في ندوة دولية حول حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي بجامعة الحسن الأول بسطات .. أستاذة جامعيون قضاة وأمنيون من المغرب وخارجه يقاربون الموضوع وهذه توصياتهم

 

في إطار النقاشات المستمرة حول تأثير التكنولوجيا الحديثة على حقوق الإنسان، نظمت ندوة علمية بعنوان “حقوق الإنسان أمام تحديات العصر الرقمي” على مدى ثلاثة أيام، من طرف جامعة الحسن الأول بسطات وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، واختتمت يوم الجمعة الماضي 7 فبراير 2025، حيث تمت مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بحماية الحقوق الرقمية، وتأثير التكنولوجيا على الخصوصية والأمن المعلوماتي. شارك في الندوة عدد من الخبراء والباحثين الذين قدموا مداخلات قيمة حول الموضوع.
الندوة عرفت مشاركة نخبة من الخبراء والقضاة والباحثين القانونيين الذين سلطوا الضوء على التحديات التي يفرضها التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في مجال العدالة وحقوق الإنسان.
وقد ناقش المشاركون مختلف الإشكالات القانونية والأخلاقية التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، ومدى تأثيره على المحاكمة العادلة، والخصوصية، والمسؤولية الأخلاقية، إلى جانب تسليط الضوء على التجارب المقارنة في هذا المجال.
وشدد المتدخلون على أن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي يمثلان فرصة كبيرة لتطوير العدالة وحماية الحقوق، لكنه يفرض أيضا تحديات قانونية وأخلاقية تستوجب معالجتها من خلال وضع أطر قانونية واضحة ومتوازنة،مؤكدين على أن التحديات التي يفرضها العصر الرقمي تتطلب تعاونا دوليا لضمان احترام حقوق الإنسان. كما تمت الدعوة إلى تعزيز الإطار القانوني الوطني والدولي، ومواكبة التطورات التكنولوجية مع ضمان حماية الخصوصية والحريات الأساسية للأفراد.
وقد شكلت الندوة، فرصة لتبادل الخبرات والأفكار بين الخبراء، ووضع أسس لتعزيز حماية حقوق الإنسان في العصر الرقمي.
الأستاذ علي كريمي تناول في مداخلته “،الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان”،وتطرق بالتفصيل إلى
الذكاء الاصطناعي والجيل الرابع من الحقوق والحريات،كاشفا أن الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات جديدة على منظومة القيم والحقوق الفردية، خاصة في مجال الخصوصية.
وأكد كريمي على ضرورة وضع إطار قانوني دولي ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي، مع ضمان احترام حقوق الإنسان. كما ناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على العدالة الجنائية، ودعا إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام هذه التكنولوجيا.
الأستاذ إحسان الحافظي قارب موضوع ” المجتمع الرقمي وتحديات التحول نحو هوية رقمية آمنة”، حيث شدد في مداخلته على أن المجتمع الرقمي يفرض تحديات كبيرة تتعلق ببناء الثقة في البيئة الرقمية.
وأشار الحافظي إلى أن تنامي الجرائم السيبرانية وعدم كفاية الإطار القانوني يشكلان عقبات رئيسية في تحقيق التحول الرقمي الآمن. ودعا إلى تعزيز الجهود المبذولة لمواجهة هذه التحديات، وبناء آليات ثقة في الفضاء الرقمي.
الأستاذ علال العمراني تدخل في موضوع “الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب”,حيث أشار إلى أن التطور التكنولوجي السريع، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، أثر بشكل كبير على الحق في الحياة الخاصة، مما أدى إلى ظهور أشكال جديدة من الجرائم المعلوماتية.
وأوضح العمراني أن المغرب سعى إلى مواكبة هذه التحديات من خلال المصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية، وإصدار القانون رقم 09.08 في 18 فبراير 2009، الذي يهدف إلى حماية المعطيات الشخصية. كما أشار إلى إنشاء “اللجنة الوطنية لمراقبة المعطيات ذات الطابع الشخصي”، والتي تعنى بضمان احترام القانون ومراقبة معالجة البيانات الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، تم إحداث “اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات” بموجب المرسوم رقم 2.11.508 في 21 سبتمبر 2011، والتي تسهر على أمن الإنترنت في المغرب.
