محمد بنعبد القادر: أعبر عن ارتياحي البالغ لمستوى التنسيق والتعاون والتشاور القائم بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية

في عرض لوزير العدل أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية

 

السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المحترم
السيدات والسادة أعضاء المجلس المحترمون.

عندما تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم سادس أبريل 2017 ، باستقبال وتعيين أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذين أدوا
القسم بين يدي جلالته، كانت المملكة المغربية قد قطعت ?عمليا- خطوة ثابتة وحاسمة في مسار تعزيز مكانة القضاء في البناء المؤسسي الوطني، والارتقاء بالسلطة القضائية إلى سلطة قائمة الذات، مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
قبل ذلكم اليوم التاريخي بست سنوات، صوت الشعب المغربي على دستور جديد، ينص ?صراحة- على استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية كهيئة دستورية مستقلة ذات تركيبة متنوعة، تحت رئاسة جلالته.
اليوم، وأنا أسعد بالحضور معكم في جلسة رسمية لمجلسكم الموقر، وأحظى بشرف التوجه بكلمة إلى كريم عنايتكم، كان لابد لي أن أستحضر مختلف الدلالات التي يمكن أن يجسدها أول حضور لوزير العدل في اجتماع المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
كان لابد لي أن أتساءل في زخم هذه اللحظة المتميزة عن صيرورة إرساء دعائم السلطة القضائية المستقلة، مابين التنصيص الدستوري والتنصيب الملكي، وهذا الالتقاء المؤسساتي.
كان لابد لي أن أستشعر ثقل المسؤولية وجسامة الأمانة فيما سأعرضه أمام أنظاركم من حصيلة أولية في مجال تدبير الإدارة القضائية، وما سألتم به معكم من مبادرات في مسار تنزيل مشاريع الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة.
لكن قبل ذلك، لابد لي السيد الرئيس المنتدب المحترم أن أعبر لكم عن خالص شكري وامتناني على تفضلكم بعقد هذه الجلسة المتميزة، وعلى استضافتي في مجلسكم الموقر، تفعيلا لمقتضيات المادة 54 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي نصت على إمكانية حضور الوزير المكلف بالعدل لاجتماعات المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل تقديم بيانات ومعلومات تتعلق بالإدارة القضائية أو أي موضوع يتعلق بسير مرفق العدالة، بما لا يتنافى واستقلال السلطة القضائية وذلك بطلب من المجلس أو الوزير.
السيد الرئيس المنتدب المحترم، السيدات والسادة الاعضاءا لمحترمون،
لقد مرت ثلاث سنوات على تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية كمؤسسة دستورية مستقلة، بتشكيلته الجديدة المنصوص عليها في الفصل 115 من الدستور، وهي محطة تاريخية ننظر اليها كمسؤولين وفاعلين سياسيين وحقوقيين ونخب بما تستحقه من فخر واعتزاز، لكونها توجت مسارا إصلاحيا طويلا وشاقا لتنزيل الاستقلال المؤسساتي الكامل للسلطة القضائية، وكرست الإرادة الصادقة لجلالة الملك حفظه لبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، وبناء سلطة قضائية قوية ومستقلة تتمتع بكل المقومات التي تمكنها من لعب دورها كاملا في حماية حقوق وحريات المواطنين وضمان أمنهم القانوني والقضائي.
الحقيقة، أنه على الرغم من قصر المدة التي مضت على إحداث مجلسكم الموقر هذا، باعتباره مؤسسة دستورية مكلفة بتطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، والمساهمة في تدبير قطاع العدل ببلادنا، فإن ما حققه المجلس من نجاحات ومنجزات، وما راكمه من تجارب وخبرات، مكنه من المساهمة بشكل فعال في تنزيل ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وتعزيز المكانة القضائية ببلادنا وضمان استقلاليتها.
لا يهمنا كثيرا في هذا المقام ذلك الجدل الفقهي والسياسي الذي ?عادة- ما يصاحب المراحل الانتقالية في مسار استقلال السلطة القضائية، والذي أحيانا بدل أن يضمن نجاح هذا الانتقال، يزج به في إشكالات مفتعلة عقيمة ومتاهات قانونية لا تنتهي.
فلا يخفى عليكم حضرات السيدات والسادة الأفاضل، أن رواد فكر الأنوار، عندما كانوا يؤصلون لمبدء فصل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، لم تكن أفهامهم أنذاك تتجه إلى ما قد يذهب إليه البعض من تأويلات ضيقة تمضي في اتجاه تصادم السلطات واصطناع القطيعة الوظيفية والتنافر المؤسساتي بينها، وإنما كانت خلفيتهم الفلسفية في التأسيس لهذا الفصل هي منع الشطط في استعمال السلطة من خلال قاعدة قانونية تجعل كل سلطة تحدها سلطة.
فالسلطة التشريعية تراقب وتشرع، ولا يمكن لها أن تنفذ شيئا، لأن التنفيذ ليس من صلاحياتها، بل من صلاحية الحكومة أو السلطة التنفيذية، كما أن السلطة القضائية منوط بها الفصل في المنازعات وإصدار الأحكام والقرارات القضائية وفق ما أقره المشرع.
