في غياب الجثة التي رميت في البحر .. شخص يبلغ عن جريمة قتل ادعى ارتكابها منذ سنتين بشاطئ الجديدة

يمثل أمام قاضي التحقيق بالجديدة متهم من نوع وطينة خاصتين، متابع من أجل جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، لكن دون وجود للقتيل، حتى أن الذي يتشبث المتهم بقتله في الصور الفوتوغرافية المتواجدة لدى الشرطة أفادت عائلته أنه كان ضحية حادث سير لقطار بأسفي، ورغم سلك جميع الطرق التي تلف هذه القضية فقد ظل المتهم متشبثا بأقواله الشيء الذي قررت معه النيابة العامة مواصلة التحقيق في مواجهة المتهم.
بداية البدايات
في رمضان الماضي تقدم شاب يبلغ من العمر حوالي 34 سنة يتحدر من الجديدة، إلى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بنفس المدينة. جلس أمام رئيس المصلحة وأفاد أنه جاء ليبلغ عن جريمة قتل وقعت قبل سنتين بمكان غير بعيد عن شاطئ الجديدة قبالة مقبرة المسيحيين، وزاد مثيرا المفاجأة عندما استطرد أنه قتل شخصا ستينيا ورمى جثته في البحر وجاء اليوم للتبليغ عن نفسه.
لم يسبق لرئيس المصلحة، العميد الإقليمي مصطفى، أن واجه اعترافات من هذا القبيل، لأنه من المفروض أن يبلغ الشخص عن آخرين، لكنه في هذه الحالة يبلغ عن نفسه.
حاول رئيس المصلحة التأكد من صحة أقواله عله يتراجع عن خطورة ما يصرح به، لكنه تمسك بها وأكد أنه خنق شخصا ستينيا حتى الموت، ورمى جثته في شاطئ مقابل لملعب الخيول» للا مليكة»، لقد حدث ذلك قبل سنتين، لكنه منذ ذلك الحين لم يعد ينام مطمئنا، فقد كانت روح القتيل تزوره كلما جن الليل، وليريح ضميره» لأن الروح عزيزة عند الله» جاء ليبلغ عن نفسه كي يرتاح من شدة العذاب الذي يقاسيه، على حد تصريحاته أمام الشرطة.
وأمام تمسكه بأقواله ربط المصطفى رمحان الاتصال بالنيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالجديدة، التي أمرت بوضع المبلغ عن نفسه تحت تدبير الحراسة النظرية والاستماع إليه في محضر رسمي وتقديمه أمامها في حالة اعتقال.

قتل من أجل السرقة

وهو ما تم فعلا، واسترسالا في البحث صرح المبلغ عن نفسه، أنه بينما كان مارا ذات مساء وقد أذنت الشمس بالمغيب، من كورنيش البحر قبالة مقبرة المسيحيين، عند مدخل مدينة الجديدة جهة البيضاء، ناداه شخص ستيني وطلب منه بكل أدب أن يقتني له علبة سجائر من مكتب قريب للدخان، لم يرفض الشاب ، لحظتها أخرج الستيني مبلغا من الأوراق المالية الكثيرة، ومده منها بورقة من مائة درهم لاقتناء علبة السجائر.
وبالفعل توجه الشاب نحو محل لبيع الدخان واقتنى العلبة وعاد على وجه السرعة، لكنه في الطريق كان يفكر في الكيفية التي سيستولي بها على المال الذي كان بحوزة الستيني، خاصة وأن الأوراق النقدية أسالت لعابه، وهو الذي يمر من ضائقة مالية وأمامه فرصة لا تعوض للتخفيف منها ولو بعمل محظور.
وبمجرد عودته وبعد أن مشط المكان الذي خلا من المارة في ذلك الوقت، مد علبة السجائر إلى الضحية المفترض الذي شكره عنحسن صنيعه، وبينما هو في حيرة من أمره غلبت في النهاية النفس الأمارة بالسوء وأجهز على فريسته، وبسرعة فائقة ارتمى على الستيني وأغلق فمه بيديه حتى لا يصيح طلبا للنجدة ويفتضح أمره، وخنقه حتى الموت وفتش جيوبه واستولى على ما لديه من مال، ووقف لحظة بجانب الجثة التي قرر في الأخير التخلص منها برميها في البحر ، فحملها وتوغل بها مسافة وسط الأمواج ورماها هناك، التفت يمينا ويسارا ثم غادر مسرح الجريمة منتشيا بالمال المتحصل من جريمة قتل.
وتعميقا للبحث وبتنسيق دائم مع النيابة العامة عرضت على الشاب المبلغ عن نفسه، صور العديد من الذين لفظهم بحر الجديدة خلال الفترة التالية لما أدلى به بخصوص تاريخ ارتكابه للجريمة، وتوقف عند صورة ضحية قال إنها تخص الستيني القتيل، قبل أن تستدعى عائلته والتي أفادت أنه من آسفي ولم يمت غريقا وإنما في حادثة قطار، وبدا للمحققين أن الأمر اختلط على المجرم المفترض، ولمزيد من البحث لكشف لبس ما يدعيه من اعترافات، حرروا إرسالية أمنية إلى كل المناطق الأمنية المعنية على الصعيد الوطني للإفادة عن جثث لفظها البحر في الحيز الزمني الذي تلا الجريمة .
الإحالة على السجن في انتظار المحاكمة
بنهاية الحراسة النظرية تم تقديمه أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالجديدة ولم يتراجع عن أقواله لدى الأمن، فقررت النيابة العامة إحالته على قاضي التحقيق بها، الذي بدوره استنطقه تمهيديا وقرر إيداعه السجن المحلي بسيدي موسى ، وحدد له جلسة لمواصلة التحقيق معه في جريمة غريبة الأطوار ، تفرض مزيدا من البحث المعمق لاستجلاء حقيقتها…


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 07/08/2020