رصد تقرير الأخبار الرقمية لعام 2025 الصادر عن معهد رويترز للصحافة، التحولات الجارية في علاقة المجتمعات بالأخبار ووسائط الإعلام.
وفي باب المغرب، قدم التقرير معطيات دقيقة، خصوصا ما يتعلق بأنماط الاستهلاك الإعلامي، وتراجع الثقة، وهيمنة المنصات الاجتماعية على الفضاء العمومي الرقمي.
أولى الملاحظات الأساسية في التقرير أن 78% من المغاربة يعتمدون على الإنترنت للحصول على الأخبار، في ظل ارتفاع نسبة التغطية الرقمية إلى 90% من السكان، بما يفوق 34 مليون مستخدم سنة 2024، غير أن هذا الانخراط الكثيف لم يعزز منسوب الثقة، بل كشف عن قلق متزايد في صفوف الجمهور.
فبناء على الاستطلاع الذي أجراه المعهد، عبر 54% من المشاركين المغاربة عن قلقهم من عدم قدرتهم على التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة على الإنترنت. أما مصدر التضليل الأكبر، حسب تقدير المستجوبين، فتمثل في ما يعرف بـ»المؤثرين»، الذين اعتبرهم 52% من المشاركين الخطر الأساسي في نشر الأخبار الزائفة، متقدمين على الساسة بنسبة 30%، ووسائل الإعلام نفسها بنسبة 28%، في إشارة إلى أزمة عميقة في ثقة الجمهور، حتى في الصحافة التقليدية.
ويورد التقرير أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار بلغ مستويات عالية في المغرب، حيث يعتبر كل من يوتيوب 49% وفيسبوك 47% أهم الشبكات التي يعتمد عليها المغاربة لمتابعة المستجدات، يليهما إنستغرام 32%، ثم واتساب 30%، وتيك توك 24%، بينما يسجل تطبيق تليغرام حضورا متزايدا، بفضل خصائصه في الحماية والتشفير.
هذا الحضور المكثف للمنصات الرقمية، حسب معهد رويترز، ترافق مع ثقة منخفضة نسبيا في المصادر التقليدية، مما جعل المغاربة عرضة لـ»نوبات منتظمة من المعلومات المضللة»، خصوصا في أوقات الأزمات، مثل جائحة كوفيد، أو الأحداث السياسية الكبرى.
أما بالنسبة للفئات العمرية الشابة، فيشير التقرير من خلال مقارنة دولية إلى أن 44% من الشباب بين 18 و24 عاما عالميا يعتمدون على السوشيال ميديا كمصدر رئيسي للأخبار، وهي نسبة يرجح تكرارها في السياق المغربي، بالنظر إلى البنية الديمغرافية وميولات الجيل الجديد.
ورغم الجدل المثار عالميا حول استعمال أدوات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، فإن التقرير يؤكد أن نسبة المستخدمين الذين يلجؤون أسبوعيا إلى أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «الشات بوت» للحصول على الأخبار، لم تتجاوز 7%. ويظل المغرب في طور التفاعل مع هذه التحولات، من خلال إعلانه عن إحداث وكالة وطنية للذكاء الاصطناعي، في إطار سعيه لتنظيم هذا القطاع ومواكبة استعمالاته في الإدارة والتعليم والإعلام.
كل هذه الأرقام والمعطيات تضع المشهد الإعلامي المغربي أمام تحدي كبير، كيف نحافظ على جودة الأخبار في عصر السرعة والاختزال؟ وكيف نعيد بناء الثقة بين الصحفي والمتلقي في فضاء يهيمن عليه المؤثرون والمنصات؟.
في تقرير لمعهد رويترز للصحافة 2025 ..78 % من المغاربة يتابعون الأخبار عبر الإنترنت و54 % لا يثقون بها

الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 19/06/2025