وأكد العمراني أن هذه الإجراءات تهدف إلى توفير حماية جنائية للمعطيات الشخصية، وتعزيز الأمن المعلوماتي والاجتماعي، مع خلق توازن بين تطور التكنولوجيا وتحقيق الأمن القانوني.
الأستاذة نهاد عبدالقادر المومني تطرقت في مداخلتها إلى “المعايير الدولية لحقوق الإنسان في العصر الرقمي”،حيث تحدثت عن المعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات العلاقة بالمستجدات الرقمية، مؤكدة أن التطورات التكنولوجية فرضت تحديات جديدة على حقوق الإنسان، خاصة في مجال الخصوصية وحرية التعبير.
وأشارت المومني إلى أن الإطار القانوني الدولي يتضمن العديد من الاتفاقيات والمعايير التي تهدف إلى حماية الحقوق الرقمية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما ناقشت التحديات التي تواجه الدول في مواكبة هذه التطورات، ودعت إلى تعزيز التعاون الدولي لضمان احترام حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي.
من جهته، تناول الأستاذ مصطفى بن لطيف “التحولات الرقمية وحقوق الإنسان بين التعزيز والمخاطر”، مشيرا إلى أن التحول الرقمي أثر بشكل كبير على طريقة تقديم الخدمات العامة والخاصة، مما أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة مثل الحكومات الإلكترونية والتجارة الإلكترونية.
وأكد بن لطيف أن هذه التحولات، رغم فوائدها، تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على حقوق الإنسان، خاصة في مجالات الخصوصية والأمن. ودعا إلى وضع إطار قانوني جديد يوازن بين التطور التكنولوجي وحماية الحقوق الأساسية للأفراد.
وعن المديرية العامة للأمن الوطني، اعتبر ياسين الركيك عميد شرطة رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بسطات “،الآليات المستحدثة لحماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي”، أن الندوة تهدف إلى ترسيخ تعاون مؤسسي مستدام وتعزيز الجهود المبذولة من قبل المديرية العامة للأمن الوطني لتعزيز الممارسات المهنية التي تستند إلى المعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان.
وأكد الركيك أن الثورة التكنولوجية، رغم فوائدها الكبيرة، صاحبتها انعكاسات سلبية خطيرة، مثل انتشار الجرائم المعلوماتية التي تمس قيما جوهرية تخص الأفراد والمؤسسات وحتى الدول. ودعا إلى تعزيز التشريعات الوطنية والدولية لمواجهة هذه التحديات وحماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي.
الأستاذ إدريس بلماحي قارب موضوع “المخاطر المحدقة بمنظومة حماية المعطيات الشخصية”،مؤكدا
أن التطور التكنولوجي يفرض تحديات كبيرة على حماية الحياة الخاصة والحقوق الأساسية.
وشدد بلماحي على ضرورة الاستفادة من مزايا التكنولوجيا دون المساس بجوهر الحياة الخاصة للأفراد، مع تعزيز الإطار القانوني الوطني والدولي لضمان حماية المعطيات الشخصية. كما ناقش دور الممارسة القضائية في تعزيز هذه الحماية.
الأستاذ حفيظ اليونسي، تطرق في مداخلته الى “الذكاء الاصطناعي والجيل الرابع من الحقوق والحريات”.
وأشار المتدخل إلى أن المنظمات الحقوقية تعتمد تحقيبا جيليا للحقوق والحريات.
وأوضح أن الجيل الرابع من الحقوق لم يتم تحديد مضمونه بعد، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية السريعة.
وأكد اليونسي أن الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات جديدة على الحقوق الفردية، خاصة في مجال الخصوصية،داعيا إلى وضع إطار قانوني دولي ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي، مع ضمان احترام حقوق الإنسان.
