في جلسة مجلس المستشارين ليوم الثلاثاء 4 نونبر 2025، أثار المستشار المختار صواب ملف المباني الآيلة للسقوط، مؤكداً أن ما يجري ليس مجرد حوادث معزولة أو وقائع ظرفية، بل إشكالية بنيوية تمس جوهر الحق في السكن الآمن والعيش الكريم، وتعيد طرح سؤال العدالة المجالية في السياسات العمرانية.
وأشار المستشار إلى أن ما تعرفه عدد من المدن المغربية، وفي مقدمتها المدينة العتيقة للدار البيضاء، يكشف استمرار اختلالات عميقة في تدبير هذا الملف، الذي ظل، حسب تعبيره، “رهين مقاربة متقطعة ومحدودة الأفق”، رغم المجهودات والميزانيات المخصصة له.
وشدد على أن معالجة خطر انهيار المباني لا يمكن أن تقتصر على إخلاء السكان أو الترميم الجزئي، بل تستدعي رؤية مندمجة وشمولية تجعل من التأهيل العمراني وسيلة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، لا مجرد تدبير تقني لأزمة آنية.
كما دعا إلى تبني سياسة عمرانية استباقية، تقوم على الرصد المبكر، وإجراء جرد دوري للمباني المهددة، مع إشراك فعلي للجماعات الترابية في تحديد الأولويات وضمان تتبع التنفيذ.
واعتبر أن نجاح برامج إعادة الإيواء والتأهيل لا يُقاس بعدد الأسر المنقولة أو عدد البنايات المرممة، بل بمدى قدرتها على أن تكون مشاريع إنسانية وتنموية متكاملة تراعي البعد الاجتماعي وتحافظ على الروابط المجالية والهوية الحضرية للمناطق القديمة.
وفي ختام تعقيبه، دعا المستشار المختار صواب إلى تجاوز منطق التدخلات الظرفية نحو إرساء استراتيجية وطنية للسكن الآمن تجعل من كرامة المواطن داخل المدينة القديمة أو الحديثة معياراً أساسياً لنجاح السياسة العمرانية، مؤكداً أن “الرهان الحقيقي اليوم ليس فقط في ترميم الجدران، بل في ترميم الثقة، وجعل سلامة المواطن حقاً مضموناً وواجباً وطنياً”.
في الجلسة نفسها، وجّه المستشار إسماعيل العالوي تعقيباً حول حصيلة الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015–2030، معتبراً أن الخطة التي انطلقت بوعود كبيرة ومضامين طموحة تحولت اليوم إلى “برامج متفرقة تفتقر إلى النفس السياسي والقيادة الواضحة”.
وقال العالوي إن السؤال الجوهري الذي ينبغي طرحه بعد عقد من إطلاق هذه الاستراتيجية هو: “أين هو الشباب من هذه الاستراتيجية، وأين هي الاستراتيجية من واقع الشباب؟”، مبرزاً أن الوعود التي تحدثت عن الإدماج والمواطنة وفرص الشغل والإبداع لم تتحقق بالشكل المنتظر، بسبب تشتت الرؤية وضعف التنسيق المؤسساتي.
وأضاف قائلاً: “نحن لا نمارس المزايدة ولا نرفع الشعارات، بل نطرح سؤال الجدوى. كيف يمكن لاستراتيجية وطنية بهذا الحجم أن تستمر في غياب مؤشرات حقيقية للقياس والتقييم؟ وكيف يمكن الحديث عن تمكين الشباب والحكومة لم تنجح بعد في بلورة عقد اجتماعي جديد يربطها بهذه الفئة الحيوية التي تمثل أكثر من ثلث المجتمع؟”.
وشدد العالوي على أن السياسة الموجهة للشباب يجب أن تكون مشروعاً وطنياً متكاملاً، يبدأ من المدرسة العمومية وينتهي بسوق الشغل، مروراً بالمجال الثقافي والسياسي، داعياً إلى إعادة بناء الثقة بين الشباب والمؤسسات من خلال رؤية جديدة تستحضر التحولات القيمية وتمنح معنى أعمق للمواطنة والانتماء.
كما أكد أن المطلوب اليوم هو سياسة شبابية تُعلي من قيمة الكرامة والفرص المتكافئة، لا مجرد مبادرات ظرفية أو أنشطة موسمية، داعياً إلى إرادة سياسية حقيقية تُخرج ملف الشباب من هامش السياسات العمومية إلى مركز القرار.
وختم المستشار إسماعيل العالوي تعقيبه بالقول: “إن مستقبل المغرب لن يُكتب بدون شبابه، ولن يتحقق إلا بسياسات عمومية جريئة تُعيد الاعتبار للفاعلية الشبابية، وتجعل من الشاب المغربي فاعلاً في التنمية لا مجرد مستفيد من فتات البرامج.”
في جلسة بمجلس المستشارين .. صواب: الرهان الحقيقي ليس في ترميم الجدران بل في ترميم الثقة العالوي: مستقبل المغرب لن يُكتب بدون شبابه
الكاتب : محمد الطالبي
بتاريخ : 06/11/2025

