في ظل عجز الحكومة عن تحريك عجلة النمو .. الاقتصاد الوطني يحقق للعام الثالث على التوالي معدلات نمو ضعيفة: 1.2 %و3.4 % و2.9 %

مازالت الحكومة عاجزة حتى الآن عن الوفاء بواحد من أهم الالتزامات العشر التي قطعتها على نفسها منذ بداية ولايتها، لاسيما تعهدها بالرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4 % خلال الولاية الحكومية، حيث لم يتعد معدل النمو 1.2% خلال 2022 (عوض 7.9% في 2021)، ولم يتجاوز 3.4% في 2023، وها هو معدل النمو للعام الثالث من الولاية الحكومية يهبط مجددا تحت حاجز 2.8%، وفق آخر توقعات البنك المركزي.
وبدورها كشفت بيانات المندوبية السامية للتخطيط أمس، في موجز الظرفية الاقتصادية، هذه الوتيرة الضعيفة للنمو التي لم تتعد 2.4 % و 2.8% خلال الفصل الثالث، حيث تميزت هذه الفترة بتراجع الأنشطة الفلاحية وبنمو اقل دينامية في الصناعات التحويلية وأنشطة توزيع الكهرباء. ووفقًا لبحوث الظرفية التي أجرتها المندوبية السامية للتخطيط على مستوى القطاعات الإنتاجية، اعتبر ضعف الطلب العامل الرئيسي الاول الذي ساهم في الحد من تطور النشاط بالنسبة لـ 30% من الشركات الصناعية، يليه صعوبات الإمداد بالنسبة ل 19%.
وتفيد ذات البيانات أن القيمة المضافة للقطاع الفلاحي من المنتظر أن تنخفض بنسبة 4,1% خلال الفصل الثالث من 2024 على أساس سنوي، وذلك بعد انكماش بنسبة 4% خلال النصف الأول من السنة. ويرجح أن ينجم هذا التراجع، الذي سيعيد النشاط الفلاحي إلى مستواه المتوسط المسجل قبل أربع سنوات، عن تباينات في تطور الإنتاج النباتي والحيواني. فعلى الرغم من الظروف المناخية غير المواتية، يرتقب أن تعرف محاصيل الخضروات الموسمية تحسنا خلال الفصل الثالث من 2024، سيساهم في انخفاض أسعار الخضر وارتفاع صادرات الطماطم والبطاطس والخضر الصغيرة. بينما ستشهد المحاصيل الأخرى ومعظم فروع الإنتاج الحيواني تراجعا خلال نفس الفترة.
وبدوره عرف قطاع الدواجن على وجه الخصوص تحولا نحو الانخفاض خلال الفصل الثالث من 2024، حيث سجل إنتاج لحوم الدواجن تقلصا بنسبة 3,3%. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة، أظهر القطاع مرونة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، مكنت من دعم الإنتاج الحيواني الذي يتأثر للسنة الثانية على التوالي بالانخفاض المهم الذي يعرفه إنتاج اللحوم الحمراء بسبب محدودية العرض من الماشية المحلية المخصصة للذبح. غير انه شهد ابتداء من شهر يونيو الماضي بشكل خاص تراجعا في العرض من الكتاكيت، على خلفية انخفاض الإنتاج الوطني مقترنا بارتفاع صادرات أعدادها، مما سيساهم في نقص انتاج الدجاج الموجه نحو الاستهلاك. وفي ظل هذه الظروف، شهدت أسعار بيع الدواجن زيادة تقدر بنسبة 27,6% على أساس سنوي. كما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء، وذلك على الرغم من زيادة واردات الحيوانات الحية بأكثر من النصف خلال نفس الفترة.
ونبهت المندوبية السامية للتخطيط إلى ارتفاع معدل التضخم خلال الفصل الثالث من 2024، عقب عدة فصول من التراجع، حيث بلغ 1,2% عوض 0,8% خلال الفصل السابق. ويعكس هذا الارتفاع زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 0,7%، بعد انخفاض بنسبة 0,3% خلال الفصل السابق، وتراجع أسعار المنتجات غير الغذائية إلى 1,4+% مقارنة بـ 1,6+% خلال الفصل الثاني. أما بالنسبة للتضخم الكامن، الذي يستثني أسعار المواد الخاضعة لتدخل الدولة والمنتجات ذات الأسعار المتقلبة، فشهد، بدوره، ارتفاعا وصل إلى 2,4% مقارنة بـ 2,3% في الفصل السابق، مدفوعا بزيادة في مكونه الغذائي مع تراجع تدريجي في أسعار المنتجات المصنعة واستقرار نسبي في أسعار الخدمات.
ويعكس ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير تصاعد أسعار اللحوم (بمساهمة نقطة واحدة)، وذلك بسبب استمرار تزايد أسعار اللحوم الحمراء مقترنا بارتفاع كبير في أسعار لحوم الدواجن خلال الفترة الصيفية. كما يعزى توجه أسعار المواد الغذائية نحو الارتفاع، وإن كان بدرجة أقل، إلى تصاعد أسعار الفواكه الطازجة (0,4 نقطة) والأسماك (0,3 نقطة). بالمقابل ستشهد أسعار الخضروات الطازجة انخفاضا بمساهمة ستبلغ 0,7- نقطة، وذلك بالموازاة بشكل أساسي مع تعافي العرض المحلي.
أما بالنسبة لأسعار المنتجات غير الغذائية، فيعزى تباطؤ وتيرتها إلى تراجع أسعار الطاقة (4,2% مقارنة بـ 5% في الفصل السابق)، بسبب انخفاض أسعار المنتجات البترولية بنسبة 2,3% مقارنة بزيادة بنسبة 6,1% خلال الفصل الثاني، وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار الغاز. كما ستتباطأ أسعار المنتجات المصنعة، بوتيرة طفيفة مقارنة بالفصل السابق (0,5%+ بعد 0,6%+)، متأثرة بانخفاض أسعار الأجهزة المنزلية الكبيرة.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 09/10/2024