في مواجهة الشكايات الكيدية ..الخبراء القضائيون يوجهون ملتمسا رسميا لحماية المهنة وصون العدالة

وجه مجلس رؤساء الجمعيات القطاعية للخبراء القضائيين ملتمسا رسميا إلى كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة، يطالب فيه بوضع حد لظاهرة وصفها بـ»المقلقة»: الشكايات الكيدية ضد الخبراء القضائيين.
هذه الشكايات، التي تزايدت بحسب ما رصده المجلس خلال اجتماعاته الأخيرة، لا ترتكز على أخطاء مهنية موثقة، بل على اعتراضات صريحة على مضمون تقارير الخبرة القضائية، مما يحول الخبير من مساعد تقني للقضاء إلى متهم محتمل، في مشهد يُنذر، وفق تعبيرهم، بتقويض ثقة الجسم الخبيراتي في مهامه وتهديد لمبادئ العدالة نفسها.
الملتمس يوضح أن بعض الأطراف، خصوصا في القضايا المالية والمصرفية، أصبحت توظف المساطر الزجرية كوسيلة للضغط على الخبراء والتشكيك في حيادهم، مستغلة بذلك إمكانية التوجه مباشرة إلى القضاء الزجري دون وساطة، ما يفتح الباب أمام نزعة انتقامية تُلبس ثوب القانون.
ويحذر الملتمس من هذا الانزلاق، معتبرا أن الخبرة التقنية ليست دليلا جنائيا إلا إذا ثبت فيها تزوير أو تدليس، وهو أمر نادر الوقوع. ويطالب بالمقابل بعدم تحريك أي متابعة زجرية إلا بعد تمحيص دقيق وإشراك لجنة مهنية أو قضائية.
الخبراء القضائيون لا يكتفون بدق ناقوس الخطر، بل يقترحون تعديلات عملية: من بينها ضرورة مراجعة المساطر القانونية لتقييد المتابعات الزجرية بشروط أكثر صرامة، وتفعيل الفصل 445 من القانون الجنائي ضد من يثبت تقديمه شكاية كاذبة، وكذا إحداث آلية لتعويض الخبراء المتضررين من الشكايات الكيدية.
كما يدعون إلى فتح قنوات رسمية بين الجمعيات المهنية والنيابة العامة لتقديم آراء تقنية محايدة في القضايا التي تعرف جدلا، في محاولة لحماية المهنة من التسييس والانحراف.
ومن خلال الملتمس الموجه إلى كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة كانت رسالة الخبراء القضائيين واضحة، فالخبير، حسبهم، ليس طرفا في النزاع، بل أداة تقنية لخدمة الحقيقة القضائية، وإذا تحول إلى هدف سهل للانتقام أو الترهيب، فإن مصداقية النظام القضائي برمته تصبح على المحك.


بتاريخ : 28/05/2025