كبيرة من المتدخلات والمتدخلين.
2- يستحضر بافتخار واعتزاز الأدوار الطلائعية التي لعبها المحامون المغاربة عبر هيئاتهم ومنتدياتهم، وبواسطة جمعية هيئات المحامين المغاربة، من خلال رجالات ونساء المهنة الذين طبعوا تاريخ المغرب الحديث، من خلال انحياز المحامين لنضال القوى الوطنية الديمقراطية من أجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، واستماتتهم في الذود عن حقوق الانسان والحريات العامة، وقد قدموا في سبيل ذلك تضحيات جسامَ باستهداف أرواحهم مثل الشهيد عمر بنجلون، وباضطرارهم للاغتراب مثل الفقيد النقيب عبد الرحمان اليوسفي، وبتحملهم محن الاعتقال والسجن مثل القائد الاشتراكي الكبير والمحامي عبد الرحيم بوعبيد،  وأمثالهم كثير.. ويحتفظ ضحايا سنوات الرصاص للمحامين المغاربة بمواقفهم البطولية في الصدع بالحق، ومقاومة الظلم، وفضح المحاكمات الصورية وما تخللها من خروقات وصدر عنها من أحكام قاسية وجائرة.
3- يسجل أيضا الدور الرائد الذي لعبه المحامون المغاربة، الى جانب القوى الوطنية الديمقراطية، في النضال من أجل استقلال السلطة القضائية، يقينا منهم أن هذا الاستقلال يعد ضامنا لعدالة نزيهة وشفافة ومناصرة للحق والقانون. وإذ تحقق هذا المطلب بعد إقراره في دستور 2011، وإرساء هذا الاستقلال من خلال المجلس الأعلى للسلطة القضائية واستقلال النيابة العامة؛ فإن واقع الحال ينطق بوجود توجهات تستهدف إضعاف مهنة المحاماة، وتحميل المحاميات والمحامين المغاربة أوزار مظاهر الفساد التي لا تزال تنخر جسم العدالة..
4- وبالنظر لما تحقق على درب استقلال السلطة القضائية، واعتبارا لكون العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود دفاع قوي، محصن، ويتمتع باستقلالية قصوى؛ فإن التحولات الحالية والمستقبلية تفرض اعتبار المؤسسات والإطارات التمثيلية للمحامين شركاء أساسيين في كل القضايا، والإجراءات، ومشاريع القوانين، وكل ما يتعلق بالعدالة في نطاقها العام والشمولي.
5- يعتبر أن إضعاف المهنة، ماديًا وأدبيًا، يخدمه بنفس منطق المتوجسين من قوة ومناعة المؤسسات المهنية للمحامين المغاربة، مع الأسف، بعض ممن يتخفون وراء شعارات تستهدف الفاعلين والنشطاء السياسيين بالترويج في كل استحقاق مهني لعدم تسييس المهنة، وهي دعوات يتحصن خلفها مفسدو الاستحقاقات المهنية في استغلال ماكر للأوضاع المادية لقطاع واسع من المحاميات والمحامين وخاصة الشباب منهم، وهي أوضاع ناتجة عن ممارسات الاحتكار والسمسرة التي يحترفها مروجو هذه الشعارات خدمة لأهدافهم في الاستئثار بالمواقع المهنية لتحصين مواقعهم ومكاسبهم على حساب الأغلبية المتضررة، وأيضا لفصل مهنة المحاماة عن امتداداتها الطبيعية من القوى السياسية والمجتمعية التي تقاسمها قيم العدل والحرية وحقوق الانسان.
واستنادا الى هذه المقدمات وغيرها مما يضيق عنه هذا البيان؛ فإن المحاميات والمحامين الاتحاديين:
– يتأسفون للتصريحات والتصرفات غير المسؤولة لوزير العدل في تعاطيه مع قضايا مهنة المحاماة، وخاصة تصريحه الأخير بوقف التعاطي مع جمعية هيئات المحامين المغاربة. وهو أمر بالغ الخطورة لم يسبق أن صدر عن وزراء العدل المتعاقبين حتى في أحلك الظروف..وهو دليل آخر على استمرار منطق التغول في تعاطي الحكومة، كهيكل وكجزر، مع الفرقاء السياسيين والمجتمعيين. ويدعونه للإسراع بمخاطبة وفتح حوار جاد ومسؤول مع المؤسسات الممثلة للمهنة لإعداد مشروع متكامل يحظى بالتوافق قبل إحالته على المسطرة التشريعية.
– يؤكدون انخراطهم في كل الخطوات التي تقررها المؤسسات المهنية المخولة وجمعية هيئات المحامين المغاربة، وفي الوقفة الاحتجاجية المعلن عنها، لمواجهة كل محاولة للنيل من مهنة المحاماة برجالها ونسائها ومؤسساتها.
– يدعون السادة نقباء الهيئات ومجالسها، ومكتب الجمعية ورؤسائها السابقين، وكل الفعاليات المهنية، الى رص الصفوف وتجاوز كل الخلافات، باعتبار ذلك السبيل الأنجع لحماية المهنة وتقويتها، وهو ما يفرض وباستعجال، وقبل مؤتمر الداخلة، بذل أقصى الجهود الممكنة لعودة هيئة الدار البيضاء الى الجمعية، اعتبارا لدورها التاريخي ولحجم ما تمثله كميا ونوعيا في المهنة، وتقديرا لطبيعة المؤتمر زمانا ومكانا وما يفرضه الوازع الوطني من ضرورة إنجاح هذه المحطة بالحضور القوي والوازن، تأكيدا للإجماع الوطني حول قضيتنا الوطنية المقدسة.
– يعبرون عن انخراطهم الجماعي في برامج الحزب، واستعدادهم للمساهمة مع الفريقين البرلمانيين في مواكبة القوانين المعروضة في مسطرة التشريع، وتقديم المقترحات والتعديلات التي تتوافق مع توجهات حزبنا التقدمية والحداثية، خاصة ما يتعلق بتعديل مدونة الاسرة، المسطرة الجنائية، المسطرة المدنية، القانون الجنائي، القوانين ذات الصلة بالطفولة.. وغيرها من القضايا التي سينكب القطاع على دراستها وتقديم مقترحات بشأنها لقيادة الحزب.
– يقررون تنظيم يوم دراسي يخصص للتفكير في قضايا مهنة المحاماة، والمشاريع والمقترحات بشأن تجويد القانون المنظم للمهنة، بما يحافظ على المكتسبات، ويحقق مزيدا من الاستقلالية والحصانة لهيئة الدفاع، واعتبار المحاماة شريكا أساسيا في العملية القضائية، وضمان الشروط الضرورية لحضور المحاميات، والمحامين الشباب، في المؤسسات المهنية.


بتاريخ : 17/10/2022