في حوار مع الأكاديمي و الفنان عبد الله شكيري

أحلم بإنجاز مهرجان دولي للمدارس الكبرى للسينما وأن يكون له بعد عالمي بشراكة مع معاهد كبرى في العالم

لي مشاركات متعددة في الإنتاجات العالمية. وخير دليل الدور الأول في الإنتاج الأخير، المغربي- الأرجنتيني

أرض خصبة للإبداع بكل أشكاله وأجناسه، ومنها فن المسرح الذي برع فيه، تمثيلا وإخراجا وكتابة، الفنان الأستاذ عبد الله شكيري سيرة مسرحية زاخرة بالإنتاج الفني المسرحي النافر، كونه يتميز بموهبة متفردة، أعطته الزخم المطلوب لمواصلة رحلة الإبداع على مستوى التمثيلي والتأطير والإخراج، فضلا عن الدور الأكاديمي الذي يؤكد فاعلية عبد الله شكيري في المسرح، وقدرته على منح الآخرين جزءاً من مواهبه وخبرته المسرحية و السينمائية، من خلال تقديم أعمال متميزة عبر اختياره لشباب موهوبين، لاسيما في تجربته مع المسرح الجامعي، وأعماله المتميزة والمتخصصة بالمسرح، التلفزيون و السينما.
رغم انشغالته المهنية، يخصنا الأستاذ عبد الله شكيري بهذا الحوار الخاص لجريدة الإتحاد الإشتراكي.

يرى بعض النقّاد أنَّ الدراما التلفزيونية طغت على السينما والمسرح، فألقتهما في الظل ،ما رأيك ؟

الدراما التلفزية إذا نجحت فهذا ليس سرا، لأن الممول الرئيسي للدراما المغربية يبقى بكل بساطة المعلنون، و المتفرج المغربي أصبح يفضل متابعة التلفزيون بسبب قتل دور السينما، فالقاعات في المغرب أصبحت محدودة بل من العار أن نحدد العدد الحقيقي لها. يجب إعادة الثقة للجمهور، مابقي ، هو بعض المهرجانات وبعض القاعات الصغيرة.
بخصوص المسرح، فنهاية الثمانينات والتسعينات بدأ المسرح يفقد بريقه، بعد إستراتيجية الوزارة الوصية وبعد الدعم الذي خصصته و طريقة توزيعه، نشأت فرق كالفطريات حيث أصبح الدعم هو الأساس، بحيث لم يبق التركيز على النوع للأسف.
أما بخصوص التلفزة وخاصة في السنوات الأخيرة بدأ يلاحظ أن هناك بعض الشباب يهتمون بكتابة أعمال للتلفزة بطريقة مشوقة بخلاف السنوات الماضية، لكن دائما يبقى المسرح أبو الفنون، يجب أن تكون هناك سياسة ثقافية للدولة.
بالعودة للسينما يجب فتح القاعات السينمائية من جديد حتى تتم العودة لإزدهار القاعات كالسابق ويتعود الجمهور على ذلك، الجمهور دائما يشده الحنين للإنتاج الوطن، إضافة لغياب الإشهار كما كان في السبعينات والثمانينات من خلال التلفزة عبر تقديم وصلات إشهارية للأعمال المسرحية و السينمائية مجانا.
السياسة الثقافية لم أعد أفهمها، هناك غموض حاصل الآن، لكن رغم كل شيء أبقى متفائلا.

 ما هو السر في التلقائية التي يؤدي بها عبد الله شكيري أدواره ؟

في سن الثامنة، كان يدرسني أستاذ للغة الفرنسية، سي أبو الخصيب عبد السلام رحمه الله، كان نشيطا على مستوى المسرح المدرسي و عضوا بفرقة البدوي حيث أخذني يوما لكستينݣ للفرقة، لأبدأ نشاطي الفني منذ سنة 1973، بمسلسل طريق النجاح بجانب عمالقة في الميدان كمحمد مفتاح و الراحل عبد الله خليفة وسعيد هلال والراحل عبد العظيم الشناوي وغيرهم…
طبعا مارست المسرح في فرنسا، دراسة و ممارسة بعد حصولي على الباكلوريا، لكن الممارسة الحقيقية، تبقى تجربة المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بنمسيك، كمدير فني لسبعة عشر سنة، رفقة حسن الصميلي و رشيد فكاك.
وفي إطار العلاقات الثقافية بين كلية بنمسيك وكليات عالمية، كان لي احتكاك رائع مع مخرجين مبدعين إسبان في عدة ميادين، أحببوا لي إدارة الممثل و أشياء أخرى منذ1987وحتى الآن بفضل تواصلي و تعاملي المستمر معهم.