هكذا إذن، كان القصد باستقلالية القضاء هو عدم وجود أي تأثير مادي او معنوي أو تدخل مباشر أو غير مباشر في عمل السلطة القضائية، بالشكل الذي يمكن أن يؤثر في عملها المرتبط بتحقيق العدالة،فإننا نعتبر أشكالية استقلالية السلطة القضائية مسألة محسومة في سياقنا الوطني، لما تتتمتع به من ضمانة أساسية يجسدها جلالة الملك أعزه الله، كما أوضح ذلك جلالته في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الأول للعدالة بمراكش سنة 2018 عندما أكد قائلا:
وبصفتنا الضامن لاستقلال السلطة القضائية، فأننا حريصون على أن تكون الغاية المثلى من التكريس الدستوري لاستقلال القضاء، هي جعله في خدمة المواطن، وفي خدمة التنمية وفي خدمة دولة القانون.
لذلك، فإن الغاية الأسمى ليست هي فصل السلط في حد ذاته، بقدرماهي توازنها وتعاونها من أجل تحقيق المصلحة العامة.
فإذا كنا قد نجحنا ?فعلا- في تنزيل الاستقلال المؤسساتي الكامل للسلطة القضائية، ومكنا هذه السلطة من وسائل الاشتغال سواء القانونية أو المادية أو البشرية أواللوجستيكية، فإن رهاننا كان ولايزال، هو التفعيل الأمثل للمبدأ الدستوري المتعلق بتعاون السلط وتوازنها.
لقد كان هاجسي الأول والأساس منذ أن حظيت بالثقة المولوية السامية على رأس وزارة العدل، هو تعزيز الاستقلالية المؤسساتية والوظيفية للسلطة القضائية من خلال استكمال الإطار القانوني والتنظيمي لهذه الاستقلالية، وفي نفس الآن الشروع في وضع اللبنات الأساسية لتحقيق التوازن والتعاون بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، في ظل الثقة المتبادلة واحترام الاختصاصات ومراعاة المصلحة العامة.
وإنها لمناسبة، أود -من خلالها- أن أعبر عن ارتياحي البالغ لمستوى التنسيق والتعاون والتشاور القائم بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية على كافة الأصعدة والمستويات، وفي كل الظروف والمناسبات، معبرا في هذا الصدد عن امتناني الكبير للسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الأستاذ الفاضل المصطفى فارس، والسيد رئيس النيابة العامة الأستاذ المحترم امحمد عبد النباوي على حرصهما العام لتعزيز هذه الشراكة والارتقاء بها دائما نحو الأفضل، بما يخدم العدالة ببلادنا، والمصلحة العليا للوطن.
وإذ يحق لنا أن نعتز جميعا بما تحقق من منجزات ومكاسب في مجال توطيد استقلال السلطة القضائية وترسيخ دعائمها، فإنني أجدد العزم بهذه المناسبة على مواصلة العمل مستقبلا بنفس الروح والإرادة والعزم لتعزيز هذه المكتسبات والارتقاء بمؤسساتنا الدستورية، وتطوير آليات عملها وطرق اشتغالها.
فإذا كان مبدأ استقلال السلطة القضائية يشكل بالنسبة إلينا عقيدة راسخة، وتوجها لا محيد عنه ولارجعة فيه، فإننا نخطو اليوم خطوة أخرى متقدمة في مجال التعاون بين السلطتين القضائية والتنفيذية، معتبرين أن حضور الوزير المكلف بالعدل للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وتقديمه عرضا حول الإدارة القضائية أو أي نقطة من النقط التي تهم منظومة العدالة ببلادنا، يشكل مظهرا من مظاهر التميز الذي يطبع التجربة المغربية في الممارسة الديموقراطية والعلاقة بين السلط، وهو التجسيد الحقيقي لمقتضيات الفصل الأول من دستور المملكة الذي يؤكد على أن النظام الدستوري للمملكةلا يقوم على فصل السلط فحسب، بل ينبغي أيضا على توازن هذه السلط وتعاونها.
ولعل أبرز مجال لتجسيد هذا التعاون والتنسيق بين السلطتين التنفيذية والقضائية، هو مجال الإدارة القضائية، فإذا كانت التجارب الدولية منقسمة بشأن تدبير الإدارة القضائية بين نموذجين مختلفين ومتناقضين: اولهما نموذج التدبير الكلي عن طريق وزارة العدل، وثانيهما نموذج التدبير الذاتي عن طريق السلطة القضائية، فإننا في المغرب اخترنا نموذجا ثالثا يزاوج بين النموذجين الأول والثاني، ويقوم على التعاون والتنسيق والتشارك بين السلطة التنفيذية ممثلة في الوزارة المكلفة بالعدل، والسلطة القضائية ممثلة في المسؤولين القضائيين بالمحاكم والمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وإذا كانت الصورة واضحة تماما في قواعد الحكامة لدى النموذجين الأول والثاني، فإنها في النموذج الثالث الذي اختاره المغرب تحتاج إلى الكثير من الاجتهاد والابتكار، والكثيرمن الصبر والمرونة والثقة من أجل مراكمة الممارسات الفضلى لضمان حسن التنزيل، وتجويد حكامة المرفق القضائي، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا بالتفعيل الأمثل للمبدأ الدستوري القائم على توازن السلط وتعاونها.
لذلك، فإنني أعتبر حضوري اليوم بمجلسكم الموقر لتقديم عرض حول تدبير الإدارة القضائية وتنزيل المخطط التشريعي، في بادرة هي الأولى من نوعها منذ تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مؤطرة بمقتضيات المادة 54 من القانون التنظيمي رقم 100.13، اعتبر ذلك تمرينا آخر أغنى التجربة المغربية ويؤصل خصوصيتها، يفتح آفاقا واعدة للتعاون بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وينبغي أن نحافظ عليه ونسعى لتعزيزه وتكريسه.

