في ندوة الاتحاد الاشتراكي بمراكش حول دور الجماعات الترابية في ترسيخ الديمقراطية والتنمية:

التأكيد على تعميق التشاركية وتأهيل النخب المحلية

هل تعكس الممارسة استثمارا منتجا لفرص الديمقراطية التشاركية في الجماعات الترابية؟ ما حدود المكاسب الفعلية من التطوير القانوني المنظم للجماعات الترابية واختصاصاتها؟ وما نواقصه؟ هل هناك تحديد واضح لمفهوم المعارضة؟ وما أثر ذلك على دمقرطة القرار داخل الجماعات وانعكاسه على التنمية؟ ما حدود استغلال مفهوم المجال وخصوصياته في إنجاح الأثر التنموي للجماعات الترابية؟ تلك بعض الأسئلة التي أثيرت في الندوة التي نظمتها، مساء الثلاثاء 02 ماي الجاري، اللجنة التحضيرية للمؤتمر الإقليمي السابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش في موضوع « دور الجماعات الترابية في ترسيخ الديمقراطية وتحقيق التنمية» بمشاركة فعاليات أكاديمية ومستشارين جماعيين ومهتمين بالشأن المحلي.

عبد السلام كريم، الكاتب الجهوي للحزب بجهة مراكش آسفي: الأداء التنموي للجماعات الترابية يعاني من ضعف الميزانية ومشكل الموارد البشرية والكفاءات

عبد الحق عندليب، الكاتب الإقليمي للحزب بمراكش: تحقيق التنمية في كل أبعادها لايمكنه أن يتأتى إلا من خلال الإشراك الفعلي للمواطنات والمواطنين

يوسف مسكين، المنسق الإقليمي للمستشارات والمستشارين الاتحاديين بمراكش: المستشارون الاتحاديون منخرطون في النضال من أجل الديمقراطية المحلية

