قال مشيج القرقري: ” ما يجب أن يعلمه الكثيرون هو أن تواجد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الأممية الاشتراكية، بالإضافة إلي انتمائه إلى هاته الأسرة السياسية والإيديولوجية، كان بطلب من الفلسطينيين أنفسهم. وكان الاتحاد هو الحزب الذي احتضنت مقراته في أوروبا ولاسيما في فرنسا، أول تمثيليات لمنظمة التحرير الفلسطينية في الغرب أيام محمود الهمشري رحمه الله، وظلت السردية الإسرائيلية، كما قلتم، مهيمنة على هاته المنظمة وروافدها لاعتبارات سياسية وتاريخية كثيرة لا مجال للخوض فيها، مما جعل الاتحاد يدافع عن قضيتين في الأممية قضيته الوطنية الأولى الصحراء وقضيته الوطنية الثانية فلسطين.”
وأضاف مشيج القرقري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي في حوار مع موقع ” أنباء إكسبريس ” لقد حضرت الوفود الفلسطينية إلى المنظمة، بقوة، وكانت لها لقاءات مع قيادة الاتحاد قبل وإبان المؤتمر الشيء الذي ساعد على إسماع صوت فلسطين، بل كانت مواقف الأممية غير مسبوقة، لاسيما بعد ما عبر عنه رئيسها بيدرو سانشيز دوليا من مواقف متقدمة للغاية، إن صوت فلسطين الآن هو صوت الاتحاد في أوروبا، وإفريقيا وأمريكا اللاتينية “.
وفي سؤال حول اليسار والقضية الفلسطينية، قال مشيج : ” يمكن القول إن اليسار العربي قد فقد جزءا من بريقه في العقود الأخيرة، ولكن ليس بشكل مطلق، بل نسبيا وفي سياقات معينة، وهذا التراجع يرتبط بعدة عوامل، منها التحولات الجيوسياسية، تصاعد التيارات المحافظة، وانحسار الخطابات الأيديولوجية التقليدية لصالح براغماتية سياسية واقتصادية فرضتها العولمة والواقع الإقليمي والدولي، ومع ذلك لا يعني هذا أن مشروع اليسار قد انتهى أو فقد ضرورته، فلا تزال المجتمعات العربية في حاجة إلى اليسار كتيار يعبر عن قيم العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، وحقوق الإنسان، خاصة في ظل التفاوت الطبقي والاستبداد السياسي الذي تعاني منه بعض الدول.
أما في ما يخص القضية الفلسطينية، فهناك انتقادات حقيقية لمواقف بعض قوى اليسار، خصوصا في بعض الدول التي شهدت تحولات في علاقاتها الخارجية، ومع ذلك، يظل جزء كبير من اليسار العربي ثابتا في مواقفه المبدئية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، مما يؤكد أن اليسار، رغم كل الانتكاسات، لا يزال يحمل مشروعا تحرريا وإنسانيا يحتاجه العالم العربي أكثر من أي وقت مضى.
وعن حقيقة مشاركة الوفد الإسرائيلي في المؤتمر الأممي في الرباط، يقول القرقري: ” مشاركة الوفد الإسرائيلي في المؤتمر الأممي في الرباط تأتي في سياق طبيعة الأممية الاشتراكية، التي تعتبر منظمة عالمية تضم أحزابا اشتراكية وديمقراطية اجتماعية من مختلف الدول، بما فيها حزب ميريدز الإسرائيلي، الذي يعد عضوا في هذه المنظمة، ووفقا للمعايير التنظيمية للأممية الاشتراكية، فإن جميع الأحزاب المنضوية تحت لوائها تتمتع بحقوق المشاركة في المؤتمرات والاجتماعات، بغض النظر عن مواقفها السياسية، وهو ما ينطبق على مشاركة الوفد الإسرائيلي، لذلك فإن حضوره لا يشكل استثناء، بل يندرج في إطار التقاليد المتبعة داخل هذه المنظمة الدولية.
من جهة أخرى، لا يمكن بأي حال من الأحوال الربط بين هذه المشاركة وبين الموقف الرسمي للمغرب، حيث إن المؤتمر يعقد في إطار منظمة أممية مستقلة، وليس بصفة ثنائية أو بناء على قرار سيادي مغربي، وبالتالي فإن استضافة المؤتمر في الرباط لا تعني بأي شكل من الأشكال تبني مواقف أو خيارات الأطراف المشاركة فيه.
