توفي مساء الجمعة الماضي الموسيقار المصري حلمي بكر ، عن عمر يناهز 86 عاما.
وكان الراحل قد نقل إلى العناية المركزة على إثر مضاعفات عانى منها نتيجة المرض.
ونعى نقيب الموسيقيين المصريين مصطفى كامل، الفقيد ،مؤكدا أن الموسيقار حلمي بكر توفي بعد مشوار طويل قدم خلاله أكثر من 1000 أغنية لأجيال متعاقبة من المغنيين المصريين والعرب.
وفي تصريح لإحدى الصحف المصرية ،كشفت نادية مصطفى عن اللحظات الأخيرة قبل الرحيل، إذ تم نقله إلى العناية المركزة بعد أزمة صحية تعرض لها في وظائف الكلى والتهابات في البروستاتا، ثم توقفت عضلة القلب ليفارق الحياة.
وقد حرصت العديد من الأسماء الفنية على نعي الموسيقار حلمي بكر، حيث وصفت الديفا سميرة سعيد،رحيل حلمي بكر،بالخبر المحزن، وأضافت «لنا سويا نجاحات كبيرة وذكريات كثيرة…
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته «.
الفنانة لطيفة التونسية، تأثرت بخبر رحيل الموسيقار المصري حلمي بكر، وكتبت في صفحتها الرسمية في العالم الأزرق ،»أنت مدرسة عظيمة وقيمة وقامة فنية على مستوى العالم العربي كله .. جسدك راح لكن روحك وفنك سيظل يعلم الأجيال .. إنا لله وإنا إليه راجعون»
الشاعر الغنائي المصري عماد حسن، كتب على صفحته الرسمية على الفيسبوك « كنت رافض أصدق و لكن رحل آخر فارس من جيل الأساتذة ،
الموسيقار حلمي بكر في ذمة الله
رجاءا الفاتحة و الدعاء، لروحه بالسلام».
فنانون مصريون وعرب، نعوا الراحل، بحكم القيمة الفنية التي كان يمثلها، إذ عاش مع الرواد وتعامل معهم كملحن، كما غنى من ألحانه العديد من الفنانين المصريين والعرب.
الموسيقار حلمي بكر، آخر عمالقة فن الزمن الجميل في الوطن العربي، عايش الكبار مثل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم والعمالقة رياض السنباطي ومحمد فوزي وغيرهم.
وكان الفقيد رحمه الله قد استقبلنا سنة 2014
في بيته بالمهندسين بشارع الإسراء المتفرع عن شارع لبنان بالقاهرة،بترحاب كبير، وعكس ما كنا نتوقعه تماما، وعكس ما يقال عنه إنه حاد الطباع، لقد كشفنا، حبه الجارف للمغرب وأهله، وتقديره العالي لهذا البلد ولفنانيه أيضا.
الحديث مع الموسيقار الكبير حلمي بكر، لا يمكن أن يقتصر على الفن لوحده، كما كشفنا ذلك في حوار أجريناه معه ونشر بجريدة الاتحاد الاشتراكي، فله قناعاته السياسية الواضحة والصارمة، فهو يصف الربيع العربي بالدمار العربي، ويجزم أن أمريكا والصهاينة وراء هذه الإعصارات لخلق وضع جديد بالشرق الأوسط، كما تطرق إلى رؤيته لإخراج الأغنية العربية من هذا الإسفاف.
وأوضح في ذات الحوار عن علاقته وحبه للمغرب والمغاربة، كاشفا أنه قدم أحلى الأغاني للملك الحسن الثاني في عيد الشباب، منها «حلوت الليالي والله حلوت» التي غناها عبد الحليم حافظ، كما قدم أغاني للأمير مولى الرشيد وولي العهد آنذاك الملك الحالي محمد السادس، وأشياء كثيرة يقول قدمتها للمغرب.
وأشار إلى أن هناك ذكريات لن ينساها،يشرح أن
هناك ذكرى لن تمحي من ذاكرتي، حينما سافرت وعبد الحليم حافظ، حينما كانت هناك محاولة انقلابية ضد الملك الراحل الحسن الثاني، التي نجا منها، كان من المفروض أن أسافر مع عبد الحليم في السنة المقبلة، لكن الملك الحسن الثاني كان «زعلان» من عبد الحليم، بعدما أقدم الانقلابيون على الإمساك بعبد الحليم وطلبوا منه تلاوة البيان الشهير على أمواج الإذاعة، لكنه رفض، وقد طلب منه الحسن الثاني قيادة مظاهرة شعبية لكنه رفض.
