في تأبين عميد البحث التاريخي.. إبراهيم بوطالب: الراحل كان  من السباقين لوضع تاريخ تركيبي للمغرب

آن الأوان لهذا الفارس أن يترجّل عن حصانه، إبراهيم بوطالب، صاحب “تاريخ المغرب”، “بين القومية العربية والجامعة الإسلامية”، “تاريخ العصر الوسيط”، “سبتة و مليلية: تاريخ ووقائع”، “تاريخ المغرب الحديث والمعاصر” و “البادية المغربية عبر التاريخ”… ، وذلك يوم 1 مارس 2022 ، لتنظم جامعة محمد الخامس بالرباط بعد أربعين يوما من وفاته حفل تأبينه،  بحضور شقيقه، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمينة بوعياش، وإدريس اليازمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج.
ومجموعة من الأساتذة والطلبة، ورفاق دربه الذين جاؤوا يرثون أستاذهم وزميلهم، إذ طغى على نبرة أصواتهم الحزن و التأثر لفراق رجل أعطى الشيء الكثير للبحث العلمي ولساحة النضال السياسي، وقد حضر جمال الدين الهاني عميد كلية محمد الخامس للآداب والعلوم الإنسانية محمد الخامس، و لطيفة الكندوز رئيسة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، وجامع بيضا مدير مؤسسة أرشيف المغرب وخالد بن صغير المنسق العلمي لمجلة “هيسبيريس تامودا”.

استهل الحفل بكلمة افتتاحية لرئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب بالرباط، عبد العزيز الطاهري،  الذي أكد أن المسار المهني للراحل إبراهيم بوطالب تأثر كثيرا بوالده عبد العزيز بوطالب، الذي استشهد أثناء إحدى المظاهرات المطالبة بالاستقلال سنة 1944، عندما كان إبراهيم في سن السابعة من العمر، ما حفزه على  دراسة التاريخ ودخول معترك النضال الوطني في حزب الاتحاد الاشتراكي.  قبل عرض شريط فيديو يضم أهم محطات حياته العلمية، ومقتطفا من إحدى ندواته. وقد قال في حقه جمال الدين الهاني، إن مسيرة بوطالب كانت مسيرة موفقة، عاش محطات رائدة في حياته العلمية، وهو ابن عائلة وطنية، حيث استشهد والده سنة 1944، أثناء أحداث المطالبة بالاستقلال، وهو حاصل على الاجازة عام 1961، ليتابع دراسته بجامعة السوربون ويحصل على شهادة عليا في التاريخ. كانت له بصمة خاصة في المدرسة العليا للأساتذة، التي درس ودرّس فيها، وقد كان له الفضل في تأسيس مقررات التاريخ بالمغرب المستقل وتنوعت كتاباته واهتماماته، إبان الفترة المعاصرة، بين العلاقات التجارية الفرنسية المغربية خلال ق 18، الصحراء المغربية وتاريخ الزمن الراهن… ، فكان المرحوم من السباقين لوضع تاريخ تركيبي للمغرب.

أما لطيفة الكندوز، فقد قدمت لعائلة الفقيد أحر التعازي، منوهة الى أن بوطالب أحد أعمدة البحث التاريخي، فهو الأستاذ الموجه، الوطني الغيور على هذا الوطن، المصر على المواكبة الشخصية لتكوين الطلبة، وأضافت قائلة :”كان خطيبا بليغا، يفرض احترامه على الجميع”، وقد سن مبدأ العضوية بالجمعية المغربية للبحث التاريخي بدون تزكية، فصار بفضله كل باحث حاصل على شهادة عليا له هذا الحق، فقد أرادها جمعية عالمة، لكن محتضنة لكل الطاقات الشابة، وسهر على إشعاعها العلمي وطنيا ودوليا، فعمل على إلحاق الجمعية سنة 1998 بالجمعية الدولية للتاريخ.

مداخلة جامع بيضا استرجعت محطات وذكريات ربطته بالمرحوم إبراهيم بوطالب، مستهلا بكلامه بـ”أستاذي.. وزميلي”، فقد جمعتهما سنوات السبعينيات، إذ كان بيضا طالبا بالكلية عندما تعرف على أستاذه، الذي كان يزاوج بين النضال التربوي والعلمي والسياسي في صفوف الاتحاد الاشتراكي، محاضراته كانت تستقطب أكبر عدد من الطلبة، نظرا للكاريزما التي كان يتمتع بها، حيث لم يكن أستاذا نمطيا بل كان يفتح أقواسا تفسح المجال أمام النقاش والتفاعل، وهو من شجعه لاحقا على تسلم منصب تسيير أرشيف المغرب،  بعد أن تخوف من المهمة، على اعتبار أنها فرصة لرد ولو بصيص الفضل لوطن منحنا كل شيء، مضيفا أن تواجده بالأرشيف الفرنسي جعله يتعرف على والد أستاذه عبد العزيز بوطالب، إذ وجد هناك وثائق تبين رفض فرنسا لإحداثه جريدة ناطقة باللغة العربية وذلك عام 1932، قائلا :” سعد جدا أستاذي إبراهيم بوطالب وأنا أسلمه تلك الوثائق، بحيث لم يكن يعرف بوجودها من قبل “.

خالد بنصغير اعتبر أن علاقته ببوطالب تدرجت من التلميذ إلى الطالب، ومن الزميل إلى مكانة الصديق والأب، فقد تعرف عليه قبل الكلية  في فترة الإعدادي والثانوي، كأستاذ لمادة التاريخ، فكان للمرحوم دور في قطع الطريق أمام المقررات القادمة من الشرق، حيث  أشرف على تأليف مقرر ناجح لمادة التاريخ والجغرافيا، درس به خلال فترة السبعينات ليستمر عشرين سنة، مع تحيينه بإضافة حدث المسيرة الخضراء، أما مجلة هسبريس تامودا فقد أصبحت مجلة مصنفة، بفضل جهود أستاذ الأجيال وجرمان عياش، بعد أن كان إصدارها تراجع من 4 مجلدات في السنة إلى مجلد واحد بعد الاستقلال.

 

*صحفية متدربة

 

 


الكاتب : سلوى جطاري*

  

بتاريخ : 14/04/2022