في حوار مع محمد أبطيو عن جمعية آباء وأمهات الطلبة العائدين من أوكرانيا

 وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تراجع عن وعوده بخصوص إيجاد حلول نهائية لملف أبنائنا

 

كانت للحرب الروسية الأوكرانية تداعيات ليس على الاقتصاد العالمي فقط، بل مست بشكل مباشر فئة عريضة من الأسر المغربية، التي كان يتابع أبناؤها دراستهم بالجامعات الأوكرانية بمختلف التخصصات.
الكل كان يتابع، عن كثب، وأيديهم على قلوبهم، مآل هؤلاء الطلبة، الذين وجدوا أنفسهم عالقين بالديار الأوكرانية، بعد أن اندلعت الحرب، وبفضل تدخل جلالة الملك محمد السادس شخصيا، تمت إعادتهم إلى أرض الوطن.
لكن متاعبهم لم تنته بعد العودة إلى الديار، بل ظهرت من جديد، بعد تخاذل الحكومة في إدماجهم بالمؤسسات المغربية، وعوض أن ينطلق موسمهم الجامعي بسلاسة، انطلق موسم الاحتجاج قبل ذلك لتتنوع الصيغ النضالية،
بعد فشل الحوار مع الوزارة الوصية.
جمعية آباء وأمهات الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا، طرقوا كل الأبواب، لكن دون أن يتم إنهاء معاناة الطلبة نظرا لتعنت الحكومة في شخص
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
في هذا الحوار، الذي أجرته الجريدة مع محمد أبطيو، القيادي بجمعية آباء وأمهات الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا، نسلط الضوء على معضلة هؤلاء الطلبة المغاربة.

 

ككل سنة، يختار المغاربة أوكرانيا لكي يتابع أبناؤهم دراستهم الجامعية بها، لماذا هذا الاختيار، خاصة وأن التخصصات المعنية تدرس في المغرب؟

في ما يخص السؤال المتعلق بمتابعة الدراسة ببلد كأوكرانيا، أولا نعرف أن أغلب أبنائنا وبناتنا عندما يحصلون على شهادة البكالوريا يكون هناك تفكير مشترك من أجل البحث عن أحسن اختيار ممكن لمتابعة الدراسة الجامعية، ويتم التركيز على مجموعة من المؤسسات الجامعية العمومية ذات الاستقطاب المحدود، والتي لا يمكن أن تستجيب لكل الطلبات حسب العروض الخاصة بها، فيكون هناك توجه ٱخر، خاص بالدراسة خارج المغرب، وطبيعة الحال، فإن هذه الدراسة تكون مكلفة، وفي الوقت الذي يساهم المواطن عموما في الضرائب، فهو ينتظر تجاوبا من الدولة لتلبية حاجياته في عدة مجالات، منها التعليم، نحن نقوم مقام الدولة التي عجزت عن ذلك، ونبعث أبناءنا من أجل متابعة الدراسة بالخارج، وقد اخترنا أوكرانيا، أولا، لأن عرض المؤسسات الجامعية هناك عرض مهم، ويمكن أن يستجيب لكل الطلبات ولجميع التخصصات، حسب الإمكانيات المادية لكل أسرة من الأسر، فمثلا من المفارقات أن كلفة التسجيل ورسومه بالجامعات الأوكرانية أقل من رسوم التسجيل في المؤسسات الجامعية الخصوصية بالمغرب.
هذا الجانب يدفع الأسر أو بعضها إلى توجيه أبنائها للدراسة بهذا البلد، حيث تخرجت من هناك أطر ذات كفاءة عالية، ولها حضور الٱن في عدة ميادين. إذن بالنسبة لنا هذا الاختيار سببه أن هناك عرضا يستجيب لتطلعات أبنائنا ورغباتهم، عكس ماهو واقع في المغرب، حيث أن العرض محدود، وهو ما لا يمكن أن يستجيب لكل الرغبات بشكل عام.

