في ندوة  «التنمية الاقتصادية بالمغرب: الفرص والتحديات» بمقر الحزب بسلا .. خولة لشكر: المغرب مطالب بربح رهان التنمية الاقتصادية والانتقال من بلد ذي اقتصاد ناشئ إلى اقتصاد متوسط

البلاد مقبلة على فرصة تاريخية لتحقيق القفزة النوعية اقتصاديا إذا ما تم حسن استغلالها
ضرورة تجاوز المعيقات الاقتصادية المتمثلة في الريع والاحتكار والمضاربة والرشوة 
ومحدودية التمويل وتعقيد المساطر الإدارية
تثبيت الثقة في المنتخب وتوفير جميع الشروط التنظيمية والإدارية والمالية والتدبيرية
للمساهمة في التنمية الاقتصادية

 

 

 

في إطار الدينامية التنظيمية التي أطلقتها الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بسلا بعد المؤتمر الإقليمي، وتنزيلا لبرنامج الأنشطة المتعددة بشهري رمضان وشوال، احتضن مقر الحزب الجديد بمقاطعة العيايدة، ندوة حول « التنمية الاقتصادية في المغرب: الفرص والتحديات»، من تأطير خولة لشكر، عضو المكتب السياسي ومنسقة لجنة العلاقات الخارجية للحزب.
في مستهل هذا اللقاء، رحب سعيد بلوط، الكاتب الإقليمي للحزب بسلا، بالحضور وبخولة لشكر، عضو المكتب السياسي، وبسط بعض المحاور الرئيسية المتعلقة بهذه الندوة، والسبل الكفيلة بتحقيق تنمية اقتصادية بالبلاد تضمن الرفاه لكل المواطنين المغاربة.

المغرب مطالب بربح رهان التنمية الاقتصادية 

أكدت خولة لشكر أن المغرب مطالب بربح رهان التنمية الاقتصادية والانتقال من بلد ذي اقتصاد ناشئ إلى اقتصاد متوسط، بتجاوز عدد من الإكراهات الداخلية والخارجية التي تعوق مسيرته الاقتصادية، وبالتالي تضيع عليه فرص الإقلاع الاقتصادي والتطور التنموي.
وأوضحت خولة لشكر، عضو المكتب السياسي والخبيرة  بمجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أن البلاد مقبلة على فرصة تاريخية، لتحقيق القفزة النوعية على المستوى الاقتصادي، إذا ما تم حسن استغلالها، عبر حل عدد من الإشكاليات والمعضلات التي تعتبر بمثابة عوامل أساسية في تعطيل عجلة التطور التنموي والنمو الاقتصادي بالبلاد.
بنفس المناسبة، سجلت عضو المكتب السياسي،  على أن المغرب في السنوات الأخيرة، قام بمجهودات كبيرة، على مستوى الإصلاحات  الاقتصادية، كما أنه يتوفر على عدد من المقومات المشجعة بأن يكون بلدا متطورا اقتصاديا، وأن يرتب ضمن الدول ذات الاقتصاد المتوسط، لكن من الضروري القضاء على عدد من  الأسباب الرئيسية التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق الهدف المنشود المتمثل في اقتصاد قوي ومنتج وفعال.

لمحة اقتصادية
سريعة على المغرب

أقرت خولة لشكر على أن المغرب له مواقع متقدمة ومشرفة اقتصاديا على المستوى القاري، بحيث يرتب في المرتبة السادسة على مستوى الناتج الداخلي الخام، كما أن المغرب غير مرتبط كما هو الشأن بعدد من الدول القوية و المتقدمة اقتصاديا،  بمصادر طبيعية أولية كالبترول، بل هو بلد طور قدرة المغاربة كرأسمال بشري على الإبداع والتجديد وعلى الإنتاج، ملفتة النظر  في هذا الإطار إلى أنه من كان يتصور أن المغرب سيصبح البلد الأول في صناعة السيارات أمام منافسين أقوياء كدول جنوب إفريقيا ومصر.

مفارقة غريبة
في التشغيل

أبرزت عضو المكتب السياسي أن المغرب يعرف مفارقة غريبة في مجال التشغيل، وتطرح أكثر من سؤال، إن البلاد عرفت نوعا من الارتقاء الحقيقي  في مستوى المعيش اليومي والقدرة على التشغيل، بحيث إن البلاد كانت تشهد نسبة 1 في المائة تعادل 30 ألف منصب شغل، وفي ما بعد انتقل هذا الرقم إلى 100 ألف منصب شغل، لتصبح هذه النسبة ناقص، وهنا تكمن المفارقة العجيبة، فأين هذه الموارد والإنتاجات، في الوقت الذي نحتاج إلى 180 ألف منصب شغل سنويا.