فاطمة الزهراء بن بوعزة أستاذة التعليم العالي في الذكاء الاصطناعي بكلية العلوم والتقنيات بسطات، تناولت في مداخلتها حول “الذكاء الاصطناعي بين الثقة والمخاطر”،مشيرة إلى أن التغلغل المتسارع للذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية يفرض تحديات كبيرة على حقوق الإنسان.
وأكدت بن بوعزة على ضرورة بناء الثقة في أنظمة الذكاء الاصطناعي، مع الإدراك الواعي للمخاطر الكامنة. كما ناقشت تأثير الذكاء الاصطناعي على الخصوصية وعدالة صناعة القرار، ودعت إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تحترم الكرامة الإنسانية.
الأستاذة خدوج فلاح، تحدثت عن “مكامن قصور حماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي”،كما أوضحت أن التطورات التكنولوجية شكلت تهديدًا حقيقيًا للحياة الخاصة.
وأكدت فلاح على ضرورة حماية الحق في الحياة الخاصة ومكافحة جرائم انتهاك الخصوصية في الفضاء الرقمي. كما ناقشت مدى فعالية الحماية الجنائية في مواكبة التطورات التكنولوجية، ودعت إلى تعزيز الإطار القانوني لمواجهة هذه التحديات.
الأستاذة فاطمة بنسعيد، ممثلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أكدت على أهمية تعزيز دور القضاء في مواجهة التحديات الرقمية، خاصة فيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية والحق في الخصوصية. كما ناقشت كيفية تطوير التشريعات الوطنية لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة،مشيرة إلى أهمية التعاون بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمؤسسات الأخرى.
و ناقشت بنسعيد التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية على حقوق الإنسان، مثل التمييز الناتج عن استخدام الخوارزميات، وكيفية تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية الحقوق الأساسية.
كما استعرضت العنف السيبراني ضد المرأة، وكذلك مكافحة العنف ضد الأطفال، باسطة في مداخلتها العديد من النماذج والقضايا التي طرحت على أنظار المحاكم المغربية في إطار الحماية الجنائية ، وكذلك الصعوبات التي تواجه القضاة بسبب محو الأدلة.
الأستاذة نجاة الحافضي ناقشت في مداخلتها “العدالة الجنائية في ظل الذكاء الاصطناعي”، مؤكدةً أن الذكاء الاصطناعي أصبح يلعب دورًا محوريًا في التنبؤ بالجريمة والمساعدة في الوصول إلى مرتكبيها، كما يمكنه المساهمة في تسريع المحاكمات. ومع ذلك، أشارت إلى أن استخدامه في العدالة الجنائية قد يطرح إشكالات تتعلق بحقوق الإنسان، مثل إمكانية الإخلال بمبدأ العدالة الجنائية بسبب التحيزات التي قد تحملها الخوارزميات.
وفي السياق نفسه، تناول القاضي محمد أمين الجرداني موضوع “العدالة على ضوء التحول الرقمي”، موضحا كيف أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مقتصرا على الإدارة المالية والإدارية فحسب، بل امتد ليشمل مختلف الخدمات العمومية، بما في ذلك قطاع العدالة. ولفت الانتباه إلى ضرورة الاستعمال المسؤول والعادل لهذه التقنيات، مشيرا إلى بعض التجارب الدولية التي اعتمدت على الخوارزميات في القرارات القضائية، وما نتج عنها من تحديات قانونية وأخلاقية.
وناقش الأستاذ حميد الشريف في مداخلته بعنوان “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان” الإشكالات الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل التحيز في الخوارزميات، وانتهاك الخصوصية، وغموض المسؤولية القانونية. وأكد على أهمية وضع إطار أخلاقي عالمي يضمن التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية الحقوق الأساسية للأفراد.
أما معاذ سليمان الملا، فتناول موضوع “تقنية القياسات الحيوية: رهانات التوازن بين الحق في الخصوصية والحق في الأمن”، موضحًا كيف أصبحت القياسات البيومترية وسيلة رئيسية لتحديد الهوية، سواء عبر بصمات الأصابع أو التعرف على الوجه أو الصوت. وأبرز التحديات الأمنية التي تواجه هذه التقنية، خاصة فيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية من الاختراق أو سوء الاستخدام.
