في غياب حل ناجع يعوض دروسهم الضائعة: تلاميذ المدارس العمومية يفقدون ما يقارب 50 يوما من زمنهم الدراسي هذا الموسم

 

عرف الموسم الدراسي الحالي، كباقي السنوات الخمس الماضية، إضرابات متتالية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد للمطالبة بإسقاط التعاقد والإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية، هذه الإضرابات لن يكون المتضرر الأول منها سوى التلميذ المغربي الذي ضاع منه وقت دراسي ثمين كان سيستثمره في زيادة تعلماته وتجويدها وسط سياسة شد الحبل بين المحتجين والوزارة التي لم تستجب لحد الآن لمطالب هذه الفئة من الأساتذة التي تسميها الوزارة الوصية أطر الأكاديميات.
وضع،لا شك، أثر بشكل جلي على المستوى الدراسي لتلاميذ التعليم العمومي ببلادنا الذين وجدوا أنفسهم بين فكي كورونا وكماشة الإضرابات مما أدى إلى تراجع مستواهم الدراسي الدراسات التي تمت في هذا الإطار، وأفرز جيلا ذا مستوى تعليمي ضعيف يصارع من أجل اكتساب ولو النزر القليل من التربية والتعلم اللذين هما حقان مشروعان له يكفلهما له القانون والدستور.
وضع دفع أولياء الأمور إلى التعبير عن استيائهم وتذمرهم داعين إلى إيجاد الحل المناسب للخروج من عنق الزجاجة وإنقاذ التلميذ المغربي من هدر زمنه الدراسي، وفي هذا الصدد ناشدت الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب الوزارة الوصية بتعويض الزمن المدرسي المهدورالذي امتد من 2019 إلى 2022، أي تقريبا ما يفوق 171 يوما، وهو ما يعني سنة من التعلم، بسبب الاضرابات المتتالية دون إغفال بطبيعة الحال جائحة كورونا التي أثرت هي الأخرى على المنظومة التعليمية ببلادنا، أما خلال هذه السنة فإن ما يقرب من خمسين يوما ضاعت من الزمن الدراسي للتلاميذ مع العلم أن السنة الدراسية ابتدأت في اكتوبر، تساءلت الفيدرالية في شخص رئيسها نور الدين العكوري خلال حوار مع إحدى القنوات المغربية: متى سننهي السنة الدراسية؟ مؤكدا أنه لا يمكن استدراك ما ضاع من زمن دراسي والضحية الأولى لهذه الإضرابات هم التلاميذ، الذين أصبحوا رهينة للضغط قصد تحقيق المطالب وبالتالي فالتلميذ هو المتضرر الأول والأخير من هذه الإضرابات.
ولم يغفل المتحدث التطرق إلى غياب تكافؤ الفرص بين المتمدرسين حيث أن هناك تلاميذ يستفيدون من زمنهم الدراسي كاملا في حين هناك آخرون يضيع زمنهم الدراسي خصوصا بالمجال القروي. وأوضح العكوري أن الآباء استبشروا خيرا بفتح الوزارة لباب الحوار مع النقابات للوصول إلى حلول للمشاكل التي يتخبط فيها القطاع غير أن الإضرابات استمرت رغم ذلك، وأمل المتحدث في أن تجد الوزارة الوصية حلا مناسبا وعاجلا للأساتذة المحتجين راجيا في الختام أن تعود مياه المنظومة إلى مجراها الطبيعي و الاعتيادي .
وكان المكتب الوطني للفيدرالية الوطنية قد أكد في بلاغ سابق له أن “سياسة التوظيف بالتعاقد في ميدان التربية الوطنية تسببت في إضرابات متكررة للأطر التربوية، ما أحدث أزمة حقيقية في السنوات الخمس الأخيرة، ذهب ضحيتها ومازال الحق الدستوري لأبناء وطننا العزيز في التعليم”.
مضيفا أنه “خلال الموسم الحالي تكررت الإضرابات واستفحلت بشكل خطير دون الوصول إلى حل للإشكال، ما يعني استمرار الدهس على الزمن المدرسي لبناتنا وأبنائنا”.
واستنكرت الفيدرالية “الاستهتار والاستخفاف الملحوظين اللذين يتم التعامل بهما مع الزمن المدرسي للتلميذات والتلاميذ”، معبرة عن “رفضها المبدئي الصارم للمساس بحق بناتنا وأبنائنا في التعلم تحت أي ذريعة كانت”، وداعية الوزارة الوصية وتنسيقية الأساتذة المضربين إلى “الاستماع إلى صرختنا هذه، والعمل بكل مسؤولية على وضع حد لهدر الزمن المدرسي لبناتنا وأبنائنا”.
