في درس افتتاحي حول المشهد الإعلامي وسؤال المهنية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية

عبداللطيف بنصفية: الدولة قدمت نقدا ذاتيا لتدبيرها لحقل الإعلام وأساليب الإنتاج تغيرت اليوم

سعيد خمري: الإعلام يشكل دعامة أساسية لامحيد عنه للتنمية بمفهومها الشامل

شدد الأستاذ سعيد خمري منسق مسلك الإجازة المهنية في الصحافة القانونية والاقتصادية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، على أن الدرس الافتتاحي لهذه السنة، ليس مفيدا فقط لطلبة هذا المسلك،بل لباقي المسالك الأخرى ذات الصلة.
وعدد سعيد خمري دور الإعلام، في كلمة له بمناسبة الدرس الافتتاحي الذي ألقاه الأستاذ عبد اللطيف بنصفية مدير المعهد العالي للإعلام والتواصل بالرباط حول ” المشهد الإعلامي وسؤال المهنية ” الجمعة الماضي برحاب الكلية، حيث أكد على أن هذا الدور يتمثل في المساهمة في البناء الديمقراطي ،ويشكل دعامة أساسية لبناء دولة الحق والقانون، إذ لايمكن يضيف سعيد خمري، تصور أي تطور أو تغيبر بدون إعلام حر ونزيه ،ومن ثمة يخلص الدكتور سعيد خمري إلى التأكيد على أن الإعلام يشكل دعامة أساسية لامحيد عنه للتنمية بمفهومها الشامل.
اللقاء أداره الأستاذ عمر الشرقاوي، الذي قدم مدخلا للموضوع الذي سيعالجه المحاضر الأستاذ عبد اللطيف بنصفية، مع توضيح الرسالة المتوخاة من هذا اللقاء بالنسبة للطلبة ،
المحاضر عبد اللطيف قدم صورة تشخيصية عن المشهد الإعلامي وتطوره، من أجل فهم الطلبة مكانة الجسم الذي ينتمون إليه، مع اقتراح هندسات بيداغوجية كما هو قائم بالمعهد الذي يترأسه، كما تحدث عن الممارسات الصحفية والإعلامية والرهانات الوطنية، وما ينتظرنا كما يقول من اجتهاد في هذا الباب.
وشدد بنصفية على أن الممارسة الصحفية ،كما يعني بها، تلك المتمثلة في الأداء المهني اليومي، بما يحمله من ثقافة إعلامية وتملك للمهارات والكفاءات وترسيخ للقواعد الأخلاقية.
وتطرقت المحاضرة إلى المنظومة الإعلامية بما تعنيه من قوانين وتأطير وتقعيد نظري، مستعرضا تاريخ الصحافة الوطنية التي يقول إنها ارتبطت بالعمل السياسي والحربي منذ الوهلة الأولى ، حيث عرفت تطورات على مدى حقب زمنية متعددة.
وكشف بنصفية ،أن إصدار ظهير 1914، ستتغير معه ملامح الصحافة في المغرب، ولم يترك هذا الظهير مجالا للتجارب الوطنية متنفسا وهامشا للحرية من أجل ممارسة الصحافة ببلادنا ، مشيرا إلى أنه من 1912 إلى 1956 ،تم كما هو معلوم تقسيم المغرب إلى ثلاثة مناطق استعمارية ،حيث كانت العديد من المعاهدات،كما صبت القوانين المؤطرة آنذاك لهذا الحقل في اتجاه التجارب الأجنبية، لتأسيس نظام إعلامي يدعم التوجهات والخطط الاستعمارية.
وأوضح المحاضر، أنه على امتداد 44 سنة من الاحتلال، عرف المغرب العديد من الظهائر، كما أن القوانين كان تصدر بشكل متواتر وسريع ،لكن هذه القوانين لم تأخذ بعين الاعتبار تطور المجتمع المغربي، بالمقابل ، حرصت السياسة الاستعمارية الفرنسية على خلق مؤسسات صحفية فرنسية قوية مرتبطة بالإقامة العامة ،في حين عرفت الصحافة في النفوذ الإسباني تجربة مغايرة، إذ أظهرت الإدارة هناك بعضا من المرونة مع الوطنيين والصحافة في الشمال المغربي.
وذكر مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، أنه في سنة 2007،أصدرت وزارة الاتصال وثيقة من أربعين صفحة، حملت نقدا ذاتيا للدولة فيما يتعلق بتدبيرها لحقل الإعلام، معترفة بغياب استراتيجية وطنية لتنمية مندمجة ومهيكلة للحقل الإعلامي، وغياب رؤية في هذا الباب مع هيمنة التقليد واستحواذ السياسي على الحقل الإعلامي، بمعنى أن هاجس التطوير كان غائبا لدى المسؤولين، بل لدى الفاعل السياسي ،الذي طور الصحافة المكتوبة بخلاف المجال السمعي البصري، قبل أن يضيف المحاضر، التأكيد على أن الشروع في بداية الإصلاح بدأ منذ سنة 2002 ،حيث كان الإعلام السمعي البصري ماقبل الإصلاح ،إعلاما منغلقا وأدواره هامشية.
وشدد على أن الاستراتيجية الجديدة بدأ معها الانفراج السياسي في الثمانينات، إذ عاشت الصحافة الوطنية صراعا مع الصحافة الأجنبية من خلال الترخيص لجريدة الشرق الأوسط ولوفيغارو للصدور من داخل المغرب ،مما جعل النقابة الوطنية للصحافة المغربية تدخل على الخط، واستطاع الملك الراحل الحسن الثاني أن يمتص غضب الأحزاب السياسية التي كانت تصدر صحفا وتؤطر المجتمع، ليتم اقتراح نظام جديد للدعم العمومي.
و تطرق الدكتور عبد اللطيف بنصفية، إلى المناظرة الوطنية التي انعقدت سنة 1993، وانطلاقا من ذلك ،يضيف ،حدث تطور في مجال العقلية التدبيرية، لكن توصياتها لم تتحقق مباشرة على أرض الواقع، لكنها شكلت أرضية خصبة لما سيأتي من بعد، حيث تم رفع احتكار الدولة لهذا المجال سنة 2002 في المجال السمعي البصري الذي عمر عقودا، وإفساح المجال للمبادرة للقطاع الخاص، وإحداث هيئة تحكيمية للتقنين ” الهاكا ” ،يعني اللجوء إلى الضبط بشكل قانوني، وإصدار قانون تنظيمي للسمعي البصري، وتحويل الإذاعة والتلفزة إلى شركة وطنية، وتكوين القطب العمومي ،معددا الهيئات الضبطية التي تؤطر المشهد الإعلامي منها المجلس الوطني للصحافة والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية المغربية للناشرين وغيرها.

وكشف عبد اللطيف بنصفية أن ضغط المهنة اليوم أصبح أكبر مما كان عليه في السابق، إذ أن أساليب الإنتاج تغيرت سواء على مستوى الكتابة أو الصورة وغير ذلك، وكذلك في تدبير الذات،حيث أصبح التوجه هو إنتاج صحفيين مهندسين يقول بنصفية.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 09/11/2022