 كيف استقبلتم خبر اندلاع الحرب بأوكرانيا، وماهي الخطوات التي اتخذتموها من أجل إنقاذ أبنائكم، وما هي الجهات التي تواصلتم معها ؟

لم تكن هناك أي مؤشرات لاندلاع الحرب، فهي بالنسبة لنا كانت مستبعدة، رغم وجود أزمة حقيقية بين أوكرانيا وروسيا، خاصة بعد 2014، وهي السنة التي عرفت نهاية التقارب مابين الدولتين، حيث كان التحول وبداية توجه أوكرانيا نحو محور الاتحاد الأوروبي.
لقد تفاجأنا بصدور بلاغ لسفارة المغرب بأوكرانيا، يطلب من جميع المواطنين المغاربة مغادرة البلاد، لأسباب متعددة، كما رصدت ذلك السفارة المغربية، وفعلا اندلعت الحرب بشكل حقيقي، يوم 24 فبراير2022، ومازالت مستمرة إلى حد الٱن، وأقدمت أسر وعائلات الطلبة والطالبات على تنظيم أول وقفة أمام وزارة الخارجية، يوم 28 فبراير 2022، أي بعد مرور 4 أيام على اندلاع الحرب، لقد كان هناك استقبال واحد يتيم، إلى حد الٱن، من مسؤولي وزارة الخارجية، الذين وعدونا بالتدخل في هذا الجانب، لضمان خروج آمن لأبنائنا وبناتنا ورجوعهم إلى أرض الوطن، ولا ننسى في هذا السياق مبادرة جلالة الملك الذي تدخل بشكل شخصي لجعل أثمنة تذاكر السفر رمزية قصد الرجوع إلى الوطن.
هذه هي المناسبة الوحيدة، التي كان هناك فيها لقاء بين الأسر وبين وزارة الخارجية، وغير ذلك لم نتلق أي دعوة، رغم أننا راسلنا وزارة الخارجية مرات ومرات حول مجموعة من القضايا التي تهم أبناءنا وبناتنا والمتعلقة بالدراسة في جامعات ومؤسسات التعليم العالي بأوكرانيا.

ماهي الوعود التي تلقيتموها من المسؤولين المغاربة والأوكرانيين بخصوص المستقبل الجامعي لأبنائكم ؟