في مداخلة الأستاذ محمد شفيق صرصار حول “الجيل الرابع لحقوق الإنسان”، أوضح أن التحولات الرقمية فرضت نقاشا جديدا حول مفهوم حقوق الإنسان الرقمية، التي تشمل الحق في الخصوصية الإلكترونية، وحماية البيانات، وحرية التعبير في الفضاء الرقمي. وأشار إلى أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في الإطار القانوني لهذه الحقوق لضمان حمايتها في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
وفي السياق ذاته، ناقشت الأستاذة وجدان التيجاني أثر التحول الرقمي على العدالة الاجتماعية، محذرة من المخاطر الاجتماعية التي يفرضها، مثل التأثير على العلاقات الاجتماعية المباشرة، وزيادة الفجوة الرقمية، وتهديد بعض المهن التقليدية. وأكدت أن التحول الرقمي قد يعزز من فرص التعليم والعمل، لكنه في المقابل قد يؤدي إلى إقصاء بعض الفئات الاجتماعية إذا لم يتم اتخاذ تدابير كافية لتحقيق المساواة.
الأستاذ عبدالعالي الشداوي ،تطرق في مداخلته إلى ” تأثير التكنولوجيا الحديثة على حقوق الإنسان نحو تحقيق المحاكمة العادلة في عصر الرقمنة”.
وكشف الشداوي، أن التكنولوجيا الحديثة،تؤثر بشكل كبير على حقوق الإنسان، وخاصة في مجال تحقيق المحاكمة العادلة ،حيث يؤدي
استخدام الأدوات الرقمية إلى تحسين الشفافية والكفاءة في النظام القضائي، مما يسهل الوصول إلى المعلومات القانونية ويعزز حقوق الدفاع .
لكن مع ذلك يقول عبدالعالي الشداوي، توجد مخاطر تتعلق بالخصوصية والمراقبة، مما قد يؤثر سلبًا على حقوق الأفراد، لذلك من الضروري تحقيق توازن بين الاستفادة من التكنولوجيا وحماية حقوق الإنسان الأساسية لضمان أن تكون المحاكمات عادلة ومنصفة في عصر الرقمنة.
الأستاذ جبال الشافعي، قارب موضوع “حماية الحقوق الرقمية في إفريقيا من خلال الآفاق والتحديات.
وكشف، أن إفريقيا تشهد تحولا رقميًا سريعًا، أصبحت حماية الحقوق الرقمية مصدر قلق رئيسي للعديد من دول القارة مستلهمة من مبادرات عالمية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR) للاتحاد الأوروبي، وتتبنى عدة دول أفريقية، مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا وكينيا والمغرب يضيف، عدة تشريعات تهدف إلى حماية البيانات الشخصية وحقوق المستخدمين.
وعلى الرغم من أن هذه القوانين تعتبر ملهمة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة.
المعضلة الرئيسية يقول جبال الشافعي، تكمن في نقص الموارد والخبرة التقنية، مما يعيق التنفيذ الفعال لهذه اللوائح، بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة وعي الجمهور أمر أساسي، حيث إن العديد من المواطنين لايزالون غير مدركين لحقوقهم الرقمية للتغلب على هذه الفجوات تعزز مبادرات إقليمية تقودها الاتحاد الأفريقي، التعاون وتبادل أفضل الممارسات بين الدول.
وكشف الشافعي، أن مستقل الحقوق الرقمية في إفريقيا، سيعتمد على القدرة على تطوير خبرة محلية وانشاء إطار تنظيمي متماسك من خلال دمج الحقائق الثقافية والاقتصادية الفريدة لكل دولة، وسيكون من الممكن ضمان بيئة رقمية آمنة وعادلة لجميع المواطنين.
ورأى المتدخل أن نهجا شاملا وتعاونيا ضروري لتجاوز التحديات الحالية وضمان حماية الحقوق الرقمية عبر القارة.