أما على مستوى المواقف السياسية للحزب المستضيف، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فقد ظل موقفه من القضية الفلسطينية ثابتا وواضحا في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما أكده الكاتب الأول للحزب، الأستاذ إدريس لشكر، خلال أشغال المؤتمر، حيث دعا إلى حماية الفلسطينيين من العدوان الإسرائيلي، وضرورة تمكينهم من حقوقهم المشروعة، مع التشديد على حل الدولتين كخيار عادل ومستدام لإنهاء النزاع.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحضور الإسرائيلي لم يؤثر إطلاقا على طبيعة أو مضمون القرارات الصادرة عن المؤتمر، التي جاءت في معظمها داعمة للقضية الفلسطينية، ومن الجدير بالذكر أن الفلسطينيين كانوا ممثلين في المؤتمر بثلاثة وفود، ما عزز مكانتهم داخل النقاشات، وأسهم في إصدار قرارات تصب في مصلحتهم، وتؤكد عدالة قضيتهم.
وعن العلاقة ما بين إسبانيا والمغرب حاليا، يقول مشيج القرقري: ” وصول بيدرو سانشيز إلى الكتابة العامة للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني PSOE سنة 2014, جاء بعد فترة حزبية عصيبة، انتهت بدعوة خوسيه لويس ثاباتيرو للانتخابات سابقة لأوانها، وعرفت حصول الحزب الاشتراكي على أسوأ نتائج انتخابية في تاريخه، لتفتح الباب لعودة الحرس القديم إلى الإمساك بزمام الحزب..
واجه بيدرو سانشيز عائقين أساسيين في مساره، الأول داخلي هو كونه قاد تحولا كبيرا داخل هياكل حزبه وإصراره على تجديد كل النخب الحزبية وطنيا، جهويا ومحليا…
و الثاني، هو نهاية حقبة الثنائية الحزبية بين الحزب الاشتراكي PSOE و الحزب الشعبي PP، وبروز قوى أحزاب وطنيه على اليمين و على اليسار، بوديموس podemos, مواطنين ciudadanos, و بطبيعة الحال حزب اليمين المتطرف vox..
نهاية القطبية الحزبية، بالإضافة إلى انزياح الأحزاب المناطقية، خصوصا في كتالونيا إلى مطالب أكثر تطرفا وصلت حد الدعوة من جانب واحد للاستفتاء، مازالت إسبانيا تعيش على وقع تردداته، عقد الممارسة السياسية وضرب استقرارها في إسبانيا.
إذن الوضع السياسي الذي واجهه سانشيز هو غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث لإسبانيا، وبالرغم من ذلك استطاع أن يصمد و يعقد تحالفات على الطريقة الإغريقية.. صعبة، مستحيلة لكن موجودة ومستمرة…
الحقيقة أن الإسبان شعب متضامن ومنفتح وقريب من باقي الشعوب، ومواقف بعض من سياسييه لا تخرج عن ما يصلح عليه في أدبياتهم بالدين التاريخ la deuda histórica، أي الخروج من كوبا سنة 1898، ثم الرحيل عن الصحراء المغربية سنة 1975…
فإذا كانت قضية الصحراء المغربية لها ثمن انتخابي في إسبانيا، فإن التحولات الكبرى، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، والتطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والعودة القوية للقضية الفلسطينية، ثم حاجة إسبانيا لشريك قوي داخل أفريقيا ورغبتها في حضور دولي أكبر سياسيا واقتصاديا، يجعل أغلب الفاعلين السياسيين والاقتصاديين الإسبان يطمحون لعلاقات عادية سلسة، ومن منظور رابح_رابح مع المغرب…
هذه الرغبة انعكست في الترشيح المشترك لتنظيم كأس العالم والإسهام في تحقيق حلم مغربي حان وقته.
الاتحاد كان ولايزال يشتغل بمنطقة واحد ووحيد، جسده شعار المغرب أولا، وهو الدفاع عن سيادة المغرب التي يجددها جلالة الملك ووحدة أراضيه، وهو بذلك يساهم في إنزال التعاقد التاريخي بين المؤسسة الملكية والشعب المغربي، مازلنا ضمن ما سطرته ثورة الملك والشعب، والتي هي ثورة متجددة لبناء المغرب الحديث، مغرب الديمقراطية وحقوق الإنسان، مغرب الحداثة والأصالة، مغرب يتسع لجميع أبنائه ويوفر لهم الكرامة والحرية…
في حوار مع مشيج القرقري لموقع «أنباء إكسبريس» الاتحاد الاشتراكي يدافع عن قضيتين في الأممية الاشتراكية، الصحراء وفلسطين

بتاريخ : 21/02/2025