تشريع مهيكل

إنه منذ أن توليت أمر وزارة العدل قبل نحو تسعة أشهر من الآن، أخذت على عاتقي مسؤولية مواصلة ورش الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، وتوطيد دعائم السلطة القضائية ببلادنا وترسيخ استقلاليتها، وتعزيز علاقات التنسيق والتعاون معها، وقد وجدت كل الظروف مهيأة للمضي قدما في هذا المسار، كما وجدت إرادة ورغبة متبادلة من لدن السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والسيد رئيس النيابة العامة، لمواصلة العمل الذي تم إنجازه من قبل، ولذلك كنت حريصا منذ البداية على الدعوة لعقد الاجتماع الأول للهيئة المشتركة المكلفة بالتنسيق في مجال الإدارة القضائية، والمنصوص عليها في المادة 54 من القانون التنظيمي رقم 100.13 لكي نجسد معا على أرض الواقع هذه الإرادة المشتركة والرغبة في العمل المشترك والتعاون والتنسيق لما فيه مصلحة العدالة ببلادنا.
وبحمد الله وتوفيقه، عقد الاجتماع الأول لهذه الهيئة بتاريخ 16 دجنبر 2019، وقد كان مناسبة لتحريك عجلة التعاون والتنسيق في الأمور المشتركة، لا سيما وأن التحديات والانتظارات كانت ولاتزال كبيرة على كل المستويات.
وتفعيلا لذلك، تم تشكيل لجنتين تقنيتين: الأولى ذات صبغة تشريعية كلفت بإعداد تصور لترتيب الآثار على قرار المحكمة الدستورية بشأن مشروع قانون التنظيم القضائي، وكذا إعداد مسودة لمشروع قانون التفتيش القضائي، والثانية ذات صبغة تدبيرية كلفت بمناقشة عدد من الإشكالات التي تهم تدبير العمل بالمحاكم من قبل تحيين المطبوعات المستعملة.
وبعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها اللجنة الأولى، تم التوافق على صيغة لمشروع قانون التنظيم القضائي الجديد، اقتصرنا فيها فقط على ترتيب الآثار على قرار المحكمة الدستورية، حيث شملت التعديلات حوالي 40 مادة دون المساس بباقي المواد التي تمت المصادقة عليها من طرف البرلمان بغرفتين في الصيغة الأولى> والتي لم تبد بشأنها المحكمة الدستورية أي ملاحظات أو مؤاخذات، كل ذلك من أجل الإسراع لإخراج هذا النص القانوني المهم إلى حيز الوجود، باعتباره نصا تشريعيا مهيكلا يعيد تنظيم العمل بالمحاكم ويضبط العلاقة بين مختلف الأطراف والمكونات، لاسيما بعد المستجدات التي طرأت على مشهد العدالة ببلادنا في إطار الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية.
وإذا كنت أتفهم حجم الانتظارات التي عبرت عنها مختلف الأطراف بشأن هذا المشروع والرغبة في توسيع مجال التعديلات لتشمل مجالات ومواضيع اخرى، فإنه اعتبارا لضغط الزمن التشريعي، وبحكم أننا مقبلون على سنة انتخابية، وحرصا على إخراج هذا النص في أقرب الآجال الممكنة دون الرجوع به إلى نقطة الصفر، فقد كانت حالتنا أقرب إلى تلك الحالة التي وصل إليها شارل دي منتسكيو محذرا:
Il ne faut pas toucher que d une main tremblante
هكذا ارتأينا الاقتصار على إدخال التعديلات اللازمة في إطار ترتيب الآثار، وإعطاء التجربة الحالية وقتها الكافي حتى تستقر على معالم واضحة، وتتمكن من ترسيخ بنياتها، ومن ثم إخضاعها لاحقا لتقييم موضوعي في أفق إدخال التعديلات والمراجعات الضرورية.
وبنفس الروح التوافقية أيضا، انكبت اللجنة المشتركة المنبثقة عن الهيئة المشتركة على إعداد مسودة لمشروع قانون التفتيش القضائي، الذي ارتكز على مبدأ استقلالية السلطة القضائية وتقوية مؤساستها وأجهزتها، وتعزيز الشفافية والنزاهة والرقابة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