ثمة مفارقة فى حضورك على مستوى السينما العالمية الذي يبدو أهم وأكبر من السينما المغربية…؟

يبتسم، بخصوص هذه المفارقة يجب طرح هذه التساؤلات على المخرجين المغاربة، لم أسعَ يوما إلى تلميع صورتي أمام أحد، كنت دائماً أتعامل مع الجميع بالصورة الصحيحة، لم أتلون لأجل أن ينتبه لحضوري أحد، ولن أبدد عمري في أن أنال على إعجاب أحدهم ولن تتخدر يداي وهي تؤشر إلى أحدهم وهو يمضي في طريقه بلا التفاته، وهذا الأمر مريح وآمن لسلامة قلبي.، هم من يجب أن يبحثوا عني، لي مشاركات متعددة في الإنتاجات العالمية. وخير دليل الدور الأول في الإنتاج الأخير، المغربي- الأرجنتيني، L› appel du dessert للمخرج العالمي الأرجنتيني، Pablo César و هو بالمناسبة أستاذ للسينما بجامعة
Buenos Aires و مازال يشتغل في التصوير ب35 ملم.

 الممثل في المسرح ليس هو الممثل في السينما أو
التليفزيون، فهناك فوق الخشبة نحتاج إلى موهبة فذة وهنالك أمام الكاميرا نحتاج إلى إدارة مفادها أداء جيدا ماذا يقصد بإدارة الممثل؟

أجيبكم بكل بساطة، الأساس هو المسرح، لكن للآسف أغلب المعاهد تكوِّن بطريقة غير صحيحة و مختلفة، إن عدنا لأغلب نجوم الولايات المتحدة الأمريكية، فقد مروا من مدارس تكوين مسرحي بالأساس ما يسمى ب L›Actors Studio التي استلهمتها الولايات المتحدة الأمريكية من Tchekhov، وتبنتها إلى اليوم، معناها إذا كان التكوين جيدا للمسرحي فمكانته في الأعمال السينمائية وغيرها أكثر و أوسع شمولية.

نعود لتجربة المسرح الجامعي…لماذا الإنقطاع عن هذة التجربة ؟

بالنسبة لتجربة المسرح الجامعي فقد مرت بحياتي عدة محطات، أذكر بنمسيك، عين السبع و الآن المحمدية. أدرِّس في المدرسة الوطنية العليا لفن التصميم (ENSAD) التابعة لجامعة الحسن الثاني، شعبة السينما.
إلهامي و حنيني هو العمل و التدريس بالقرب من الطلبة، في الجامعة لكل عميد اهتمامته وهمومه، تبقى مرحلة حسن الصميلي و الفريق ككل من أحسن المحطات.
الآن المسرح الجامعي لازال مستمرا، لكن الاهتمام ينصب على الإفتتاح والإختتام، كنا سابقا نعمل طول السنة على مشاهدة العروض قبل إحضارها للمهرجان وكانت الأوراش يستفيد منها كل طلبة الجامعة. أذكر أنه في عهد حسن الصميلي كان المسرح يُسيِّر من الطلبة، مؤطَّرين من طرف الأساتذة والإداريين..
الآن رغم الإستمرارية هناك هفوات، نبقى متفائلين، المهم لازال المهرجان. أتمنى أن تصبح الجامعة شريكا وأن يخرج المسرح من الجامعة ويصبح مستقلا وتكون له ميزانية خاصة.

 وما مشاريعك الفنية في المستقبل؟

أشتغل حاليا على مجموعة من المشاريع السينمائية، لكن يبقى إيماني و حلمي و مشروعي الأهم، هو الجامعة و الطلبة.
أحلم بإنجاز مهرجان دولي للمدارس الكبرى للسينما وأن يكون له بعد عالمي بشراكة مع معاهد كبرى في العالم حيث تعطى للشباب فرصة للتعبير عن إمكانياتهم الرائعة، الحل يكون من الجامعة، نتوفر على مخرجين أكفاء لكن الإنتاج مازال قليلا، أحلم بأن يكون تنسيق بين الجامعة والمدارس الابتدائية في المسرح وكل جهة تنظم مباريات في ذلك ويكون العمل على طول السنة، لن تتخيل ماذا استفدنا من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي على مدى عشر سنوات فقط، بحفاظه على بنيته العامة المنسجمة مع أهدافه المتمثلة أساسا في خلق فضاء للتكوين واللقاء والتعارف بين شباب العالم والإسهام في جعل المغرب، ومدينة الدار البيضاء على الخصوص، ملتقى للفنانين والمبدعين ومحبي الفرجة المسرحية من كل بقاع العالم، لكن للآسف لم تكن المواكبة من الجهات الوصية…
سأستمر في الحلم لأنه حق مشروع….لكنه سيحقق .

 

 


الكاتب : أجرى الحوار عزيز مفضال

  

بتاريخ : 02/06/2023