يمكن أن نصف الوعود التي تلقيناها في هذا الصدد من وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بأنها وعود عرقوببة، ففي أول تصريح له لوسائل الإعلام العمومية، يوم 4 مارس2022، أكد الوزير أن المغرب لن يتخلى عن أبنائه وبناته، وأن المؤسسات الجامعية العمومية ستستقبل هؤلاء الطلبة العائدين.
هذا التصريح أعطى بعض الأمل للأسر، واعتقدنا بأنه سيتم حل هذا المشكل، ولن يضيع الطلبة الموسم الدراسي الذي كلف الأسر مبالغ مالية مهمة.
مباشرة بعد ذلك، سنلاحظ تراجعا عما صرح به الوزير وكانت هناك زيارة لبعض دول الجوار لأوكرانيا، مثل رومانيا وهنغاريا وبلغاريا بمبرر وجود تقارب في البرامج والمناهج الدراسية بين هذه الجامعات، ولكن كان هذا مؤشر عن تراجع الوزارة عن وعودها، وبين عدم استعداد الجامعات المغربية العمومية لاستقبال الطلبة، كما بين بأنه كان هناك ضغط واضح من بعض رؤساء الجامعات وبضع عمداء الكليات في هذا الاتجاه، للأسف الشديد، وخاصة أن أغلبية الطلبة العائدين من أوكرانيا ينتسبون لقطاع الصحة، أي الطب العام وطب التخصص والصيدلة وطب الأسنان.
كان هناك لقاءان لا ثالث لهما، واحد مع وزارة الخارجية وآخر مع وزاره التعليم العالي، عكس السفارة الأوكرانية بالمغرب، التي جمعتنا بها ثلاثة لقاءات، كانت كلها حول نوعيه المشاكل التي يعاني منها طلبة المغرب، سواء الذين بقوا هناك أو الذين استقروا بدول الاتحاد الأوروبي أو الذين عادوا إلى المغرب، هذه اللقاءات الثلاثة كان من بينها لقاء جمعنا ورؤساء مجموعة من الجامعات الأوكرانية، حيث كان هناك اتجاه للبحث عن بعض البدائل، مع البحث عن إمكانية أن تستقبل بعض الدول هؤلاء الطلبة، ولكن دائما تحت إشراف الجامعات الأوكرانية، مثل دولة تركيا وبعض الدول المجاورة لأوكرانيا التي يمكن أن تنخرط في هذا العمل.
من الأشياء التي ناقشناها مع السفارة الأوكرانية، والتي مازالت موضوع حوار لحد الٱن، وهي أولا، التأكيد وضمان استمرارية التعليم عن بعد، ثانيا الحد من الوسطاء، لأنهم غير قانونيين، وبالتالي فالمبالغ التي يحاولون استخلاصها من أسر الطلبة ليس لديها أي سند قانوني، وفي هذا الصدد اقترحنا على السفارة إحداث مؤسسة رسمية تابعة لسفارة أوكرانيا تستقبل ملفات الطلبة بشكل قانوني وبشكل منظم، وتعمل على متابعة الملفات أثناء الانتقال إلى الدولة الأوكرانية، كذلك بحثنا مسألة ضمان استمرارية التواصل بين طلبة مجموعة من الجامعات بسبب ظروف الحرب وانقطاع التواصل، كما طلبنا تأمين هذا التواصل واستمراريته، وطرحنا مشكل التحويلات المالية بسبب الصعوبات المطروحة في هذا الباب، التي تعاني منها بعض الأسر، كذلك طلبنا إيقاف عملية طرد الطلبة الذين يتخلفون عن تسويتهم المالية لسبب أو لآخر، هذه هي القضايا التي طرحت، وكان هناك تجاوب على المستوى الرسمي الأوكراني .
وبطبيعه الحال، وفي اللقاء الأخير الثالث الذي عقدناه حضرت فيه ممثلة عن وزاره التعليم العالي الأوكرانية وعقدت لقاء معنا ومع وزير التعليم العالي، حيث قامت بزيارة إلى الجامعة الخاصة بأكادير…

 ماهي الخطوات التي قمتم بها لتحقيق مطالبكم ؟

بطبيعه الحال، كانت أول خطوة نضالية أمام وزارة الخارجية، يوم 28 فبراير2022، وبعدها سننظم تقريبا 10 وقفات أمام مقر وزارة التعليم العالي، وفي آخر محطة كانت عبارة عن مسيرة رمزية مابين الباب الخلفي والباب الرسمي لوزارة التعليم العالي، لكن آخر وقفة نظمت يوم 8 شتنبر 2022 أمام مقر البرلمان، للتعبير والاحتجاج ورفض تعامل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار مع الملف الخاص بطلبة المغرب، خاصه بالنسبة لتخصصات الطب المتعلق بالقطاع الخاص.
وعملنا أيضا على توسيع الدائرة الخاصة بالتواصل مع مجموعة من الفرق البرلمانية، حيث قمنا بتوجيه رسائل للفرق النيابية بالبرلمان بشأن هذه الوضعية المقلقة المرتبطة بطلبة المغرب العائدين من أوكرانيا، حيث استجابت بعض الفرق لطلبنا، وحددت لنا موعدا للقاء، لكن هناك بعض الفرق البرلمانية لم تستجب ولم تتفاعل معنا، ولم تحدد أي موعد، وهي المجموعة النيابية للعدالة والتنمية والفريق الحركي والفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، بالإضافة إلى التجمع الوطني للأحرار، لكن باقي الفرق البرلمانية الأخرى كلها استقبلتنا، ونظمت جلسات عمل معنا واستمعت إلى مطالبنا وانشغالاتنا بطبيعه الحال، هذه اللقاءات أجريت في شهر يونيو وبالضبط في الأسبوع الأول منه.
هذه المبادرات وهذه الاتصالات، كان الهدف منها أن يصبح ملف طلبة المغرب بأوكرانيا قضية رأي عام وقضية وطنية، ويجب أن تحظى بالاهتمام الكامل، وبتدخل عاجل، لأن هؤلاء الطلبة هم ضحايا الحرب، ولا يمكن أن يكونوا ضحايا الحرب وضحايا الوطن في نفس الوقت للأسف.
طبعا، هناك متابعة لهذا الملف، بشكل مكثف، من مختلف المنابر الإعلامية، ومنها جريدة الاتحاد الاشتراكي، التي واكبت الملف، وهو حاضر لديها كموضوع بشكل قوي ،إلى جانب مؤسسات مدنية وحقوقية.