قضاة المحاكم

إن انشغالنا بتعزيز علاقات التعاون والتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبناء جسور متينة للتواصل معه، لم يشغلنا عن الانكباب على ملفات أخرى لها أهميتها وراهنيتها لتعزيز مسار إصلاح منظومة العدالة ببلادنا، ومن بينها موضوع تحسين الوضعية المادية للسادة القضاة.
في هذا الإطار، أشير إلى أنني حرصت منذ الأيام الأولى لتحملي مسؤولية وزارة العدل على إتمام المشاورات مع الجهات الحكومية المعنية لإخراج المرسوم الخاص بالتعويضات المخولة للسادة القضاة، وقد تمكنا ولله الحمد من حسم النقط العالقة وإحالة المرسوم على المجلس الحكومي الذي صادق عليه في اجتماعه المؤرخ في 16 يناير 2020؛ ودخل حيز التنفيذ بمجرد نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 23 ابريل 2020
إن أهمية هذا المرسوم لا تكمن فقط في استكمال تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، بل إنها تتعداه لتشكل حلقة أخرى في مسلسل دعم السلطة القضائية والارتقاء بها وتبويئها المكانة اللائقة بها، فضلا عن تحسين الوضعية المادية للسادة القضاة وتحصينهم وضمان استقرار أوضاعهم الاجتماعية والمادية، وتعزيز مكانتهم الاعتبارية، وتحفيزهم على المزيد من البذل والعطاء والرفع من النجاعة القضائية وتوفير الشروط اللازمة للاشتغال في ظروف أحسن وأمثل، كما أنه يأتي تفعيلا لمقاربة التحفيز التي تنهجها الدولة في مجال التخليق، على اعتبار أن التحصين الاقتصادي والاجتماعي للمنتسبين لمنظومة العدالة، هو أحد المداخل الأساسية لتخليقها وتعزيز الشفافية في ممارسة عملها.
بالموازاة مع ذلك، حرصنا على تعزيز الرصيد البشري للسلطة القضائية، وذلك من خلال تنظيم مباراة الفوج 44 للملحقين القضائيين، والتي خصصنا لها 150 منصبا ماليا، بعدما كان القانون المالي ينص على 100 منصب فقط، حيث قمنا بالمشاورات اللازمة وحصلنا على الترخيص لإضافة 50 منصبا جديدا، وتم إجراء المباراة والإعلان عن نتائج الامتحانات الكتابية، وتم تحديد الفاتح من شتنبر المقبل كموعد لإجراء الاختبارات الشفوية كما عززنا كتابة الضبط ب 519 موظفا جديدا خلال السنة الماضية، مع العلم أننا سننظم خلال هذه السنة مباريات لتوظيف المنتدبين والمحررين القضائيين، وذلك بعد استكمال الترتيبات اللازمة،كما قمنا بتعزيز الرصيد البشري لمساعدي القضاء خلال هذه السنة من خلال تعيين 853 عدلا جديدا، و 140 خبيرا قضائيا جديدا و 18 موثقا جديدا.
وقد واكبنا هذه الإجراءات بمجهود آخر يرمي إلى تحسين ظروف اشتغال السادة القضاة بالمحاكم، وذلك من خلال تشييد بنايات لائقة تحفظ للسلطة القضائية هيبتها ووقارها ومكانتها الاعتبارية، وتمزج بين أصالة المعمار المغربي وحداثة التصاميم الهندسية، فضلا عن تجهيزها بكل احتياجاتها التقنية واللوجستيكية وفق إحداث المعايير المتعارف عليها.
في هذا الصدد، أشير إلى أننا منذ بداية هذه السنة، قمنا بتدشين 6 بنايات جديدة، ولدينا برنامج يهم تدشين 19 بناية جديدة خلال الأسابيع المقبلة، كما أنه من المنتظر قبل نهاية سنة 2020 أن تنتهي أشغال بناء 24 بناية جديدة، مع العلم أن الأشغال جارية حاليا ب 29 ورشا بمختلف جهات المملكة بالإضافة إلى 60 مشروعا تمت برمجته، كل ذلك بكلفة إجمالية تصل إلى 3 ملايير و 800 مليون درهم.
وأود إخباركم أنه على إثر الزيارات الميدانية التي قمت بها إلى عدد من محاكم المملكة، واطلاعي على ظروف اشتغال السادة المسؤولين القضائيين، فقد بادرت إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح مشاورات مع الجهات المختصة لبناء وتوفير مساكن خاصة بالمسؤولين القضائيين لاسيما في المدن الصغيرة والبعيدة،كما قامت الوزارة استجابة لطلب رئاسة النيابة العامة – باقتناء 44 سيارة نفعية وزعتها على النيابات العامة بعدد من المحاكم الابتدائية للمملكة خلال الأسبوع الماضي بكلفة إجمالية تجاوزت 06 ملايين درهم، ستخصص لتمكين قضاة النيابة العامة من تنفيذ الالتزامات التي يفرضها عليهم القانون، من قبيل زيارة أماكن الاعتقال كالمؤسسات السجنية ومراكز الوضع تحت الحراسة النظرية ومستشفيات الأمراض العقلية ومراكز حماية الطفولة، وستعمل الوزارة خلال الفترة المقبلة على استكمال مسطرة الاقتناء بخصوص 44 سيارة أخرى تشكل الدفعة الثانية من طلبية رئاسة النيابة العامة، مع العلم أنه تقرر ابتداء من هذا الشهر، الرفع من الحصة الشهرية للوقود المخصص للسيارات النفعية المسلمة للسادة المسؤولين القضائيين بمختلف محاكم المملكة، بشكل يلبي احتياجاتهم اليومية في التنقل داخل دوائرهم القضائية لممارسة المهام المنوطة بهم في مجال الإشراف على الإدارة القضائية والتأطير القضائي.

