المغرب أقفل ما يربو عن 200 مؤسسة تعليمية عمومية في فترة زمنية لا تتجاوز خمس سنوات, وضع يدعو للقلق حول مصير التعليم العمومي في المغرب , وحول عدم تكافؤ الفرص بين ابناء الشعب المغربي وإجهاز على حقهم في الحصول على نفس جودة التعليم التي يتمتع بها من يتوجهون بأبنائهم نحو التعليم الخاص. حيث صار أغلبية المغاربة يديرون ظهورهم للمدرسة العمومية التي لم تعد مناهجها تساير ركب التقدم العلمي ,بل ظلت راكدة ’إن لم نقل تراجعت عما كانت عليه .
فحسب تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» الذي رصدت فيه التعليم العالمي لعام 2017 , دقت فيه ناقوس الخطر حول وضعية التعليم العمومي، بعد إقفال ما يقارب 200 مؤسسة تعليمية عمومية في ظرف خمس سنوات فقط. حيث أكدت أن التعليم المغربي أصبح أداة لتكريس الفوارق الاجتماعية بعد تسارع توجه أولياء الأمور نحو التعليم الخاص، حيث انتقلت نسبة التوجه من التعليم العمومي إلى الخصوصي من 4 في المائة عام 1999 إلى 15 في المائة عام 2015. و حملت المنظمة المغرب مسؤولية تشجيع هذا التوجه بالتساهل الضريبي والتشريعي والرقابي مع المؤسسات التعليمية الخاصة، و اعتبرته تهديدا مباشرا لحظوظ تمدرس أبناء الطبقات الفقيرة، وتقليصا لفرص حصولهم على تعليم جيد، ومجاني، وتوسيعا للهوة بين التلاميذ من مختلف الطبقات الاجتماعية. وقالت اليونيسكو إن المغرب بعيد عن تحقيق أهدافه في مجال التعليم العمومي، في ظل تردي عرضه التعليمي وسوء المعاملة التي يتلقاها التلاميذ في المدارس المغربية، إذ أورد التقرير أن سوء الخدمات المقدمة في التعليم العمومي، وإرفاقه بالضغط الممارس على التلاميذ للحصول على نقاط جيدة، يدفع الناس إلى التوجه إلى الدروس الخصوصية، وحرمان التلاميذ، الذين يفتقدون القدرة المادية لأداء مصاريف الساعات الإضافية من القدرة على مواكبة المقررات الدراسية. ولم تسلم مرافق المؤسسات التعليمية العمومية من الانتقاد في هذا التقرير، حيث رصد ندرة المرافق الصحية، التي لا تتوفر إلا في 50 في المائة من المدارس المغربية، التي تحتوي على تجهيزات خاصة بدورات المياه في ظل غياب قوانين تضبط عدد المرافق الصحية بعدد التلاميذ في كل مؤسسة، وتراعي إجبارية توفيرها لذوي الاحتياجات الخاصة.
كما وجه التقرير الأممي مؤاخذات للمغرب في مجال حماية الأطفال في الوسط المدرسي، بعد أن رصدت دراسته تعرض 40 في المائة من التلاميذ المتراوحة أعمارهم ما بين13 و 15 سنة للعنف الجسدي في الوسط المدرسي، فيما وقع 38 في المائة منهم ضحية ترهيب مرتبط بالجنس في المدرسة.
وأكدت اليونسكو أن تردي وضع التعليم العمومي في المغرب يجعله بعيدا عن تحقيق أهدافه ,خاصة مع سوء الخدمات التي توفرها الدولة في التعليم العمومي، أضف إليها الضغط الممارس على التلاميذ للحصول على نقاط جيدة، وسوء المعاملة التي يتلقونها في المدارس، وحرمان التلاميذ من الشرائح الفقيرة من القدرة على مواكبة المقررات الدراسية، مما يكرس الفوارق الاجتماعية.
منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة «اليونسكو»، في تقريرها دعت الآباء والأمهات إلى ضرورة توفير الدعم وبيئة للتحصيل الدراسي لأبنائهم، وبذل الجهد من أجل تعليمهم وترسيخ السلوك الصحيح لديهم، مبرزة أن الطلاب يتحملون قدرا أكبر من المسؤولية المتعلقة بالجهد والسلوك مع تقدمهم بالعمر, مؤكدة أن الأطفال والمراهقين يحتاجون إلى الشعور بالأمان والدعم في بيئاتهم التعليمية، مبرزة أنه يلاحظ في الولايات المتحدة أن البيئات المنزلية التي ينتقد فيها الآباء والأمهات أطفالهم بلا مبرر، ولا يفرضون سوى قواعد قليلة، ويعاملون أطفالهم معاملة سيئة، ويمارسون العنف حيال بعضهم البعض، «تؤدي إلى زيادة حالات البلطجة في المدارس».
في المقابل تدل الشواهد من مصر والمغرب وتونس أن زيادة تشجيع الوالدين والدعم العاطفي والاتصال بين الوالدين والطفل، قد ارتبط بانخفاض احتمال تعرض الطلاب للعنف والترهيب من جانب أقرانهم.
وترى «اليونسكو»، أن الدروس الخصوصية، يمكن أن تؤثر سلبا على الإنصاف في التعليم، كما يمكنها أن تزيد من إجهاد الطلاب وتضغط على ميزانيات الأسر المعيشية، متوقعة أن يتجاوز السوق العالمي للدروس الخصوصية 227 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022.
ودعا التقرير، جميع حكومات دول العالم إلى تشجيع ما أسماه بـ»المساءلة» من خلال توفير معلومات للمستهلكين، وعقد الشراكات مع المدارس والعمل مع النقابات التعليمية لوضع المعايير لهذه العملية، مضيفا أن اليابان حظرت على الأساتذة المتفرغين إعطاء الدروس الخاصة.
وأكد التقرير، أن التعليم يعد مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمؤسسات التعليمية والأساتذة وأولياء أمور التلاميذ والجهات الفاعلة في القطاع الخاص، معتبرا أن المساءلة عن هذه المسؤوليات تحدد أداء الأساتذة والتلاميذ والحكومات كل في مجال تخصصه.
في تقرير لليونيسكو عن التعليم العالمي لعام 2017: التعليم المغربي أصبح أداة لتكريس الفوارق الاجتماعية

الكاتب : إعداد: ف. الطويل
بتاريخ : 01/11/2017