وتساءلت منسقة العلاقات الخارجية للحزب، بخصوص عدم إقلاع الاقتصاد المغربي، هل الاختيارات المتبعة صائبة أم أنها غير مؤثرة، أو أن الإطار الدولي يتغير؟

مؤشرات اقتصادية متدهورة وإشكاليات معرقلة للنمو

وسجلت الخبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أن عددا من المؤشرات الاقتصادية الوطنية متدهورة، كمؤشر النشاط المنخفض والذي يصل إلى 45 في المائة، معدل البطالة الذي تجاوز  12 في المائة، الاستثمار الداخلي منخفض… مشددة على أن الأسباب الهيكلية للاقتصاد المغربي لم يتم بعد العثور عليها، وأن هذه المجهودات الحالية ليست بما يكفي من النجاعة الاقتصادية.
ومن بين الإشكاليات الكبيرة التي تقف أمام التقدم الاقتصادي، ذكرت خولة لشكر بمذكرة الحزب حول مشروع النموذج التنموي الجديد، وغياب روح المبادرة وإشكاليات الريع والاحتكار، ثم المشاكل المرتبطة بما هو إداري وفساد مالي ورشوة.

النظام البنكي المحافظ ومحدودية التمويل

كما أكدت كذلك على عامل أساسي ورئيسي في فرملة التنمية الاقتصادية، المتمثل في محدودية التمويل، وإشكالية النظام البنكي المغربي المحافظ جدا في التمويل، والذي لا يتعامل سوى مع الأشخاص الفرديين الموظفين والأجراء، والمقاولات الكبرى والمؤسسات العمومية، أما المقاولات المتوسطة والصغرى فلا تحظى بالتمويل، في الوقت الذي تصل فيه هذه المقاولات إلى 80 في المائة.

مناخ الأعمال 

أما بالنسبة لمناخ الأعمال، فأشارت خولة لشكر إلى أن هذا المعطى غالبا ما يتم الافتخار به، وبتحسن ترتيب البلاد فيه، لكن أثر ذلك ضعيف، بحيث لا تتعدى نسبة الاستثمار من قبل القطاع الخاص سوى 30 في المائة، و70 في المائة كلها استثمارات عمومية، وهناك رغبة أكيدة لقلب هذه الأرقام بهذين القطاعين، فالمطلوب تحسين مناخ الأعمال لفائدة المستثمر المغربي.

الثقة في المنتخب للمساهمة في التنمية الاقتصادية

وشددت الخبيرة الاقتصادية على ضرورة ردم الهوة الحاصلة ما بين الاستثمار والشغل، والأخذ بعين الاعتبار عدم التوازن ما بين المدن والجهات ومدى تأثيره على  المستوى التنموي والاجتماعي، وتمنيع ذلك، بتثبيت الثقة في المنتخب وأن توفر له جميع الشروط التنظيمية والإدارية والمالية والتدبيرية حتى يتمكن من لعب أدواره الطلائعية في التنمية الاقتصادية بالبلاد.

التغيرات المناخية والبيئية

أكدت خولة لشكر أن ظاهرة الجفاف ليست ظاهرة جديدة في البلاد، باعتبارها ظاهرة بنيوية، صحيح أن المغرب عرف سبع سنوات متتالية من الجفاف وقلة التساقطات، وبالتالي تدهور مخزون الموارد المائية، وتزايد الطلب على الماء، واستنزاف الفرشاة المائية بسبب الاستغلال المفرط، ما استدعى عددا من الإجراءات المستعجلة كالربط بين الأحواض المائية، لمعالجة العجز المائي ببعض الأحواض، اللجوء لتحلية مياه البحر عبر محطات التحلية، ثم ترشيد الموارد المائية باعتبارها تستعمل أكثر من 80 في المائة في السقي بالقطاع الفلاحي والقطاعين الصناعي والسياحي والشرب.
وبالموازاة مع ذلك نبهت خولة لشكر إلى أن هناك نقصا في التقنين في ما يتعلق بتطوير المياه خاصة إن كان هناك استثمارات إذ من الضروري أن تتضمن الاتفاقيات عددا من الإجراءات والتدابير المتعلقة بثلوت المياه وإعادة استعمالها، لأن هناك العديد من المناطق الصناعية التي تساهم في تلويث الفرشاة المائية عن طريق الملوثات التي تقذف بها وتؤثر على هذه الفرشة.