خدمات المرتفقين

لقد كشف الوضع الاستثنائي الذي تمربه بلادنا بسبب جائحة كورونا، الحاجة إلى تنسيق الجهود، وتعزيز آليات التواصل بين الوزارة المكلفة بالعدل والسلطة القضائية. وبحجم ما كان هذا التحدي كبيرا، كانت النتائج مهمة ومشجعة، أبانت عن حرص كل الأطراف لتوحيد الجهود وضمان استمرار المرفق القضائي في أدائه لخدماته للمتقاضين والمرتفقين.
بهذا الخصوص، فإن وزارة العدل، وفي إطار الاختصاصات الموكولة إليها في مجال التدبير الإداري للمحاكم، ومن منطلق مسؤوليتها لضمان الأمن الصحي داخل المرافق القضائية، وحماية كل العاملين بها، انخرطت لتفعيل الإجراءات والقرارات المتخذة بالتنسيق والتشاور مع السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والسيد رئيس النيابة العامة، وعلى رأسها قرار تعليق انعقاد الجلساتبمختلف محاكم المملكة، وقرار اعتماد المحاكمة عن بعد في قضايا المعتقلين وغيرها من القرارات الأخرى.
كما أن الوزارة وحرصا منها على استمرار استفادة المرتفقين من الخدمات التي تقدمها لهم المحاكم، اتخذت الإجراءات اللازمة لضمان استمرار أداء هذه الخدمات بطريقة إلكترونية، وعن بعد عبر البوابة الإلكترونية mahakim من قبيل الحصول على السجلين التجاري والعدلي وإيداع القوائم التركيبية للشركات والاطلاع على مآل القضايا والملفات القضائية،كما قامت بتوفير ما تحتاجه المحاكم من وسائل التعقيم والتطهير والتنظيف والوقاية، وقامت بوضع برنامج لتعقيم كل بنايات المحاكم مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، وقامت أيضا بالتنسيق مع مصالح وزارة الصحة لإجراء تحاليل الكشف عن فيروس كورونا بكل محاكم المملكة، ولفائدة كل العاملين بها من القضاة الموظفين.
ولا يمكن أن أغفل بهذا الخصوص المساهمة الفعالة للسلطة القضائية في إنجاح المبادرة الملكية بالعفو عن عدد من نزلاء المؤسسات السجنية، حيث عقدت لجنة العفو اجتماعاتها بمقر وزارة العدل من أجل تفعيل وتنزيل هذه المبادرة الملكية السامية، وأصدرت بلاغا يوم 4 ابريل 2020، أعلنت فيه أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، أصدر أمره السامي المطاع بالعفوعلى 5654 معتقلا، وهو الأمر الذي تم تنفيذه في إبانه بفضل تظافر جهود كل الفاعلين المتدخلين في العملية، وعلى رأسهم مؤسسة النيابة العامة التي تجندت لإنجاح العملية وتنفيذ الأمر المولوي.