 قمتم بالعديد من الخطوات النضالية من أجل وضع حد لمعاناة الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا، ماهي نتائج هذه الخطوات على أرض الواقع؟

كان هناك لقاء مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، رغم أنه جاء متأخرا، وبالضبط كان في 29 غشت 2022، بعدما كنا قد وجهنا أكثر من مراسلة.
هذا اللقاء، حاول الوزير أن يجعل منه لقاء إخباريا، ولكننا تشبثنا كجمعية بتقديم ورقة تأطيرية، ونجحنا في أن يتحول هذا اللقاء من لقاء إخباري إلى جلسه حوار، وطرحنا القضايا الحقيقية، التي تهم مستقبل أبنائنا وبناتنا، حيث أخبرنا بأنه سيتم تنظيم امتحان من قبل مؤسسات القطاع الخاص للطلبة خاصة طلبة كليات الطب العام والصيدلة وطب الأسنان، وقد أثرنا العديد من الملاحظات والاعتراضات في هذا الباب، متعلقة بالاختلاف في الدفاتر التربوية وفي لغة التدريس، فلا يعقل مثلا أن طالبا كان يدرس باللغه الإنجليزية أو الأوكرانية أو الروسية، يتم اختباره بلغات أخرى، بالإضافة إلى اعتراضنا عن الامتحان نفسه، كما رفضنا فكرة ناقص موسم، لأنها لا تنبني على أي أساس، وطرحنا المقياس المعتمد في هذا الباب، في الوقت الذي نجد أن هؤلاء الطلبة مجدون ومثابرون ونتائجهم مشرفة، إلا بعض الحالات، وهي استثنائية، خاصة وأن الأسر مطلعة على الرصيد المعرفي والدراسي لأبنائها .
وفاجأنا أيضا الوزير بمبلغ رسوم التسجيل في هذه المؤسسات، والتي تصل إلى 130 ألف درهم، في حين أننا كنا ندفع للمؤسسات الجامعية الأوكرانية بالإضافة إلى بطاقة السفر مبلغا لا يتجاوز 50 ألف درهم، في حين نطالب في وطننا بدفع 130000 درهم، وهذه مفارقة غير مقبولة، واقترحنا أن تدفع الأسر هذا المبلغ، على أساس أن تدفع الدولة الفرق من صندوق الكوارث، بحكم أن هؤلا الطلبة لم يعودوا إلى أرض الوطن عن طيب خاطر، ولكنهم عادوا تحت ضغط الحرب وظروفها، وبالتالي يمكن للدولة أن تتدخل وتساهم في هذا الاتجاه، خاصة وأن أسر الطلبة من دافعي الضرائب.
للأسف لم نتلق إلا الرفض القطعي في ما يتعلق بهذا الجانب، رغم أننا قدمنا أمثلة بخصوص التعويضات التي تقدمها الدولة في حال وقوع كوارث.
وطالبنا الوزير بضرورة التدخل على مستوى السفارة ووزاره التعليم الأوكرانية بخصوص بعض الأشياء التي تهم الطلبة، كحل مسألة الدراسة عن بعد، ومشكل التسوية الماليه ومشكل الوسطاء، كل هذه الأشياء طلبنا التدخل فيها من أجل البحث عن حلول.

