في تقديم كتاب» حفريات نقدية من المغرب السياسي…» لمؤلفه عبد الرحيم العماري

أساتذة جامعيون بالمحمدية يقدمون قراءات من زوايا مختلفة

 

رأى علي كريمي أن المؤلف الجديد لعبد الرحيم العماري»حفريات نقدية من المغرب السياسي
الجزء الثاني الصحراء وقضايا نسق ما بعد كورونا»، هو امتداد لمؤلفه الصادر سنة 2016، إذ أن القضايا التي ناقشها الكتاب الجديد، هي مترابطة ومتناسقة، مما يجعل القارئ أمام مشروع متكامل .
وذكر علي كريمي خلال لقاء تقديم الكتاب الذي قام بتسييره سمير أو القاضي، بما تضمنه الإصدار الجديد من مواضيع وقضايا، منها ارتباط الصراع في المغرب في الفترة الزمنية التي عالجها عبد الرحيم العماري، بحقوق الإنسان، إذ سلط الضوء على إحدى المراحل الأساسية من حياة المغرب، كما عرج في مداخلته على المعطى الخارجي، الذي فرض من خلاله على المغرب، احترام حقوق الإنسان من طرف الدول المتقدمة.
وأثار كريمي في حفل تقديم المؤلف الجديد المنظم من طرف مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية المحمدية الاثنين الماضي، إحدى اللحظات الأخرى التي رأى أنها أساسية وجوهرية، وهي تلك المرتبطة بظهور الكوليرا في المغرب سنة1972، في ظرف سياسي وجوهري، عرف فيه المغرب محاولتين انقلابيتين فاشلتين، وكذلك أحدات مولاي بوعزة سنة 1973، وما تعرضت له الحركة الاتحادية من عقاب، قبل أن تأتي سنة 1975، التي شهدت إعطاء متنفس في مجال حقوق الإنسان والحريات، مذكرا في هذا الباب بالشرط الدولي والمؤتمرات الدولية التي انعقدت في الموضوع، وربط المساعدات الدولية أيضا بمدى احترام حقوق الإنسان، مضيفا أن هذه اللحظة التقت مع قضية الصحراء.
وقدم علي كريمي قراءة في باقي المحاور التي تطرق لها كتاب عبد الرحيم العماري، منها مشاركة الحركة الوطنية في انتخابات 1976، وكذا لحظة التناوب التوافقي، حيث تم توسيع الهامش الديمقراطي أكثر، وما تلا ذلك من متغيرات مرتبطة بمؤسسات تعنى بحقوق الإنسان وبعدة مشاريع أفلس البعض منها، مشددا على الحاجة إلى نموذج تنموي جديد مع توحيد جهود الحركة الوطنية وكل المؤمنين بحقوق الإنسان لإنجاح هذا المسعى.
من جهته محمد حفيظ شدد في قراءته على النسقية، إذ أن جميع بحوث الأستاذ العماري تسير في هذا الاتجاه، فهو مهووس بهذا المفهوم .
وكشف حفيظ، أن المؤلف حريص على التوثيق الحي في تتبع الواقع والأحداث، مشيرا إلى أن الكتاب يقدم خدمات للباحثين والأكاديميين، كما أعطى قيمة للمحادثات مع الباحثين مثال الفصل2 قسم 2 ص 293 حيث تطرق الكاتب إلى مكالمة أجراها مع المتدخل نفسه، وهو مثال على تنويعه لمصادر المعلومة. كما انشغل الكاتب في كتابه بالسؤال أكثر من الجواب .
ورأى محمد حفيظ أن الكتاب عبارة عن قراءة مفتوحة لبعض الأحداث الهامة في تاريخ المغرب.
وعرجت المداخلة على موضوع الإعلام، حيث تساءل عن أدوار الإعلام والصحافة المغربية اليوم، وما إن كانت هذه الأدوار في خدمة المجتمع، متسائلا حول واقعهما ومستقبلهما، في ظل مشهد متحكم فيه من طرف السلطة التنفيذية.
وأشارت المداخلة إلى غياب الدمقرطة والمهنية والاستقلالية والاحترافية في هذا القطاع.