السياسة الجنائية

إن ورش إصلاح منظومة العدالة باعتباره ورشا استراتيجيا ومهيكلا، يعتمد في تنزيله على جوانب كثيرة ومتعددة، لعل أبرزها تحديث المنظومة القانونية الوطنية المؤطر ة لمجال العدالة في كل مجالاتها.
وإذا كانت الوزارة قد وضعت مخططا تشريعيا طموحا لتحديث هذه المنظومة القانونية، فإنني أرى من واجبي إحاطة مجلسكم الموقر بتفاصيل هذا المخطط، باعتبار جزء كبير منه يهم مجال اشتغال السلطات القضائية.
في هذا السياق، أود التذكير بأننا أولينا أهمية خاصة لموضوع السياسة الجنائية با عتبارها جزءا لا يتجزأ من السياسات العمومية للدولة، وباعتبارها أيضا ترتبط بهذه الأخيرة بعلاقة تكاملية وتفاعلية، وتتقاطع معها لتحقيق مجموعة من الأهداف والغايات لا سيما في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
في هذا الصدد، فقد بادرت إلى تقديم عرض أمام المجلس الحكومي بتاريخ 26 دجنبر 2019 تمحور حول المداخل العامة للسياسة الجنائية الوطنية، وكان بالمناسبة أول عرض موضوعاتي يقدم أمام المجلس الحكومي في ظل الحكومة الجديدة.
وقد أبرزت من خلال هذا العرض واقع السياسة الجنائية المغربية المتسم بعدد من نقط الضعف، منها قدم المنظومة القانونية الجنائية، وضعف التنسيق مابين السياسة الجنائية وباقي السياسات العمومية للدولة، وغياب أجهزة مساعدة للعدالة الجنائية، فضلا عن ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي وتضخم عدد القضايا الزجرية.
واستعرضت عددا من المرتكزات التي يتعين استحضارها لرسم معالم سياسة جنائية جديدة وحديثة، ومنها المرجعية الدستورية والتوجيهات الملكية السامية وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة الحوار الوطني لاصلاح منظومة العدالة، فضلا عن المواثيق الدولية، مع التأكيد على أن السياسة الجنائية التي ستنكب الوزارة على رسم معالمها بالتنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية، يتعين أن تدمج البعد الحقوقي لتحقيق التوازن بين حماية الحقوق والحريات، وحماية النظام العام.
وبالموازاة مع ذلك، وصلنا لمشاوراتنا مع القطاعات والسلطات المعنية لمراجعة قانون المسطرة الجنائية، حيث إننا الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة عليه قبل إحالته على مسطرة المصادقة.
ولما كانت المهن القانونية والقضائية مكونا أساسيا في منظومة العدالة، تساعد السلطة القضائية في أداء مهامها وتحقيق الأمن القانوني والقضائي للمواطنين، فإنه في إطار الاختصاصات الموكولة للوزارة في الإشراف على هذه المهن، كنت حريصا على إعطاء دفعة قوية للشراكة معها وتكثيف اللقاءات مع ممثليها لمراجعة القوانين المنظمة لها.
في هذا السياق، تم تشكيل لجنة مختلطة بين الوزارة وجمعية هيئات المحامين بالمغرب من أجل مراجعة القانون المنظم لمهنة المحاماة، وعقدت هذه اللجنة سلسلة من الاجتماعات انتهت بالتوافق على مسودة ستعرض عليكم قبل نهاية هذا الشهر لإبداء الرأي بشأنها، كما عقدت اجتماعات أخرى مع الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين انتهت بالتوافق على صيغة لمشروع قانون جديد ينظم المهنة، تمت إحالته عليكم خلال الشهر الماضي، ونحن في انتظار ملاحظاتكم واقتراحاتكم لدراستها وإحالة المشروع على مسطرة المصادقة.
وبنفس المقاربة التشاركية، تم عقد سلسلة من الاجتماعات مع الهيئة الوطنية للعدول، وعدد من الجهات الأخرى لمراجعة قانون خطة العدالة، وتم إعداد مسودة مشروع جديد ينظم مهنة العدول، سيحال عليكم أيضا في نهاية هذا الشهر للاطلاع وإبداء الرأي.
لقد كان هاجسنا في المراجعات والتعديلات التي أجريناها على القوانين المنظمة للمهن القانونية والقضائية، هو الارتقاء بهذه المهنة وتحديثها وتطويرها والرفع من فعاليتها وتعزيز مبدأي الحكامة والشفافية في تدبير شؤونها لتكون مساعدا حقيقيا للسلطة القضائية، وتساهم في تجويد خدمات العدالة ببلادنا وفي تنزيل الإصلاح المنشود.
في هذا الإطار، قمنا بتحسين شروط الولوج إلى هذه المهن، ووسعنا من الاختصاصات المسندة إليها، وعززنا آليات الرقابة والتفتيش، وراجعنا مساطر التأديب، وأعدنا هيكلة مؤسساتها التمثيلية بما يحقق الحكامة في التدبير وحسن التأطير فضلا عن مأسسة التكوين، إلى غير ذلك من المستجدات التي نتطلع لأن تكون لها انعكاسات إيجابية على المهنيين وعلى المنظومة برمتها.