من بين القرارات المتخذة اجتياز الطلبة لامتحانات ولوج الجامعات الخاصة في المغرب، لكن عددا منهم لم يحالفه الحظ في النجاح، ألا تعتبرون ذلك مؤشرا وجوابا عمليا عن المخاوف التي طرحها من كانوا يرفضون عملية إدماج هؤلاء الطلبة في المؤسسات المغربية؟

للأسف حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد تفاجأنا أن أغلبية الطلبة الذين قدموا ترشيحهم لباقي المعاهد العمومية من مختلف التخصصات لم يقبلوا، مثلا بالنسبة لكلية الطب، التي تقدم إليها 393 طالبا تقريبا، نجد أن العدد المعلن عنه رسميا الذي نجح في جميع هذه الجامعات التابعة للقطاع الخاص هو 123 طالبا، علما أن الظروف التي مر فيها الامتحان كانت كارثية، فلا يعقل مثلا أن يجتاز الطالب الامتحان في مرٱب السيارات، كما حدث في مدينة الرباط، في حين لدينا مؤسسات جامعية .

 كإطار مدني، عقدتم لقاء مع وزيرالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بحضور ممثل عن الجامعات الخاصة، ماهي مخرجات هذا الحوار؟

لم يكن هناك أي اتفاق، لأن الاتفاق الذي تم مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، كان مجرد لقاء أرادته الوزارة أن يكون إخباريا، لكي توهم الرأي العام بأن ملف طلبة المغرب بأوكرانيا في دائرة اهتمامها وفي مراحله الأخيرة للحل بشكل نهائي، لكن الواقع يفند ذلك، ويعاكس الحقيقة تماما، إذ أن أغلب الطلبة الذين عادوا الٱن يتابعون دراستهم عن بعد، نحن فقط نريد أن نؤكد على شيئين، أولا نريد تحصين الدراسة عن بعد، وبالتالي إصدار مذكرة رسمية من وزارة التعليم العالي تعترف بهذا النمط من التعليم، حتى لا يعترض الطلاب في السنوات القادمة أي مشكل خصوصا عند طلب المعادلة، وكذلك نقطة أخرى التي لها أهمية، وهي ضمان تداريب في المؤسسات الاستشفائية العمومية والجامعية العمومية بشكل عام، خاصة وأننا نعرف أن المغرب يعاني من خصاص كبير في الأطر الصحية، وبطبيعة الحال هنا نستحضر ما صرح به وزير الصحة في زيارته لإحدى المؤسسات الاستشفائية، الذي كشف عن خصاص كبير يصل إلى 32 ألفا، إذن هناك فرصة ذهبية للاستفادة من هذه الخبرات والطاقات التي يمكن أن تشكل جزءا من هذا الحل، وبالتالي ضمان تداريبها وتعزيز الملف العلمي والمعرفي.
هذه هي النقاط التي طالبنا بها، هناك تصريحات لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يعترف من خلالها بالتعليم عن بعد، لكن دون أن تصدر أي مذكرة رسمية لحد الآن في هذا الشأن، ونفس الشيء بالنسبة للتداريب في المؤسسات الاستشفائية، حيث كان هناك خبر بأنه سيشرع في تنظيم التداريب بالنسبة
لأطباء التخصص، حيث طلب منهم أن يضعوا طلباتهم لدى عمداء كليات الطب، وفعلا وضعوها منذ أكثر من أسبوعين ومازالوا ينتظرون الرد.
ونشير في هذا الباب،إلى بروز أشياء تروم بث ثقافة الحقد والكراهية بين أبناء الوطن، من بين هذه السلوكيات، إملاء على البعض بيانات تتضمن مثلا رفض استقبال هؤلاء الطلبة، وبذلك تضع نفسها فوق مهامها الحقيقية وفوق أجهزة الدولة والأجهزة الحكومية التي لها الحق في اتخاد القرار، فليس من المقبول مثلا أن جمعيات بدل أن تناقش وضعية التأطير إلى آخره وأسباب التراجعات، يصبح دورها إصدار بيانات تدعو إلى رفض استقبال المواطنين القادمين من أوكرانيا.
هذه الظاهرة، للأسف الشديد، تنم عن حقد وكراهية، هي ظاهرة سلبية، تذكرنا بالظهير البربري الذي أراد أن يفرق بين أبناء نفس الوطن، ولكن تم تجاوز هذه الظاهرة.