فرصة المغرب مقرونة بمونديال 2030

وصفت عضو المكتب السياسي فرصة المغرب في إقرار نمو اقتصادي حقيقي، بنافذة لا تفتح لكل الدول، ولا تتكرر،  فرصة/إكراه مقرونة بمونديال كرة القدم المنظم بشكل مشترك بين إسبانيا والبرتغال، والمغرب في سنة 2030، ما يستلزم البلاد أن تتأهل في عدد من المجالات، البنيات التحتية، شبكة الطرق السيارة والحديدية، وسائل النقل، الخط الفائق السرعة والقطاع الصحي، والنظافة، إضافة إلى الجانب الأمني والقدرة على الاستقبال، من فنادق وعدد من الشروط المرتبطة بالاستقبال، كالخدمات واللغات والموارد البشرية ….وكل هذا يشكل مرآة لقدرات الشعب المغربي الاقتصادية والاجتماعية والتدبيرية، وفرصة متاحة للمغرب لابد من أن تتظافر الجهود لكل مكونات وممثلي الشعب المغربي، الحكومة الهيئات العمومية والجهات والجماعات المحلية والمنتخبين والمجتمع المدني، لإنجاح هذه الفرصة/المحطة التي هي موعد مع التاريخ، ولتحقيق ذلك لابد من تخطيط وتدبير محكم وشفافية، للوصول إلى القفزة النوعية وترسيخ البلاد ضمن الدول المتوسطة الدخل.
و قدمت خولة لشكر بعض المقارنات للمغرب مع دول مشابهة لنا ومنافسة كتونس ومصر، مبرزة مكامن القوة والضعف والامتيازات التي يتوفر عليها المغرب كبلد بوابة لأوربا وارتباطه اقتصاديا وتنمويا مع إفريقيا، مشددة على أن المغرب له من المقومات ما تؤهله لأن يكون دولة صناعية.

التحول الطاقي والاستثمار فيه

وعلى المستوى الطاقي، أشارت خولة لشكر إلى العجز الذي يعاني منه المغرب في الطاقة، لكن سجلت بشكل إيجابي الاستثمارات الكبرى للمشاريع المتعلقة بالهيدروجين الأخضر ومشاريع الطاقات المتجددة، فمثل هذه المشاريع هي التي تدرج البلاد في مجالات البحث والابتكار والتطور والتحول الطاقي.

المغرب والتكامل الإفريقي

أشارت خولة لشكر إلى أنه اقتصاديا المغرب سوق صغيرة من 48 مليون نسمة، لا يمكن أن تلبي حاجيات المستثمرين، لكن يكون أفضل إن قدم المغرب سوقا بديلة بأزيد من 400 مليون عبر التكامل الاقتصادي الإفريقي في عدد من الصناعات كصناعة السيارات والصناعات الغذائية.
ومن جهة أخرى سجلت عضو المكتب السياسي على أن المغرب لايزال متأخرا على مستوى الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة، بالمقارنة مع دولتي كينيا وجنوب إفريقيا.

 السياحة المغربية و 2030

بالرغم من أن المغرب أصبح أول وجهة سياحية ب 17 مليون سائح في  السنة وفي المقابل مصر ب  15 مليون سائح، لكن السائح بالمغرب ينفق أقل من السائح بمصر، وهذا يطرح تساؤلات حول السياسة السياحية التي لم تعتن أكثر بتطوير المضمون والتطور والتعدد الثقافي.

على سبيل الختم

في الأخير، أكدت خولة لشكر أن المغرب له مقومات ممثلة في الموقع الجغرافي والرصيد التاريخي والتعدد والتنوع الثقافي والقدرة على الإنتاج والابتكار، ويجب أن نبقى في الطوباوية والتشبث بالعقلانية الواقعية، وقرارات الدولة هي تدبير الفرص التاريخية للمغرب ويجب ألا نخطئ العشر سنوات المقبلة، لأن التاريخ لن يسامح صناع هذه القرارات.


الكاتب : سلا: عبد الحق الريحاني 

  

بتاريخ : 25/03/2025