عزالدين خمريش بدوره تطرق إلى القضايا المهمة في المغرب التي عالجها الكتاب بالتحليل والتمحيص، حيث يقول إن الأستاذ العماري، سلط الضوء على المشهد الإعلامي انطلاقا من منظور علمي ومن ثمة الخروج بمجموعة من الخلاصات، موضحا أن الكتاب عالج تأثيرات القضايات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على تدبير ملف الوحدة الترابية .
وشدد المتدخل على أن المؤلف طرح كتابه مجموعة من الإشكاليات، والدور الذي لعبه التناوب التوافقي في ملف الوحدة الترابية في عهد الراحل عبد الرحمان اليوسفي، معرجا في مداخلته على الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء التي رأى أنه تم وفق الدستور الأمريكي، ولايمكن مراجعته إلا بموافقة ثلثي أعضاء الكونجرس الأمريكي، بخلاف الموقف الإسباني.
عمر الشرقاوي طرح مجموعة من الأسئلة، وهي الأسئلة التي تولدت لديه من خلال قراءته للكتاب، مذكرا بالمسار العلمي والأكاديمي لعبد الرحيم العماري، كما تساءل عن سبب اختيار الكاتب لهذا الموضوع، وماهي الأسباب التي دفعته إلى تأليف هذا الكتاب، وماذا نتوقع منه من حيث الجودة والمضمون والمحتويات.
وكجواب عن كل هذه الأسئلة، أوضح عمر الشرقاوي، أن الكتاب جاء مليئا بالموضوعات التي يمكن أن تكون موضوعات للبحوث والأطاريح الجامعية، كاشفا أن عنوان الكتاب صادق يلخص المضمون ويعكس شخصية الأستاذ، فالكتاب مكون من 409 صفحات ومن 7 فصول، يعكس الأمانة العلمية، كما هو غني من حيث المراجع( 115 مرجعا).
سعيد خمري في مداخلته نوه بنشاط مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بالمحمدية، مشيرا إلى أن الكتاب اعتمد على مجموعة من التوجهات، حفري، نقدي أنموذجي ،معرفي وسياقي، كما أن المقاربة المعتمدة تبقى وفية للنسقية، إذ أن الكاتب يعتبر من النسقيين المهتمين بالتواصل السياسي، ويستحضر البيئة الوطنية والمحيط الدولي والعلاقات مع ألمانيا وإسبانيا والجزائر من خلال هذا المؤلف.
وأشار إلى أن عبد الرحيم العماري ركز على الرهانات المطروحة على المغرب، منها ملف التنمية وقضية الصحراء، بعلمية صارمة ويستحضر الرهانات الخارجية والرهان الداخلي والتعامل مع المعطى التنموي لدعم القضية الوطنية، والكتاب ليس موجها فقط للأكاديميين، ولا يخص فئة محددة، يقول سعيد خمري، بل هو محاولة للبحث والفهم والتفسير، ورسالة الكاتب، يرى خمري، أنها إما مكشوفة أو مبطنة، وزاوج الكتاب بين المنهجية الأنجلوسكسونية والفركوفونية، كما نجد حضور المسألة الاجتماعية من خلال تدبير أزمة كوفيد 19، والتساؤل الذي طرح آنذاك حول حدود تدخل الفاعل المركزي والفاعل اللامركزي، وكيف كان تأثير الفاعل الاجتماعي في تدبير أزمة كورونا، حيث طرح من جديد سؤال الدولة الاجتماعية.
عبدالرحيم العماري، ذكر في مداخلته بالعديد من القضايا التي أثارها في مؤلفه الجديد، وهي قضايا متشابكة ومتداخلة يؤطرها الشرط الداخلي، وكذلك الشرط الخارجي، مشيرا إلى الاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية، وكذلك التطور الحاصل في الموقف الإسباني، والأزمة الصامتة مع فرنسا، والمسار الذي عرفته القضية الوطنية، إلى غير ذلك من القضايا والأسئلة الحارقة، التي تؤرق بال العماري، بصفته الأكاديمية والنضالية أيضا، بحكم ما راكمه في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية من مواقع نضالية عدة تحمل فيها المسؤولية.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 21/06/2023