هناك إشكالية مرتبطة بحصول الطلبة على وثائقهم من أوكرانيا، كما أن هناك من قدم خدماته كوسيط من أجل جلب هذه الوثائق من هناك، إلى أي حد تعتبر هذه المعلومة صحيحة، وبأي مقابل تم بسط هذا العرض؟

في ما يتعلق بالحصول على الوثائق، هذا مرتبط بالعلاقات سواء مع المؤسسات الحكومية أي وزارة الخارجية أو وزارة التعليم العالي أو العلاقة مع السفارة. كانت هناك صعوبات كبيره لأجل الحصول على ذلك، خاصة بالنسبة للذين أنهوا دراستهم ويريدون التقدم بالملف الخاص بالمعادلة، حيث كان هناك بعض الوسطاء الذين طلبوا من الأسر والعائلات مبالغ مالية تتجاوز إمكانياتهم، ونحن نحتفظ بأسمائهم وأسماء الأسر التي تعرضت لهذا الأمر، إذ طلب منهم التسوية المالية أوتحويل هذا المبلغ، بل أكثر من ذلك، هناك من طلب منه الانتقال لتركيا لتسليم المبلغ، وفي هذا الباب، طلبنا من وزارة الخارجية المغربية التدخل من أجل تسهيل إمكانية الحصول على الوثائق عن طريق سفارة المغرب بأوكرانيا، كذلك طلبنا من وزارة التعليم العالي المغربية أن تقوم بنفس المجهود في هذا الاتجاه، وكذلك السفارة الأوكرانية بالمغرب.
وهناك بعض الطلبة مازالوا ينتظرون الحصول على وثائقهم، ونشير إلى أنه في آخر لقاء، تلقينا جوابا رسميا من السفارة الأوكرانية، أبلغتنا من خلاله، أنها ستتكفل بإحضار جميع وثائق الطلبة الذين تقدموا بطلباتهم، ومازلنا ننتظر، ونعرف بأن السفارة الأوكرانية بالمغرب مغلقة (ما بين 20 شتنبر و 20 أكتوبر)، وننتظر أن يكون هناك لقاء بيننا لتوضيح الأمر، والأمل في الحصول على هذه الوثائق قصد الشروع في عملية المعادلة، ونفس الشيء ننتظره من وزارة التعليم العالي ومن وزارة الخارجية، قصد التدخل في هذا الجانب، لأن الأمر يهم مستقبل هؤلاء الطلبة، وفيه إنصاف لأسرهم نظير التضحيات الكبيرة التي قاموا بها من أجل تمكين أبنائهم من الدراسة.
وبالرجوع إلى هؤلاء الوسطاء، نذكر أن لا إطار قانوني لديهم للقيام بهذه المهمة، سواء داخل المغرب أو خارجه، خاصة في أوكرانيا، يعني أن هؤلاء الأشخاص هم تجار أزمات يستغلون مثل هذه الظروف من أجل المطالبة بمبالغ كبيرة، وهم أسماء معروفة في الأوساط الطلابية، منهم مغاربة، ومنهم من هم من أصول عربية، ويمكن لهم عرقلة تسلمك لوثائقك إن لم تقم بتسوية وأداء المبلغ المالي، هذه بعض الأشياء التي أردنا حلها بطريقة ما، حيث طرحنا هذه النقطة في لقاء مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، واقترحنا إحداث مديرية خاصه بالتعليم في الخارج، تسهر وتنظم هذا القطاع، للحد من هذه الظاهرة، أحد هؤلاء الوسطاء طلب من أحد الآباء مبلغ 1800 دولار كي يمكنه من وثائق ابنه، وهؤلاء هم جيوب المقاومة، كما كان يصفهم الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي.
لقد كان دور هؤلاء الوسطاء، في البداية، هو تسهيل
المأمورية في تهييئ الملف الخاص من أجل متابعة الدراسة بأوكرانيا، خاصة للأسر التي لديها صعوبة في ذلك، وطبعا بمقابل مادي، وسنويا يطلبون دفع مبلغ لا يقل عن 500 دولار، وهؤلاء معروفون لدى الأسر والطلاب، بل أكثر من هذا، هناك من رفعت في حقهم شكايات بتهمة النصب.
ومن هنا، لابد من إحداث مديرية خاصة على مستوى وزارة التعليم العالي، كما أن السفارة الأوكرانية هي الأخرى مطالبة بإحداث مؤسسة تسهر على تنظيم هذا الأمر على مستوى التسجيل وغيره .