ذكر عبد السلام كريم بمجموعة من الإكراهات التي تؤثر على الأداء التنموي للجماعات الترابية من مثل مشكل الموارد البشرية والكفاءات، حيث أن عددها وتكوينها لا يجعلها قادرة على صنع الفارق مع الماضي، إضافة إلى ضعف الميزانية حيث أن هناك جماعات فائضها تحت الصفر، وغياب العدالة المجالية كما يحدث في جهة مراكش حيث تقل الاستثمارات العمومية الكبرى مقارنة مع جهات أخرى بما ينعكس على تقلص الاستثمار الخاص والاستثمار الأجنبي.
ومن جهته أكد عبد الحق عندليب، الكاتب الإقليمي للحزب بمراكش، في كلمته الملقاة في الجلسة الافتتاحية التي سيرها سعيد العطشان، عضو الكتابة الجهوية، أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤمن بالدور المحوري والأساسي الذي تلعبه الجماعات الترابية كنواة أولى للبناء المؤسساتي المرتكز على خيار الديمقراطية في تدبير الشأن المحلي الذي يرتكز بدوره على مبدأ أساسي، وهو أن المواطن والمواطنة هما مصدر كل السلط وغاية كل عمل عمومي مسؤول.
وذكر عندليب، في كلمته، بالقناعة الراسخة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأن تحقيق التنمية في كل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لايمكنه أن يتأتى إلا من خلال الإشراك الفعلي والعملي للمواطنات والمواطنين سواء في اختيار النخب الكفؤة والمؤهلة لتدبير الشأنين الوطني والمحلي، أو من خلال بلورة البرامج التنموية أو من خلال التتبع والمراقبة في كل مراحل الإنجاز .
وقال المتحدث في هذا الصدد « لسنا اليوم في حاجة إلى التذكير بأن حزبنا منذ تأسيسه قد خاض معارك سياسية مصيرية لوضع أسس الدولة الديمقراطية الاجتماعية من خلال نضاله للإشراك الفعلي للشعب المغربي في بناء المؤسسات الديمقراطية وبلورة البرامج الإصلاحية الكفيلة بدعم وتقوية استقلال وتحرر بلادنا، وفي تحقيق ما يصبو إليه الشعب المغربي بكل طبقاته وفئاته من تنمية ورخاء وتقدم وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.»
وأكد أيضا أن الاتحاد الاشتراكي في مراكش يعمل على المساهمة في تشخيص أوضاع مختلف الجماعات الترابية التابعة لعمالة مراكش، وكذلك بلورة الحلول الكفيلة بوضع هذه المنطقة، العزيزة على كل المراكشيين والمركشيات وكل المغاربة، على السكة الصحيحة في التدبير المعقلن والرشيد والهادف إلى بلوغ الأهداف المتوخاة من مشاريع التنمية الحقيقية والشاملة، وبالابتعاد كليا عن التسيير العشوائي وعن الفساد وعن الحزبية الضيقة في تسيير وتدبير شؤون الجماعات الترابية.
ومن جهته استحضر يوسف مسكين، المنسق الإقليمي للمستشارات والمستشارين الاتحاديين بمراكش في كلمته، انخراط المستشارين الاتحاديين في النضال من أجل ديمقراطية محلية خدمة للتنمية الترابية وتعزيزا لحقوق الساكنة في محيط يحترم كرامتهم ويحقق انتظاراتهم.
وقدمت جلسات الندوة التي سيرتها عتيقة أزولاي، عضو المجلس الوطني للحزب، ونعمان أقباب، عضو الكتابة الإقليمية بمراكش، وجواد الدادسي، عضور المجلس الوطني، مداخل متنوعة لمعالجة الإشكاليات المطروحة، حيث اقترح محمد الغالي، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، في مداخلته، مقاربة لمفهوم المعارضة متسائلا إن كان هناك تحديد واضح لهذا المفهوم في القانون، ومؤكدا أن الديمقراطية في أحد ابعادها هي حماية حقوق الأقليات. وبعد رصده لغياب أي تحديد دقيق لهذا المفهوم ونتائج ذلك، قدم مجموعة من الإشكالات التي تواجه الجماعات الترابية وتربك أداء الفاعل فيها مثل تنازع المصلحة التي تحتاج إلى تدبير متوازن بين عدم رجعة القوانين والتدبير الفوري للقانون وعدم الإفلات من العقاب.
وأكد الدكتور الغالي أن القضاء الإداري قضاء سياسي لأن الحكم بالعزل يحمل تأثيرا على الأغلبية، لذلك ينبغي أن يكون محاطا بضمانات كافية، منبها إلى قضية منح التزكيات التي حمل فيها المسؤولية للأحزاب، إضافة إلى قضية الاستقالات التي ينبغي أن تخضع للقوانين الأساسية للأحزاب، التي اقترح أن تكون خاضعة لهيئة مخول لها ذلك.
وبعد تأكيده على حيوية تدبير حقل المشروعية الأصلي وحقول المشروعية الفرعية، تفاديا للنزاعات التي تجعل خيار الديمقراطية المحلية بعيد المنال، خلص إلى أن الديمقراطية هي ثقافة أولا وتربية وليست مجرد تقنية.
وبدوره استعاد البرلماني السابق عبد الغني وافق قضية الديمقراطية التشاركية ومدى استغلال الفرص التي تتيحها على مستوى إشراك السكان في برامج التنمية التي تهمهم في مجال عيشهم. مذكرا بالحق الذي أعطاه القانون للمواطنين والجمعيات في التقدم بعرائض، متيحا لهم بذلك المساهمة في إعداد جدول أعمال دورات المجالس الجماعية.
وتحدث وافق عن آليات إنفاذ الديمقراطية التشاركية التي أتاحها المشرع كبرنامج عمل الجماعة الذي يجب أن يُبلور في السنة الأولى بشراكة مع السلطات الإقليمية وبإشراك الفاعلين المحليين والهيئات الاستشارية والمجتمع المدني. مؤكدا أن الديمقراطية التشاركية تعني وضع حد للاحتكار ولنمط من التسيير يسيطرعليه الرئيس وأغلبيته، فالحقيقة لا تخرج من مقر الجماعة وإنما من المجتمع والمواطنين الذين يعرفون حاجياتهم .
واستعاد المهندس والباحث أمين ماكامان، في مداخلته، مفهوم التنمية الترابية من منظور اشتراكي مذكرا بمبادئه. وأكد في هذا السياق أن التنمية الترابية أضحت خيارا لا رجعة فيه لمواكبة التطورات العالمية المتسارعة، حيث أنها ترتكز على مبدأ يتضمن الاهتمام بجميع المناطق والأقاليم واعتبارها أجزاء مترابطة، واعتبر أن من شروط ذلك توفر هيئات فعالة تتقاسم الاختصاصات التنموية مع الدولة ووجود سلطة محلية مستقلة في الاختصاص عن المركز ومزودة بالإمكانيات القانونية والبشرية والمالية الكافية، ووجود متطلبات ومصالح للساكنة المحلية إضافة إلى اعتماد المقاربة التشاركية، مؤكدا أن الرؤية الاشتراكية تهدف إلى تنمية إنسية المواطن وتحفيز قدراته المعرفية وتقوية إمكانياته الذاتية على أساس مبادئ التضامن والعدالة والمساواة.
واعتبر لحسن حبيبو، المستشار الاتحادي بجماعة مراكش، أن السياسة هي تدبير شؤون المواطن من أجل إسعاده، مؤكدا أن السعادة عامل في إنتاج الثروة. وشدد على أهمية استحضار مفهوم المجال في أبعاده الطبيعية والديموغرافية أو الاقتصادية في أي مقاربة تنموية، لأن ذلك كفيل بتحديد مسارات الفعل التنموي ومدى فعاليته تبعا للخصوصيات التي يمليها المجال والحاجيات المترتبة عنه وأولويات التدخل التي ينبغي اعتمادها.
وتحدث المستشارون الاتحاديون مولاي يوسف مسكين والمهدي طايف وعزيز حيكان عن مساهمة الاتحاد الاشتراكي في تفعيل الديمقراطية المحلية داخل الجماعات الترابية باعتماد معيار مصلحة الساكنة والوفاء للبرنامج الانتخابي والابتعاد عن المزايدة السياسية، مستعرضين الإكراهات التي تتخبط فيها الجماعات الترابية سواء في المجال الحضري أو القروي.
وتوجت أشغال الندوة بعد مناقشة مضامين المداخلات، بمجموعة من التوصيات التي ستُضَمن في تقرير لجنة الجماعات الترابية الذي سيقدم في المؤتمر الإقليمي السابع للحزب المزمع تنظيمه في الأسابيع المقبلة.


الكاتب : مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 09/05/2023