في مداخلة للنائبة مليكة زخنيني أثناء مناقشة مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة

القضاء المستقل والنزيه ليس فقط دعامة أساسية لترسيخ دولة القانون،
بل هو الوحيد القادر على بناء مناخ الثقة، وضمان السلم الاجتماعي وتحفيز الاستثمار

 

 

أكدت النائبة مليكة زخنييني، عضوة الفريق الاشتراكي بمجلس النواب في مداخلة لها باسم الفريق الاشتراكي خلال الجلسة العامة أول أمس الثلاثاء، أثناء مناقشة التعديلات على مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة، أن هذين المشروعين يكتسيان أهمية بالغة لذا حرص الفريق في أشغال لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان على إعطائهما حظهما من التريث والمناقشة، باعتبار أن الفريق الاشتراكي، وفي أدبيات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يعتبر دائما أن فصل السلطات، والتوفر على سلطة قضائية مستقلة شرط لازم لكل بناء ديمقراطي.
وشددت على أن الفريق الاشتراكي يعتبر دائما أن القضاء المستقل والنزيه هو الوحيد القادر على بناء مناخ الثقة، وبالتالي بناء السلم الاجتماعي وتحفيز الاستثمار. فالتوفر على سلطة قضائية مستقلة ليس فقط دعامة أساسية لترسيخ دولة القانون، بل لا بد من الانتباه لدورها الاقتصادي الكبير اليوم وإسهامها في إشعاع البلد وبالتالي التنمية فيه.
وفي ذات السياق؛ أحالت النائبة الاشتراكية أثناء المناقشة على التصريح الحكومي للأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، بصفته وزيرا أول لحكومة التناوب في المغرب، في تسعينيات القرن الماضي، الذي كان من أهم محاوره فتح ورش إصلاح العدل على اعتبار أن « كل ديمقراطية حريصة على احترام قواعد القانون، لا يمكنها أن تقبل أن يحوم الشك حول قدرة العدالة على الشفافية والإنصاف وسرعة القضاء، مما يقتضي من البلاد أن يصبح المتقاضي فيها موقنا بأن الجميع سواء أمام القانون».
وسجلت عضوة الفريق الاشتراكي أن هذا مسار واختيار بلد عبر عنه عاهل البلاد في خطبه غير ما مرة، كخطاب 20 غشت 2008 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، والذي أكد فيه عاهل البلاد على أهمية التوفر على قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصناً منيعاً لدولة الحق، وعماداً للأمن القضائي، والحكامة الجيدة، ومحفزاً للتنمية، ليستمر مسير تكريس استقلالية القضاء ويتوج بمحطة دستور 2011، الذي ارتقى بالقضاء إلى «سلطة»، مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وبضمان ملكي (107) وجعل النظام الدستوري للمملكة قائما على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها.
وأبرزت النائبة زخنيني أن استقلالية القضاء تعني ببساطة منع أي تدخل أو تأثير، ماديا كان أم معنويا، مباشرا كان أم غير مباشر سواء في عمل السلطة القضائية أوفي أداء القضاة، من شأنه أن يؤثر في وظيفتهما الأساسية والمتمثلة في تحقيق العدالة وحماية الحقوق. وهذا ما سارت عليه وأكدته مجموعة من المواثيق الدولية، التي يمكن عبرها خلالها جرد وتحديد أهم المبادئ التي تؤطر هذه الاستقلالية.
وأكدت على أن جميع التعديلات المقترحة في الفريق الاشتراكي، إنما تأتي في إطار الانتصار لاستقلالية السلطة القضائية، والغاية من هذه الاستقلالية ضمان العدالة، والمحاكمة العادلة، وحماية الحقوق،
وفي هذا الإطار، اكد الفريق الاشتراكي أن استقلالية السلطة القضائية لا يمكن أن تتحقق إلا بضمان استقلال القضاء واستقلال القاضي على حد سواء. فلاستقلالية السلطة القضائية، طابعان أساسيان، طابع موضوعي أساسه تقوية القضاء، أي تقوية القضاء كمنظومة، بصورة تجعله سلطة فعلية توازي باقي السلطات الأخرى، وطابع ذاتي أساسه تعزيز استقلالية القاضي بالشكل الذي يمنع التدخل فيه من أي كان، بمن فيهم باقي القضاة والهيئات القضائية الأخرى، أي تقوية القضاء كوظيفة بصورة تضمن حصانته المادية والمعنوية.
وعبرت النائبة الاشتراكية عن انخراط الفريق في دراسة مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بهذه الوظيفة في بعديها المؤسساتي أي المشروع 13.22 ، ثم الذاتي أي المشروع 14.22، ومباشرة العمل في الإسهام بكل الوسائل والآليات الدستورية والقانونية والسياسية المتاحة لتجويد المنظومة التشريعية للبلاد؛ إيمانا راسخا من الفريق بأن القانون وتجويد القانون يعتبر مدخلا أساسيا في كل عمليات التغيير.
وأوضحت النائبة الاشتراكية في هذا الصدد أن طابع الاستعجال الذي حكم تهيئة وتحضير هذين المشروعين، والذي يجد أساسه في مجموعة من المبررات، أولها الخصاص الحاد في الموارد البشرية الذي يعرفه الجهاز القضائي ببلدنا، وهو المبرر الذي حكم العديد من المقتضيات والمواد التي تضمنها ( كتعديل مدة تكوين القضاة، الدرجة الاستثنائية الممتازة التمديد للقضاة…) وثانيها معيقات عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ( إحداث مهمة الأمين العام المساعد، توسيع صلاحيات الرئيس المنتدب ..) لا يمكن أن يكون سببا لعدم إنضاج النقاش بخصوصهما، لاسيما أن الأمر يتعلق بمشروعين يعتبران بمثابة الترجمة الفعلية لمعنى استقلالية السلطة القضائية. وأضافت أن عمل الفريق الاشتراكي اليوم يركز على تجويد هذين المشروعين، هو في الأصل مساهمة في تجويد منظومة العدالة بالبلاد، نظرا لكون القضاء واحدا من بين أهم مكوناتها وأعمدتها.
وفي الأخير ختمت عضوة الفريق الاشتراكي مداخلاتها بتجديد إعلان قناعة الفريق الاشتراكي بأن تكريس السلطة القضائية، أي إصلاح القضاء، يجب أن يكون بشكل متواز مع إصلاح باقي أعمدة ومكونات منظومة العدالة، من قوانين ومهن مرتبطة بالقضاء، يجب تأهيلها لتواكب التحولات الوطنية والدولية، وتستجيب لمتطلبات عدالة القرن الحادي والعشرين.


الكاتب : مكتب الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 05/01/2023