المحاكم عند بعد

لقد بدا واضحا خلال فترة الطوارئ الصحية أهمية استمرار محاكمة الأشخاص الموجودين في حالة اعتقال، مع ضمان سلامتهم الصحية وسلامة أفراد القوات العمومية المكلفين بنقلهم وحراستهم، وأيضا سلامة القضاة وموظفي إدارة السجون، والموظفين العاملين بالمحاكم المحتكين بهم.
لكن بعد تسجيل عدد من الإصابات بفيروس كورونا لدى نزلاء وموظفي عدد من المؤسسات السجنية، وتزايد المخاطر بشأن نقل عدوى هذا الفيروس إلى المحاكم، ظهرت الحاجة الماسة إلى اعتماد المحاكمة عن بعد لمحاكمة هؤلاء المعتقلين، وذلك من خلال اللجوء إلى تقنية المناظرة المرئية لاسيما بعد قرار المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بإغلاق السجون وعدم السماح بإخراج السجناء نقلهم إلى المحاكم.
ولمواجهة هذه الوضعية، تم التنسيق مع مجلسكم الموقر ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون لاعتماد تقنية المحاكمة عن بعد، حيث قامت الوزارة بتوفير الإمكانيات اللوجستيكية والتقنية والبشرية. والتنسيق مع كل المتدخلين لإطلاق هذه التجربة الفريدة، وتم بهذا الخصوص إنشاء 190 حسابا إلكترونيا، وزعت على المحاكم والمؤسسات السجنية، وتم التنسيق مع المسؤولين القضائيين والمديريات الجهوية لإدارة السجون، لتجهيز القاعات بالمحاكم والمؤسسات السجنية بالتقنيات اللازمة، وذلك كله في ظرف أربعة أيام فقط. وانطلقت التجربة رسميا يوم 27 ابريل 2020 بإشراف شخصي من وزير العدل والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بسلا.
لقد حظي هذا الإجراء بإشادة كبيرة من طرف كل الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة، ولقي نجاحا باهرا، وساهم في حماية المعتقلين والسجناء وموظفي المؤسسات السجنية والقضاة وموظفي المحاكم من خطر نقل عدوى الفيروس من وإلى السجون، ولا أدل على ذلك أنه ساهم في الإفراج عن 2650 معتقلا ومعانقتهم الحرية، ومكن من البت في قضايا معتقلين آخرين داخل أجل معقول، لذلك فإنه لا يسعني إلا أن أعبر عن ارتياحي العميق لنجاح هذه التجربة وما حققته من نتائج بالتنسيق معكم، وأؤكد لحضراتكم أننا في وزارة العدل. نعمل بشكل متواصل على تقييم هذه التجربة من الناحية التقنية والتدخل لتجويدها وتطويرها وتأطيرها من الناحية القانونية. وتوفير كل شروط النجاح لها، وذلك بالتنسيق والتشاور مع شركائنا في المنظومة، كما أود إخباركم بهذا الخصوص بأننا سنوقع خلال الأيام القليلة المقبلة مذكرة تفاهم مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لربط كل المؤسسات السجنية بالانترنيت عالي الصبيب، وتزويد القاعات المخصصة لهذه العملية بالمؤسسات السجنية بما يحتاجه من تقنيات وتجهيزات.

