في ذكرى رحيله السابعة .. دفنا عبد الكريم غلاب،لكننا لم ندفن إرثه المتعدد

حلت قبل يومين (14 غشت)، الذكرى السابعة لرحيل الكاتب والمناضل والصحفي عبد الكريم غلاب.
ففي 14 غشت 2017 دفنا عبد الكريم غلاب، لكننا لم ندفن إرثه الواسع المشارب ، مناضلا ضد الحجر الاستعماري الاستيطاني للمغرب، وكذا صحفيا وأديبا ملتزما ذا الغزارة في الإنتاج، نادى بحرية التعبير والمحافظة على الهوية الوطنية لمدة ثلاثة أرباع قرن .
رحل عبد الكريم غلاب مخلفا وراءه إرثا أدبيا، صحافيا، وسياسيا، دون اسمه في سجلات التاريخ كأحد أبرز أدباء المغرب المعاصر.
فاقت أعمال غلاب السبعين مؤلفا يضيق المقام عن ذكرها كلها، مع أنه يعترف بأنه في الأدب تأخر قليلا مقارنة بالتجارب التي جايلته؛ فأول رواية كتبها «سبعة أبواب»، نشرها وهو في سن الأربعين قبل أن ينشر روايته «المعلم علي»، و»دفنا الماضي»، وليس انتهاء بأهم رواياته «شروخ في المرايا» عام 1994. وكل هذه الروايات الثلاث فازت بجائزة المغرب للكتاب.
تتسم أعمال الكاتب المتعدد عبد الكريم غلاب بانسجام هوية الذات وهوية الوطن.
عن عمله الإبداعي «سبعة أبواب» كتب الباحث حسن بحراوي «إنها تجربة كتبت بإحساس ذاتي عميق وزاخر بمشاعر التضحية والوطنية، التي رافقت حقبة الاحتقان السياسي والهياج الشعبي في أعقاب نفي العاهل المغربي الراحل محمد الخامس في صيف 1953 «.
كتب في الرواية أيضا :
«صباح ويزحف الليل، وعاد الزورق إلى النبع ، سفر التكوين، القاهرة تبوح بأسرارها، ما بعد الخلية، لم ندفن الماضي، شرقية في باريس، الأرض ذهب، ، المنفيون … ينتصرون».
في القصة كتب :
«مات قرير العين، الأرض حبيبتي، وأخرجها من الجنة، هذا الوجه أعرفه ، يطو وأخواتها «.
ولد عبد الكريم غلاب بفاس سنة 1919وتلقى تعليمه الأول في المدارس الحرة.
ساهم في تفعيل حركة اللطيف بالقرويين بعد صدور الظهير البربري (16 ماي 1930) ثم التحق بالقرويين ابتداء من سنة 1930، حيث تتلمذ على يد عبد العزيز بن ادريس– بوشتى الجامعي والزعيم علال الفاسي.
ساهم في المظاهرات لتفعيل دفتر مطالب الشعب المغربي لكتلة العمل الوطني: 1934»لكتلة العمل الوطني» وسجن على إثرها سنة 1936.
سافر إلى القاهرة في أكتوبر 1937، التحق وتخرج، في ما بعد، من كلية الآداب بجامعة القاهرة– متابعة الدروس بكلية الحقوق بنفس الجامعة وكان عضوا مؤسسا لجمعية الطلبة العرب في كلية الآداب (سنة 1942).
بدأ نشاطه السياسي في القاهرة للتوعية بقضية المغرب واستقلاله في بداية الأربعينيات حيث شارك مع زملائه المغاربة في تأسيس «رابطة الدفاع عن مراكش»– تسمية المغرب آنذاك- سنة 1943.
اختاره زملاؤه المغاربة والجزائريون والتونسيون أمينا عاما لمؤتمر المغرب العربي الذي عقد في فبراير 1947، تتميما لرابطة الدفاع عن مراكش، وعنه نشأ مكتب المغرب العربي بالقاهرة الذي استكمل الكفاح في سبيل استقلال المغرب والجزائر وتونس.
في 31 مايو 1947، ساهم بمصر،وبفضل تدخل الملك فاروق في تحرير الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي من قبضة فرنسا وهو في طريقه من لارينيون « la Réunion»  إلى مارسليا،- بعد 21 سنة من الأسر- مع ثلة من الزعماء منهم: الحبيب بورقيبة، علال الفاسي، أحمد بلمليح، محمد بنعبود وعبد الخالق الطريس. مما يثير غضب فرنسا واحتجاجا شديدا إلى الحكومة المصرية.