 هل لجأتم إلى المؤسسات المعنية، ومنها مؤسسة البرلمان لطرح مشكل هذه الفئة، وماهي الخطوات التي قمتم بها في هذا الشأن ؟

لقد دشنا الموسم الدراسي بوقفة أمام البرلمان، كان الهدف منها تحسيس جميع الفرق البرلمانية وجميع التعابير السياسية بضروره التدخل من أجل البحث عن حلول ترضي هؤلاء الطلبة وتنصفهم، الذين هم جزء من هذا الوطن، فلا يعقل أن يكونوا ضحايا الحرب، وضحايا الوطن، وقمنا بإعادة مراسلة الفرق البرلمانية بالمجلسين وكذلك رئاستهما، كما وجهنا رسائل إلى مؤسسات إعلامية عمومية لفتح موائد للنقاش والحوار حول هذا الموضوع، لأنه للأسف الشديد، يلاحظ نوع من التعتيم حول هذا الملف، ولا يعطى لهذا الموضوع الاهتمام والعناية الكافية، كذلك راسلنا وزارة التعليم العالي ووزارة الخارجية في شأن هذه النقاط، وطلبنا التدخل العاجل، ومازلنا ننتظر تحديد موعد لهذا اللقاء، الذي لم يحدد بعد، كما قمنا بتنظيم ندوة صحفية، يوم 20 أكتوبر2022 بمقر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في الرباط، سلطنا من خلالها الضوء على وضعية ومستجدات الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا

 في مقابل الطلبة العائدين من أوكرانيا إلى أرض الوطن هناك طلبة مغاربة آخرين، لجأوا إلى دول أوروبية، وهم أيضا لديهم مشاكلهم بسبب الحرب، أنتم كجمعية، هل وضعتم نصب أعينكم الدفاع عنهم ؟

كجمعية نشتغل على وضعية الطلبة العائدين من أوكرانيا سواء إلى أرض الوطن، وكذلك الذين استقروا في دول الاتحاد الأوروبي، وقد وجهنا رسائل في هذا الشأن لمفوضية الاتحاد الأوروبي من أجل التدخل ،باعتبارهم كلاجئين، بحكم ظروف الحرب، بطبيعة الحال هناك من وضع مجموعة من العراقيل والصعوبات أمامهم، وقد وجهنا رسالة إلى وزارة الخارجية من أجل التدخل في هذا الشأن قصد حماية هؤلاء الطلبة، وضمان حقوقهم التي يخولها لهم القانون، إذ أن الأمر يتعلق بحرب فرضت عليهم، وبالتالي من حقهم أن ينعموا بالسلام ويستفيدوا من المنح والحق في السكن ومتابعة دراستهم عن بعد.
هذا الملف متكامل سواء بالنسبة لطلبتنا العائدين إلى أرض الوطن أو الذين فضلوا الاستقرار بدول الاتحاد الأوروبي .

 


الكاتب : أجرى الحوار: جلال كندالي

  

بتاريخ : 27/10/2022