مخطط توجيهي

إن الوضعية التي عرفها قطاع العدل ببلادنا بسبب جائحة كورونا، أظهرت الحاجة الماسة إلى بلورة تصور جديد في مجال التحديث والرقمنة، يرتكز على استراتيجية جديدة تتجاوز المقاربة التجزيئية إلى مقاربة شمولية متكاملة، تعتمد على استثمار ما تحقق في هذا الورش من منجزات وتراكمات، ومواكبة الثورة الرقمية التي يشهدها العالم المعاصر، والاستفادة مما تتيحه من إمكانيات لضمان تحول رقمي حقيقي لمنظومة العدالة ببلادنا، في كل مجالاتها ومستوياتها، من خلال تعميم لا مادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، ونشر المعلومة القانونية والقضائية،م وباعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة كما جاء في الرسالة الملكية السامية التي بعث بها جلالة الملك نصره الله إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة بمراكش خلال شهر أكتوبر من سنة 2019.
في هذا الاطار، انكبت وزارة العدل على إعداد مخطط توجيهي للتحول الرقمي بمنظومة العدالة، قمت بعرضه أمام المجلس الحكومي في اجتماعه المنعقد بتاريخ 2 يوليوز 2020، كما قمت بعرضه في اجتماع اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال بتاريخ 23 يونيو 2020.
سيمكن هذا المخطط من التوفر على وثيقة مرجعية ورسمية مكتوبة، تتضمن رؤية استراتيجية تستشرف المستقبل، وبرنامج عمل واضح ودقيق لكل العاملين والمشتغلين على هذا الورش الاستراتيجي الكبير.
ويرتكز على خمس مرجعيات وهي:
1- التوجهات الملكية السامية التي تضمنتها مختلف الخطب والرسائل الملكية
2 – المبادئ الدستورية ولا سيما تلك المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة والأجل المعقول والمساواة بين جميع المواطنين في الولوج إلى المرافق العمومية.
3 – الالتزامات الحكومية التي تضمنها البرنامج الحكومي 2021/2016 فيما يتعلق بتحديث الإدارة القضائية.
4 – توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة
5 – المقتضيات التشريعية الخاصة بإصلاح الإدارة، ولا سيما تلك التي تضمنتها الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة 2021/2018 فيما يتعلق بتبسيط المساطر ورقمنتها وتجويد الخدمات المقدمة للمرتفقين.
يضع هذا المخطط ثلاثة أهداف استراتيجية تتوخى تحقيق عدالة مبسطة وميسرة وفعالة ومتواصلة، ومرفق قضائي يكرس احترام الحقوق الأساسية للمرتفقين، ومحكمة ذكية تستغل التكنولوجيا الحديثة للرفع من جودة أدائها وتحقق الأمن القانوني والقضائي للمتقاضين، وتساعد على اتخاذ القرار، وتسرع العملية القضائية.
ولإنجاح تنزيله، تم اعتماد مجموعة من الآليات والدعائم الأساسية تتصدرها الدعامة التشريعية، التي ترمي إلى التقعيد القانوني لاستعمال الوسائل التكنولوجية داخل منظومة العدالة، إضافة إلى دعامات أخرى مثل التأمين والتكوين والتواصل، وتم تحديد أربعة مجالات أساسية لهذا التنزيل وهي:
تسهيل الولوج إلى العدالة
تبسيط الإجراءات والمساطر
التقاضي عن بعد
نشر المعلومة القانونية والقضائية
كل ذلك في إطار ستة برامج تشتمل على عدد من المشاريع يصل مجموعها إلى 22 مشروعا.
وبهذه المناسبة، أود أن أعبر لكم السيد الرئيس المنتدب، والسيد رئيس النيابة العامة عن بالغ شكري وتقديري للتجاوب الذي عبرتم عنه على إثر المراسلة الموجهة إليكم من أجل إحداث لجنة مشتركة تكلف بإعداد تصورشامل لرقمنة المحاكم، ومناقضة مسودة مشروع قانون يتعلق برقمنة الإجراءات القضائية في قانوني المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية، حيث تم تشكيل اللجنة المذكورة، وعقدت أربعة اجتماعات انتهت بالتوافق على صيغة سنحيلها عليكم في الأيام المقبلة القليلة قبل عرضها على مسطرة المصادقة.
في ختام هذا العرض، أجدد شكري لكم ولكافة عضوات وأعضاء مجلسكم الموقر على عقد هذه الجلسة، وعلى حسن استماعكم.
وكما بدأت كلمتي، أختمها بتجديد الالتزام بأن تظل وزارة العدل دائما عونا وسندا للسلطة القضائية في إطار ما يدخل ضمن صلاحياتها واختصاصاتها ودون المساس باستقلالية القضاء، وسنمضي قدما أيها السيدات والسادة الأفاضل في سياسة التقارب والتفاعل والتعاون والتنسيق في كل ما تقتضيه مصلحة العدالة، ولي اليقين أن هذه السياسة كفيلة بتذليل كل الصعوبات وبتمكيننا من كسب التحديات والرهانات التي يطرحها الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، حتى نكون في مستوى رضى وتطلعات رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.


بتاريخ : 23/07/2020