عاد إلى المغرب في دجنبر 1948 فترأس تحرير مجلة (رسالة المغرب) ، وعمل محررا في جريـــدة «العلم» حتى تم توقيفها بقرار من الإقامة العامة الفرنسية في ديسمبر 1952.
1950: قرر المغفور له محمد الخامس تكوين ديوان يضم عبد الكريم غلاب، محمد باحنيني، مسعود شيكر، بلعباس القباج لكن المقيم العام اعترض على بعض الأسماء، فألغيت الفكرة.
عين عضوا باللجنة التنفيذية المؤقتة لحزب الاستقلال سنة 1952 مع عبد الرحيم بوعبيد، محمد الدويري، البشير بلعباس، عبد الله ابراهيم، محمد القباج، عبد الكبير الفاسي ومسعود الشيكر.
ألقي عليه القبض، 14 ساعة بعد نفي الملك محمد الخامس،في 20 غشت 1953 بعد أن كشفت السلطات الفرنسية علاقته مع بن سعود مبعوث محمد الخامس له.
1956: شغل منصب وزير مفوض بوزارة الخارجية.
استقال من منصبه وعاد إلى العمل في جريدة «العلم» كرئيس التحرير في يناير 1959. وفي سنة 1960 أصبح مديرا لها حتى 1981، ثم من (1985 – 2004).
1963 : انتخب،باقتراح من المهدي بن بركة، كأول كاتب عام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، -مهمتها الأساسية محاربة الرقابة على الصحف التي ألغيت سنة 1977-وذلك حتى سنة 1981.
37 محاكمة و51 متابعة له كمدير «للعلم» ابتداء من أكتوبر 1964 – ليسجن في 1969 على اثر مقال: «السيادة للأمة» – إلى حين مغادرته «العلم» سنة 2004.
شغل منصب رئيس اتحاد كتاب المغرب (1968-1976) وجدد انتخابه في ثلاثة مؤتمرات. وترأس مجلة «آفاق» الصادرة عن الاتحاد، كما شغل عدة مناصب من بينها:
نائب الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب (1965-1983).
نائب رئيس اتحاد الأدباء العرب 1968-1981.
1979: عضو – مع الهاشمي الفيلالي عن حزب الاستقلال في المجلس الخاص للمحافظة والدفاع على الصحراء المغربية الذي كونه الملك الحسن الثاني.
عضو مؤسس لأكاديمية المملكة المغربية منذ إنشائها سنة 1980 وفي اللجنة التي اختارت أعضاءها.
عضو في مؤسسة بيت الحكمة في تونس.
عضو مراسل في مجمع اللغة العربية ببغداد.
ألف الراحل أكثر من 72 كتابا في الرواية والقصة والأدب وعلوم السياسة والفقه الدستوري والعلوم الإسلامية والتاريخ – منها تاريخ الحركة الوطنية: من نهاية حرب الريف إلى بناء الجدار السادس – ترجمت بعضها إلى الانجليزية والفرنسية والإيطالية والاسبانية والكتالانية والأردية.
كما كتبت عن أعماله الأدبية أكثر من خمسين أطروحة جامعية للدراسات العليا والدكتوراه في مختلف الجامعات المغربية والأجنبية.
أصدرت له مؤسسة سعاد الصباح كتابا (646 صفحة) شارك في كتابته عشرات من الكتاب والنقاد من مصر وسوريا ولبنان والعراق وليبيا وتونس والمغرب في أكتوبر 2003.
2004: غادر جريدة «العلم»، وهو يشرف على 86 سنة، وخلال حوالي الخمسين سنة التي التصق بها، ظلت افتتاحياته ومقالاته وركن «مع الشعب» تصيغ وتوجه الفكر السياسي والثقافي في المغرب.


الكاتب : المحرر الثقافي

  

بتاريخ : 17/08/2024