يشهد الموسيقار حلمي بكر رحمه الله، أن المغرب يضم تنوعا كبيرا في الفنون البربرية والطقطوقة الجبلية، و الأندلسي والغرناطي وغير ذلك من الفنون، والمطلوب من المغرب كما يرى أن يتبنى أبناءه، لتكون له ريادة فنية، وليس ريادة تبعية، حتى تكون له أغنيته الخاصة به وسط العالم العربي،كاشفا أنه تعامل مع الفنانة الراحلة رجاء بلمليح في الأوبريت «كلنا بنكمل بعض» وهي فنانة عظيمة رحمها الله، لكن كلنا راحلون، وهناك فنانون رائعون مثل الفنان عبد الوهاب الدكالي، الذي هو صديقي، وعبد الهادي بلخياط الذي عملت له أول عمل «مش ضامن قلبك»، وتم إنجاز فيلم حول هذه الأغنية، وكان مقيما في بيتي بالزمالك، وعبد السلام عامر وغيرهم.
بمنزله دائما، استعرض الموسيقار حلمي بكر رحمه الله، صورا تذكارية لنجوم الفن الجميل، التي تؤرخ لمحطات هذا الرجل الكبير الذي لم يتردد في قبول دعوة جريدة «الاتحاد الاشتراكي» لمحاورته بعدما تحدث معه في هذا الشأن الصديق الشاعر عماد حسن، وبمجرد أن اتصلت به، ضرب لي موعدا في اليوم الموالي، فتكلف صديقنا المصري أحمد نزيه الذي يحفظ عن ظهر قلب شوارع وأزقة قاهرة المعز بهذه المهمة.
الموسيقار حلمي بكر ،لم يكن يستطيع الحياة بدون حب ولا بدون امرأة، فهو يبحث عن السعادة في المرأة، ولن أنسى رحمه الله ،كيف شجعني على طرح السؤال، بعدما لاحظ ترددي ، لذا تزوج تسع زوجات منهن الفنانة سهير رمزي، وشاهيناز شقيقة الفنانة شويكار، وهي أم ابنه الوحيد هشام، والطالبة الجامعية منى وراندا ابنة خالة المطربة آصالة، وآخر زيجاته الصحافية شيماء مصطفى التي أكد للجريدة انفصاله عنها.
الموسيقار حلمي بكر بلغ رصيده الفني حوالي 1500 لحن موسيقي مع كبار المطربات والمطربين في العالم العربي، مثل ليلى مراد، وردة الجزائرية، نجاة الصغيرة، محمد الحلو، علي الحجار، سميرة سعيد، مدحت صالح رجاء بلمليح…، كما قدم نحو 48 مسرحية غنائية أشهرها «سيدتي الجميلة» التي كانت بمثابة ثورة حقيقية في هذا المجال.
وعن الزمن الجميل الذي كانت سماؤه مليئة بالنجوم، لم يتردد في التأكيد على أنه محظوظ، لأنه كما رأى رحمه الله، ولد في زمن كان فيه كل شيء عملاقا، سواء كحكام أو فنانين ،أو غيرهم. ،وأنا يقول « كنت صديقا للموسيقار محمد عبد الوهاب، والوحيد الذي كان يقول لي أنا آت عندك، وكان دائما يجلس في هذا المكان بمنزلي، تخيل أن كل هؤلاء العملاقة يزورونني في بيتي ونتناقش في الموسيقى، في السلبيات والايجابيات، كذلك كان يزورني رياض السنباطي، أصدق صديق لي. وكذلك محمد الشريف ومحمد فوزي، أحمد الله أنني تواجدت في زمنهم. ولأني مازلت أحمل رسالتهم، وأعرف أننا في أشد الخطأ، لكن لا أنغرس فيه. وأتحدى العالم كله، لأني أفضح ما يحدث من إسفاف».
رحم الله الفقيد الكببر وأسكنه فسيح الجنان، وألهم عائلته الصغيرة والكبيرة، الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.