الأستاذة ليلى رطيمات التي تدخلت في موضوع ” تحديات حقوق الإنسان في ظل التحول الرقمي – تجارب مقارنة”.
واستحضرت رطيمات، ما أثير من نقاشات دولية وإقليمية ،حيث ظهرت العديد من التوجهات الدولية بما فيها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وإسهامات مجلس حقوق الإنسان، تصب في اتجاه عام يسود المجتمع العالمي على أن الوضع الحقوقي الجديد يقتضى
احترام الحق في الخصوصية وتوفير الحماية اللازمة له في ظل التحديات الرقمية المعاصرة، وذلك في إطار معالجة التحديات القانونية والفنية والتنظيمية المتعلقة بالأمن السبراني على الصعيد العالمي والإقليمي والوطني.
كما اعتبرت أن الحقوق ، هي نفس الحقوق التي يتمتع بها الناس ،يتعين حمايتها أيضا في الفضاء الرقمي.
وفي هذا الإطار، أشارت إلى الجهود العالمية التي سعت طويلا في سبيل ترسيخ الضمانات والآليات الرامية إلى معالجة إشكالات حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، من خلال العديد من التوصيات والقرارات المتلاحقة للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، وقد سبق ذلك معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تنص على اعتبار كل
من الشركات المنتجة والدول المستعملة لهذه الأنظمة غير المشروعة متواطئة فى انتهاك حقوق الإنسان وعليها أن تتحمل
مسؤولياتها كاملة خاصة في الحالات المستهدفة غير المشروعة على وجه الخصوص”.
فالمشكلة التي يطرحها هذا الموضوع تقول، لا تتمحور فقط حول الاعتراف بالحق في حرية التعبير في الفضاء الرقمي، بل إنها ترتبط
اساسا بكيفية ضمان هذا الحق وحمايته طالما أنه حق مقيد و ليس مطلق.
الأستاذة خديجة والباشا ، اختارت كمساهمة في هذه الندوة “حماية الحقوق الرقمية – التجربة المغربية نموذجا”،موضحةأن حماية الحقوق الرقمية في المغرب،تعتبر من المواضيع المهمة والمتطورة في سياق التحول الرقمي الذي يشهده العالم والمغرب على وجه الخصوص، هذه الحماية تعنى بضمان خصوصية الأفراد وحقوقهم في المجال الرقمي، مع توازن ضروري بين حماية الحريات الشخصية وتحقيق الأمن السيبراني.
وفي هذا الإطار تقول والباشا، انخرط المغرب في العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الحقوق الرقمية، كاتفاقية بودابست حول
الجرائم السيبرانية، الاتفاقية الأوروبية رقم 108 المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي ، والاتفاقية العربية لمكافحة تقنية المعلومات، وعلى المستوى القاري انضم المغرب سنة 2022 إلى اتفاقية الاتحاد الإفريقي بشأن أمن الفضاء الإلكتروني وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي والمعروفة أيضا باسم اتفاقية مالابوز أما على المستوى الوطني ، فيستند المغرب في حماية الحقوق الرقمية إلى مجموعة من القوانين والتشريعات التي تهدف
إلى حماية الحقوق الرقمية وتنظم استخدام التكنولوجيا الحديثة، من أبرز هذه القوانين ، القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، القانون رقم 20.05 المتعلق بالأمن السيبراني، بالإضافة للحماية التي يوفرها القانون الجنائي من خلال تنظيمه لجرائم المس بنظم المعالجة عقب التعديل الصادر سنة 2003 الذي بمقتضاه صدر القانون رقم 07.03 المتمم لمجموعة القانون الجنائي.
الأستاذ عبدالجبار عراش،قدم ورقة بحثية حول “التجربة القضائية في ألمانيا في ظل التحول الرقمي”، حيث استعرض كيف تمكنت ألمانيا من دمج الرقمنة في النظام القضائي بفعالية، مع الحفاظ على الضمانات القانونية لحماية الخصوصية وأمن البيانات.
وأشار إلى أن التجربة الألمانية يمكن أن توفر دروسا مفيدة للدول العربية التي تسعى إلى رقمنة العدالة.