ودعت الفيدرالية أيضا “طرفي الأزمة” إلى “إجراء حوار جاد ومسؤول يفضي إلى إنهاء الأزمة بشكل جذري”، مناشدة الوزارة الوصية “اتخاذ التدابير الاستعجالية اللازمة لدعم التلميذات والتلاميذ لاستدراك الدروس الضائعة.
من جهته قال وزير التربية الوطنية و التعليم الاولي و الرياضة في تصريح للصحافة إن عدد المضربين عن العمل من الأساتذة أطر الأكاديميات يتراوح بين 20 و25 ألف مضرب، مؤكدا بأن هذا الرقم يقتضي التحرك من أجل استدراك الوضع.
وسجل بنموسى أن “أغلبية الأساتذة يهتمون بالتلاميذ ومصيرهم، لكن هناك فئات لا تمتلك الرغبة”، مشددا على أن الوزارة تشتغل على مواكبة التلاميذ من خلال الدعم المدرسي، مع ضمان الأولوية للمستويات الإشهادية والمواد الرئيسية.
وأردف الوزير الوصي على القطاع أن “إصلاح التعليم يلزمه وقت، ربما يتجاوز أحيانا الزمن الحكومي”، معتبرا أن الإضرابات غالبا ما تكون في مناطق قروية ونائية في حين تقل نسبتها في الحواضر.
وسجل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن “بعض الأساتذة أطر الأكاديميات يرفضون دخول المفتشين إلى حجرات الدرس لإجراء عمليات التقييم”، مشددا على أن الرهان الأساسي بالنسبة إليه هو “الجودة”.
وأوضح أن المدرس محور أساسي على مستوى إنجاح العملية التعلمية، مؤكدا أهمية التكوين المستمر للشغيلة ومراجعة المقررات الدراسية لمستويات عديدة.
واسترسل بنموسى بالقول إن “التكوين المستمر يجب أن يكون في اللغات الأجنبية والرقمنة”، مشيرا إلى أهمية بناء الثقة في ميدان التعليم. ومن أجل ذلك، سيتم عقد لقاءات إقليمية في الأسابيع المقبلة.
وأكد المتحدث بأنه لا يتبنى إصلاحات جديدة، بل لديه ورقة طريق تنبني على مرتكزين رئيسيين هما تجويد المؤسسات التعليمية وتقليص الهدر المدرسي على الأقل إلى النصف. لكن من أجل التنزيل، وجب إشراك الجميع.
مسترسلا بالقول بأنه سيتم تعديل مقررات المستويات الإعدادية وتغيير مقررات المستويات الابتدائية، مشددا على أن “قطاع التربية الوطنية محوري جدا داخل خطة الحكومة الحالية”.
من جهتهم أكد الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أن الوزارة هي المسؤولة عن ضياع الزمن الدراسي للتلاميذ فبدل إيجاد الحل الناجع عن طريق الاستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة بإدماجهم في أسلاك الوطيفة العمومية وإعادة الاعتبار للأستاذ هناك إجابة وحيدة وهي الاعتقالات والمحاكمات والاقتطاعات من الأجور.
ورغبة منها في تدارك ما ضاع من زمن دراسي قررت الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية اللجوء الى الدعم التربوي كحل لتدارك ما ضاع من زمن مدرسي بسبب الإضرابات المتوالية للاساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في اجراء ترقيعي بعيد عن الحل الذي يطمح اليه الجميع في ملف هؤلاء الأساتذة، وذلك بفتح المجال أمام المجازين لتقديم دروس الدعم التربوي للتلاميذ والتلميذات. غير أن فتح المجال أمام مجازين غير مكونين يطرح سؤال مدى أهلية هؤلاء للقيام بمهمة التدريس التي تتطلب تكوينا مناسبا يواكب أحدث الخطوات في مجال التعليم والعلوم وما يتطلبه ذلك من مهارات و معرفة .
وفي غياب الحل الناجع والطي النهائي لملف الأساتذة المتعاقدين بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية إسوة بغيرهم وتمتيعهم بحقوقهم كاملة يبقى التلميذ المغربي بالتعليم العمومي الحلقة الأضعف والضحية الأولى للإضرابات التي تضيع زمنه الدراسي الثمين.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 31/03/2022