في ندوة بمعهد العالم العربي بباريس: الاعتراف بدولة فلسطين: ما وراء الرمز من حقائق

 

«الاعتراف بدولة فلسطين: ما وراء الرمز من حقائق»، كان هذا هو العنوان الذي اختاره معهد العالم العربي من أجل إحياء أمسية في 17 شتنبر الجاري حول قرار فرنسا الانضمام إلى الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية، وهو قرار له أكثر من رمزية، بالنظر إلى مكانة فرنسا على المستوى الدولي كعضو دائم في مجلس الأمن، وكذلك تأثيرها في أوروبا باعتبارها أحد البلدان المؤسسة لهذا الكيان الأوروبي. وستكون بذلك فرنسا أول دولة من مجموعة السبع تعترف بدولة فلسطين، بما لهذا الاعتراف من دلالات رمزية. وقد نظم معهد العالم العربي بهذه المناسبة ندوة حول الموضوع.
في افتتاح اللقاء، الذي تم بشراكة مع منظمة «مراسلون بلا حدود» ومجلة النوفيل أوبس واحتضنه معهد العالم العربي، أكد رئيس المعهد جاك لانغ، بحضور عدد كبير من الشخصيات الفرنسية والعربية، على ضرورة مواكبة الدينامية الدولية المتصاعدة من أجل الاعتراف بفلسطين وبحقوق الفلسطينيين. وذكّر بأن معهد العالم العربي كان دائمًا صلة وصل بين فرنسا والعالم العربي.
حضر اللقاء عدد من الشخصيات الفلسطينية، من بينهم السفيرة ليلى شهيد، السفيرة السابقة لفلسطين لدى بروكسيل، وإلياس صنبر سفير فلسطين لدى اليونسكو، إضافة إلى سفيرة فلسطين لدى الجمهورية الفرنسية هالة أبو حصيرة. وأشادت الأخيرة بالجهود التي تبذلها فرنسا للاعتراف بحقوق الفلسطينيين، معتبرة ذلك رسالة قوية من المجتمع الدولي من أجل السلام والعدل، يجب أن تُتوَّج بفرض عقوبات دولية ضد الاحتلال وجرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، وضد اغتيال الصحفيين الفلسطينيين ومنع الصحافة الدولية من دخول غزة.
من جهتها، اعتبرت ليلى شهيد أن توقيت إعلان فرنسا اعترافها بفلسطين جاء كرد فعل على ما يحدث في غزة اليوم، وخاصة بعد زيارة الرئيس الفرنسي لمصر والحدود مع غزة في أبريل الماضي.
وقد ميّز اللقاءَ أيضًا شهادةُ الصحفي الفلسطيني عادل الزعنون، مراسل الوكالة الفرنسية في غزة، الذي قدم شهادة مؤثرة حول خطورة العمل الصحفي هناك، مبرزًا أن إسرائيل اتخذت منذ بداية الحرب قرارًا باستهداف الصحافة بشكل ممنهج لإخفاء الحقيقة.
ومنذ إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نيته الاعتراف بفلسطين، تتعرض فرنسا لحملة عدائية من طرف نتنياهو وأتباعه في فرنسا، حيث اعتبر أن ماكرون «يرتكب خطأ جسيما» بترويجه لفكرة الدولة الفلسطينية.
وفي إطار دعمه للتراث والثقافة الفلسطينية، يحتضن معهد العالم العربي معرضًا مميزًا تحت عنوان: «كنوز منقذة من غزة.. 5000 عام من التاريخ»، والذي يستمر حتى 2 نونبر المقبل، احتفاءً بالتراث الفلسطيني والشرقي، ولا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاعات والأزمات.
يضم المعرض 130 عملًا أثريًا من تراث غزة، من بينها فسيفساء بيزنطية مدهشة من «أبو برقة» تُظهر أهمية غزة كمفترق طرق استراتيجي منذ العصور القديمة. كما يقدم تاريخ غزة الممتد لآلاف السنين في سياقه الصحيح، مع الدعوة إلى حماية تراث هذه المدينة العريقة والحفاظ على الجذور الثقافية والروحية لشعوب الشرق في مواجهة التحديات المعاصرة.كما يُسلط الضوء على قطع أثرية نادرة مُستخرجة من التنقيب الفرنسي–الفلسطيني الذي بدأ عام 1995، بالإضافة إلى آثار من المجموعة الخاصة لجودت خضري، التي تُعرض لأول مرة في فرنسا.
إن هذا الاختيار الذي أعلنه الرئيس إيمانويل ماكرون يجعل فرنسا تخرج من دائرة الانحياز المطلق الذي تبنته معظم الدول الغربية لصالح دولة الاحتلال وسياسة الكيل بمكيالين، ويضعها في موقف أقوى، قائم على الالتزام بالقانون الدولي.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 22/09/2025