من جهتها، تناولت الأستاذة وفاء بوزكراوي “الضمانات القانونية لحماية حقوق الإنسان في العهد الرقمي – كندا نموذجًا”، موضحة كيف نجحت كندا في وضع إطار قانوني متكامل لضمان حماية الحقوق الرقمية، من خلال قوانين تحمي البيانات الشخصية، وتعزز الأمن السيبراني، وتضمن حرية التعبير عبر الإنترنت.
أما الأستاذ محمد بوشيخي، فتحدث عن “إدارة البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في التجربة الآسيوية”، مشيرا إلى كيفية استغلال الدول الآسيوية للبيانات الضخمة في مختلف القطاعات، بما في ذلك القضاء والأمن. لكنه حذر من المخاطر المرتبطة بهذه التقنيات، خاصة فيما يتعلق بالمراقبة الجماعية وانتهاك الخصوصية.
الأستاذ محمد البقالي، رئيس وحدة الشكايات المتعلقة بحقوق الإنسان برئاسة النيابة العامة، ناقش دور النيابة العامة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في ظل التحديات الناشئة عن استعمال التقنيات الرقمية الحديثة.
من جانبه تطرق محمد حسن مكاوي إلى “التحديات القانونية في حماية حقوق الإنسان الرقمية”، حيث قارن بين المعايير القانونية العالمية لحماية الحقوق الرقمية، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي، ومدى تطابق هذه المعايير مع التشريعات المحلية في كل من مصر والمملكة العربية السعودية.
العقيد كريم الغماري قارب موضوع “حماية الحقوق الرقمية: نحو إطار قانوني وقضائي أكثر نجاعة”، حيث شدد على ضرورة وضع قوانين واضحة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، مع تحديث المنظومة القانونية والقضائية لضمان فضاء رقمي آمن للجميع.
وأوصى المشاركون في هذه الندوة الدولية بالعديد من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز الحماية القانونية والتقنيةفي ظل التحول التكنولوجي المتسارع.
ومن بين هذه التوصيات، إيجاد إطار قانوني وتقني لتعزيز حقوق الإنسان في العصر الرقمي، إحداث مركز بيانات بمعايير دولية.
وشدد المشاركون على ضرورة إنشاء مركز بيانات وطني يلتزم بالمعايير الدولية، مع ضمان احترام السيادة الوطنية للدول والخصوصيات الثقافية للمجتمعات،و تعزيز الجاهزية التقنية للأنظمة المعلوماتية.
وأكد الخبراء على أهمية احترام الشروط التقنية اللازمة لضمان جاهزية النظام المعلوماتي، عبر تقوية الطاقة الاستيعابية لتخزين وأرشفة المعطيات المتداولة وتطوير البنية التحتية الرقمية لاستيعاب جميع المستعملين داخل المنظومة الرقمية وأيضا توفير هوية معلوماتية موحدة لكل فرد لضمان الشفافية والأمان الرقمي.
وفيما يتعلق بالإطار القانوني للمحاكمة الرقمية،دعا المشاركون إلى تسريع العمل بتقنية التواصل عن بعد في المجال القضائي، عبر إعداد مشروع قانون يضمن المحاكمة العادلة في بيئة رقمية، مع وضع ضوابط قانونية دقيقة تؤطر العمل القضائي الافتراضي،و إعداد مدونة رقمية موحدة،كما تم التأكيد على أهمية صياغة مدونة رقمية تهدف إلى تسريع البت في القضايا عبر توحيد المساطر والإجراءات وتبسيط عملية التبليغ وأداء الرسوم القضائية إلكترونيا ودعم التحول الرقمي داخل المؤسسات القضائية لضمان نجاعة وشفافية المعاملات القانونية.
وشدد المشاركون على أن هذه التوصيات تمثل خطوة ضرورية لتعزيز حقوق الإنسان في العصر الرقمي، وتحقيق توازن بين التحولات التكنولوجية وحماية الحقوق الأساسية للأفراد والمجتمعات.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 10/02/2025